|
آنا اخماتوفا..ابرز شاعرات روسيا في القرن العشرين
مروج التمدن
الحوار المتمدن-العدد: 2759 - 2009 / 9 / 4 - 17:53
المحور:
الادب والفن
ولدت آنا اندرييفنا اخماتوفا(غورينكو) في 23 يونيو/حزيران عام 1889 في ضواحي اوديسا بأوكرانيا، في اسرة المهندس – العقيد البحري اندريه انطونوفيتش غورينكو واينا ايرازموفنا(لقبها قبل الزواج ستروغوفا). وبعد مضي عامين من ولادتها انتقل الزوجان غورينكو للأقامة في تسارسكويه سيلو (بلدة القياصرة في ضواحي بطرسبورغ) حيث التحقت آنا بمدرسة "ماريينسكايا جمنازيا". وقد اتقنت آنا كل الاتقان اللغة الفرنسية ، كما قرأت اعمال دانتي بالايطالية. وتعرفت على اعمال الشعراء الروس ديرجافين ونيكراسوف وبوشكين .وقد احبت شعر الاخير طوال عمرها.
في عام 1905 طلقت اينا ايرزاموفنا من زوجها وانتقلت مع ابنتها للأقامة في البداية بمدينة يفباتوريا ومن ثم في كييف .وهناك انهت آنا تعليمها في مدرسة " فوندوكلييفسكايا جمنازيا" والتحقت بكلية الحقوق في الدورات الدراسية النسائية العليا ، وابدت اهتماما بدراسة التاريخ والادب.
تعرفت آنا غورينكو على زوجها القادم الشاعر نيكولاي غوميليوف عندما كانت في سن 14 عاما. وفيما بعد تبادلت معه الرسائل، وفي عام 1909 طلب غوميليوف يدها رسميا . وفي 25 ابريل/نيسان عام 1910 عقد قرانهما في كنيسة القديس نيكولاي في قرية نيكولسكايا سلوبودا بضواحي كييف. ثم سافر العروسان لقضاء شهر العسل في باريس طوال فصل الربيع.
ومنذ عام 1910 بدأت اخماتوفا نشاطها الادبي بصورة مكثفة. وتعرفت الشاعرة الشابة في تلك الفترة على اعمال الشعراء الروس بلوك وبلمونت وماياكوفسكي. ونشرت اول قصيدة لها بالاسم المستعار "آنا اخماتوفا" عندما بلغت سن 20 عاما ، وفي عام 1912 صدرت مجموعتها الشعرية الاولى " أمسية". وأيامذاك كانت آنا اخماتوفا تعتز بأسمها وحتى عبرت عن شعورها في ابيات شعرية :" عندما حللت ضيفة على الارض .. سموني لدى التعميد " آنا" .. احلى الاسماء على افواه البشر والاسماع". علما ان والدها اندريه انطونوفيتش قد منعها من نشر اشعارها بلقب غورينكو. ولهذا اخذت لقب جدتها الاميرة التتارية اخماتوفا(احمدوفا).
وفور صدور مجموعة "أمسية" قامت اخماتوفا وغوميليوف بجولة جديدة في ايطاليا هذه المرة وفي خريف عام 1912 ولد ابنهما واطلقا عليه اسم ليف.
لقد ادركت آنا اخماتوفا بصورة مبكرة جدا انها يجب ان تنظم فقط تلك الاشعار التي" اذا لم تنظمها ستموت".والا فلن يكون ذلك شعرا. كما انه بغية ان يتعاطف الناس مع الشاعر يجب عليه ان يعاني من اليأس والالم وان يتعلم تجاوزها وحيدا.
في مارس/آذار عام 1914 صدر الديوان الثاني للشاعرة بعنوان " المسبحة" الذي جلب الى اخماتوفا الشهرة. ثم صدر الديوان الثالث " السرب الابيض" في سبتمبر عام 1917 . لكنه قوبل بتحفظ من جانب القراء ، فقد ابعدت الحرب والدمار والجوع الشعر الى المرتبة الثانية من الاهتمام.
في مارس/آذار 1917 ودعت آنا زوجها نيكولاي غوميليوف الى الخارج حيث التحق بلواء للجيش الروسي لكن لدى عودته الى روسيا في عام 1918 حدثت قطيعة بين الزوجين انتهت بالطلاق. وفي خريف العام ذاته تزوجت آنا مرة ثانية فلاديمير شيلييكو عالم الآثار المختص بالدراسات الاشورية ومترجم النصوص المسمارية.
لم تتقبل آنا خماتوفا ثورة اكتوبر البلشفية وكتبت تقول " لقد نهب وبيع كل شئ ، ويعاني الجميع من الأسى والجوع". لكنها لم تغادر روسيا ورفضت الاصغاء الى الدعوات للسفر الى الخارج حيث يوجد الكثير من ابناء عصرها. ولم تغادر روسيا حتى بعد عام 1921 حين اعدم البلاشفة زوجها الاول نيكولاي غوميليوف.
