أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - في ذمّ التسييس أيضاً !














المزيد.....

تأملات - في ذمّ التسييس أيضاً !


رضا الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2736 - 2009 / 8 / 12 - 08:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس من المبالغة في شيء اعتبار منهجية التسييس من بين أخطر الظواهر السلبية السائدة في الوسط السياسي. وعواقب هذه العملية جلية ومدمرة بالنسبة للعملية السياسية وآفاقها ووجهة التطور الاجتماعي للبلاد.
ويثير قادة السياسة والرأي في البلاد هذه القضية محذرين من مخاطرها. ولعل من باب الدلالة العميقة، في سياق منهجية التسييس، ما صرح به رئيس الوزراء في ندوة عن حقوق الانسان عقدت الشهر الماضي، اذ قال إن "كل شيء في العراق يسيَّس، حتى مكافحة الفساد الاداري دخلت فيها السياسة، وكذلك الفساد السياسي وحقوق الانسان".
وتؤدي الممارسة السياسية في ظل منهجية التسييس، من بين أمور أخرى، الى غياب الشفافية، والانحدار نحو ازدواجية المواقف والتسلكات، وأجواء الارتياب المتبادل بين القوى السياسية، والتخندق والتعصب السياسي والطائفي، وانتقائية التأويل، واللجوء الى تصريحات مراوغة وغائمة وحمالة أوجه، يصعب الثقة بها والاعتماد عليها في فهم المواقف الحقيقية.
وترتبط منهجية التسييس، وهي انعكاس لغياب تقاليد الثقافة الديمقراطية في مجتمعنا وفي الممارسة السياسية بالذات، بصراع الامتيازات والتشبث بالمصالح السياسية الضيقة. وهي وثيقة الصلة بمعضلة المحاصصات، التي ابتكرها "المحررون" وقد تخيلوا، من بين أوهام أخرى لا تحصى، أنها ستحل أزمات البلاد. أما "المقررون"، الذين استطابوا، وما يزالون، هذه المحاصصات، فقد وجدوا فيها ضالتهم، ذلك أنها تضمن لهم امتيازاتهم، وهذا هو جوهر الصراع السياسي والاجتماعي.
كما أن منهجية التسييس ذات صلة بسلوك الاقصاء. فهناك، عادة، طرف سياسي متعصب يتوهم أنه وحده يمتلك الحقيقة المطلقة، نافياً امتلاك أطراف أخرى لبعض من الحقيقة، بل ومحرماً على هذه الأطراف ما يحله لنفسه. وليس من الغريب أن تلجأ مثل هذه الأطراف الى تسييس الثقافة السائدة، وبينها الدين والمذهب، لاستثمار مشاعر الناس ودفعها في اتجاه واحد، يقابله استثمار مضاد من طرف آخر، مما يهدد باشعال حريق اجتماعي.
ولعل أخطر تجليات منهجية التسييس هذه تتمثل في طبيعة العلاقات والتعامل بين القوى السياسية، وخصوصاً القوى "المقررة" في العملية السياسية. وهذا ما نشهده في الارتياب السائد بين هذه القوى، والتناقضات التي نراها على أكثر من صعيد، والمصاعب التي تواجه عملية الحوار وتبادل الآراء، واللجوء الى ترقيعات وتوافقات هشة وعرجاء. ويمكن النظر، في هذا السياق، الى التوتر في العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان مثلاً. وهو توتر نجده، أيضاً، في العلاقات بين قوى سياسية رئيسية في البرلمان، حيث تتجلى الصراعات في المواقف من اقرار القوانين والسعي الى حل الأزمات. وهذا مما يفسر الركود، بل والشلل الذي تعاني منه العملية السياسية، والعوائق الجديدة التي تقف بوجه حل المعضلات المستعصية في البلاد على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
ومن بين تجليات هذه المنهجية المواقف المتباينة، بل المتعارضة، للقوى السياسية من موضوع المصالحة الوطنية، حيث لم تتحقق الخطوات الفعلية المنشودة. ولاريب أن من بين أبرز أسباب هذا الاخفاق في هذه القضية الخطيرة سيادة نمط التفكير المستند الى منهجية التسييس.
ولا يندر أن نجد في هذا الشأن، وفي شؤون أخرى، ردود أفعال متناقضة وتصريحات متضاربة، ومواقف يصل بعضها، أحياناً، الى حد التهديد المبطن والتلويح بقطيعة سياسية.
ولو تناولنا الأمر في مثال آخر، هو مثال استطلاعات الرأي، لاكتشفنا مظاهر أخرى. فهناك قصد في محتويات الاستطلاع وأسئلته وتوقيته ومساحته، وبالتالي نتائجه التي لابد أن تكشف عما يعكس ابتعاداً عن قواعد ومعايير الاستطلاع، وأهمها التعبير عن حقائق الواقع واتجاهات الرأي العام بصورة تجسد المصداقية والحيادية والاستقلالية.
ومن بين ما تعكسه المنهجية المطبقة في استطلاعات الرأي في بلادنا أنها تثير الارتياب في أن نتائج بعض الاستطلاعات تبدو معدة مسبقاً، فضلاً عن أن القائمين عليها لا يتمتعون بالثقافة المهنية والمعرفة العميقة بحقائق ومعطيات الواقع. وبالتالي فانه ليس من العسير اكتشاف أن نتائج مثل هذه الاستطلاعات هي أقرب الى الأوهام بسبب نزعة التسييس التي يستند اليها الاستطلاع. ولسنا بحاجة الى إيراد أمثلة على مثل هذه الاستطلاعات التي تخدم، في الغالب، أهداف القائمين بها، وهي، بالأساس، أهداف جهات سياسية تمول العملية وتفرض شروطها الساعية الى الدعاية لمراميها الضيقة.
ومن الطبيعي القول إنه اذا لم تكن نتائج الاستطلاعات قادرة على الاسهام في إضاءة الواقع وتنوير العقول فانها ستؤدي، بقصد أو بدونه، الى طمس الحقائق وتضليل الرأي العام.
* * *
الجميع يتبارون في ذمً التسييس والمحاصصات، ومع ذلك يستمر التسييس وتستمر المحاصصات، ولا يبدو أن في الأفق أملاً يلوح. ولعل هذه الازدواجية في التفكير والسلوك هي من بين المفارقات "العراقية" التي لا يندر أن نشهد تجلياتها في الثقافة السائدة في مجتمعنا، وثقافة السياسيين على وجه الخصوص.
بدون أن يرتبط ذمّ التسييس والمحاصصات بتجسيد للمصداقية، وإرادة سياسية وطنية حقيقية، وإجراءات جريئة، فان العملية السياسية لا يمكن أن تتجه نحو المعافاة المنشودة. وستظل الأزمة خانقة، ومعاناة الملايين أكثر مرارة، والتضحيات أكثر جسامة، والمخاطر أعظم شأناً.


