صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2762 - 2009 / 9 / 7 - 00:43
المحور:
الادب والفن
اِتَّكأَ البحرُ على خاصرةِ اللَّيلِ
[9 ـ 20]
9
.... ... .. ...
هاجتِ الرِّيحُ
في ربوعِ الأدغالِ
تساقطَتْ حبَّاتُ التُّوتِ
فوقَ بتلاتِ الاقحوانِ
اتكأَ البحرُ على خاصرةِ اللَّيلِ
حلمٌ فسيحُ المدى
يتدلّى فوقَ مدارِ الأمواجِ
قوافلُ الأسى
تشقُّ جسورَ العمرِ
تجرحُ هدوءَ المساءِ
تلطَّخَ بياضُ الوردةِ
من ضجرِ السِّنينِ
من ضراوةِ الحروبِ
من جوعِ البنينِ
خمدَتْ مواقدُ البيتِ العتيقِ
نجمةُ الصَّباحِ
تسطعُ فوقَ بقايا الرَّمادِ
أحنُّ كثيراً إلى طينِ حوشٍ
معرَّشٍ بدفءِ العناقِ
ترقرقَتْ مياهُ الرُّوحِ
تسمو نحوَ صفاءِ السَّماءِ
هل في تلالِ العمرِ قوافلٌ
تسيرُ نحوَ نورِ الضّياءِ؟
حلَّقَ الفينيقُ عالياً
جناحانِ موشومانِ بالحنّةِ
عروسُ اللَّيلِ غافيةٌ
على هدهداتِ القمرِ
فوقَ وسائدِ العرزالِ
فرَّتْ أسرابُ القطا
بعيداً عن انقضاضِ النُّسورِ
بعيداً عن غدرِ الشَّواقيلِ
لفَّتِ التعويذةُ
تحتَ أسرارِ الجدارِ
قطةٌ سوداء
على قارعةِ الأنينِ
غرابٌ على غصنٍ محصَّنٍ
بدموعِ غربةِ اللَّيلِ الطَّويلِ
تخلخلَتْ أجنحةُ الأملِ
لم تجدْ مخرجاً من لظى الشَّفيرِ
سوى نقوشِ التَّعاويذِ
دنانُ اللَّبنِ مكوَّرَة
في أكوامِ الحنطةِ
تنتظرُ شفاهاً مرتعشة
متعطِّشة أنْ تبلِّلَ يباسَ الحنينِ
وقفَتْ أميرةُ الرُّوحِ
تنتظرُ رذاذاتِ الشِّعرِ
تأمَّلتْ غبشَ البحرِ
تدلَّتِ الصَّواري
على بسمةِ الماءِ
تلألأتِ القصيدةُ بانتعاشٍ
في هلالاتِ الضّياءِ
تبخترَ الرَّبيعُ مرحِّباً
بأهزوجةِ الفرحِ
عصافيرُ الجنّةِ جذلى
فوقَ براعمِ الخوخِ
تناهى عبقُ النَّفلِ
في أرجاءِ الوادي
الأرضُ عطشى لبوحِ السَّماءِ
وحدُهَا الأزقًَّةُ العتيقة
موشومةٌ بأسرارِ المساءِ
لم يرَ عروسَ البحرِ
إلا في الحلمِ
قلبانِ غافيانِ
على صدرِ اللَّيلِ
فائحانِ بنكهةِ السَّوسنِ
نهدان شامخانِ في تجلِّياتِ الخيالِ
في تلالِ البراري
نهدانِ غارقان
في بحبوحةِ العناقِ
حلمٌ على مساحةِ الشَّوقِ
على شراهةِ اليراعِ
ظمأُ الرُّوحِ يضاهي ظمأَ الأرضِ
مالَتِ الوردةُ
على صدرِ الغزالِ
عطشٌ ينضحُ
من تفَّاحةِ القلبِ
فاحَ أريجُ النّعناعِ
من حوشِنا العتيقِ
من حلاوةِ الوصالِ
.... ... .. .... يتبع!
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