|
علي لائحة المنع والتمنع
تامر المصري
الحوار المتمدن-العدد: 2724 - 2009 / 7 / 31 - 09:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
على ضوء الانشغال بما ملأ السمع والبصر، عن القدس وحكاياها، في عامها العربي الثقافي، الذي يحل عليها وهي في أوج التداعي، فيما العرب بها في أوج احتفاليتهم، التي تعطي كلاما ما استطاع اللسان بيانا، دون أن تمنح موقفا، يليق بحجم الكارثة التي تتهدد كينونة عروبة القدس وروحانيتها الدينية، إسلاميا ومسيحيا، جاءني من الكاتبة الأم، نادية عيلبوني في ﭭينا، تعليقا على مقالة سابقة، بصدد القدس، ما يلي: لا أخفيك أنني اعتبر الفلسطينيين والعرب، مسئولين مسؤولية مباشرة عن تحرير يد إسرائيل، لتهويد القدس، وذلك بسبب تلك الفتوى اللعينة التي منعت المسلمين، من زيارة المدينة طالما هي تحت الاحتلال، وذلك على إثر حرب حزيران في 1967. وكذلك الأمر بالنسبة للبابا شنودة الذي حرم زيارة المسيحيين للقدس تحت طائلة الحرمان من بركات الكنيسة، وفي تقديري أن مثل هذه الفتوى وهذا التحريم، كانا عملا أحمقا، سهل على إسرائيل الادعاء بيهودية القدس، والقيام بكل إجراءاتها على هذا الصعيد .. تصور من جانبك لو كان هناك سنويا، ميلونا زائر مسلم إلى القدس، يزورونها على مدار العام، ومثلهم من مسيحيي المنطقة العربية، هل كان بمقدور إسرائيل الادعاء أمام العالم بيهودية القدس!!؟ ليتنا نعمل من خلال مواقعنا وأقلامنا وعلاقاتنا كأفراد، على فك حصار القدس المفروض عليها، من قبل المسلمين والمسيحيين، وهذا أفضل ألف مرة من الصراخ والعويل، وهذا ما سيعطي لعملنا معنى ومغزى، وهذا على الأقل ما سيساعد المقدسين على الصمود المعنوي والمادي، من خلال ما سيدره مثل هذا التوافد، من فوائد اقتصادية وسياسية تلجم إسرائيل، عن الاستمرار في مشروع تهويد القدس ـ انتهى الاقتباس ـ .
لم يكن بمقدور أحدنا أن يطرق بابا، كان من التابوهات في سنواتنا العجاف، في زمن الممانعة، التي سبقت سنوات الهوان التي نعيش في عهد التسويات، ومبادرات الإجماع العربي بالسلامات المرفوضة إسرائيليا، كمثل هذا الاقتراح لما فيه من عقلانية، كان سيسميه البعض تطبيعا، خدمنا فيه دولة الاحتلال بتمنعنا، من حيث لا نعلم، خدمة تفوق ما كان ملتبسا على قائمة تمنياتها قبل نكسة حزيران الطويلة. بيد أن الحراك العربي الإسرائيلي الحالي، مدا وجزرا، سرا وعلنا، يعطينا الحق في مراجعة الذات من منظور مصلحة القدس، التي زفرت أشعارها وشُعارها، في ذروة ألم الاختلاس والاستيطان الذي تتعرض له، من غير حول ولا قوة من أحد منا، سوى أن نزيدها شعرا ونثرا، وفي أحسن الحالات، بيانات استنكار وإدانة، قد تتطور إلى نُصح بالتحذير، يوجهه عقلانيونا إلى إسرائيل من مغبة إسرافها، في حملها القاضي، بوأد القدس في ثوب عروبتها، واستبدالها، بقدس أخرى، لا نسمع عن شكلها إلا في أساطير الهيكل المزعوم، حيث لا عربي فيها، ولا مئذنة ولا ناقوس، عدا أبواق الكنس وأصوات المزامير.
يضيرنا أن تصبح القدس في محبس بوجهين، على لائحة المنع والتمنع، تزداد قسوة إحداهما، كلما اشتدت قسوة ثانيهما، نتفهم دوافع أُولهما الاحتلالي، حتى يجيء وعد أُخراهما، بوعي عربي حصيف، يعمل على فك أغلال القدس التي تتكاثر يوما بعد يوم، بالانفراد والاستفراد العبري، بأهلها وما ملكت يمينها، من ثوابت المكان وعلائم هويته. ويسيئنا أن نفوت على أنفسنا، فرصة للمقارعة والمحاججة، في القدس أو من أجلها، وكأننا في إجازة اختيارية عن نوع راق من أنواع المقاومات، فضلنا أن نكون فيه، عربا ومسلمين ومسيحيين، غائبين عن المشهد، بفعل (الحرد) على إسرائيل، ما دامت تحتل القدس. حتى في توقيت احتفاليتها الثقافية التي ثبتت وعيا، كان ضائعا عند أجيال لم تكن مضطرة للاستزادة عن المدينة، علما ودراية، لم تكن القدس في سلم أوائل العواصم العربية التي حظيت بالتعيين الثقافي، إلا بعد حين، دون أن تشفع لها استثناءيتها في التكوين، ضمن السياق الروحي والديني والتاريخي والثقافي والظرفي الآني، لأن تكون ولكنها صارت.
يحز في نفس ساكنيها أن يكونوا فرادى، في موقع الاستهداف والتصفية والتهجير دون نصير، كلما حز في طول المدينة أو عرضها، حد الاستيطان، لتتقلص حينا فحينا، وشيئا فشيئا، على وقع اندفاع إسرائيلي وإعراض عربي. ليصبح المطلوب فعلا، أن يصحح مجموعنا العربي، مفهومه للممانعة والتطبيع والمقاومة، لتبويبها في الإطار الصحيح، كأن تصبح أكثر فاعلية في مقاطعة دولة الاحتلال، وكل ما اتصل بها، من علاقات وشراكات وتجارات وثقافات وانبطاحات، يقابله تعزيز لمفهوم الرابطة العربية والمؤازرة، التي تأنف في شِقٍ منها النخوة، أن تكون القدس تحت حراب الاحتلال، دون أن تتوجه إليها البصائر، ببصيرة ثاقبة، تفترض في مغزاها، أن يكون الجميع سواء، في القدس، حجيجا وزائرين، مع أهلها، كخط دفاع وحائط صد، منعا لمزيد من الاستفراد العبري المحموم حتى الجنون، بالمدينة، التي نخشى عليها انفصام عروبتها عنها، بعد حين، إن بقيت أحوالها تراوح مكانها.
#تامر_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هٌم فى القدس الكل فيه سواء
-
الآن . . صار عرفات شهيدا
-
الأستاذ باسل ديوب والواقعون فى اللامنطق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|