أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - حب للأبد















المزيد.....

حب للأبد


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2721 - 2009 / 7 / 28 - 07:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان لقانا الأول مثل لقانا الأخير , تركنا الجلسة كاملة ,وأنت وقفت تتحدثين مع غيري وأنا حانق وخجول أقف حائرا بين السماء وبين الأرض , أي بين الشفتين لأقول شيئاً تقدمت منك خطوة بعد خطوة ووقعت لك نسخة من كتابي الأول .

كان ذلك اليوم بالنسبة لي عيداً عاطفياً ألبس به ثياب الفرح في كل عام وأخرج بها للشوارع باحثاً عن الأشياء التي تذكرني بك, السماء ولونها ونجومها وأقمارها والليل والنهار والفجر كله يشعُ من جسمك وانت تشعين منه , تتبادلين مع الطبيعة كل الأدوار وتقلدينها وهي أيضاً تحب أن تقلد شخصيتك , وضحكاتك وبكائك حين تستبدُ بك الأحلام , فتكون الطبيعة أنت , هي تضحك وأنت تغنين في منظر إدراماتيكي جميل , وها أنت حين ينزل االغيث وحين يغمرنا الفرح كما يغمرنا الغيث , وها أنت أتخيلك أمامي حين تخلعين ثيابك للنوم , كما تخلع بعض الأشجار أوراقها في فصل الخريف.

كان ذلك في الركن البعيد دون أن نقول لبعضنا البعض كلمة واحدة , رغم أنني كنت بحاجة للقول أو لقول الكثير الكثير من العبارات , واحترنا في تفسير الظواهر بعد أن إتفقنا على قضايا المرأة والأطفال والشبيبة, إتفقنا واختلفنا دون أن نتكلم مع بعضنا البعض , بعد كل هذا الإتفاق قررنا أن نختلف مع بعضنا وقرر واحد منا أن يخبأ رأسه في الفراش أو أن يضعه حائراً بين يديه الناعمتين , ,والثاني وهو أنا قرر أن يحمل رأسه بين يديه , مغامرٌ أنا وكلاعب سرك أهزه بيدي وأرميه على المقاصل في سبيل الحرية والديمو قراطية , وأن ينادي عليك رأسي في الأسواق والساحات العامة والمناظر الجميلة , فأنا منذ ذلك اليوم وأنا أبحثُ عنك في كل الأشياء الجميلة وفي كل المواسم المفرحة , أبحثُ عنك تحت أشعة الشمس وفي الهواء وفي الأزهار وفي البراعم الطفولية , وأينما أجد شيئاً يتحرك أقترب منه لألمس الروح التي به , وحتى الآن وجدتك في أكثر من روح , وجدتك في أرواح العصافير , وفي أرواح الأطفال الودعين البريئين , أنت بريئة كالأطفال وكالطبيعة , وأنا رجل دنستني الثقافة , فأبحثُ عنك بين الطيور المهاجرة وأبحثُ عنك بين حبات المطر حين تتساقط حبات المطر من فوق خدودي ومن تحت جفوني , ولهذا أنا أتحدى يا عظيمتي كل المجانين زملائي الذين سبقوني بالحب وبالجنون وبالسفر إلى اللاعودة , أأتحدى المجانين زملائي ن يعشقوا معشوقاتهم كما أعشقك أنا , أتحدى الزواحف البحرية والبرية أن تتقن الزحف إلى إناثها كما أتقن الزحف إليك , وأتحدى الطيور في مواسم الهجرة أن تهاجر إلى مقدساتها كما أحبُ أن أهاجر أنا إلى يديك الساخنتين مثل رغيف خبز ساخن في ليلة باردة وماطرة , أتحداهم وأتحدى كل الحيوانات الأليفة والصديقة أن تروي قصة حب كحبي أنا , وقصة عشق كعشقي أنا وقصة وئام وميل وإلتياع كإالتياعي أنا .

أتحدا مصممي الأزياء إذا إستطاعوا أن يرسموا وأن يصمموا لكي قميص نوم كالذي صممته أنا , وألبسته ل (بجماليون) يا بجماليتي الجميلة والوديعة والهادئة اللطيفة كليلة صيف ناعسة.

منذ ذلك اليوم وأنا ألعن وأسبُ وأشتم بالقدر الذي جعلني بعيداً عنك , كيف تريدين مني طوق النجاة , وأنت الآن تتكورين وتستديرين وتحاولي أن ترمي لي بجسمك المستدير لكي ينتشلني , إرتمي فلا تترددي وستلاقين مني العجب العجاب ستفاجئين بقراراتي , سأجعل السنة الجديدة تبدأ من عينيك , وسأجعل عيد النيروز في يوم عيد يبدأ من شفتيك.

