أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين تملالي - ساركوزي وإيران وعصر «ازدواجية الخطاب»














المزيد.....

ساركوزي وإيران وعصر «ازدواجية الخطاب»


ياسين تملالي

الحوار المتمدن-العدد: 2732 - 2009 / 8 / 8 - 05:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في اجتماعهم في بروكسل يوم 19 حزيران الماضي، تأسّف زعماء الاتحاد الأوروبي لما يجري في إيران من اضطرابات، وطالبوا نظامها «بضمان حقوق التجمع والتعبير عن الرأي والامتناع عن استعمال القوة ضد التظاهرات السلمية». وتوالت تصريحاتهم الداعية إلى «الإفراج عن المعارضين المعتقلين» (المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل)، والممتعضة من «العنف الذي يُقابَل به كل إيراني يعبر عن آرائه» (وزير الخارجية البريطاني، دايفيد ميليبند)، والمؤكدة على «حق الإيرانيين في اختيار قادتهم بحرية» (الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي).
وكان ساركوزي أكثر الزعماء الأوروبيين صخباً وهو يتحدث عن واجب احترام الديموقراطية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. «طهران تحرم شعبها من أبسط حقوقه الأساسية»، قال في حديث لوكالة أنباء نُشر في 20 حزيران الماضي. وقبل ذلك بأيام، كان قد صرح في ليبرفيل، على هامش مراسيم دفن صديقه عمر بونغو الذي تداول السلطة مع نفسه طوال 42 سنة: «إذا كان نجاد يمثل ثلثي الناخبين فلماذا هذا العنف؟».
وبما أن سجل الزعماء الأوروبيين حافل، لا يُستهان به في الذود عن الديموقراطية في الدول التي تحمي مصالح بلدانهم (الكثير منهم استقبل العقيد القذافي استقبال الملوك منذ أن أعلن توبته النصوح)، نكتفي بعرض بعض المواقف الشجاعة لنيكولا ساركوزي، أكثرهم اهتماماً بنشر ديانة حقوق الإنسان عند الحكام البرابرة، وخصوصاً حكام العالم العربي.
لننظر في مواقف ساركوزي من القادة العرب، ولنبدأ بالجزائر. كان الرئيس الفرنسي أول من هنأ عبد العزيز بوتفليقة بـ«انتخابه» مجدداً في 9 نيسان/ أبريل 2009، ولم ينقص حرارة تهانيه كون الرئيس الجزائري عدّل الدستور بما يعطيه حق الترشح لولاية ثالثة، ولا التزوير الشامل الذي ميز الاقتراع. يومها، لم ير الرئيس الفرنسي داعياً للقول إنه «من حق الجزائريين اختيار قادتهم بحرية»، ولا ضرورة لدعوة النظام الجزائري إلى إطلاق سراح المتظاهرين المسجونين، وما أكثرهم منذ أن بدأ عهد بوتفليقة الرشيد. وقد يرد مفرطو التفاؤل بأن الانتخابات الجزائرية، مهما شهدت من حشو لصناديق الاقتراع، تسمح للمترشحين بشتم النظام بأقذع الألفاظ في وسائل الإعلام العمومية، وأنها، من هذا المنطلق، تغذي أملاً حقيقياً في مستقبل ديموقراطي قريب. ليكن، لكن ساركوزي ليس أقل احتفاءً بصديقه زين العابدين بن علي الذي لم يفز هو وحزبه بأية انتخابات بأقل من 99% من الأصوات.
منذ وصوله إلى الحكم، لم ينبس الرئيس الفرنسي ببنت شفة عن وضع الحريات في تونس الخضراء، وما أتعسه. بالعكس تماماً، قال خلال زيارته للعاصمة التونسية في 28 نيسان / أبريل 2008 إن فضاء الحريات في هذا البلد «في تطور»، وإن «تونس لا ينبغي لها أن تخشى مقارنة نفسها ببلدان أخرى في هذا الميدان». وخلال الزيارة ذاتها، صرح بالحرف الواحد: «لست هنا لأعطي دروساً في حقوق الإنسان»، وهو كلام ما أروعه، فلا أغلى من أمنية توقف الزعماء الأوروبيين عن إعطاء دروس حقوق الإنسان لغيرهم وهم ينتهكونها في كل بقاع الأرض. وقد يُقال إن النظام التونسي تسلطي يزوّر الانتخابات، إلا أن تونس دولة حديثة لا يقوم الحكم فيها على أساس قبلي، وأن لها من المؤسسات ما يمثّل نواة دولة جمهورية حقيقية. ليكن. لماذا إذاً يُستقبل القائد القذافي في باريس كما لو كان حقاً «ملك ملوك أفريقيا»، وينسى أن نظامه عسكري قبلي، لا يعترف بشيء اسمه «انتخابات»؟ لماذا ينصب خيمته أينما شاء في حدائق الإليزيه ويصفه نيكولا ساركوزي بـ«الصديق» الذي يجب استقباله كصديق؟
تونس دولة حديثة تضمن للنساء من الحقوق ما لا تحلم بها باقي نساء العالم العربي، بما فيها حق الإجهاض في المستشفيات العمومية. ليكن. لماذا إذاً يبدي الرئيس الفرنسي في حديثه لوكالة الأنباء القطرية كل هذا الود لزعيم دولة العالم الوحيدة التي تحرّم على النساء قيادة السيارات؟ وهل نسي وهو يشيد بـ«تعيين جلالة الملك عبد الله ست نساء في المجلس الاستشاري» أن السلطات السعودية نصحته بعدم اصطحاب زوجته في زيارته للرياض في 14 كانون الثاني / يناير 2008 تجنباً لمشاكل بروتوكولية لا حل لها في الشريعة الوهابية؟ ولماذا قال بالحرف الواحد في خطابه أمام المجلس الاستشاري الملكي: «في مجال حقوق النساء وحرية التعبير (...) ليس هناك من لا تدهشه التغييرات التي حدثت (في المملكة) خلال بضع سنوات»؟ ما هذه التغييرات؟ هل وضعت حداً لمشاهد الجلد والرجم، وهل أنهت سطوة المطوعين التي لا تضاهيها سوى سطوة مليشيات آيات الله؟
لا ترمي كل التذكيرات إلى لوم الرئيس الفرنسي على قسوته على النظام الإيراني وفرط سماحته مع أنظمة بعضها مثله يقطع الأيدي ويرجم النساء. هي ترمي فقط إلى مطالبته بأن يرفع يده، هو وغيره من الزعماء الأوروبيين، عن إيران وغيرها من البلدان. فعهد الحماية ولّى وكذلك عهد الرجل المريض، وإذا كان من حق شعوب أوروبا مساندة المطلب الديموقراطي الإيراني، فليس من حق ممثلي الرأسماليات الأوروبية التمسح بدماء متظاهري طهران لتمرير مشاريعهم التوسعية في الشرق الأوسط.

