|
تعطيل تشريع قانون الاحزاب الاسباب والمبررات
ياقو بلو
الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 07:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سوف لن اتحدث اليوم عن فساد سلوكيات قادة وقائدات وازلام ونساء الاحزاب الدينية الطائفية والقومية واساءاتهم غير المبررة لمواقعهم الادارية سوى بولائتهم الملزمة لاحزابهم التي تحرص على ممارسة كل ما يتنافى ومفهوم الولاء للوطن،فهذا صار من الامور التي ما عادت تغري احدا بالاطلاع عليها، لتراكم روايات الفساد فوق بعضها البعض وكثرة الادلة الدامغة على استشراء هذا الفساد في كل مرافق الدول التي يتشكل منها العراق الحديث،اي عراق ما بعد التحرير،واعني بهذه الدول:الدولة التي تتسيد عليها الاحزاب الدينية الشيعية(وهذه ايضا مرشحة ان تتشظى الى دويلات) والدولة التي تتسيد عليها الاحزاب الدينية السنية والدولة التي تتسيد عليها الاحزاب القومية الكردية(وهذه الاخرى ايضا مرشحة ان تتوالد)ولو تدبرنا في امر هذه الدول،وتقصينا عن حقيقة توافر شروط واسباب بقاء اي منها وديمومتها ومقاومتها للطواريء الداخلية والخارجية،لرجحت كفة الدولة التي تديرها الاحزاب القومية الكردية لاسباب لست في وارد من ذكرها اليوم خشية الملل لتشعب الموضوع،واكراما لمشاعر اولئك الطيبين الذين خلطت عليهم هذه الاحزاب اوراق اللعبة السياسية بنية غير بريئة،هذا ان لم اقل بنية شيطانية بغية تحقيق مصلحة ذاتية ضيقة.
يحرص كل مسؤول/مسؤولة عراقي يتعرض الى النقد على تعليق كل الذنوب والخطايا والاثام التي اتاها او يأتيها هو واي من اعضاء عصبته الحزبية،على رقبة السيء الذكر بول بريمر الذي اجترح معجزة انشاء "مجلس الحكم"وحكم دول العراق هذه بأسم هذا المجلس،الا ان الغريب في الامر هو ان كل هؤلاء المسؤولين كان لهم من يمثلهم في مجلس الحكم السيء الصيت والسمعة ذاك،لا بل لولا ذاك المجلس،ولولا حماقات بول بريمر واستهتاره بمقدرات الانسان العراقي واحتقاره للوطن العراقي،ما وصل جل هؤلاء السيدات والسادة المسؤولون الى الكراسي التي يتربعون فوقها اليوم،وينعمون بنعيم ما تحققه لهم هذه الكراسي المريحة جدا من منافع مادية،لماذا لم يعترض احد على سياسات بول بريمر التي يصفونها بالحمق يا ترى؟هل كان بول بريمر يعامل اعضاء مجلس الحكم بالحديد والنار كأي حاكم محتل،ام انه كان يسوقهم كما النعاج يا ترى؟لنكن سذجا ونقول:ان بريمر هذا كان يعمل في خدمة مؤسسة صهيونية صليبية الفكر وحاقدة على العرب والمسلمين كما يدعي البعض الذي استطاب ممارسة هذه الهواية الساذجة منذ امد بعيد،حسنا لماذا لم يعلن مدعو الدين والحمية الوطنية هؤلاء انسحابهم من هذا المجلس لكي يفرضوا علينا احترامهم والوثوق بهم وبوطنيتهم التي يدعونها اليوم؟ترى هل اكتشف قادة الاحزاب الدينية الاعضاء في مجلس الحكم والذين تحالفوا او سوف يتحالفون معهم ان بول بريمر فعل ما فعل وفق خطة مبرمجة ومرسومة سلفا بعد مغادرته العراق يا ترى،ام انهم كانوا شركاء اصليين في تنفيذ كل خطط بول بريمر اكراما لعيون من كلفهم بمهمة الموافقة على كل الجرائم التي اتاها بريمر بحق الوطن والمواطن؟هل هناك بشر واحد على سطح الكرة الارضية قادر على تخيل بلد ومهما بلغ صغر حجمه وقلة عدد سكانه بدون جيش وشرطة واعلام؟