في ذلك اليوم فسرنا كل الظواهر وعجزنا بل أنت عجزتي عن تفسير الحالة التي تمرين بها, وهاأنت تقولين هل أنا عاشقة؟
كانا لقانا مثل لقاء الجبناء أو مثل لقاء اللصوص الكل يخبي أشياءه في معطفه أو في جيبه , وأنا بالنسبة لي مددتُ يدي إلى جيبي وأخرجتُ من جيبي الأشياء التي أحبهاوأنت بادلتيني نفس الشعور فأخرجت من حقيبتك (كرت فزت كارد) لك ما زلتُ أحتفظ به منذ عام 2006م .

إسترحتُ قليلاً وأحسستُ بالجوع ,ولكنني نهضتُ مسرعاً للمعركة , حيث تكونين أنت تكون ساحة معركتي , وأنا أشتاق إليك في كل كتاباتي , لو تنتبهين لشممتي رائحتك في كل كلمة أكتبها وفي كل سطر أكتبه وفي كل قصيدة أكتبها من دمي وعواطفي وأشجاني , أنت الآن أعلى من هامتي تقفين حيث أقف وأتمنى في هذه اللحظة شيئاً ما, أتمنى أن أمسك بيديك ثم أعصر منهما رائحة الزهر ثم أقف بين عيونك دقيقة صمت , ومن ثم لحظة وداع أخيرة ومن ثم أنهار بكل قواي على الأرض كما ينهار العبيد أمام أسيادهم وأمام القياصرة , ثم تحملينني بين يديك فأصحو وأنا أشتم رائحة الأنوثة المنبعثة من النهدين ومن ثم أموت ُ في حجرك راضياً ومرضيا , رضي القلب عني ورضيتُ عنه , وأنتهى الزمن الكئيب وبدأنا ندخل عصر الحب الجديد, ألا تلاحظين أن كلماتي عنك أصبحت روايات وأسرار يتناقلها الناس , ومفاهيم علمانية ويسارية ؟ ألا تلاحظين أن الحديث عنك أصبح مثله مثل الحديث عن الحرية والديمو قراطية (والمساواة) بين الجنسين , أو كالمساواة بين العاشقين .
كان لقانا الأول ليس بمحض الصدفة, كل شيء كان مخطط له , جلستُ أنا في الصف الأول بينما كنت أنت في الصف المحاذي لي , لم تنتبهي لعيوني وهي ترقص , ولم تنتبهي لآذاني وهي تحاول أن تسمع منك شيئا , كل شيء كان بمحض إرادتي أنا , كان لقانا الأول عبارة عن مدة يد منك , مددتيها ووضعتيها في يديا وصافحتيني وأنا كعادتي خجلتُ وتلعثمتُ في الكلام رغم أنني ثرثار , عجزت ُ حتى عن شق طريقي بين شابين يحولون بيني وبينك , لقد عجزتُ عن شق الطريق للإمساك بك خشية الوقوع في وحل الأحلام والأوهام والفجيعة .

كانا لقانا الأول أجرأ بكثير من لقانا الأخير على الهاتف وعلى المسجات , كان لقانا الأول مخطط له ومتكتك له من قبلي أنا , تركتُ الناس والآخرين ورحتُ بين الناس أستمع لكلماتك التي لم تقولي منها كلمة واحدة , وها أنا اليوم أفسر ُ كل يوم ما تقولينه وما تكتبينه وحتى أنني أحلل سيكولوجياً ما تقومين بلبسه في كل مرة أراك بها , تختصرين المسافات , ومن ثم تبتعدين عني عامدة متعمدة , أن تتركينني في الوحل لوحدي أحاول أن أفتح الباب الذي عليك ولكنك بكل قوة تصدينه وتغلقينه في وجهي
لو تعرفين كيف يتطاول الأقزامُ علينا في الشوارع والمدن المتعهرة , لو تعرفين كيف نأكل وكيف نشرب السم الزعاف , إن المسؤولية أصبحت مسؤولية الجميع وأنا وحدي يريد أن يفتح الباب ويغلقه , لا أحد يريد أن يفتح لي بابه أو يغلق على شخصي بابي لأنام يوماً وأنا قرير العين فوق وسادة أصنعها ليس من ريش النعام , بل من الغبار الذي على رأسي , أصنعها من خيالاتي وجنوني وثرثرتي , اليوم لم يعد هنالك مجال للأبواب أن تفتح وأن تغلق , اليوم نحن على حافة طريق مسدود , الأشياء مبعثرة والسجادة التي أقف عليها أشعر وكأنها تسحبُ من تحت قدمي شيئاً فشيئا , النجوم التي فوق رأسي أشعر أنها تريد أن تسقط على رأسي , كلي آلام وأحزان , وأحتضن الألم والجرح والباب المغلق , لا أحد يريد أن يفتح لنا بابه , كل الأبواب موصودة , آه لو تعلمين كيف تنبت بنا الأحزان والأشجان حين يمد الليل ُ ظلامه علينا وكأنه غراب موحش كقول إبن خفاجة :

والليلُ كما مد الغرابُ جناحه

وسال على وجه السجلِ مدادُ.

