أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - رسالة -المتنبي- البليغة !














المزيد.....

تأملات - رسالة -المتنبي- البليغة !


رضا الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2756 - 2009 / 9 / 1 - 08:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأصوات التي تعالت في شارع المتنبي يوم الرابع عشر من آب الماضي كانت أصوات احتجاج على تكميم الأفواه، ومصادرة الرأي، ورقابة الاستبداد، وواحدية الفكر، وإلغاء العقل النقدي.
كان الاعلاميون، والمتضامنون معهم من برلمانيين وسياسيين ونشطاء، يقرعون نواقيس الخطر الذي يتهدد حرية التعبير، ويفضحون الانتهاكات أياً كان مصدرها، ويرفضون إقحام الصحفيين في صراع "السياسيين".
وبوسع المرء، في هذا السياق، أن يرى لوحة معقدة تتجلى فيها عناصر أزمة الاعلام، وهي جزء من الأزمة العامة للبلاد. فهناك تركة النظام الاستبدادي التي مازالت آثارها فاعلة، بينما زاد اللوحة تعقيداً تخبط "المحررين" في "توجيه" الاعلام بما يخدم أجندتهم. وهناك "المقررون" الذين لا يكتفون بماكنات الدعاية الاعلامية التي يهيمنون عليها، وإنما يسعون الى فرض هيمنتهم على الاعلام وتوجيهه وجهة "سياسية" تحرمه من الاستقلالية والحرية والدور الفاعل في إضاءة الحقائق ونقد الواقع، مثلما تسلب الاعلاميين حقوقهم المشروعة. وكل هذا يجري وسط تفاقم صراع الامتيازات بين القوى السياسية المتنفذة ومعاناة الملايين المريرة على مختلف الصعد.
وفي غضون ذلك تسعى القوى المرتعبة من التطور الاجتماعي التقدمي وفكر التنوير والعدالة الى العودة الى ثقافة القطيع وغسيل الأدمغة واستعراضات الكرنفال التي ترضي "سياسيين" منتشين، وسط صخب مدّاحين، أو محن ساعين الى لقمة عيش وخبز كفاف.
أما الصحفيون الذين استشهد منهم ما يزيد على 250، وتحول البعض الى معوقين، واضطر آخرون الى الهجرة، وأُرغم غيرهم على السكوت، فيقاومون متشبثين بالحرية وأعراف المهنة والسعي الى الحقيقة.
ولا تقف معاناة الصحفيين المروعة عند القتل والاختطاف والاعتقال والتهديد والاعتداء بالضرب والمنع من دخول أماكن، بينها البرلمان، ومصادرة أجهزة التصوير، والاقتحام السافر للمؤسسات الاعلامية، وما الى ذلك من انتهاكات فظة على أيدي منتسبي مؤسسات أمنية وعسكرية وحمايات مسؤولين، بل تتجاوزها الى غياب الضمانات الأمنية والقانونية التي تحمي حياتهم وممارستهم مهنتهم.
ويحق للمرء أن يتساءل: كيف يمكن لحكومة أن تزعم أنها ديمقراطية، بينما تنتهك أبسط قواعد الديمقراطية التي نص عليها الدستور ؟
غير أن حرية الاعلام، شأن الحريات والحقوق الأخرى، لا يمكن أن تتحقق بمجرد النص عليها في الدستور، وهو ما تدبجه أنظمة الاستبداد في دساتيرها المفروضة، وانما عبر تحويلها، بكفاح الاعلاميين أنفسهم، الى جزء من واقع وثقافة المجتمع.
ومن نافل القول إن كل حديث عن دولة مدنية ديمقراطية دون تأسيس إعلام حر ومستقل ليس سوى ضرب من الأوهام وممارسة للتضليل. فبدون إعلام حر ومستقل لا يمكن إعادة إعمار الروح العراقية، وهي عنصر حاسم في التحول الاجتماعي. واذا كان من الصحيح الاعتراف بأن نعمة الحرية التي تمتع بها الصحفيون في أعقاب سقوط الدكتاتورية ينبغي أن تتسم بضوابط مهنية وأخلاقية، فان هذه الضوابط يجب أن لا تكون قيداً على السلطة الرابعة، مثلما يجب أن لا تتحول الى ذريعة بيد "الحكام" لفرض الرقابة أو حجب المعلومات أو إسكات الأصوات.
ومن ناحية أخرى فانه على الرغم من شيوع الفوضى في البلاد، والتباسات "السياسة"، واستمرار الضغوط والاملاءات والتهديدات التي يمارسها "سياسيون"، بينهم منتمون الى قوى "مقررة"، ضد صحفيين ومؤسسات إعلامية، منتهكين لا سلطة القانون حسب، وإنما دستور البلاد الذي يكفل، من بين حقوق أخرى، حرية الاعلام، على الرغم من ذلك أثبت صحفيو بلادنا أنهم جديرون بالحرية التي راحوا يتمتعون بها بعد زوال الدكتاتورية الفاشية، ويجسدون قدرتهم على تحدي الصعاب في سبيل الدفاع عن حرية الفكر والتصدي للظلاميين وسائر المرتعبين من نور العقل.
وإذا كانت تظاهرة "المتنبي" قد وجهت رسائل عدة، فلابد أن إحداها تتجلى في أن التظاهرة عبرت، على نحو مميز، عن استعداد المثقفين وقدرتهم على ممارسة دورهم التنويري، وإسهامهم في أحداث بلادهم والتعبير عن آمال الملايين من بناتها وأبنائها الساعين الى عراق جديد.
ويمكن القول، حقاً، إن احتجاج "المتنبي" يشكل بداية رد على "غياب" دور المثقفين، يتعين أن يتعزز، إذا ما أريد له أن يحقق مراميه العادلة، عبر توحيد جهود المثقفين وتنويع أساليب مقاومتهم السلمية للثقافة السائدة وسدنتها الذين يبغون تأبيدها عبر محاصرة الثقافة التقدمية ومبدعيها، وإعاقتهم عن أداء دورهم المنشود في نشر قيم الحق والحرية والجمال.
* * *
ليس من دون دلالة أن التظاهرة سارت، محاطة باجراءات أمنية مثيرة للجدل، من بداية شارع المتنبي المطلة على شارع الرشيد، وصولاً الى نهايته حيث يطل الشاعر، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، على دجلة الخير. ففي هذا الفضاء الرحب، المليء بثمار المعرفة، حيث تنتشر الكتب وعشاقها، كانت الأصوات تتعالى متحدية، مفعمة بالشوق والأمل، حتى لكأنها تردد مع أبي الطيب:

