أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يسرية سلامة - طبعا لا















المزيد.....

طبعا لا


يسرية سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 06:51
المحور: الادب والفن
    



كعادتي اليومية أذهب إلى رُكنٍ هادئ ومُريح للنظِر، وفي هذا اليوم وأنا احتسي قهوة الصباح جوار الشُرفة في "بورتفينو" هذا المكان المطل على البحر في كامب شيزار، ناظرة الى أبعد مدى في البحر شاعرة بنبض الحياة في الاسكندرية، على سجيتها الرقيقة الرائعة، حيث كنت في حيرة من أمري لأنه يشغلني موضوع يعني لي حياة، فأريد أن اتخذ قرار قاطع فأنا متردده ما بين القبول والتأجيل لللتفكير بعمق.

فما يشغلني هو اتخاذ قرار بمبدأ برجماتي بحت للارتباط بضابط لا أحبه ولا أبغضه، وهو لايحبني ولا يبغضني، لا أعرفه المعرفة الحقيقية، ولا يعرفني، يتلخص الموضوع في حساباتٍ عقلية في مدي التلاءم والتوافق الشكلي والاجتماعي والعلمي، والتعارف بيننا تم على طريقة أفلام "أبيض وأسود" في الستينات.

أخذ عقلي يُحاورني

نفسي: كم عمرك؟
عقلي: لا يعنيك.. مازالت شباب

نفسي: هههههههه .. أتضحكين علي؟.. فرصك تقل في الزواج ومن ثم في الانجاب.
عقلي: إنها مُقدرات، ومن الممكن أن أتزوج في السادسة عشر ولا أنجب، والعكس، فالسن
ليس مقياس، ولا قرينة على عطاء الله.

نفسي: تعيشين في مجتمع ولابد وأن تنصاعي للنظام والسياق العام لهذا المجتمع.
عقلي: وهل سيُساندني مجتمعي في حالة التعاسة أو الطلاق؟ أم سيكون أول الجلادين؟
واللائمين؟

نفسي: إنها سُنة الحياه ومادمت لست في حالة حب مع شخص ما، فعليك القبول بالمعروض
لملئ هذا الفراغ العاطفي، وتستطيعين ان تركزي مشاعرك، وانت قادرة على
انجاح العلاقة.
نفسي: لكني أحياناً اشعر بالخوف من الإقدام، خاصة وانها حسابات عقلية بحتة، أخشى
الملل، الرتابة. أخشى المياه الراكده، وانعدام الطعم.
عقلي: ولماذا حكمتِ بكل ذلك، عليك ألا تتصلبي برأيك، واحتمال أن تجدي الانسجام
والاتفاق، وكل السعادة.
نفسي: تقول احتمال............فإذا بصوت ناعم لضحكة عالية رنانة، وليست بغريبة على أذني، أنا أثق أنني سمعت هذه الضحكة_ المزيج من الدلال والأنوثة والرغبة _ من قبل... فانقطع الحوار الداخلي بيني وبين عقلي، ونظرت بشكل لا إرادي تجاه مصدر الصوت، لأفوجئ بصديقتي غنوة وهي في انسجام تام مع شاب يجلس أمامها، وأيديهم الأربع كل تحتضن الأخرى، والعين تهيم بالعين، والوجه كله مبتسم، وتظهر عليهما ملامح الهيام والانسجام.

كدت أن أقفز من مكاني لأعانق صديقتي، لولا خشيتي من أن يتهماني بالسخافة في هذا الموقف، خاصة أنني لمحت دبلة الخطوبة في يداهما اليُمنى.

غمرتني مشاعر السعادة لهذا المشهد الرومانسي، وهذه الحالة الجميلة التي تعيشها صديقتي، فلابد وأن الله قد عوضها عن ما عانته طيلة حياتها، فهي يتيمة الأبوين، ويريد إخواتها التخلص من وجودها بأي شكل، لأنها تُقيم في شقة والديها مع أخ لها متزوج وله ثلاثة أطفال.

هذه الشقة بمنطقة راقية جدًا، تُطل على البحر مباشرة، ويتجاوز ثمنها المليون والنصف، وأصبحت ملكية ورثة، كل يريد إفراز حصته، وهي الفتاه الوحيدة فتُمثل عقبة، ونصيبها حسب الشرع يقل عن الثلاث رجال.