شهد ديسمبر/كانون الاول عام 1922 تحولا جديدا في حياة اخماتوفا الشخصية. حيث انتقلت للعيش مع الناقد الفني نيكولاي بونين الذي اصبح زوجها الثالث.
وفي مطلع العشرينيات اصدرت اخماتوفا مجموعتيها "Anno Domini" و"مزمار الراعي" وترسخت سمعتها كشاعرة روسية بارزة. وفي هذه الاعوام عكفت على دراسة سيرة حياة وابداع الكسندر بوشكين. وأسفرت دراستها عن كتابة اعمال:" حول الديك الذهبي"و" الضيف الحجري" و" الكسندرينا" و" بوشكين ودلتا نهر نيفسكي" و" بوشكين في عام 1828".
وقد منعت السلطات السوفيتية نشر اشعار اخماتوفا منذ اواسط العشرينيات وحتى عام 1940 وحلت فترة صعبة في حياة آنا اخماتوفا. وفي اعوام الثلاثينيات تعرض ابنها ليف غوميليوف الى الاضطهاد والقمع حيث اعتقل ثلاث مرات وامضى في معسكرات الاعتقال 14 عاما. وطوال هذه الاعوام كانت آنا تسعى الى الافراج عن ولدها، كما فعلت لاحقا لدى السعي الى اعادة الاعتبار الى صديقها الشاعر مندلشتام الذي لقي مصرعه في عام 1938 في معسكر اعتقال. وفيما بعد كتبت اخماتوف قصيدتها الرائعة والمترعة بالحزن" النشيد الجنائزي" المكرس الى الالاف المؤلفة من المعتقلين وعوائلهم التعيسة.
وفي عام وفاة ستالين حين انحسرت حملات القمع رددت الشاعرة عبارتها الشهيرة:" الآن سيعود المعتقلون ، وسينظر المعسكران في روسيا الى احدهما الآخر: معسكر من زج الآخرين في المعتقلات ، ومعسكر نزلاء المعتقلات. لقد بدأ عهد جديد".
لقد بدأت الحرب الوطنية العظمى حين كانت اخماتوفا في لينينغراد وفي فترة حصار المدينة سافرت اخماتوفا الى موسكو ومنها الى طشقند حيث تلقت نبأ ذهاب ابنها ليف من المعتقل الى الجبهة بناء على طلبه. وفي عام 1944 عادت اخماتوفا الى لينينغراد وقامت بجولات في جبهة القتال ألقت فيها اشعارها كما اقيمت لها امسية شعرية في دار الكتاب في لينينغراد. ثم اقيمت بموسكو امسية شعرية شاركت فيها مع شعراء آخرين من لينينغراد.
لكن الشاعرة تعرضت الى حملة القمع مجددا في عام 1946 لدى اتهامها مع كتاب آخرين بأتباع" ايديولوجية غريبة" بعد صدور قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي (البلشفي) في عام 1947 حول الادب والفن ، وتم سحب عضويتها في اتحاد الكتاب السوفيت. وبهذا منعت من نشر اعمالها الشعرية وسلبت مورد الرزق. ولم تجد عندئذ مجالا للعمل سوى في ممارسة الترجمة الادبية فترجمت رواية فكتور هوجو " ماريون ديلورم" ومجموعات شعرية صينية وكورية وبعض النصوص المصرية القديمة.واعيد اليها الاعتبار في عام 1962 فقط حين نشرت " قصيدة بدون بطل" التي واصلت نظمها على مدى 22 عاما. وفي عام 1964 اصدرت مجموعتها الشعرية " مسيرة الزمن".
وفي اعوام الستينيات ذاع صيت اخماتوفا في خارج البلاد بعد ترجمة اعمالها الى الانجليزية والفرنسية والايطالية وغيرها من اللغات. ومنحت الشاعرة جائزة " ايتنا – تاورمينا" الشعرية الدولية والدكتوراه الفخرية في الادب من جامعة اوكسفورد . وتحدثت آخر مرة في امسية شعرية مكرسة الى دانتي اقيمت في مسرح البلشوي بموسكو . وانتقلت اخماتوفا الى جوار ربها في 5 مارس/آذار عام 1966 بضواحي موسكو ، ونقل جثمانها الى لينينغراد حيث دفنت في مقبرة كوماروفو بضواحي المدينة.
كتبت آنا اخماتوفا في سيرتها الذاتية الموجزة في عام 1965 :" أنني لم اكف عن نظم الاشعار. فأنني اجد فيها ارتباطي بالزمن وبالحياة الجديدة لشعبي. انني كنت حين اكتبها اعيش في تلك الايقاعات التي ترددت في التاريخ البطولي لبلادي. انا سعيدة لكوني عشت في هذه الاعوام وشهدت احداثا لا نظير لها". عن قناة روسيا اليوم
#مروج_التمدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشاعر ميخائيل ليرمونتوف مغني الحزن والاكتئاب
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|