|
القدس ساحة المعركة وعنوان الاشتباك
يحيى رباح
الحوار المتمدن-العدد: 2717 - 2009 / 7 / 24 - 10:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حكومة نتانياهو، على رأس وباء التطرف الذي يتفشى في المجتمع الإسرائيلي إلى حد الجنون بدأت الاشتباك مع الإدارة الأمريكية حول الاستيطان في القدس، وتحديداً في كرم المفتي، في حي الشيخ جراح في مدينة القدس، حيث أعلنت إسرائيل أنها ستبدأ في إقامة حي استيطاني جديد، يبدأ بعشرين وحدة سكنية ولا يعرف أحد أين ينتهي. التمويل جاهز، فهناك الثري اليهودي مسكوفتش وأمثاله المئات يدفعون المليارات، وهناك جنرالات الجيش الإسرائيلي أنفسهم المتورطين في عمليات الاستيطان، لأسباب بعضها دينية وأكثرها مادية لأن صفقات الاستيطان في إسرائيل تدر على أصحابها دخلاً أعلى من تجارة المخدرات!!! وهناك أيضاً الجماعات الدينية الأكثر تطرفاً التي تؤمن بأسطورة الوعد الإلهي، مثل جماعة ناتوري كارتا، وجماعة توليديت أهارون، وجماعات الحريدين عموماً، وبعضها وضع أقدامه في داخل القدس منذ سنوات، وأقاموا لهم أحياء داخلها مثل حي مائه شعاريم الذي يسكنه الجماعات الأكثر انغلاقا في المجتمع الإسرائيلي كله. وهؤلاء جميعاً أصبحت شوكتهم أقوى بسبب أن المجتمع الإسرائيلي كله ينجرف بانحدار شديد باتجاه التطرف، وهؤلاء لهم أحزاب تنطق باسمهم، ولهم موالين داخل الجيش الذي أصبحت غالبيته من أبناء المستوطنين. الرئيس الأمريكي أوباما: مستمر في إعلان موقفه ضد الاستيطان في القدس وغيرها، وقد اجتمع مؤخرا مع حوالي أربعة عشر من رؤساء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، لكي يستمليهم إلى صفه، ولكن من يدري كيف ستؤول هذه المعركة، وهل يصمد الموقف الأمريكي أم يدار الخلاف على أساس أنه خلاف عائلي؟؟؟ قبل أيام كان هناك مظاهرات نظمتها هذه الجماعات اليهودية ضد وقف الاستيطان، وضد مجرد طرح موضوع القدس مع أي طرف فلسطيني أو أمريكي على اعتبار أن من حق اليهود أن يبنوا بيوتاً جديدة في القدس وغير القدس، وأن يذهبوا إلى أي مكان حتى داخل منطقة الحرم القدسي، وأن يفعلوا ما يريدون ابتداء من حفلات الغناء الصاخبة عند الجدار الغربي للمسجد الأقصى، أو حتى القيام بمسيرات للشاذين!!! فهذه قدسهم كما يزعمون، وليس لأحد عليهم سلطان فيما يفعلون. القدس في وضعها الحالي: لا تختلف في معادلتها عما كانت عليه منذ آلاف السنين، إنها محصلة لمجمل الأوضاع من حولها فإذا كانت الأمة من حول القدس بخير،فإن القدس تنهض وتستعيد ملامحها الكنعانية العربية الإسلامية، وإلا فإنها تعاني من محصلة الظروف المحيطة بها. والظروف المحيطة بالقدس الآن هي بالفعل ظروف صعبة، فالأمة من حولها بما فيها الفلسطينيون أنفسهم ليسوا في أفضل حالاتهم، فهناك الانقسام الفلسطيني الذي يستمر ويثبت يوماً بعد يوم أن مفاتيحهم ليست بيدهم!!! وهناك الانقسام العربي الذي كلما اقترب خطوة نحو المصالحة نراه يعود ويبتعد خطوات نحو التشتت!!! وليس الموقف الإسلامي بأفضل من ذلك!!! والكل يريد أن يأخذ من القدس ولا يعطيها، والكل يريد من القدس أن تكون هي القربان الذي يقدم على المذبح، وليست العقيدة والتحدي والاختبار التي يقدم على مذبحها القرابين، قرابين العطاء والشهداء والقرارات الشجاعة. ولكي أعطيكم صورة عن الخصم الذي نتعامل معه والعدو الذي نواجهه، دعوني أطلعكم على حادث صغير وقع منذ أيام في حي مائه شعاريم اليهودي في القدس، حيث تم افتتاح مركز للشئون الاجتماعية داخل الحي، مهمته تقديم العون والمساعدة لسكانه من جماعة توليديت أهارون، فقد لاحظت الشرطة الإسرائيلية أن هناك امرأة يهودية من هذه الجماعة تقف على باب المركز وهي تحمل على صدرها طفلاً عمره ثلاث سنوات، طفل غريب الشكل، وصغير الحجم، بما لا يتلاءم مع عمره، سبعة كيلو جرامات لطفل عمره ثلاث سنوات!!! وتظهر على وجهه ويديه علامات تشويه، جاءت الشرطة الإسرائيلية وحاولت الحديث مع المرأة اليهودية، ولكنها رفضت الحديث معهم بدعوى أنها – حسب تعاليم الجماعة – لا تكلم الغرباء!!! واتضح بعد ذلك أن هذه الجماعة من بين تعاليمها معاملة الأطفال بقسوة إلى حد التشويه والتعذيب لكي يصبحوا صالحين، وعندما كانت المرأة محتجزة في مركز الشرطة للتحقيق معها بشأن ما تفعله مع طفلها البائس، فإن أفراد هذه الجماعة قاموا بالتظاهر في القدس، وقاموا بإحراق مكبات النفايات، ومهاجمة العديد من المراكز الحكومية، وتوسعت هذه المظاهرات لتصل إلى العاصمة تل أبيب نفسها!!! أنظروا، هذه عينة من البشر الذين تدفعهم الحكومات الإسرائيلية إلى السكن داخل القدس، وتخصيص آلاف الجنود لحمايتهم، أينما ذهبوا، وتمكينهم من تأدية طقوسهم الشاذة، حيث يتركون كالذئاب السائبة يعتدون على المقدسيين بسبب وبدون سبب!!! هؤلاء هم المستوطنون الذين تسميهم الحكومات الإسرائيلية بالطلائعيين، الذين ينفذون وعد ربهم" ياهوه" بأن يطردوا الفلسطينيين، ويقتلوهم، لتصبح الأرض كلها لهم، يعربدون فيها كما يشاءون. هذه ليست سوى عينة بسيطة من هؤلاء، ولو أردنا التعمق في "المشناه" أي الفقه اليهودي لهذه الجماعات، فسوف نرى العجب العجاب،عن قوم امتلأت تلافيف عقولهم وقلوبهم بكل ما هو كراهية ضد الفلسطينيين، إلى حد اعتبار أن الفلسطيني الجيد جداً هو الفلسطيني الميت!!! وإلى درجة الاعتقاد بأن الفلسطيني لا يستحق الشفقة لأنه لا يشعر بالألم أصلاً!!! بل وصل الأمر بهذه الجماعات المهووسة الطالعة من قاع الخرافات السحيقة، إلى استباحة كل شيء، الحجر والشجر والبشر، الأسماء والأزياء، الماضي والحاضر، الأحلام والحقائق، الذكريات والوقائع!!! وإن خطر على بال أحد أن يسأل كيف يكون ذلك؟؟؟ يأتيه الجواب غير القابل للنقاش إنها وصايا الرب. لعل استطعت أن أوضح لكم الفكرة الرئيسية التي أدور حولها في كل ما أكتبه عن القدس، بأن ما يحيط بالقدس سيء جداً، هابط جداً، مجرد ثرثرة كلام، وليست إرادة مسئولة ، وحين يكون الأمر كذلك، فإن القدس تكون في خطر عظيم!!! ويا قدس يا حبيبة الإله قومي إلى الصلاة.
#يحيى_رباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إمرأة رئيسة صالون القلم الفلسطيني
-
علامات على الطريق-الجبهة الديمقراطية في عيدها الأربعين
-
زمن جديد للبطولة
-
موسم المزايدات الاسرائيلية !!!
-
علامات على الطريق- لا بد من صنعاء. . .
-
ربيع لبنان ربيع فلسطين
-
ربيع لبنان وربيع فلسطين
-
ثلاثية التهدئه والحصار والحوار
-
ماذا نقول ماذا نفعل؟؟؟؟
-
الجبهة الديمقراطية.. شجاعة الرؤية !!!
-
ابتسامة على وجه حزين
-
الهروب إلى الخلاف؟؟؟
-
هنا القاهرة
-
اول الوطن ام اول الكاؤثة
المزيد.....
-
-جزيرة إنستغرام-.. أكثر من 200 زلزال يضرب سانتوريني في اليون
...
-
-لم أتوقف عن البكاء-.. رصاصة تخترق جدار منزل وتصيب طفلًا نائ
...
-
تشييع جثمان حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في 23 فبراير.. وهذا
...
-
-9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش
...
-
الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
-
كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
-
ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
-
نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك
...
-
دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|