أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدر شاكر السياب - في السوق القديم














المزيد.....


في السوق القديم


بدر شاكر السياب

الحوار المتمدن-العدد: 2738 - 2009 / 8 / 14 - 08:18
المحور: الادب والفن
    



-1-

الليل ،والسوق القديم

خفتت به الأصوات ،إلا غمغمات العابرين

وخطى .. الغريب

وما تبثّ الريح من نغم حزين

في ذلك الليل البهيم

والنور تعصره المصابيح الحزانى في شحوب

مثل الضباب على الطريق

من كل حانوت عتيق

بين الوجوه الشاحبات

كأنّه نغم يذوب

في ذلك السوق القديم

-2-

كم طاف قبلي من غريب

في ذلك السوق الكئيب

فرأى وأغمض مقلتيه ، وغاب في الليل البهيم

و ارتجّ في حلق الدخان

خيال نافذة تضاء

والريح تعبث بالدخان ......0

الريح تعبث ، في فتور واكتئاب ، بالدخان

وصدى .. غناء

يذكّر بالليالي المقمرات... وبالنخيل

وأنا .الغريب أظل أسمعه... وأحلم بالرحيل

في ذلك السوق القديم

-3-

وتناثر الضوء الضئيل على البضائع .. كالغبار

يرمي الظلال ..على الظلال

كأنّها اللحن الرتيب

ويريق ألوان المغيب الباردات ، على الجدار

بين الرفوف الرازحات ، كأنها سحب المغيب

الكوب يحلم بالشراب وبالشفاه

ويدٍ تلونها الظهيرة... والسراج

أو النجوم

ولربما بردت عليه ، وحشرجت فيه الحياة

في ليلة ظلماء.. باردة الكواكب والرياح

في مخدع سهر السراج به

وأطفأه .. الصباح

-4-

ورأيت من خلل الدخان ، مشاهد الغد ..كالظلال

تلك المناديل الحيارى... وهي توميء بالوداع

أو تشرب الدمع الثقيل .. وما تزال

تطفو .. وترسب في خيالي

هوّم العطر المضاع فيها

وخضّبها ..الدم الجاري

لون الدّجى ... وتوقّد النار

يجلو الأريكة ثم تخفيها الظلال الراعشات

وجه أضاء ... شحوبه اللهب

يخبو ... ويسطع ... ثم يحتجب

ودم

يغمغم وهو يقطر ثم يقطر

مات ... مات

-5-

الليل، والسوق القديم، وغمغمات العابرين

وخطى الغريب

وأنت أيتها الشموع ستوقدين

في المخدع المجهول في الليل الذي لن تعرفيه

تلقين ضوءك في ارتخاء مثل امساء الخريف

حقل تموج به السنابل تحت أضواء الغروب

تتجمع الغرباء فيه

تلقين ضوءك في ارتخاء مثل امساء الخريف

في ليلة قمراء سكرى بالأغاني في الجنوب

نقر [الداربك] من بعيد

يتهامس السعف الثقيل به ويصمت من جديد !

-6-

قد كان قلبي مثلكن، وكان يحلم باللهيب

نار الهوى ويد الحبيب

ما زال يحترق الحياة، وكان عام بعد عام

يمضي، ووجه بعد وجه مثلما غاب الشراع

بعد الشراع وكان يحلم في سكون، في سكون

بالصدر، والفم، والعيون

والحب ظلله الخلود .. فلا لقاء ولا وداع

لكنه الحلم الطويل

بين التمطي والتثاؤب تحت أفياء النخيل

-7-

بالأمس كان وكان ثم خبا، وأنساه الملال

واليأس، حتى كيف يحلم بالضياء- فلا حنين

الصيف يحتضن الشتاء ويذهبان وما يزال

كالمنزل المهجور تعوي في جوانبه الرياح

كالسلم المنهار، لا ترقاه في الليل الكئيب

قدم ولا قدم ستهبطه إذا التمع الصباح

ما زال قلبي في المغيب

ما زال قلبي في المغيب فلا أصيل ولا مساء

حتى أتت هي والضياء!

-8-

ما زال لي منها سوى أنا التقينا منذ عام

عند المساء، وطوقتني تحت أضواء الطريق

ثم ارتخت عني يداها وهي تهمس والظلام

أتسير وحدك في الظلام

أتسير والأشباح تعترض السبيل بلا رفيق

فأجبتها والذئب يعوى من بعيد من بعيد

أنا سوف أمضي باحثا عنها سألقاها هناك

عند السراب وسوف أبني مخدعين لنا هناك

قالت ورجع ما تبوح به الصدى أنا من تريد

أنا من تريد فأين تمضي ؟ فيم تضرب في القفار

مثل الشريد أنا الحبيبة كنت منك على انتظار

أنا من تريد وقبلتني ثم قالت والدموع

في مقلتيها غير أنك لن ترى حلم الشباب

بيتا على التل البعيد يكاد يخفيه الضباب

لولا الأغاني وهي تعلو نصف وسنى والشموع

تلقى الضياء من النوافذ في ارتخاء في ارتخاء

أنا من تريد وسوف تبقى لا ثواء ولا رحيل

حب إذا أعطى الكثير فسوف يبخل بالقليل

لا يأس فيه ولا رجاء

-10-

أنا أيها النائي القريب

لك أنت وحدك غير أنى لن أكون

لك أنت أسمعها وأسمعهم ورائي يلعنون

هذا الغرام أكاد أسمع أيها الحلم الحبيب

لعنات أمي وهي تبكي أيها الرجل الغريب

إني لغيرك بيد أنك سوف تبقى لن تسير

قدماك سمرتا فما تتحركان ومقلتاك

لا تبصران سوى طريقي أيها العبد الأسير

أنا سوف أمضي فاتركيني : سوف ألقاها هناك

عند السراب

فطوقتني وهي تهمس : لن تسير

-11-

أنا من تريد، فأين تمضي بين أحداق الذئاب

تتلمس الدرب البعيد

فصرخت : سوف أسير ما دام الحنين إلى السراب

في قلبي الظامي دعيني أسلك الدرب البعيد

حتى أراها في انتظاري : ليس أحداق الذئاب

أقسى على من الشموع

في ليلة العرس التي تترقبين، ولا الظلام

والريح والأشباح أقسى منك أنت أو الأنام !

أنا سوف أمضي ! فارتخت عني يداها والظلام

يطغي ...

و لكني وقفت وملء عيني الدموع !

في ليلة العرس التي تترقبين، ولا الظلام

والريح والأشباح أقسى منك أنت أو الأنام !

أنا سوف أمضي ! فارتخت عني يداها والظلام

يطغي ...




#بدر_شاكر_السياب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المومس العمياء
- في الليل
- حدائق وفيقة
- أنشودة المطر
- في القرية الظلماء
- سفر أيوب
- شناشيل ابنة الجلبي
- النهر و الموت


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدر شاكر السياب - في السوق القديم