وما صبابةُ مشتاقٍ على أملٍ
من اللقاءِ كمشتاقٍ بلا أمل

ليس عسيراً القول إن هذا الاحتجاج لم يكن مألوفاً، فقد كان هتكاً لستار صمت، لا على مستوى فردي، وإنما على مستوى فعل جماعي مطالب بالحرية كقضية أساسية. وهنا يتجلى المغزى العميق لهذا الاحتجاج، وتلك هي أبلغ الرسائل !



#رضا_الظاهر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات - أربعاء الدم .. من المسؤول !؟
- تأملات - بلاك ووتر .. بيت الدعارة والجريمة !
- تأملات - في ذمّ التسييس أيضاً !
- تأملات - كابوس السرطان !
- تأملات - عطش الرافدين !
- تأملات - حتى تبقى الأجراس تقرع والتراتيل تصدح !
- تأملات - ما من خيار ثالث !
- تأملات - -إشراف- على مصالحة !
- تأملات - لحظة حرية حاسمة !
- تأملات - قصور من رمال بلاد من أوهام !
- تأملات - بلاد مبتلاة بقصص النوائب !
- تأملات - التباس مفاهيم .. تباين امتيازات
- تأملات : جمرة واهبات الحياة .. متقدة أبداً !
- تأملات : مصباحك يضيء الينابيع والرايات !
- في الذكرى التسعين لاغتيال روزا لوكسمبورغ تفاعل -البعد النسوي ...
- الانتخابات.. دروس.. ودلالات
- 90 عاماً على اغتيال روزا لوكسمبورغ - ناقدة الرأسمالية .. مجا ...
- متى تقرع أجراس المحرومين !؟
- تأملات - جديرات بالاصغاء الى أصواتهن العادلة
- تأملات -اجتهاد- اقصاء النساء


المزيد.....




- مصادر تكشف لـCNN عن زيارة متوقعة لمسؤول روسي يخضع لعقوبات أم ...
- سيناتور يحطم الرقم القياسي لأطول خطاب في مجلس الشيوخ ليحذر م ...
- -قطر غيت-.. تمديد احتجاز شخصين من المقربين لنتنياهو مع تعمق ...
- من السودان وغزة: كيف عاش العائدون إلى منازلهم فرحة العيد لأ ...
- ما هي أبرز العوامل التي ساهمت في التهدئة الدبلوماسية بين بار ...
- واشنطن ترسل قاذفات وحاملة طائرات إلى الشرق الأوسط
- هاري يستقيل من جمعية أسسها تكريما لوالدته.. ما علاقة زوجته؟ ...
- خطاب -القرصنة-.. سناتور أميركي يهاجم ترامب بطريقة غريبة
- الجزائر تسقط مسيّرة مسلحة اخترقت مجالها الجوي
- ترامب يدرس المقترح النهائي لتيك توك قبل -موعد الحظر-


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - رسالة -المتنبي- البليغة !