أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد ريفلاند - سجود الأقلام و صيام الأفواه : صلاةً لإله الجبل















المزيد.....

سجود الأقلام و صيام الأفواه : صلاةً لإله الجبل


محمد ريفلاند

الحوار المتمدن-العدد: 2755 - 2009 / 8 / 31 - 16:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إننا عندما نتحدث عن المثقف فإنه لابد من استحضار الخصوصيات و العناصر المتعلقة به :
1النشأة أو المنبت الطبقي
2 الوضعية الطبقية الحالية
3 الوعي الطبقي
4الموقف و الموقع الإديولوجي ..

إلا أنه مهما تكن هذه الخصوصيات و العناصر فرسالة المثقف التاريخية المنوطة به تلغيها و تحتم عليه أن يؤديها بأمانة ولو ضحى بالكثير أو حتى بكل شيء . كما تحدد دوره في توعية الجماهير الشعبية وتنويرها و تأطيرها و الدفاع عنها و قيادتها نحو الأفضل.

إن المثقف كما يعرفه الكثيرون هو صاحب المعرفة الذي يستعملها لإحداث التغيير نحو الأفضل أما الشخص الذي يمتلك معلومات و معرفة لكنه لا يجسدها و لا يترجمها إيجابيا على أرض الواقع و يتبجح بأنه مثقف فما هو إلا مجرد متعلما أو مثاقفا يصف الواقع المعاش ويتودد ويحابي السلطة على اختلاف أشكالها و أنواعها (سياسية .اقتصادية . دينية ... ) .

إن المثقف صاحب المعرفة الذي يستعملها لإحداث التغيير نحو الأفضل هو ذلك المثقف المحترف أو العضوي كما سماه غرامشي . يتمسك بآرآئه ولا يخاف من السلطة بل يصبح عدوا لها رغم أنه قد يعرضه ذلك للخطر . إنه مثقف متشبث بحقوق الجماهير الشعبية ومناضل وسطها ويبث الوعي في أوساطها .

اما أن المثقف يتنازل عن آرآئه عن مبادئه إرضاءا للسلطة فما هو إلا مثاقف يتحول إلى بوق و مطبل لها يدافع عنها وعن سياساتها.

اما ذك المثقف (أو بالأحرى المثاقف) الذي فضل (غالبا يكون بسبب الخوف و الجبن) أن يحتفظ بمعرفته لنفسه وينزوي ويعتزل بعيدا عن الجماهير وعن همومها ومعاناتها ، فهو يبقى مثقف البرج العالي . يبقى مجرد كاتب يصف ويكتب عن الحياة الإجتماعية . وهو مكسب وربح للسلطة بشكل غير مباشر رغم أنه ليس بالضرورة يمجدها أو يحابيها ..


في كتاب ¨ قبور المثقفين العرب ¨ وكما كتبت ذلك الكاتبة الفلسطينية ¨نادية أبو زاهر¨ في حوار لها مع كاتب الكتاب البروفيسور ¨عبد الستار قاسم¨ ، يتم تصنيف قبور المثقفين العرب إلى أنواع كثيرة منها:
1 قبر الجبن 2- قبر السلطان 3- قبر النفاق 4- قبر الإنعزال
5 - قبر الغربنة....

من خلال هذا التصنيف ومن خلال واقع الثقافة والمثقف في الوطن العربي يتضح جليا مدى التوافق الكبير الحاصل بين التصنيف والواقع الثقافي.

يقول ¨عبد الستار قاسم¨ :¨ إن الخروج من هذه المقابر ليس بالأمر السهل ويتطلب جهودا كبيرة من طلائعيين لديهم الإستعداد للتضحية . فالمثقف الذي ليس عنده استعداد للتضحية سيبقى قابعا في قبره . لأن المثقف يحب التغيير ، وإذا لم يضحي فإنه لا يواجه الواقع بجرأة وشجاعة . في الوقت الحالي الغالبية الساحقة من المثقفين العرب لازالوا في القبور . وفقط جهود الطلائعيين هي التي ستخرجهم . لكنهم لن يخرجوا إلا بعد أن يميل التوازن لصالح قوى التغيير..¨ *


إن هذه المقالة تبين بشكل واضح مهام ومسؤوليات المثقف العربي كما توضح مدى الأزمة التي يتخبط فيها الفكر العربي..


ان أغلب الضغوط التي تمارسها السلطات في الدول العربية على المثقفيين العرب تؤتي أكلها وتؤدي بهؤلاء إما إلى قبر الجبن أو إلى قبر السلطان . فكلا القبرين وصاحبيهما يشكلان عائقا أمام ما تنشده الشعوب العربية من وعي وتقدم .... فقد تيقنت السلطة من سهولة انصياع واستجابة المثاقفين لأوامرها و ضغوطها . واقتنعت أنهم قد تحولوا إلى مجرد مطايا تستغلهم وتستخدمهم لخدمة مصالحها متى شاءت ذلك ، وأنهم مستعدون في أي وقت أن يبيعوا أنفسهم وعلمهم .. فالمصلحة الذاتية لدى هؤلاء هي الأولى والأخيرة . منفعيون ضيقون وذاتيون إلى أقصى درجة ..

من جهة أخرى (ربما تكون مشابهة إلى حد ما لما سبق ) يمكن أن نصنف المثقف العربي إلى :

1 مثقف الولاء المطلق و هو معلم الخنوع والخضوع
2 المثقف المحامي ( أو محامي الشيطان ) وهو يلجأ إلى التبرير والتغطية بغرباله السفسطائي لأخطاء و هفوات السلطة ، ويضفي المشروعية على أعمالها بديماغوجيته المفضوحة.
3 المثقف الإنتهازي وهو يخدم السلطة ومصالحها ، كما تستخدمه السلطة بكيفية لا تقل انتهازية.. فالإنتهازي لا يكون دائما موثوقا فيه ثقة كاملة..
4 المثقف المتحزب حسب تعدد الأحزاب والجماعات والقبائل والعشائر...(سواء كان في المعارضة ¨¨الصورية¨¨ أو في بلاط السلطة).
5 المثقف الثوري ، العضوي وهو مثقف رافض ... يقع دائما تحت اضطهاد السلطة ومثقفيها الموالين لها ومحاميها ، وأيضا من طرف المثقف المتحزب . كما يبقى فى مرمى السهام المسمومة للمثقف الإنتهازي.

إن الصراع بين المثقفين لا يؤدي بالضرورة إلى صرع أو حراك سياسي بين السياسيين . لكن صراع الساسة كثيرا ما يؤدي إلى صراع واقتتال بين المثقفين . فالسياسيون يستخدمون ويستغلون المثقفين لتحقيق مصالحهم وتصفية الصراعات بينهم... وللأسف كثير من الكتاب و الصحافيين ،وغيرهم... يقبلون بهذا الدور الذي يلغي دورهم الحقيقي ورسالتهم التاريخية ، بل و يفنيهم في صراع عبثي..

إذا نظرنا إلى الواقع العربي سنرى تشرذما واسعا في الواقع السياسي والثقافي العربي :

-فالقومي غارق في الشوفينية ولم يقدر قوة الخصم ، وامتهن إلقاء الخطابات الرنانة وإنتاج الشعارات الفضفاضة ...

-اما الليبرالي فقد ارتمى ارتماءا مطلقا في التنظير للتغريب باسم الحداثة ، وما هي إلا اسم فارغ من محتواه ، حداثة هدفها الأساسي هو ضرب كل الخصوصيات والقيم المحلية وتكريس التبعية ، أكثر منه بناء مؤسسات ترسي لأساسات الحكم الديموقراطي الصحيح.
هؤلاء الليبراليون يركزون على التحديث و العصرنة ، لكن بتقليد و نقل كل ما هو غربي إلى الوطن العربي متناسين( أوقافزين) الخصوصيات المحلية من تاريخ وموروث ثقافي وبيئة..... وكأن التقدم والنهضة يتوقفان على وصفات جاهزة يتم استيرادها . يعتقدون أنه من السهل بمكان أن يصبح المواطن العربي أوربيا أو أمريكيا حالما يتخلى عن معتقداته وقيمه ... ثم يعتنق النموذج الغربي . يعتقدون ويزعمون أن الخلاص من جميع المشاكل يكمن في تبني القيم الغربية و كل ما هو غربي .


-البعض الآخر يركز على المرجعية الماضوية في اجتهادهم اليومي للوصول إلى ما يفرقهم مع الآخر و ما يمكن أن يدحض برامجه و خدماته الجاهزة ، فعوض أن يقترحوا البديل الواقعي يقفزون إلى الوراء و يدغدغون المشاعر و يخاطبون العواطف ..

-أما الماركسي ( أو المتمركس ) فقد انغمس في الثقافة و التثقيف لذاته و نسي أو لم يستطع أن يقدر معايير و مقاييس تقييم و تشخيص الظروف الذاتية و الموضوعية .. بقي متقوقعا في عباءة تقديس النصوص و الأشخاص.
و آخرون ربما أقل تقبلا بالتسمي بالماركسيين و يفضلون و يتفاخرون بالتسمي بالوطنيين ، يركزون على وجوب الحصول على التقنية و استخدامها . لكن تقنية مجردة من أي أساس اديولوجي و سياسي تبقى تقنية مجردة و مستوردة أو مقلدة . مثل هذه التقنية التي لا مرجعية لها و لا سند لها اديولوجيا و سياسيا سرعان ما تنهار و تصبح وبالا ثقيلا على أصحابها و عموم الجماهير الشعبية (إن لم يكن فقط على الجماهير الشعبية).

يبقى المثقف العضوي ، ذلك المثقف الرافض ، صاحب المعرفة الذي يستعملها للتغيير نحو الأفضل ، المثقف الذي ينشط وسط الجماهير الشعبية يبث الوعي فيها ، يناضل في سبيل حقوقها و يقاوم كل الضغوط و كل الإغراءات ، لا يتنازل عن دوره و رسالته التاريخية .. هو الأمل في تحقيق ما تنشده الشعوب العربية من حرية و كرامة و تقدم ... منذ أزيد من قرن من القهر و الإحتلال و التهميش ...

إلا أن مثل هذا المثقف يندر تواجده في الدول العربية . قلة قليلة جدا من يمكن أن يصنفوا في خانة المثقف العضوي ، الثوري ، الرافض .

فمثلا من يستطيع أن يقول للسلطة الفلسطينية ( و قس على ذلك بالنسبة لجميع الدول العربية ) أنها لم تعد تمثل سوى نفسها و يجب أن ترمى على قارعة التاريخ ، و لا يكتفي بالقول أو بتفوه راديكالي و إنما ممارسة أيضا .. بدون أن يتعرض للتكميم و السجن و ربما للإغتيال ... و يتحمل كل ذلك . أكيد أن هناك قلة قليلة جدا لها الجرأة و الشجاعة يمكنها قول و فعل ذلك .

أما الغالبية الساحقة فقد دفنت نفسها في قبور السلطان و الجبن و التحزب و النفاق و التغريب و الإنعزال ... و كل هذه القبور هي جنة للسلطة و خراب و دمار للجماهير الشعبية .

و في مثال آخر ، فمن يعارض الدولة الصهيونية و الإمبريالية الأمريكية و سياساتهما في الدول العربية فيجب أن يقمع تماما ، فأي صحافي أو استاذ أو كاتب .... يتحدث بآراء جادة معارضة لإسرائيل أو لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن يوقف عن عمله و يتابع و يضيق عليه ...
فكل وجهة نظر مغايرة ومضادة لوجهة النظر الصهيونية و الإمبريالية الأمريكية يكون مصيرها التكميم و الإلغاء فالتهمة جاهزة ، إما معاداة السامية أو تبني الإرهاب و مساندته ..
قلة قليلة جدا تضحي و ترفض التنازل عن مواقفها المعارضة و تتحمل ذلك بشجاعة رغم كل المضايقات و المتابعات و سلب للحرية أو ربما حتى سلب للحياة.





* في علاقة المثقف والسلطة : نادية أبو زاهر






#محمد_ريفلاند (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشكلة ليست في الفقر و إنما في سياسة التفقير
- عن الثقافة والمثقف....عربيا
- يتبعون أسماكهم ... !
- تامسينت : عنوان انتفاضة مستمرة
- نيناناغ ... ماشا نشنين نزرا عاذ نتوارا / قالوا لنا...لكن نرى ...
- تحنيط الريف : ابقاءه و إحضاره شكلا . و قتله و تغييبه مضمونا
- جزيرة الجزيرة
- الصراع السلطة الحرية
- يا له من شخص؟؟(صاحبنا في الموضوع )
- فن الخطاب
- ايتها السيدة


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد ريفلاند - سجود الأقلام و صيام الأفواه : صلاةً لإله الجبل