لقد مر العراق بالكثير من التجارب التي تبدلت خلالها وجوه الحكام،الا ان الجيش والشرطة كانت هي هي،وكل الذي كان يتبدل هو فقط اسماء القادة المتنفذين حصرا،فمنذ حركات رشيد علي الكيلاني وحتى انقلاب البعثيين في تموز 1968 لم نعرف انه تبدل في الجيش سوى اسماء وزراء الدفاع وهيئات الاركان العليا وقادة الفرق ومدراء الامن والاستخبارات وغيرها من الاجهزة،ما الذي منع بريمر من نزع سلاح المليشيات الحليفة له وهو العارف تماما ان هذه المليشيات تأخذ اوامرها على الاغلب من خارج الحدود العراقية؟ربما كان السيد يونادم كنا السكرتير العام للحركة الديمقراطية الاشورية العضو الوحيد في هذا المجلس بلا حول ولا قوة ووجوده كان كعدمه،حيث كان الرجل قد جعل في هذا الموقع لذر الرماد في العيون وليقول الامريكان:انظروا تحققت الديمقراطية في العراق الجديد،فها هو عضو اشوري مسيحي في مجلس الحكم كعلامة دالة على نهاية معاناة الاشوريين في العراق،والنظام السياسي الجديد القائم على الديمقراطية يرفض ان يتعامل مع المواطن بحسب انتمائه الديني والعرقي(طبعا الذي حصل كان العكس تماما،فقد مارست القوى المجرمة التي سلطها المحتل على رقاب العراقيين كل صنوف القهر والظلم والاضطهاد بحق الاشوريين لاسباب لا ينكرها سوى الاعمى والاحمق)
بول بريمر لم يشرع قانون الاحزاب،رحل بول بريمر،وربما يكون لبول بريمر اخر او من سيلعب دوره عودة ثانية الى العراق طالما اصرت الاحزاب الدينية -وربما القومية ايضا- على التفاهم فيما بينها بحد نصل السكين على جثث العراقيين الابرياء،اجل رحل بول بريمر دون ان يشرع قانون الاحزاب،ومع رحيله سقط حق الذين يناضلون في سبيل تشريع قانون الاحزاب خدمة للمشروع الوطني،اذن بات هذا النضال وتلك المطالبة في هذا الوقت،من الامور التي لا تتحقق دون ان يسند هؤلاء المطالبون والمناضلون مؤسسة اقتصادية عملاقة قادرة على شراء الذمم في البرلمان العراقي كما اثبتت التجارب العملية،لأن القادرين على فرض اي تشريع قانوني في البرلمان العراقي ليس من صالحهم ان يشرع مثل هكذا قانون كما تقول القراءة السياسية للاوضاع التي يمر بها العراق،ما مصلحة كل من: حزب الدعوة الاسلامية بكل تفرعاته والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية وحزب الفضيلة الاسلامي وجماعة جيش المهدي(الكتلة الصدرية)وجميع الكتل السياسية السنية سواء التي خرجت من عباءة اسامة بن لادن،او تلك التي ترتدي العباءة الفضفاضة بأسم هذا الوطن المغلوب على امره،تلك العباءة التي يمكن ان تصلح خيمة يستظل الجماعة واي كان اتجاه الريح تحتها، اجل ما مصلحة وفائدة كل هؤلاء في تشريع قانون الاحزاب طالما كانت الاجندة التي يسعون الى فرضها على المواطن متحققة اصلا؟وهذه الحالة يمكن ان تنطبق ربما افضل على الاحزاب الكردية الرئيسية التي تكاد تنفرد بالسلطة في دولة الشمال(الديمقراطي الكردستاني والوطني الكردستاني)فهي الاخرى مصلحتها مع عدم تشريع هكذا قانون،اذن لم يبق في البرلمان سوى كتلة الدكتور اياد علاوي(طبعا الى جانب مساندة جهات معروفة للدكتور علاوي،قدر الرجل ان يستقطب الكثير من الاصوات الوطنية المحايدة،الا انه عاد فخسر تلك الاصوات لاسباب لا اجد هنا اي داعي او جدوى من مناقشتها،ولعل النتائج الهزيلة التي حصل عليها التيار في انتخابات مجالس المحافظات خير دليل على ما ادعي) والجماعة التي تسمى نفسها مستقلة ووطنية رياء وزورا وبهتانا(جماعة الدكتور محمود المشهداني والعطية...