جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2727 - 2009 / 8 / 3 - 07:58
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
المساواةُ مصطلح انبثق من الثورة الفرنسية ومن الثورة الصناعية , وهي أن تتساوى الناس في الحقوق المدنية , وانبثقت عن هذه العقيدة عقيدة المطالبة بالمساواة ليس بين الناس أو بين الغني والفقير أو بين الأبيض والأسود وإنما عقيدة المساواة بين الرجل والمرأة .
إننا كما يقول شوبنهور الفيلسوف الساخر : إن أولئك المعجبين بالحضارة يعنون دائما العمارات والشوارع والتلغراف وسكك الحديد.
وهذه نظرة ساخرة إلى الحضارة , فالحضارة الحديثة هي بالمساواة بين الرجل وبين المرأة وليس بين الأسود والأبيض , وحتى نثبت لأنفسنا أننا متحضرين وغير متخلفين يجب علينا أن نساوي بين الرجل والمرأة , فأصل التمييز العنصري والتفرقة العنصرية هي التمييز بين النساء في الحقوق والواجبات , ودائماً يجب على حد قول شوبنهور : أن نحذر الرجل الذي ربه في السماء , إن الرجل الذي ربه في السماء لا يتعالى على البشر وإنما يراه الرجل أنه يتعالى على المرأة لذلك يتعالى الرجل على المرأة.
المساواة في الأعمال المنزلية بين الرجل وبين المرأة لا تقلُ قيمة عن ضرورة مساواة المرأة بالرجل من حيث نسبة الأولاد لها وتعددها بالأزواج, مثلها في ذلك مثل الرجل.
وأعتقد أن هنالك نسبة كبيرة من النساء متعددات في الأزواج سراً فخيانة فراش الزوجية هي تعدد في الأزواج, والمرأة التي تشارك رجلاً آخر في فراشها لا تدعي أنها تخون فراش الزوجية بقدر إعتقادها هي أنها تقوم بالإستجابة لرغبات الجسد والعاطفة عندها .
فغالبية الرجال يتزوجون على نسائهم بسبب رغبات العاطفة والجسد والجنس ,فنسبة الرجال الذين لا تنجب نساءهم لهم أطفالاً قليلي الرغبة بالزواج عليهن,أما الغالبية والتي لديها رغبة التكرار فإنها تنبثق عن أولئك المتعطشون للحب وللجني وللعاطفة الرومنسية, وهذه المطالب البيولوجية الجنس والتعطش للحب وللعاطفة موجودة أيضاً في الأنثى, ويجب على المجتمعات أن تأخذ هذه المسألة بعين الإعتبار.
ويرى بعض الأزواج أنهم يزدوجون في الزواج لكي لا يقعوا في جريمة الزنا الحرام.
حسناً..والمرأة أيضاً لماذا لا تزدوج في الزواج خشية أن تقع في الزنا الحرام؟؟؟؟.
إن المرأة في كل الأديان السماوية وكل الشرائع المدنية محرومة من تعددها في الإزدواج , لذلك ليس لها حلا سوى أن تقوم بالسماح لرجل آخر لكي يشاركها فراشها.
فالرجال مثلاً يزدوجون في الزواج بحجة أنهم يستطيعون الإنفاق على زوجتين, والكل يدعم رغبتهم المجتمع الإسلامي خصوصاً والمؤسسات القانونية , والمرأة أيضاً تستطيع الإنفاق على زوجين وثلاثة وأربعة فما المانع من أن تتعدد؟ طالما أن الإنفاق هو الشرط الذي يجب أن يتوافر فيمن أراد أن يكرر الزواج, كما يكرر وجبة طعام في حفلة بوفيه مفتوح.
طرحي هنا هو من باب التساؤل , فإذا كان الرجل يتزوج لسبب بسيط أو وجيه أو معقد , ووجدت هذه الشروط في المرأة فما المانع من أن تتزوج كما هو الرجل؟
إن مساواة الأنثى بالذكر لا تتوقف على تقسيم الميراث في الأراضي الزراعية وغير الزراعية , إن مساواة المرأة بالرجل يجب أن تنبثق من كل النواحي وليس من ناحية واحدة.
وبالنسبة للحمل تتوقف المرأة عن التكرار لريثما تتم عملية الحمل.
طرحي هنا من باب التساؤل .
إن الرغبة بالتكرار وبالتعدد هي رغبة الجنس البشري, رغم أن هنالك بعض الموانع , غير أن الذي يمارس من قِبل النساء في السر نسبة كبيرة من المكررين والمزدوجين
ونمط العلاقات الأسرية بين المرأة والرجل هي في الأصل كانت منبثقة عن أنماط قديمة من الإنتاج الإقتصادي والمعرفي, تَحكمت تلك الأنماط بعادات وتقاليد المجتمعات القديمة الزراعية والرعوية, وأخذ الرجل دور المالك والحاكم العادل المستبد بالأسرة النواتية(النووية) فأصبح ملكاً على المرأة والأولاد بسبب سعته في الكسب, فهو الوحيد الذي يكسب والمرأة الوحيدة التي لا تكسب لأنها كانت محرومة من العمل , وأدى هذا إلى جلوس المرأة في البيت للعمل المنزلي وأصبحت الأعمال المنزلية من اختصاص المرأة.
أما اليوم فالموضوع قد اختلف فشروط المساواة بين الرجل والمرأة قد حققتها ظروف إقتصادية أهمها نزول المرأة للعمل في المصانع والشركات والأماكن العامة في الأسواق التجارية.
وتحققت شروط المساواة ليس بسبب عمل المرأة وحده, فمن المعروف أن المرأة في المجتمع الزراعي كانت وما زالت تعمل بجانب الرجل , فالفلاحون كانت تنزل نساءهم للعمل معهم في المشتركات الزراعية , لذلك من الملاحظ جداً أن النساء الفلاحات والاقرويات كُن في فنترة الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم لا تعنيهن صالونات النساء المطالبات بالحرية وبالتحرر من مجتمع الرجال , فقد كانت تلك المطالب على أشدها في المدن وليس في الريف, ففي المدن فقط كانت المرأة محرومة من العمل , والعكس صحيح , فقد كانت المرأة في الريف مساوية للرجل العمل , فقد كانت تنزل للعمل في الحقول , وأنا كاتب هذه السطور كنتُ أشاهدُ في قريتنا النساء يبنين البيوت, من الطين, فكن يفزعن مع بعضهن البعض للعمل في بناء البيوت وصيانتها قبل أن يأتي فصل الشتاء, لذلك شروط المساواة بين الجنسين لم تكن مطلباً نسوياً في الريف بل كان مطلباً نسوياً في المدن العربية في القاهرة ودمشق.
وكانت مطالب النساء تقتصر على حقهن في التعليم سواسية بالرجال , ولم تكن كل الشرائح تطالب بهذه المطالبة فقد كانت مختصرة على النساء اللواتي ينتمين لعائلات برجوازية وشبه برجوازية , أي عائلات غنية وثرية نوعاً ما , لأن التعليم ودخول المدارس لم يكن الفقراء يرغبون به للأولاد الذكور فكيف من الممكن أن يسمحوا للإناث بالتعلم ؟!, فالبنت الريفية لم تكن عائلتها تسمح للذكور بالتعلم نظراً لحاجتهم للعمل داخل الحقول الزراعية , وبسبب الفقر وقلة الفاقة وتكلفة التعليم كل هذه الأمور لم تكُ تسمح للفقراء بالتعلم, لذلك المطالبة باتلمساواة كانت مقتصرة على العائلات الثرية التي تستطيع الإنفاق على التعليم , وعند العائلات الفقيرة لو أن التعليم كان بالمجان فإنهم يرفضونه نظراً لحاجتهم للأيدي العاملة معهم في الأعماتل الزراعية.
ولكن شروط المساواة ونوعيتها الجديدة ولهجتها ولغتها لم تتوقف على العمل وحده وحق نزول المرأة للعمل مع الرجل , فهذه المطالب قد حققتها الظروف الإقتصادية للمرأة وللرجل وللمجتمع كله , فالرجل لم يعد بوسعه بعد الإنفاق الأسري , فسعته في الإنفاق قد تراجعت , والله لم يعد يفتح على الرجل أبواب الرزق كما كان يفتحها عليه سابقاً , فاليوم الرجل يطالب لزوجته ولإبنته في العمل وفي حقها أن تحصل على وظيفة مناسبة لكي تستطيع أن تنفق على الأسرة ولكي تساعد الرجل .
