رأس بدون جسم

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2764 - 2009 / 9 / 9 - 14:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

كثير من الكتابات تكتب و تصدر من العقل و للعقل و كأنما الانسان يتكون فقط من رأس بدون جسم و هذه هي اكبر الاغلاط و التناقضات التي يقع فيها رواد العقل فالكاتب العاقل يكتب بعقله و لكن الانسان في داخله يتصرف ما تملي عليه احساسه بحواسه المختلفة و مشاعره و عواطفه و جسمه. و لو كان الانسان عقلي لما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم من التقدم و الانحطاط بدليل ان اكثر قرارات البشر هي عفوية آنية لحظية غير عقلية. فاني اشتري جهاز جديد آخر حتى اذا لم اكن في حاجة اليه ربما بسبب اللون او الشكل و الشركات تبيع منتجاتها في كثير من الاحيان معتمدة على التصميم واللون و الشكل قبل النوعية . الادوات المنزلية الضرورية و غير الضرورية لم تكن شراؤها دائما صدر من العقل و الا لما استطاعت شركات كثيرة تبقى على قيد الحياة.

الغش و النميمة والسب و الشتم والكره و الحقد و الحروب و الحب والرقص و الغناء لا تعتمد فقط على العقل و انما اهم دوافعها هي الانفعالات. فالعقل السليم ليس دائما في الجسم السليم و الانسان حيوان عاقل - نعم عاقل و لكنه بالدرجة الاولى حيوان له غريزة و لا تتركه صفة الحيوان طالما لا ينضمر و لا يختفي او يتلاشى جسمه و حينئذ سوف يرى الانسان فيما اذا كان هو قادر على العيش بدون جسم.

كتب الكاتب و الشاعرالانجليزي مايكل بولوك الذي ولد في لندن عام 1918 قصة قصيرة
Michael Bullock
سريالية اي خارجة عن او فوق الواقع بعنوان – الرأس – يشير الى هذه العلاقة المتناقضة بين العقل الجسم و في قصته بين الرجل و المرأة.


و بهذا الخصوص لابد الاشارة الى حدود العقل التي ترسم من قبل اللغة. الانسان لا يستطيع التفكير بدون لغة. يقول الفيلسوف الالماني وتنغنشتاين
That the world is my world, shows itself in the fact that the limits of the language
(the language which I understand) mean the limits of my world.

اللغة وسيلة للتعبير عن الفكر و العاطفة وهي تحدد الفكر – تطلق وتضيق قابليتنا على التعبير وما يدور في علقنا و جسمنا. و هذا يعني هناك حدود مفروضة من الطبيعة على قدرة عقلنا و العلم لم يستطع لحد الان و سوف لن يستطيع تزويدنا بتفسيرات لكل شئ في الوجود و الكون. العقل يعتمد على الحواس الخمسة التي هي بطبيعتها محدودة القابلية فنحن لا نملك حاسة شم الكلب و عيون الصقر و في حاجة الى اجهزة تعوض عن هذا النقص.

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات