أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد الغالبي - رواية ... أسوار مملكة السر (الفصل الأول)














المزيد.....

رواية ... أسوار مملكة السر (الفصل الأول)


سعد الغالبي

الحوار المتمدن-العدد: 2708 - 2009 / 7 / 15 - 08:01
المحور: الادب والفن
    



أعلنت الديكة نهايةَ الليلِ ، حين بدأ صياحها يعلو ، آذنة بقدومِ لحظات الفجر , ووميــــض السماء القادم من مكان ٍبعيد في علوٍ غير معلوم في ساعةِ الليل الأخيرةِ ، ذلك الوميض الذي يكشف عن بيوت القرية المزدحمة , وكأن بناتها قصدوا ذلك , خشية منهم أن تجثوا جدرانها على ِ الأرض .
ومن شباك عتيق ، من غرفة مبنية من الطين تسلل الضوء الى الخارج ، كاشفاً عن سيل المطر القـــادم من الأعالي .
في تلك الحجرة حيث لم يكن أبا فاضل ليعلم كيف اِستيقظ من منامهِ .. هل صوت الرعدِ وزخات المطر المرتطمة بسقفِ حجرته المصنوع من حصائرِ القصبِ وأعمدةِ الأشجارِ الملتويةِ ؟ أَم صوت مؤذن القرية وهو يدعو للصلاة حين بدى عالياً رغم كلِّ شيءٍ - فسيان الأمر لديه - حيث كلا السببين هي دعوة الى الله.
جلسَ أبو فاضل على سريرهِ الخشبي المصنوع من جَريد أشجار النخيلِ وبدأ يصغي باِنتباه شديد وكأنه أراد أن يعرف ، هل توقف المطر ..ولكن لضربات قطرات المطر النازل على سقف الحجرة , تلك القطرات التي أحسها ثقيلة حيث كانت تحدث صوت يشبه قرع طبول قادم من مكان بعيد .. ؟ .. عندئذ أيقن إنها لم تتوقف .
لازالت الغيوم مثقلة ولابد لكل شيء أن ينزل الى الأرض ..ولكن أراد أن يختبر أرض حجرته ، هل تسلل ماء المطر ، ذلك الزائر الشتوي الى قرب سريره ؟
بساقيهِ المتأَرجحتينِ من أعلى السريرِ بدأ يلامس بقدميهاالعاريتين وجه الأرض البارد حيث بدى بارداً كبرودة الشتاء خارج الحجرة.. فهو يعرف أن الشتاء القادم هذه السنة بارد .
تمتم قائلاً : حسناً.. ولكن أين أصبح ..
بدت قدميه وكأنها تبحث عن شىء قد ضاع منه ،عبثا كان يحاول ، فهولايعلم أين وضع نعليه , تلك كانت مشكلته ,وإحساس بالعجز يراوده عند كل فجر جديد منذ أن فقد بصره ... حيث إنه الآن أعمى ولكنه يواسي النفس دائماً حين يحتال عليها معللاً لذلك بفقد بصره ايام الطفولة .
شعور بالألم قد تملكه ، ونفذ في قرارة نفسه، ذلك الشعور الذي طالما أخفاه عن الآخرين ..أما الآن فهو وحده , إلا مع ربه , الذي يعلم كل شيء عنه..إنه في ساعات الفجر ، وكان إعتقاد قد تولد لديه من قديم إن الله يستجيب للدعاء حين يحل الفجر .
إستطاعَ ابو فاضل أن يخرج بنفسهِ من دوامةِ الدوران في دائرة الألم تلك , متحّدثاً الى نفسهِ وهو يقول :
ـ ان الأنسان يُختبر في هذه الحياة ، وإني لأظن , إني الآن وسط هذا الأختبار ، ترى هل أستطيع اجتيازه , أعلم أن ثمة أشياء تحدث للإنسان في هذه الدنيا , إما أن تجعله ضعيفا واهنا, أو قوي ولكن أظن انني قوي حين أستطيع التميز بين الأشياء ... ولكن كيف ؟! .
تبسم أبو فاضل بسخريه ـ وهو يتكا على راحة يديه الممدودتين بجانبيه ـ حين أدرك أن خياله يقوده الى حيث تكون مساعدة الآخرين منتفيه بالنسبة له, فأدرك بضرورة استدعاء زوجته ( حليمه ) حتى تتمكن من مساعدتهِ , وبصوتٍ منخفص ، راح يتلفظ بإسم زوجته في المكان مراراً ,
- حليمه ... ياحليمه ؟
كان يظن قربها لأنها تعودت النوم على الأرض ، وبالقرب من سريره ، ولكنه عَلِمَ إن زوجته لم تكن متواجدة في مكانها ، عندها صمت عن الكلام وهو ينتظر قدومها.
صوت باب حجرتة الخشبي القديم وهو يفتح - قد إنتخب صوت الصرير، متعللاً ببرد الشتاء ، حين يجعل الأشياء متماسكة - جعل أبا فاضل يستدير بوجهه ناحية الصوت , وراح يسمع خطوات القادم .
أدرك أبو فاضل بحاسة الشم ، إن عطرالمِسك الذي ملأ المكان يأتي دائماً, عندما تحضر زوجتة، فحليمة كانت تسمح جلدها بذرات من رماد ذلك العطر ..ربما لكي يشعرها بإنوثتها التي بدأت تفارق ذلك الجسد.
كان ضياء القنديل الموضوع على رفٍ ملتصقٍ بالحائطِ , يكشف ثناياجسدها الممتلأ المحافظ على يقايا من الإنوثة .. يكاد ثوبها - الأزرق المطرز بورود بيضاء كبيره - يتمزق عندما تخطو .
ثمة إحساس شعرت به حليمه أثناء دخولها الحجرة , كتمته ولم تفصح عنه , وحين إتخذت طريقها ـ كانت تلتزم الصمت ـ متوجهه ناحية النافذة ذات الخشب العتيق .. هناك عند ذلك الشباك فعلت ما أرادت وأفصحت عن السر الصغير لذلك الكتمان ، حين فتحت النافذة .