طريق الشعب - 11/8/ 2009



#رضا_الظاهر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات - كابوس السرطان !
- تأملات - عطش الرافدين !
- تأملات - حتى تبقى الأجراس تقرع والتراتيل تصدح !
- تأملات - ما من خيار ثالث !
- تأملات - -إشراف- على مصالحة !
- تأملات - لحظة حرية حاسمة !
- تأملات - قصور من رمال بلاد من أوهام !
- تأملات - بلاد مبتلاة بقصص النوائب !
- تأملات - التباس مفاهيم .. تباين امتيازات
- تأملات : جمرة واهبات الحياة .. متقدة أبداً !
- تأملات : مصباحك يضيء الينابيع والرايات !
- في الذكرى التسعين لاغتيال روزا لوكسمبورغ تفاعل -البعد النسوي ...
- الانتخابات.. دروس.. ودلالات
- 90 عاماً على اغتيال روزا لوكسمبورغ - ناقدة الرأسمالية .. مجا ...
- متى تقرع أجراس المحرومين !؟
- تأملات - جديرات بالاصغاء الى أصواتهن العادلة
- تأملات -اجتهاد- اقصاء النساء


المزيد.....




- مصر.. فيديو صادم لشخصين يجلسان فوق شاحنة يثير تفاعلا
- مصر.. سيارة تلاحق دراجة والنهاية طلقة بالرأس.. تفاصيل جريمة ...
- انتقد حماس بمظاهرة.. تفاصيل مروعة عن مصير شاب في غزة شارك با ...
- أخطاء شائعة تفقد وجبة الفطور فوائدها
- وزير الدفاع الإسرائيلي يعلن توسيع العملية العسكرية في غزة، و ...
- إيطاليا تستهل محاكمة أنطونيلو لوفاتو الذي ترك عاملًا هنديا ل ...
- Oppo تزيح الستار عن هاتفها المتطور
- خسارة وزن أكبر وصحة أفضل بثلاثة أيام صوم فقط!
- دواء جديد قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب المفاجئة بنسبة ...
- خطة ترامب السرية


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - في ذمّ التسييس أيضاً !