الخ)وهؤلاء ايضا كما تشهد الحقائق لم يكونوا يوما بحاجة الى تشريع مثل هكذا قانون،لانهم اصلا كانوا قد حزموا امرهم واعلنوا ولاءهم للجهات التي اوصلتهم الى ما وصلوا اليه،والدليل على ما نقول هو المواقع التي احتلها هؤلاء الوطنيون جدا والنتائج السلبية التي اثمرت عنها ممارساتهم السياسية،اذن كل الشركاء في السلطة لا يحتاجون اي تشريع قانوني يحد من تمدد احزابهم في الشارع العراقي عرضيا لهذا السبب او ذاك،انما العكس هو الصحيح،لان مثل هكذا قانون سوف يفرض عليهم التزامات لو قدر ووجد من يدافع عنها ويحميها من عبث الاحزاب والكتل السياسية التي اتيت على ذكرها انفا، لاضطر الكثير من السادة البرلمانيين الى العودة الى البلدان التي يحملون جنسياتها ولظلت صفتهم في تلك البلدان مجرد لاجئين عراقيين مثلي يعتاشون على ما تجود به تلك عليهم(تقول الكثير من الاخبار ان نسبة عالية من اعضاء البرلمان العراقي والكثير من موظفي دول العراق،حتى في حالة عدم فوزهم في الانتخابات القادمة او صرفوا من الخدمة،فأنهم سوف يعودون الى تلك البلدان بصفة مستثمرين كبار)
ان قانون الاحزاب لو شرع في اي دولة يدعي القائمون عليها انها ديمقراطية،سوف يفرض مثلا منع استخدام المال العام في الدعاية الانتخابية،وسوف يرفض مؤكدا استخدام الرموز الدينية والقومية كحصان طروادة يختبؤون في بطنه،وبذلك سوف لن يكون هناك من يخشى عاقبة الفتاوى الدينية التي تكثر في السر والعلن في مثل مواسم الانتخابات(الحالة الشيعية نموذجا)،وكذلك سوف تزول خشية ابناء القوميات المختلفة في الوطن العراقي من بعضهم البعض(النموذج الكردي الذي زرعوا في وجدانه صورة العربي المتوشح بعباءة صدام حسين)كما سوف لن يكون هناك اي داعي لتكفير الطوائف الدينية لبعضهم البعض،اي ان المساومة على ضمير المواطن سوف تتوقف بحكم القانون،لا بل سوف يتعرض للمسائلة القانونية كل من يروج لمثل هكذا ممارسات لا تنسجم والاخلاق الوطنية الحقة،وسوف يفرض حتما ميزانيات خاصة للدعاية الانتخابية لكل الاحزاب(ربما في نية البعض ان يوزع لحفان بدل البطانيات على الناخبين في الانتخابات القادمة،خاصة وان موسم الانتخابات سوف يصادف عز الشتاء)،كما لا بد سيقرر حتما مبالغ محددة لكل حزب تصرف من ميزانية الدولة،وهذا يعني ان فرصة العناصر الوطنية الديمقراطية الليبرالية الحرة الشريفة سوف تكبر في منافسة الكبار الذين اثبتت تجربة السنوات الطويلة نسبيا انهم فشلوا في ادارة الوطن واساؤا اليه،وهذا يتأتى عن طريق توفر المبالغ التي تعجزهم اليوم عن التعريف ببرنامجهم الانتخابي بالشكل المطلوب لضيق ذات اليد(الائتلاف الديمقراطي الجديد بقيادة المفكر العراقي الليبرالي التقدمي العلماني الحر الاستاذ ضياء الشكرجي مثال حي على ما اقول)
اذن،صار من لزوم تحقيق الحد الادنى من شروط المواطنة الصالحة،أن نطالب وبالحاح شديد بضرورة الاسراع بتشريع قانون الاحزاب رغم ان ما يفصلنا عن موعد الانتخابات هو مجرد شهور معدودات،لاننا بذلك سوف نوفر الفرصة المناسبة للاصوات الوطنية لتقول كلمتها بحرية وبضمير مستريح. الوطن العراقي المخذول من وراء القصد.
#ياقو_بلو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطيون في مواجهة ازمة الديمقراطية
-
دولة العراق المجهول الهوية
-
الموت يهدد المناضلين الايرانيين في اشرف
-
يحرقون الوطن والمواطن اكراما لشهوة انتقام اسيادهم واولياء نع
...
-
تأبين الخالد الذكر هرمز ابونا
-
الموجة الكلدانية الثالثة/2
-
الموجة الكلدانية الثالثة
-
قصيدة
-
تداعيات انسحاب الفوات الامريكية على الاخوة الاعداء 2 الحالة
...
-
تداعيات انسحاب القوات الامريكية على الاخوة الاعداء وحلفائهم.
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|