وقد تطورت أعمال المساواة ونواحيها فاصبح لها مفهوم (جندري) أي أن المرأة جنس والرجل جنس , الرجل جنس والمرأة ليست جنساً آخر بل جنساً مماثلاً لجنس الرجل في الحقوق والشرائع المدنية , لذلك لها الحق في أن تتعدد في الأزواج وفي أن تخلع الرجل من جذوره (إشروشه), ولها الحق بملكية وحيازة ونسبة أسماء المواليد لها , فإنه من الجائر في مجتمع المساواة في الحقوق المدنية أن نتناسا الحقوق البيولوجية , فالمرأة هي التي تحمل وتلد وتتحمل مضار الحمل والولادة والتعب وهي الأم الوحيدة للإنسان فكيف لايجوز لها أن تنسب المولود لها , وهي التي ولدته من رحمها كما تخرج الماء من تحت الأرض قبل أن تنزل من قبة السماء.
فالأعمال التي تقوم بها المرأة في بيت الرجل لا تختلف عن مهنة وأعمال العبيد, فالعامل أو الخادم يأخذ أجراً على خدمته, بينما المرأة تعملُ في بيت الزوجية بالمجان بل وبالإكراه , فهي مُكرهة على تلبية رغبات الزوج الجنسية والخدمية على تعدد قاعدة الخدمات ونوعيتها , فهي جارية وعبدة وخادمة ومربية فاضلة , ومدرسة للأولاد, ومرشد نفسي وتربوي , وكل هذه المهن يجهلها مجتمع الرجال .
وليس مطالبتي هنا من باب المساواة بقدر ما هي من باب التعلم , فإذا تعلم الأب الأمومة أصبح أكثر حباً ورومنسية , فالمرأة تضحي بكل شيء في سبيل بيتها وأولادها وهذه مهنة لا يحسنها الرجل ولا يقدر عليها , فلو قاسم الرجل المرأة العمل في المنزل , وطبخ للعائلة ودرس للأطفال ومارس مهنة الإرشاد النفسي , لأصبح نموذجاً للعائلة وللعمل الذي يقوم به , فحين يتدرب الرجل على تربية الأولاد وحل مشاكلهم , فإنه بهذا يستطيع وبكل قوة أن يحل مشاكله في العمل ومشاكل زملائه بإسلوب أمومي حنون وعاطفي , يخلو من نبرة القسوة وشعار الرجل (أنا رجل خشن) .
إن خشونة الرجال ليست في الصوت بل هي أيضاً بالقلب إن قلوب الرجال لم تتعلم الإرشاد النفسي والتربوي لأن قلوبهم خشنة وغليظة.
وإن جنسنا البشري هو الجنس الوحيد الذي يملك شريعة عدم المساواة بين الرجل وبين المرأة , فالحيوانات لا تفرق بين إناثها أو بين المواليد , فالبقرة لا تفرق بين المولودين والأفعى وكل الزواحف وكل الطيور , والتمييز وعدم المساواة شريعة وعقيدة انفرد بها الإنسان لوحده وبالتحديد مجتمع الرجال وليس مجتمع النساء,وانبثق شعار المساواة أيضاً من عدم وجود المساواة والدول الشرقية هي أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة بين الجنسين , فوجود أنظمة مستبدة بالمواطن ووجود نظام سياسي قمعي مماثل للنظام الإجتماعي القمعي كل تلك الأمور تؤدي إلى إنتشار عقيدة عدم المساواة .
إن المرأة العربية وهي تعمل في الوظيفة اليوم نجدها أنها أيضاً تعمل في البيت الذي يعدُ سجناً لها ومصنعاً كبيراً تعملُ به بالمجان .
وإن قضية مساواة المرأة بالإزدواج في الزواج كما هو الرجل لا تقلُ قيمة عن مساواة المرأة مع الرجل في المصنع البيتي , فيجب على الرجل أن يأخذ جزءاً من العمل المنزلي , صحيح أننا كرجال غير مدربين وغير مؤهلين على الأعمال المنزلية ولكننا نستطيع أن نتدرب فهذا الكلام غير علمي من أن الرجل لا يستطيع القيام بمهام النساء , ويكشف هذه الإكذوبة ما نعرفه عن أمهر الطباخين , فأمهر الطباخين في العالم من الرجال , وأمهر الحلاقين رجال والمزينين والكوافيرية.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