أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله تركماني - في الثقافة السياسية














المزيد.....

في الثقافة السياسية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2738 - 2009 / 8 / 14 - 06:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من المؤكد أنّ الثقافة السياسية، مثل كل مستويات الثقافة، ليست معطى ثابتاً، بل هي معطى تاريخي يخضع لأولويات التطور الاقتصادي والاجتماعي. ففي العالم العربي مثلا تحولت البنية العائلية الأبوية، من جرّاء سياسات التحديث السطحي والفوقي، إلى " أبوية مستحدثة " حسب تعبير الدكتور هشام شرابي. وقد ترتب على ذلك موقف ملتبس من الآخر الغريب عن العائلة، وفي بعد آخر هو من عرق آخر، أو لا ينتمي إلى الطائفة، وفي نهاية المطاف هو الأجنبي.
بينما تتميز الثقافة السياسية الحديثة بأنها:
- إنسانية، من حيث اتجاهها إلى توعية الإنسان بحقوقه وواجباته، بهدف ما يحقق له ماهيته وجوهره.
- تنويرية وعقلانية، من حيث تأسيسها على مفاهيم الحرية والتسامح والاختلاف والكرامة والمساواة والديمقراطية، بقصد تنوير الأفكار والأذهان والسلوكات والعلاقات.
- نقدية، من حيث نزوعها إلى إعادة النظر في مختلف القيم والمبادئ والسلوكات التي تتنافى مع قيم العصر.
- عصرية، من حيث ضمانها تفتح شخصية المواطن على المحيط الذي يعيش فيه، أفراد ومؤسسات وقوانين، والتفاعل الإيجابي معه.
- قانونية، من حيث اقتناعها بضرورة تمفصل السلطات الثلاث: التشريعية، التنفيذية، القضائية. وضرورة انبثاق السلطة التشريعية عن انتخابات حرة ونزيهة وتعددية، تمارس دورها في تشريع القوانين ومراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية. أما السلطة القضائية، فيجدر بالثقافة السياسية العصرية أن ترسخ مفهوم استقلاليتها التامة عن أية مؤثرات خارجة عن إطار القانون والعدالة القضائية.
وقد لا نكون بحاجة إلى توضيح العلاقة بين التربية والثقافة, بما فيها الثقافة السياسية،‏ فالعلاقة بينهما تمتد جذورها في أعماق الفكر الاجتماعي والإنساني,‏ وتُعَدُّ من حقائق العلم في هذا الميدان‏,‏ فالثقافة بالنسبة للتربية الإطار العام المحدد لحركتها وتوجهاتها‏,‏ وعلى ضوئها تصوغ فلسفتها‏,‏ وتستمد غاياتها وأهدافها‏,‏ والتربية بالنسبة للثقافة‏:‏ إحدى عناصرها ومكوناتها‏,‏ ومقوماتها,‏ والشرط الضروري لحفظها واستمراريتها ونقلها للأجيال‏,‏ والعامل الفاعل في تجديدها وتطويرها,‏ وانتقاء عناصرها ذات الفائدة في بناء المجتمع‏,‏ ونهوضه وتقدمه‏,‏ والحفاظ على تماسكه ووحدته,‏ وهويته وذاته الوطنية‏.‏ فالتربية وإن كانت إحدى عناصر الثقافة إلا أنها بمثابة القلب منها‏,‏ الذي تتحرك حوله مختلف العناصر والمنظومات الأخرى,‏ مما يؤكد أنّ العلاقة بين التربية والثقافة علاقة تفاعل,‏ وتأثير متبادل‏,‏ بالدرجة التي لا يمكن تصور وجود إحداهما دون وجود الأخرى. وقد ازدادت العلاقة وثوقاً‏,‏ تلاحماً وترابطاً، في ظل التغيّرات ذات التأثير العميق على مختلف جوانب الحياة الإنسانية.‏
وتُعَدُّ التربية أحد العناصر المهمة القادرة على توفير ثقافة سياسية قائمة على تنمية قيم واتجاهات التفاعل والمشاركة بين المواطنين، والإخاء بين الأمم والشعوب‏,‏ وتحقيق التفاهم والسلام العالمي‏، وذلك من خلال:‏
