|
عن القدس .... وعن 48 ...
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 2735 - 2009 / 8 / 11 - 07:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
.....الهجمة الإسرائيلية على المدينة المقدسة تزداد اتساعاً وشمولاً،وهي تجري بمصادقة أعلى المستويات السياسية الحكومية الإسرائيلية،والتي تشكل حاضنة ومظلة وحامية،لكل ما تقوم به الجمعيات والمؤسسات الاستيطانية من أعمل"ارهاب" وزعرنة وبلطجة بحق السكان المقدسين،فبعد أن أقدمت تلك الجماعات على الاستيلاء على منزلي حنون وغاوي في منطقة الشيخ جراح مؤخراً،حتى استباح المستوطنين بحماية الشرطة الحي بكامله،وفرضوا جواً من"الإرهاب" والخوف والذعر على سكان الحي،وتحول المنزلين إلى ثكنة عسكرية للمستوطنين المسلحين وأعمالهم الاستفزازية وحفلات عربدتهم ومجونهم،وفي إطار المباركة الحكومية لمثل هذه الأعمال قام عضوي الكنيست "يعكوف كاتس وأدري أرئيل" من اليمين المتطرف من حزب" الاتحاد الوطني" بزيارة للحي والمنزلين المستولى عليهما،وفي سياق متصل بالهجمة الشاملة على المدينة ،وجدنا أن إسرائيل تضرب عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية،وتضع نفسها كدولة فوق القانون،حيث رفضت بحث أي أمر له علاقة بالقدس مع مبعوث الأمم المتحدة ومنعته من دخول القدس،وقالت أن موضوع القدس هو شأن إسرائيلي داخلي. واضح جداً من الهجمة الإسرائيلية تلك،أن استمرار تعامل المجتمع الدولي وبالذات أمريكا وأوروبا الغربية مع إسرائيل بقفازات من حرير،وعدم إخضاعها للقانون الدولي،وعدم فرض أي شكل من أشكال العقوبات عليها لخرقها الفاضح للقانون الدولي،هو الذي يشجعها على التمادي في أعمالها وأفعالها،وهذا معناه بالملموس أن ما يسمى بمبادرة الرئيس الأمريكي" أوباما " للسلام الإقليمي المنوي طرحها في أيلول القادم ستولد ميتة،فلا جدوى ولا معنى لمثل هذه المبادرة،إذا لم تشترط إلزام إسرائيل بوقف كافة الأنشطة الاستيطانية في كل الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 67 ،وفي المقدمة منها القدس،وأي موافقة فلسطينية أو عربية على مبادرة السلام الأمريكية تلك،يجب أن تشترط اعتراف إسرائيل بأن تلك الأراضي الفلسطينية والعربية،هي أراضي محتلة،وليس تحويل الأرض إلى أراض متنازع عليها والتفاوض عليها كما تريد إسرائيل. وأيضاً من المهم جداً عدم العودة إلى السياسات القديمة البائسة والمدمرة،بالموافقة على تأجيل بحث قضية القدس إلى ما يسمى بمرحلة الحل النهائي،فنتائج هذه الموافقة نتلمسها الآن،إجراءات وممارسات إسرائيلية متواصلة ومتصاعدة ومتعددة الأشكال والألوان،تهدف إلى أسرلة سكان المدينة وتهويد أرضها،وإخراجها من دائرة التفاوض في أي عملية سلام محتملة. وإسرائيل منذ تشكل حكومتها اليمينية المتطرفة،تشن حرباً شاملة على الشعب الفلسطيني،على طول وعرض فلسطين التاريخية،وهذه الهجمة طالت شعبنا وأهلنا في مناطق 48 بشكل كبير،حيث سلسلة من مشاريع القرارات والقرارات التي قدمتها مختلف الكتل البرلمانية الإسرائيلية،والتي تستهدف وجود وهوية وانتماء ووعي وثقافة وتراث وحضارة وأرض شعبنا هناك. ولعلنا نذكر آخر ما تقتقت عنه ذهنية وزير التربية والتعليم الإسرائيلي "جدعون ساغر" من إخراج وشطب كلمة النكبة من المنهاج التعليمي لعرب 48،وفرض نشيد دولة إسرائيل" هتكفاه" الأمل على طلاب المدارس العربية،في معاني ودلالات واضحة،يقف في المقدمة منها شطب هوية ووجود شعبنا هناك،ومحو ذاكرته واغتصاب هويته،وفرض مناهج وتعاليم تعمق من اغترابه وتشوه هويته وانتماءه،ولم يمضي سوى وقت قصير على تلك القرارات،حتى بادر رئيس بلدية عكا المتطرف والعنصري"لانكاري" إلى إصدار أمر إداري يقضي بإزالة النصب التذكاري الذي دشن يوم الجمعة الماضي ويحمل اسم المناضل العربي عيسى العوام. هذا النصب الذي قالت النائبة عن التجمع حنين الزعبي ،أنه شاهد على التاريخ وشاهد على الصمود وعلى فشل سياسات التهويد. وهذا النصب التذكاري للمناضل العوام أيضاً،جاء كخطوة عملية ورد على محاولات عبرنة الأسماء وتهويد السكان للسيطرة على ميناء عكا . واضح أن عمليات التهويد والأسرلة في القدس والثمانية وأربعين حتى اللحظة الراهنة بفعل صمود شعبنا وثباته على أرضه وتمسكه بهويته وثقافته وعروبته قد آلت إلى الفشل الذريع،والحكومة الإسرائيلية كتعويض عن هذا الفشل تلجأ إلى سياسات وإجراءات عنصرية،حيث تمنع إقامة أية أنشطة مهما كانت سياسية واجتماعية وخيرية في القدس،بل وصل الأمر حد منع إقامة بيوت العزاء ليس للشهداء،بل للقادة الفلسطينيين كما حصل في منع عائلتي القائدين جورج حبش وسمير غوشه من إقامة بيوت عزاء لهما في القدس،أما مثل هذه الممارسات والتصرفات العنصرية ضد شعبنا في 48 فتمثلت على سبيل المثال لا الحصر في محاولة شطب أسماء البلدات العربية،وشطب مصطلحات وكلمات في المنهاج الدراسي العربي ككلمة النكبة،ورسم نجمة داود على أسماء الشوارع،وكأنها بتلك الممارسات تريد شطب ذاكرة شعبنا،فلا منع إقامة بيوت العزاء في القدس ولا إزالة النصب التذكاري للشهيد عيسى العوام ستعبرن شعبنا الفلسطيني أو تمحو ذاكرته أو تغتصب لغته أو تزيل ارتباطه بتاريخه وهويته،فهذا الشعب يعيش على أرضه،والذي لم يكن في يوم من الأيام دخيل عليها،بل وجوده عليها سابق لوجود هؤلاء المستوطنين بمئات السنين على أقل تقدير. ان شعبنا يمتلك التصميم والإرادة على أن لا يهجر أرضه ويطرد ويرحل منها ثانية،وهو يزداد وعياً وخبرة ويراكم من النضال والتجارب،ما يمكنه من استمرار النضال والصمود والتصدي لكل محاولة شطبه وإقصاءه ونفي وجوده وتذويب هويته، وما هو مطلوب اليوم من قوانا وأحزابنا الوطنية والإسلامية، وبشكل عاجل وملح،العمل على تصليب الحلقة الداخلية،وهذا لن يتأتى إلا من خلال وضع حد لحالة الانقسام السياسي والانفصال الجغرافي،والتي تشكل أحد عوامل الهدم الأساسية لمشروعنا الوطني وتبديد حقوقنا،وإذا كان ذلك من أولويات شعبنا في الضفة والقطاع،فكذلك ما هو مطلوب من أهلنا وشعبنا في الداخل جماهير وأحزاب،هو صهر كل جهودها في بوتقة واحدة،من أجل مواجهة سياسات التهويد والتطهير العرقي،والحفاظ على وجود شعبنا وصموده على أرضه كأقلية قومية لها هويتها وثقافتها. ونحن على قناعة تامة بأن كل محاولة اقتلاعنا من أرضنا وطمس وجودنا في الثمانية وأربعين والقدس لن يكتب لها النجاح،ما دام لدينا الإرادة والقدرة على الصمود والمواجهة والتصدي.
القدس- فلسطين 10/8/2009 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوباما وخشبة الخلاص ...
-
صحوة وليد جنبلاط ...
-
الى نائل وفخري وأكرم/ عمداء الحركة الأسيرة
-
-جدعون ساغر- يغتصب هوية الطلاب العرب في مناطق 48 ..
-
يا - طالبين الدبس من قفا النمس- ...
-
ارحمونا .....خطب ....أعراس ....أعياه ميلاد وزواج ....خريجوا
...
-
رداً على سؤال الأمريكان لماذا يكرهوننا ...؟؟؟
-
من ذكريات المعتقل يرويها المناضل مروان شاهين- الشيخ فضي-
-
الأسرى مرة أولى وثانية وعاشرة ..
-
ليس دفاعاً عن الجزيرة،بل دفاعاً عن الحقيقة ..
-
مخاطر التجييش العشائري والقبلي والجهوي ....؟؟
-
الخلافة حقيقية وليس خيال يداعب الأحلام ...!!
-
التوجيهي والصنمية ...
-
اليسار الفلسطيني لا بديل عن الوحدة ...
-
التعذيب في السجون الاسرائيلية ..
-
موضة الخطابات الجامعية ...
-
مغ ارتفاع حرارة الصيف ...ترتفع حرارة المشاكل و -الطوش-..ز
-
خطاب نتنياهو خازوق لكل المعتدلين العرب...
-
سعدات في خطر ...
-
يا داره دوري فينا حتى ننسى وتضيع أراضينا ..
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|