أحسَ أبو فاضل بلسعةِ الهواءِ الباردِ يلفحَ وجهه , لقرب النافذه من سريره ، فأمال وجهه جانبا وهو
يتمتم :- ماالذي فعلتيه ياامرأه ؟
قالت حليمه :
- هواءالحجره يبعث بالنفس ضيقا ، أحاول أن أبدد هذا الشعور ! .
قال أبو فاضل :
-انه الشتاء بأولهِ ،وأوله’ يحرق كما سمعنا ، ثم إن الوقت لازال فجرا بالله عليك إغلقي الذي فتحتيه وإقتربي لتحضري نعليَّ .
قالت وهي تمتثل للأمر:
-الأمر لك ،وهل غايتي إلا راحتك .
قال أبو فاضل وزوجته تتقدم نحوه :
- من أين تأتي الراحة ؟ الراحة ونحن في خصام منذ أمد بعيد!!
انحنت حليمه بالقرب من قدميّ زوجهها ،وراحت تبحث عن ضالتها ، حين وجدت ما أراد زوجها...قالت وهي تنظر الى تلك القدمين :
- انتعل نعليك ... أما أنا فقد بدأ مشواري بالعمل..... كما هو كل يوم .
اعتدلت في وقوفها وراحت تنظر الى زوجها.......فأردفت قائلةً :
-المطر توقف ، أظن ان المطر توقف.
قال أبوفاضل :
- السماء ملبده بالغيوم ، إني أشم ذلك ، وما دامت هذا حالها ،سوف تظل الأبصار شاخصه نحوها ولا يتسلل الهدوء الى النفوس لكي تصبح مطمئنه حتى تكتمل بهجة الصحو .
أمسكت الزوجه بذراع زوجها وبدآ يخطوان معا عدة خطوات قد حفظها الزوج على ظهر قلبه وعندما توقفا في ذلك المكان وجد الزوج ماء الوضوء،حيث حليمه التزمت بوضعه قبل ذهابها للنوم, ودون أن يلامس جسده الأرض بأستثناءقدميه،عندها..... راح يكمل وضوءه ، رمقته زوجته بنظرة إحترام وانصرفت حليمه خارجة من الغرفه حين شاهدت زوجها قد شرع بالصلاة.



#سعد_الغالبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث في سلسلة طويلة ... أنا رجل (2)
- حديث في سلسلة طويلة ... أنا رجل


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد الغالبي - رواية ... أسوار مملكة السر (الفصل الأول)