-‏ العمل على تنمية ثقافة الديمقراطية داخل المدرسة,‏ تعميقا لقيم التسامح والاحترام المتبادل,‏ والتعبير عن الرأي والحوار المثمر وتشجيع التلاميذ على المشاركة في عمليات صنع القرار.
-‏ تنمية قيم المواطنة لدى الشباب,‏ لضمان مشاركتهم الفعالة في الحياة السياسية,‏ وتحقيق الأهداف المنشودة,‏ والقدرة على نقدها وتقويمها.‏
ولا شك أنّ وسائل الإعلام تشكل مصدر تلقّي معلومات ونماذج من السلوك والقيم، وبذلك تساهم في تشكيل أذهان الأطفال والشباب وتطلعاتهم وأنماط سلوكهم، سواء تخصهم كأفراد أو في علاقتهم مع الآخرين. مما يلزم استحضارها كمصدر رئيسي للثقافة السياسية والتنشئة المواطنية.
وفي هذا الإطار تبرز أهمية منظمات المجتمع المدني التطوعية في تدعيم الثقافة السياسية وترقية الحياة إلى مستوى أفضل، انطلاقاً من الإحساس بعمق الانتماء الوطني ومسؤولية المشاركة المجتمعية. مما يعطي هذه المنظمات وجهة تمكّنها من القيام بدور هيئات تنمية تتوسط العلاقة بين السلطة والأفراد، حامية بذلك سلطة الدولة من اندفاع الأفراد والأفراد من تسلط السلطة، وهو ما يساعد – في آخر الأمر – على تحقيق الاعتدال والاتزان في الحياة الاجتماعية من جهة، ويعمق الثقافة السياسية العصرية من جهة ثانية.
وهكذا، فإنّ الإنسان في الدولة العصرية يولد مواطناً ويتفهم مواطنيته شيئاً فشيئاً، ويستوعب مضامينها ومستلزماتها بالتدريج، بواسطة حياته في الأسرة وفي المدرسة وفي محيطه الاجتماعي والسياسي، إلى أن يصبح شخصاً مستقلاً، مسؤولاً تمام المسؤولية عن نفسه. إذن، في هذه الأوساط الثلاثة الأساسية تُنحت شخصية الفرد، ويتحدد مصير المجتمع الذي لا يمكن أن يستقيم ما لم تضطلع هذه الأوساط بدورها في نشر الثقافة السياسية القويمة بين الناس ( ليست الشعارات التي تحرض على العنف والتطرف، وليست الخطاب الشعبوي، الذي يفتقر إلى العقلانية، ويقلل من أهمية الفكر الحر ويحط من شأنه، وتكمن وظيفته في التسويغ والتبرير، وطمس واقع الفروقات والاختلافات، واللجوء إلى التلفيق )، وتبصير الناشئة بحقائق الأمور، وتربيتها على ما يوجه الاجتماع الإنساني من احترام للذات البشرية وحقوقها الأساسية، تأصيلاً لحياة مدنية تنبذ العنف، وتقاوم كل أشكال التفرقة بين البشر.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية المؤمنة ضمانة للتقدم العربي
- تحديات الأمن الإنساني في العالم العربي
- نحو تجديد الثقافة السياسية العربية
- عبثية الانقسام الفلسطيني
- هل تعود الشرعية الديمقراطية إلى موريتانيا ؟
- العراق على طريق الاستقلال
- خصائص الإسلام السياسي الديمقراطي
- ما الجديد في خطاب - حماس - ؟
- إيران .. إلى أين ؟
- التنشئة السياسية وأدواتها
- نحو تصويب العلاقات العربية - الأمريكية
- المكان العربي وتفاعلاته في القرن العشرين (3)
- المكان العربي وتفاعلاته في القرن العشرين (2)
- المكان العربي وتفاعلاته في القرن العشرين (1)
- أي لبنان بعد الانتخابات ؟
- اليمن ليس سعيداً
- جدل العلاقة بين التنمية والديمقراطية
- انتصار الأنموذج الديمقراطي الكويتي
- زمن حقيقة العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية
- العرب والحاجة إلى التنمية الشاملة


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله تركماني - في الثقافة السياسية