سعد الغالبي
الحوار المتمدن-العدد: 2709 - 2009 / 7 / 16 - 09:08
المحور:
الادب والفن
لازالت أتذكر كيف كان زمن صباي .. أطفال حفاة ، نركض بلهفة خلف سرا ب ، ونحن لا نعرف هل هو سراب؟ ولكن لم نكن نظنه ماء !.. وما هوّ بماء ، وعندما نهجع قليلاً لم نجد من يقول لنا ، ما كنتم تلهثون خلفه كان سراباً ..
وحين يحل الليل لم نجد من يقول لنا ..لازلتم تعيشون أيام الظلمة وسوف أعَلّمكم كيف تعرفون يوم غد حين يأتي ،وإنه سوف يحمل الكثيرحين يكون ..ولكن نحن بقينا نعيش ظلامنا ولم نكن لنعرف معنى للغد ..لذا، وأنك إبن آخر المنقرضين من جيلي .. فلا تكن مثلما كنّا ، نركض دون أن نعرف مانريد في الغد أن يكون.
في زمن صباي لم يكن - من يظن إنه يعطي الحمكة - جالساً بقربنا ليتحدث وهو يتلفت يميناً وشمالا .. بل كان واقفاً يصدر الأوامر ، وكانت أعيوننا اليه تربو كشاهق وهي متوسلة اليه ليرحمها .
ولأن الآخرين صامتين فإن بعض من كُل الكبار الذين كنت أعرفهم في زمن صباي ، لم أسمعهم يوماً يتحدثون عن تاريخ رجل قد أنقذ قومه ولم أسمعهم يتحدثون عن حضارة كانت هنا أو هناك ، بل حدثوني عن باحثين قد قدموا عبر البحار للبحث عن حضارة كانت آثارها تنام تحت أرض قرب بيتي الطيني ، وكان جُل هَمِ من يراهم ، إذ كيف وصلوا ألينا ، وأبعدوا من تفكيرهم ، إنهم جاءو ا ليخبرونا من نحنُ .. ولكنّا أبينا أن نعرف من نحن ، فانبهرنا بما كانوا يعملون ويفعلون ويأكلون ويشربون ، ثم ماذا يلبسون ، فتركونا راجعين من حيث أتو ، فأخذوا المعرفة من تحت الرمال وبقيت حضارتي في الأرض ، وأنا قد خرجت من زمن صباي وأنا فاقد للتاريخ ولا أعرف معنىً للحضارة في قاموس حياتي سوى أن بيتي أهلي كان من الطين وبجواره آثارمن حجرنفيس .
لو كان أحد ممن كنت أعرفهم في زمن صباي قد علمني شيء من التاريخ ، لكنت قد إمتلكت في عقلي شيء يذكرني بماكانوا يعملون في تلك الحضارات التي عاشت على أرضي ،و لفعلت كما فعل السومريون حين بنوا سفنهم من أعواد البردي ولأبحرتْ كما أبحروا لأجلب شيء مما كانوا يحملونه في سفرهم عبر البحار، كي أسترده لزمن صباي الذي كنت أعيشه آنذاك ، وأظن حينها ماكنت في يوم ما لأكون آخر المنقرضين من جيلي ،ولم تكن أنت ياولدي ، آخر من يحمل بقايا صفات جيل المنقرضين.
#سعد_الغالبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