ياسين تملالي
كاتب وصحافي جزائري
2 يوليو-تموز 2009



#ياسين_تملالي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السودان على ضوء البترول
- أسطورة -المغرب العربي الكبير- وواقع الحدود
- نيكولا ساركوزي والدين كبضاعة سياسية
- مغالطات عن التبشير المسيحي في الجزائر
- المهاجرون الأفارقة ضحايا «المصالحة الإيطاليّة الليبيّة»


المزيد.....




- أوكرانيا تقول إنها قبضت على صينيين يقاتلان لصالح روسيا.. وبك ...
- ماكرون يقول إن فرنسا قد تعترف بدولة فلسطين في يونيو/ حزيران ...
- زعيم المعارضة التركية يتحدى أردوغان ويؤكد أن النضال -سيستمر ...
- تونس: صناعة الحصير التقليدي تواجه خطر الاندثار
- الحوثيون وسوريا.. روبيو يعلق بعد لقاء وزير خارجية السعودية ف ...
- خبير أمني يحذر.. هذه أهم علامات إصابة هاتفك بفيروس
- إيكواس تُعرب عن قلقها إزاء التصعيد في أفريقيا: ماذا يحدث بين ...
- تواصل الغارات الأمريكية في اليمن.. و-ملايين اليمنيين في خطر- ...
- B?n c? vua h?i t?c 789club – Cu?c s?n kho b?u trên bi?n c?c ...
- الاستخبارات الأمريكية تعلن عن عملية تبادل للسجناء مع روسيا ت ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين تملالي - ساركوزي وإيران وعصر «ازدواجية الخطاب»