أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن السوداني - ثقافة الرعيان والمعدان















المزيد.....

ثقافة الرعيان والمعدان


سوسن السوداني

الحوار المتمدن-العدد: 2759 - 2009 / 9 / 4 - 22:35
المحور: الادب والفن
    


الثقافة العراقية.. احمد عبد الحسين
هجمة الرعيان والمعدان

كثيرا ما شغلت نفسي في تفسير العديد من الظواهر الطافحة في الواقع الاجتماعي العراقي ومحاولة فهمها وتفسيرها باعتبارها قضية ثقافية، فكنت أحاول أن أفسر قيام الدولة العراقية باعتبارها تكريسا لنمط من الثقافة الرفيعة للطبقة الوسطى الناشئة حديثا أو من بقاياها في الدولة العثمانية، وهي ثقافة كانت يراد لها أن تمثل في شكل من أشكالها، خروجا عن الطائفية والقومانية الضيقة، وتعبيرا عن توجه لإيجاد مشتركات وطنية عراقية تجمع شتات المكونات الاجتماعية والفرعية وتعبر عنها مجتمعة، فكنت اثني على الملك فيصل الأول الذي شعر بحسه الاستثنائي المتفوق على عصره بان تأسيس الدولة يحتاج إلى إيفاد فنانين تشكيليين مثلما هو بحاجة إلى مهندسين وأطباء وتقنيين في مختلف المجالات، وأفسر هجوم صدام حسين، ومجموعة الدوري والجزراوي وأخوة صدام لامه وأخوته الأبعدون وأولاد عمه، على السلطة التي كان يقودها الرئيس الأسبق احمد حسن البكر، باعتباره هجوم ثقافة كان يمثلها صدام ومجموعته، هي ثقافة الرعيان البدوية بكافة مستوياتها والتي هجمت على الثقافة العراقية الفيعة التي بلغت في السبعينات من القرن الماضي مدى رفيعا لم تصله الثقافة العراقية لا قبل ذلك ولا بعده ، حينما هجمت ثقافة الرعيان بواجهة سياسية اتخذت مختلف الاقنعة التي لم تتمكن من ستر سوأتها، حيث تجسدت ثقافة الرعيان بعدد من (المبدعين) الذين كرستهم السلطة وقتذاك كممثلين للأصالة العراقية والعربية المزعومة فكان هؤلاء يتمتعون برعاية أقطاب السلطة الذين كانوا يغدقون على هؤلاء هباتهم في حفلاتهم التي كانوا يجرونها في مزارعهم الخاصة.
لقد أزاحت ثقافة الرعيان هذه إلى الهامش ثقافة أخرى كانت تحايث هي الأخرى الثقافة الرفيعة تلك هي ثقافة المعدان التي كانت تؤسس لنفسها نمطا كان أقوى واشد تأثيرا وقوة وأصالة في الثقافة العراقية كونها حضارة غائرة في البعد التاريخي في الانتماء إلى أقدم الحضارات التي شهدتها بلاد الرافدين في الجنوب العراقي، ورغم إنها كانت تتأسس تحت سطح الثقافة الظاهر إلا إنها قدمت انجازات ارفع كثيرا من ثقافة الرعيان، بأنماط غنائها وأشعارها التي هي نتاج قوم تمرسوا بالحياة والشعر الشعبي والأدب الشفاهي والغناء منذ أقدم الأزمنة في السهل الرسوبي لبلاد الرافدين.
لقد تمكنت ثقافة الرعيان من الإجهاز على الثقافة الرفيعة التي تمثل المشترك الثقافي الوطني خلال العقود الثلاثة الأخيرة التي هيمنت فيها على السلطة السياسية قبل التغيير، إلا أنها لم تتمكن من القضاء على أي من جوانب الثقافة الهامشية المحايثة الأخرى (ثقافة المعدان) هذه الثقافة التي كانت تعمل في طبقات تحتية غائرة من مستويات الثقافة، والتي كسرت قمقمها بعد التغيير في 2003 وكشرت أنيابها محاولة القضاء على كل الثقافات الفرعية التي يزخر بها العراق ، واستخدمت ذات الأساليب الاقصائية التي استخدمتها (ثقافة الرعيان) سابقا في القضاء على المزاحمة الثقافية، فبعد ما سيقرب من عقد على التغيير لا نجد بارقة أمل لتوجّه ثقافي وطني رفيع يؤسس لثقافة عراقية موحدة، أو على الأقل لحد أدنى من المشتركات الثقافية التي