أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمزه الجناحي - الدار معروضة للبيع














المزيد.....

الدار معروضة للبيع


حمزه الجناحي

الحوار المتمدن-العدد: 2707 - 2009 / 7 / 14 - 05:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ربما فقط من ياتي الى العراق زائرا او مدعوا او عراقي جاء الى اهله بعد فراق يستغرب من قراءة هذه الجملة على الدور السكنية وبكثرة ملفتة للنظر وليس في حي واحد او قصبة او في مدينة واحدة بل يقرأ هذه العبارة في المدن قاطبة تقريبا وبكثرة ,,
اكيد من يعرف العراقي جيدأ يستغرب اكثر كون العراقي له طبيعة مختلفة عن غيره لحبه وعشقه لوطنه وصداقاته وانتمائه لبيئته وطفولته وحنينه الكبير عند السفر لتلك البيئة فهو غير مستعد بهذه السهولة ان يضع عبارة الدار معروض للبيع على واجه بيته اذا لم يكن هناك اسباب تفوق كل تلك العناصر الانتمائية لذالك المكان او البيئة واذا كان ذالك المكان قد ولد فيه هذا المواطن ويعرض للبيع داره فلابد من وجود سبب قهري عظيم يجعله يضع مثل هذه الجملة التي اقل مايقال عنها انها جملة ثقيلة على من يقراها وعلى من كتبها وهو يذرف الدمع ويده ترتجف او انه كلف احدهم ليكتبها نيابة عنه ,,,
فالجار عزيز والشارع والطفولة والذكريات كلها ستلف بقطعة قماش وتدفن باحدى زوايا ذالك البيت الذي ورثه عن ابيه عن جده ووجد نفسه وهو يستطيع ان يعد الارقام ليعد ويحسب كل قطع الاجر الذي قضى السنوات وهو ينظر لها او قطع السقف المبني من جذوع النخيل او حتى عدد الثقوب التي يخرج منها النمل في حجرته انه التاريخ كله يتركة ويطويه وهو يكتب تلك العبار المشؤومة (الدار للبيع) وينظر له الجيران وهو يخط تلك العبارة ليجد نفسه وقد انقلب عليه الحي ليستفسر عن معنى تلك العبارة الغريبة التي خطها على جدار داره ...
كانت تلك العبارة نادرا ماتكتب واذا اراد صاحب تلك الدار أي دار ان ينتقل الى مكان اخر بسبب عمله او بسبب انه قد أرتقى لينتقل الى محلة اخرى لم تكتب تلك العبار بل يكلف احد الباعة ليبيع الدار ودائما ما كان البائع عندما يساوم المشتري لا يذكر له جودة البيت او نوعية الطابوق او انه قد بناه على يديه او انه قد زرع عدد من النخلات الخستاويات لا يذكر له كل ذالك بل يذكر له انه جاره من هذه الجهة هو فلان الفلاني وهو جار عطوف ومحترم وامين وكذالك الجار من الجهة الاخرة ويبدأ يرغبه لوجود الجيران هكذا هو حال العراقيين عندما يريد ان يبيع بيته او مملكته ...
هذه العبارة بدات تظهر كثيرا في العراق في السنوات العجاف سنوات الحروب والعبثيات ومنذ سنوات القرن الماضي والحرب مع ايران ازدهرت هذه العبارة في مدينة البصرة عندما بدأ القصف الايراني يطال المدنيين العزل فغادر الناس قراهم ومدنهم وتوجهوا نحوا الشمال وعيونهم تبكي لفراق كل ذالك الخزين ومنذ تلك السنين اصبحت هذه العبارة المشئومة تملأ الجدران وتشعر في بعض الاحيان وكانك ستمر بعد حين من الزمن على هذه المدينة لتراها خاوية على عروشها لأن الجميع يريد مغادرتها على الرغم من عراقتها وعلاقات اهلها الصميمة والتراحم والتصاهر في ما بينهم ,,
واستمر الحال واصبحت مصائب قوم المغادرين فوائد لدى الباعة والدلالين لتعود هذه العبارة ثانية في هذا القرن الذي ولد مقتولا في العراق ولكثرة هذه العبارة بدأ الاطفال يتعلمون حروفها قبل ان يعلمهم المعلم حروف القراءة الخلدونية ويبدأ بقراة
دار ,,
داران ,,
دور ,,
لكنه لم يذكر لأطفال الصف الاول ان تلك الدار او الدران او الدور قد باعها اهلها وهجروها وذهبوا الى مدن بعيدة بعيدة ربما خارج مدينتهم او بلدهم ..
هكذا يعيش العراقيون اليوم وفي المدن العراقية الساخنة اليوم تتعجب عندما لا ترى ان احياء بكاملها قد عرضت للبيع وانا الناس قد ماتوا وهم يكتبون تلك العبارة الدخيلة ..
فلقد باع العراقي بيته في ايام القحط والحصار وكتب على جداره الخارجي ابيع داري لكي اعيش واطفالي ولا اموت بسبب يد تمد الى جاري ...
وفي ايام التحرير كتب العراقيون على جدران بيوتهم ابيع داري لأن جاري لا يريدني ان اعيش بقربه ووجدني اليوم احمل جرثومة مرضية اسمها شيعي او اسمها سني ,,
فالامر سيان اذا كنت شيعي فانت تحمل مرض العصر المعدي
واذا كنت سني فانت تحمل جرثومة مرض العصر المعدي
او مسيحي وما اكثرلا الدور التي كتب المسيحيين عليها الدار للبيع
فالجاران هاجرا كل الى وجهته والمجهول يتربص بتلك الدور التي اضحت فقط عبارة عن جدران لا حياة فيها...
درت في الارض من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها وفي اصقاعها الجليدية والاستوائية فلم اجد عبارة
الدار للبيع الا في وطن اسمه العراق .



#حمزه_الجناحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الاعتداءات المتكررة على الإعلاميين والكتاب والمثقفين
- حب .. في زمن الشيخوخة
- كيفية التخفيف او ايقاف العواصف الرملية والترابية ؟
- كنا ملاييناً أما الآن فأصبحنا بضعة آلاف ...
- هل هو ضعف ..ام خوف ..ام جبن ..انها أرواح ناس
- وقفة تأمل عند صيدلية لشراء دواء
- سد الموصل آخر السيناريوهات التراجيدية العراقية
- الطفولة العراقية ... اغتيال الفتيات الصغار بمرض سرطان الثدي ...
- الطفولة العراقية ...واغتيال الفتيات الصغار بمرض سرطان الثدي ...
- نبوءة العراف..عودة ارض الميعاد ..دستور الإقليم اول الخطى
- بعد سنوات ست جاءت جولة التراخيص الأولى
- جولة التراخيص الأولى…بين الاعتراض القبول
- الفتاوى التكفيرية...أين كانت ..ولماذا الآن جهارا...وما انعكا ...
- الفتاوى التكفيرية...أين كانت ..ولماذا الآن جهارا...وما انعكا ...
- حتى السيد المالكي لديه ملفات فساد لكنه لا يريد فتحها حتى لا ...
- وزراءنا يستعدون لتقديم استقالاتهم
- الانتخابات الإيرانية...صورة جديدة لثورة جياع الديمقراطية
- متى يقدم أصحاب الشهادات المزورة إلى القضاء ؟
- بين صراع القوانين وتفتق قريحة المشرع...ضاعت شريحة المفصولين ...
- علماء من أمتي ..الدكتور كاظم المقدادي


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمزه الجناحي - الدار معروضة للبيع