القلق يخيم علينا بل يسكن بنا , لا بل يعشش بنا , وليس القلق بل الإكتئاب , مدننا التي نمشي بها ضيقة, كالبنطال الضيق الذي ترتدينه أحيانا , فكلاهما يخنقاني , بنطالك الضيق ومدننا الضيقة , والشوارع التي نمشي بها ساخنة مثل جسمي المحترق شوقاً إليك, واليوم كأنه يوم من جهنم , حاراتنا تعبت من رائحة البطالة , الناس تجلس على أبواب الدكاكين , وهم مصطفون بجانب بعضهم البعض وكأنهم حجارة شطرنج , وأشعر الآن أن اللعبة قد بدأت وإنني غُلبتُ وانتهيت للأبد .


دخلتُ لتوي مطعما ُ أحبُ الجلوس به , شممتُ رائحتك تنبعث في المكان , حاولت أن أكون المكان , وحاولتُ أن أتحول للزمان , حاولتُ أن أستحيل إلى بساط الريح , حاولتُ أن أفتح الباب ولكن الباب مغلق جداً, طلبتُ أنواع متعددة من الأطعمة إستغرب النادلُ من إسلوبي في الطلب , فقلتُ بيني وبين نفسي : هذا كيف ولو رأى إسلوبي في الأكل , حين أمتص الأضافر وحين أتلعثم بشعر الرأس وحين أمر بيدي على الربع الخالي , ليخرج النفط من جبال أبهى, وجبال الشراة في الأردن, ومع كل ما طلبت يئستُ وأحسستُ بالشبع , لم أذق شيئاً ودفعتُ الحساب للنادل وفوقه بخشيش, وقلتُ في نفسي : صرت كالأغنية المصرية التي تقول :

"طلب إلقهوه وماشربهاش

جبناله قهوه وهو ما جاش

حط تمنها على الطربيزه

قرشين فكه ونص بريزه

واللي طلبها ليه ما شربها؟

وهو ما جاش.

قلت أكيذ وراه مواعيد

ولاّ عشان مشواره بعيد"

متى سنصحوا من أحلامنا وأوهامنا ونرى الحقيقة ؟, من يعذبنا ؟ من يحاول أن يفتح بالسكين الحادة قلوبنا ؟... من هو الذي يحاول أن يشق عصا الحب علينا ويجعلنا في حالة من اللامنتمي واللامنتهي .








#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الازدواج في الزواج
- هل الحبْ ضعفٌ في الشخصية
- خاتم قُدسي على حفة كُرسي
- الاعجاز العلمي في القرآن
- المرأة وقسوة البداوة والقوانين
- ماذا لو كان شكسبير فعلاً عربيا؟!
- مشاكل الناشطات النسويات
- 90% من المسؤولين العرب جواسيس
- ماذا تعرف عن الشيوعية1
- نفاق إجتماعي 1
- زوج مطيع لزوجته
- رسالة حب ليست للنشر
- المرأة متميزة عن الرجل بالعاطفة والحب الكبيرين
- قاطعوا الدول الإسلامية
- حوار ممل يومي بين الناس
- أصل عقد الزواج
- مهنتي
- مساواة الذكر مع الأنثى؟ أم مساواة الأنثى مع الذكر؟
- ديموغرافية السكان وإنعكاساتها على المرأة والرجل
- المساواة بين المرأة والرجل وشروط التأنيث الجديدة


المزيد.....




- الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية: إعلان الأحكام العرفية وحالة ...
- عقوبات أميركية على 35 كيانا لمساعدة إيران في نقل -النفط غير ...
- كيف أدت الحروب في المنطقة العربية إلى زيادة أعداد ذوي الإعاق ...
- لماذا تمثل سيطرة المعارضة على حلب -نكسة كبيرة- للأسد وإيران؟ ...
- مام شليمون رابما (قائد المئة)
- مؤتمــر، وحفـل، عراقيان، في العاصمة التشيكية
- مصادر ميدانية: استقرار الوضع في دير الزور بعد اشتباكات عنيفة ...
- إعلام: الولايات المتحدة وألمانيا تخشيان دعوة أوكرانيا إلى -ا ...
- نتنياهو: نحن في وقف لاطلاق النار وليس وقف للحرب في لبنان ونن ...
- وزير لبناني يحدد هدف إسرائيل من خروقاتها لاتفاق وقف النار وي ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - حب للأبد