شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)
الحوار المتمدن-العدد: 2711 - 2009 / 7 / 18 - 08:09
المحور:
الادب والفن
ولم يبقَ لنا في السفر القتيل سوى حلمٍ ضيّعناه ، نبحثُ في آثار الطريقِ عن نجمةٍ مطفأةٍ أو خطوةٍ متثاقلةٍ في زحام الحياة ، أو عني وعنها . !
لكننا عرفنا أننا ظلّان تصنعهما الشمس ، وحين تأفل ، يعيث بهما الوقت غياباً .
فحلمنا ً بأشياء تبقينا معاً ، والتقينا في المدينة آجلاً .
عرفنا كل ما تُحْدِثه العواصف من تنهّدٍ وعطش ، عرفنا حنين أشجار الصنوبر لعناق الثلج والخيال .
عرفنا أن العمر قصيرٌ والرجوع محال .
وعندما صحوْنا وجدتني وحدي أحرس هذا الليل ، وأفتح أدغال الحياة لتشطب اسمي من سجل الحاضرين .
جعلتُ الكلام ، الأشياء ، الكواكب والشمس أبي وأمّي وإخوتي ،
و طيفها بين ضلوع المدينة المقفرة مهجتي .
أهرب بها من وجع القلاعِ العتيقةِ ، من قريةٍ خلف السور تذبحها عادات القبيلة ، نمَتْ بها رغبة الامتثال حتى استكانت ، فانهار ظلّها ، فحملتها معي طيفاً .
و عدت أرتدي أسمال غيابها ، حتى أوغلت في جسدي الأسلاك الشائكة ، فغبت عن وعيي لأحلم ثانيةً .
لعلّي في ردهة الحلم ألتقي امرأة تشبهها ، في كل سنبلة قمحٍ أنتظر خبزها ، أعبر قرص الشمس أصنع ظلّنا ، وأجمع حطباً للذاكرة ، أخلق التنّور في صدري ، وأحترق لتأكل معي خبز موتنا .
يطبق الصمت ، يولد شيءٌ كالنحيب ، صامتا .
ليس هنالك شيءٌ مفرح في أغنيتي ، أو حلمي أو في الرحيل إلى ذاتي .
كنتُ شجرةً تموت في أرضها ، غصنا في القلب ، كان أخضراً حتى جفّ فيه نبضها فانكسر .
ولا عزاء يا أصدقاء ،
لا عزاء
لا ملح دمعها ، ولا مسارات حزني .
فما من بلبلٍ يشدو ولا أغانٍ في الذاكرة .
بحثتُ في أرضٍ ميتةٍ عن عصفورةٍ تغرّد على غصن شجرةٍ أنهكها خريفها حتى تعذرت في روحي سبل الغناء، وأدركت كم ذبحتني الحسابات الخاطئة .
فقد استبدلت العصفورةُ شاعرها ، وتغيرت معالمها ولم تبقِ لي في ساحة الوعي
سوى لحنٍ وحيدٍ كنت أغنّيه لأهدهدها قبل المنام ، فالخريف طمس كل شيءٍ عدا الانتظار في دائرة البقاء ، لأكتب أني بحثت عنها في لجّ الغابةِ ، في أوج الصراعِ ما بين السور والظلال ، لعلّي أوثّقُ قصة ظلّين غابرين قتلتهما شمسٌ آفلة .
#شجاع_الصفدي (هاشتاغ)
Shojaa_Alsafadi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