دعني استطرد ثانية عن هذا المشهد الشاعري الذي لم اعتاد رؤيته في بورتفينو، لأنه ملئ بلقاءات الأصدقاء، ورجال الأعمال، ونادرًا ما ترى ثنائيات من العشاق.
سعدت لأن غنوة وصلت لمرحلة من الرضا والقناعة، بهذا الشاب والذي يوحي مظهره بأنه يُعاني من ظروف صحية صعبه، ولا يُحسن اختيار ملابسه، فلعله يحمل بداخله انسان مثال للنُبل والأخلاق الحميدة.
استعدت ذكرياتي مع غنوة التي كثيرًا ما استذكرنا دروسنا سويًا، تناولنا طعامنا في غرفتنا سواء في بيتي أو بيتها، وكثيرًا ما ضحكنا، بكينا وحكينا، استرسلنا، فأعرف كم حبيب خدعها، كذب عليها، كم مرة تعلَّقت بالحبالِ الدائبة، وكم مرة لم تكتمل قصتها ......هي تواقة إلى حياة استقرار أو بمعنى أوقع إلى زواج كمعظم فتيات جليها المنحوس من مواليد السبعينات، مع إنهن جيل نصر اكتوبر وما بعده، وأعلم كم مرة لجأتُ اليها لتسمعني وأنا أصرخ، من الفرحة أو الحزن، فتلك هي مشاعرنا الصريحة القوية في بداية العشرينات، ما زلت اتذكر واتذكر واتذكر......

لازلت منتظرة أتحين الفرصة لأقوم وأسلم على صديقتي، التي فرقتنا الحياة وانشغلاتنا وبلا ضغينة، إلى أن جاء النادل ليستبدل طفاية السجائر بأخرى نظيفة وفارغة.


فوقفت بمكاني فالتقت عينانا فصرخت غنوة: "رااااااااااااااااااااااااجية"، لتأخذني بالأحضان، ولمدة خمس دقائق ظلت تعانقني وتُقبّلني وتقول: " انتي فين يا روجو؟ ده عمر بحاله"

ثم عرفتني برامي خطيبها، وباركت لهما الخطوبة السعيدة.
وأقسمت لها وكُنت صادقة أن ملامحها لم تتغير تمامًا، ولم يستطع الزمن نقش أي علامة على وجهها، فمازال وجهها الصبوح وبشرتها الصافية وشعرها المُنسدل على كتفيِها بحريةٍ وانطلاقِ، وجسمها الرشيق ...كما هو كما كانت بالعشرينات.

أقسمت لي هي الأخري بنفس الشئ، أرجو أن تكون صادقة.... ومن الجميل في عادات النساء المتحابات أنهن يغازلن بعضهن البعض، ويُبدبن اعجابهن بالأناقةِ والمظهر الجميل، لرفع معنوياتهن، وإدخال البهجة وتدعيم الثقة بالنفس.
فكلانا تُقاوم الأحزان وتستقوى بالآلام، وتُصقل خبرة بالتجاربِ، لكننا نُلدغ من نفس الجُحر أكثر من مرة، وذلك بسبب التربية الخاطئة، وعدم الإعداد الجيد لمُعترك الحياة، فتعلّمنا الفضيلة، الأخلاق والصدق، ولم نتعلّم كيف نتعاطى مع الخداع والكذب، وبماذا نتسلح ونحتاط، فلا يكفي أبدًا تربية الأبناء على كل ما هو جميل وتغيبيهم عن النماذج المختلفة ولاسيما الشريرة، أو بمعنى آخر المريضة اجتماعيًا، التي يقابلونها في حياتهم، ولايصح ابدًا للآباء اعتبار أنهم سيعشون العمر أكمله مع أبنائهم، فلابد وأن يضعوا نُصب أعينهم دائمًا ضرورة تأهيل أبنائهم للحياة بدونهم.

فاستأذنت رغم أنني أود تكملة الحوار مع صديقتي، لكن ليس هناك بُد، هز رامي رأسه إيماءة بالتحيةِ لكنه ظل جالس مكانه، واكتسبت معلومة جديدة عنه وهي انه يفتقد إلى الذوق والاتيكيت أيضًا، وقفت غنوة واستدارت تجاهي لتقبلني، وفي عيناها أسئلة كثيرة، وكلانا يُريد تأجيل الحوار حتى ننفرد ببعضنا، لكني وأنا أقبلها قبل أن أمضي همست بأذنها قائلة "بتحبيه؟"
فأجابت.....لأ طبعًا!

. . . . . . . . . . . .
.......................
فتيقنتُ إن الإجابة على موضوع النقاش بين نفسي وعقلي المُعلَّق: لابد وأن تكون ......لأ طبعًا....!!!!



يسرية سلامة


[email protected]



#يسرية_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاطرة من الجنة { سيدي أتقبلني زوجة }


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يسرية سلامة - طبعا لا