تعكس وجها موحدا للعراق، ونجد أن (ثقافة المعدان) هي الأخرى بدأت (تختار) من ذاتها ما ينسجم والتوجهات الظلامية التي يؤسس لها الحكام الجدد للعراق، فهيمنت ثقافة (الدك واللطم والرواديد والردح....) وما إلى ذلك من أقبح ما أنتجته ثقافة البروليتارية الرثة في العراق، كما قامت بتسخير مؤسسات الدولة وأهمها وزارة الثقافة، وهي الجهة التي يفترض بها أن تمثل الوجه الوطني للثقافة العراقية، إلا أنها كانت تتعامل مع أي نمط يقترب من الثقافة الرفيعة بذات الآليات التي تنتهي بها إلى التسطح والى التطبيل والتسبيح (للتحولات) العظيمة التي تقدمها (الثورة الديمقراطية)، وهو ما حول هذه المؤسسة التي يفترض أن تكون ثقافية إلى متعهد مهرجانات رخيصة تقرا فيها هتافات وإعلاميات طائفية مقيتة.
إن الهجمة التي يتعرض لها المثقفون العراقيون اليوم، وواحد منهم الكاتب احمد عبد الحسين، هي وجه من وجوه المعركة التي تخوضها (ثقافة المعدان) الذين سطوا على السلطة بمساعدة أمريكية إيرانية مدعين أنهم يؤسسون بلدا ديمقراطيا يحترم المكونات الاثنية من خلال تأسيس (محاصصة عادلة) لممثلي مكونات الشعب العراقي من الأحزاب التي أسست على تأجيج الطائفية وقتل كل ما هو وطني، فكان توجهها الثقافي يتمثل في القضاء على المؤهلات الثقافية من خلال اضطرار المثقفين إلى الهجرة تحت تهديد القتل والإقصاء وتمكين ممثلي (الثقافة الرعوية) من تسيّد المشهد الثقافي العراقي الذي يزخر الآن بكل ما هو متخلف وخرافي ودموي وشملت ذلك هجمات متلاحقة تعرض لها عدد من المثقفين العراقيين بعد أن تجرؤوا بالكتابة عن (المقدسات) الوثنية التي يؤسس لها سياسيو المرحلة الحالية، وكان واحدا من هؤلاء المثقفين الكاتب العراقي احمد عبد الحسين الذي كان جريئا في كل ما كتب وقدم من مقالات وملفات خطيرة في الثقافة العراقية مما لم يكن من الممكن لصحيفة الصباح أن تستوعبه وهي التابعة الذليلة للأحزاب المتنفذة في الوضع العراقي.
لقد مرت بلدان بظروف مشابهة من ناحية حاجتها إلى تأسيس ثقافة وطنية مشتركة لسكان الوطن واضطرار حكام ما بعد الاستعمار في تلك المجتمعات متعددة الأعراق ذات الولاءات العقائدية المتعارضة، إلى تطوير أيديولوجيات علمانية تعزز الوحدة الوطنية وليس إلى الانغماس في تأسيس محاصصة طائفية (متوازنة) بين أحزاب تدعي وتجير تمثيل المكونات الفرعية وهي في حقيقة الأمر لا تمثل إلا نفسها. هنالك مسافة لا يمكن ردمها، وليس مطلوبا ردمها، بل المطلوب قبولها في ظل تعايش الثقافات المتعددة في المجتمعات متعددة التكوينات، فالثقافة الرفيعة، وهي ثقافة صفوة بكل تأكيد "لا يمكن أن تزدهر في عزلة، ولا يمكنها كذلك أن تمتد عبر الطبقات دون أن تفسد" ففي ميدان الثقافة "تقع مسؤولية تقدير الفن والأدب حق قدرهما على أقلية صغيرة" كما يؤكد (ادم كوبر)، عليه يجب قبول وجود كل الثقافات الفرعية وصولا إلى مشترك ثقافي عام يمثل كل العراقيين، بينما نجد ما يحدث ليس إلا هحمة مضادة (counter attack) اشد شراسة من هجمة الرعيان السابقة هدفها تحطيم كل الثقافات المحايثة، والاهم منها اخر بقايا الثقافة العراقية الوطنية وباليات تفوق وحشية الهجمة السابقة ودمويتها



#سوسن_السوداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المبدع والمثقف العراقي في بناء العراق الجديد
- دروب ضيقة
- ديمقراطية ممزوجة بالقنادر


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن السوداني - ثقافة الرعيان والمعدان