أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساهيمي محمد - أسس الصراعات على السلطة في إيران















المزيد.....

أسس الصراعات على السلطة في إيران


ساهيمي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2706 - 2009 / 7 / 13 - 08:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتواجه في الصراع بقمة الدوائر الحاكمة بإيران زمرتان لهما تصورات مختلفة جذريا للجمهورية الإسلامية حسب محمد ساهيمي. ثمة من جهة ورثة الخميني ، المدافعين عن تيوقراطية [حكم رجال دين] دستورية، ومن جهة أخرى أصوليون مدعومون من حراس الثورة، يسميهم خاتمي " تقليديون ضيقو الفكر ما زالوا بالعصر الحجري". وبنظر أتباع أية الله مصباح يازدي هؤلاء " لا يهم ما يفكر به الناس، فهم أكباش جاهلة".




العالم برمته معجب بالإحداث التي جرت في إيران خلال الأسابيع الأخيرة. شهدنا أولا حملة انتخابية شرسة صعد فيها في استطلاعات الرأي المرشح الإصلاحي مير حسين موساوي. وجرت تجمعات هائلة عبر إيران دعما لترشيحه . ولأول مرة منذ ثورة 1979، بدا الإيرانيون والمنفيون متحدين في السعي لإبعاد الرئيس محمود احمدي نجاد.

يوم 12 يونيو، بعد ساعة من انتهاء الاقتراع، استدعت وزارة الداخلية هيئة أركان موساوي لتخبره بأنه سيفوز وان عليه أن يعد تصريحا بالفوز دون نبرة ظفراوية كي لا يثير مساندي احمدي نجاد. ثم فجأة تغير كل شيء. حل العديد من قادة حراس الثورة بمقر حملة موساوي و قالوا إن حملته كانت نوعا من "ثورة مخملية" وأنهم لن يسمحوا بانتصاره. ثم اعلنت نتائج الانتخابات المزورة، لتطلق المظاهرات المتواصلة حتى اليوم.

لكن ما هي السلطة الفعلية خلف هذا الانتخاب الرئاسي المزور، الذي اعتبره ناطق باسم موساوي " انقلابا انتخابيا"؟ على العموم يجري اعتبار المرشد الأعلى اية الله علي خامنئي، بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة الإيرانية، قائدا لهذا الانقلاب. لكن المسألة اشد تعقيدا.

منذ تعيينه قائدا عاما لحراس الثورة الإيرانية قبل 3 سنوات اعتبر اللواء محمد على جعفري أن ثمة "خطرا داخليا" يهدد الثورة الإيرانية. لا بل أعاد تنظيم الحرس لجعله أكثر استعدادا للتصدي لأي تمرد. ومن جانب آخر قبل أيام من انتخابات 12 يونيو اتهم العميد يد الله جفوي، المسؤول عن القيادة السياسية لحراس الثورة، موساوي وإصلاحيين آخرين بمحاولة إطلاق ثورة لون ( استعمل موساوي اللون الأخضر ركزا لحملته)، وحذر أن الحرس " سيخنقها قبل ميلادها". مدبرو هذا الانقلاب هم في الواقع أعضاء القيادة العليا لحرس الثورة الإيرانية. إنهم يمثلون الجناح اليميني للجيل الثاني من الثوريين الإيرانيين.

جيل الثوريين الثاني هذا كان عمره 20 سنة إبان الثورة الإيرانية عامي 1978-1979. انضموا إلى حرس الثورة مباشرة بعد الثورة وخاضوا حربين ضاريتين في سنوات 1980: ضد قوات صدام حسين التي كانت اجتاحت إيران في سبتمبر 1980، وضد قوات مجاهدي الشعب، وهي مجموعة إسلامية مسلحة كانت معارضة للشاه. عندما شرع مجاهدي الشعب في اغتيال القادة الإيرانيين في يونيو 1981، خاض الثوريون الشباب معركة دامية ضدهم، وقتلوا منهم الآلاف، وأجبروهم على اللجوء إلى العراق حيث تعاونوا مع صدام حسين. وتصنف وزارة الخارجية الأمريكية مجاهدي الشعب منظمة إرهابية.

وباستعمال الحرب مع العراق ذريعة، ساعد الثوريون الإسلاميون الشباب زعماءهم – اية الله الخميني، اكبر هاشمي رفسنجاني ( الذي انتخب رئيسا لإيران ولايتين في 1989-1997 وظل شخصية سياسية قوية)، واية الله خامنئي ( الذي كان رئيسا في سنوات 1980) وغيرهم – على فرض قمع سياسي شديد في إيران، ادى الى القضاء على كل المجموعات السياسية العلمانية بالساحة السياسية الإيرانية، مصيبين تطور الحياة السياسية بالبلد بضربة رهيبة. انتهت الحرب مع العراق في يوليو 1988. ساند الكثير من الثوريين الإسلاميين الشباب إعدام آلاف السجناء السياسيين في سبتمبر 1988 او لزموا الصمت ولم يحتجوا. ثم توفي آية الله الخميني في يونيو 1989. آنذاك انشق الثوريون الإسلاميون الشباب إلى معسكرين.

كان معسكر اليسار الإسلامي يعتبر إيران بحاجة الى سياسة انفتاح لإنهاء القمع الشرس لسنوات 1980. كان العديد من عناصر هذه المجموعة متحدرين من جهاز الاستخبارات وبالتالي كانوا على علم تام بما يجري في المجتمع ويستشعرون خطر انفجار اجتماعي وثورة مضادة. إنهم من باتوا قادة حركة الإصلاح. الثوريون الشباب في المعسكر الآخر كانوا محافظين. بعضهم، مثل الجنرال جافاني والجنرال جعفري، ظلوا في حرس الثورة الإيرانية بعد الحرب. وآخرون، قادمون من حرس الثورة، مثل الرئيس احمدي نجادـ ووزير الداخلية صادق محصولي، و مساعده الرئيسي كارمان دانيشجو ، الذين كانوا يشرفون على الانتخابات، انضموا إلى الإدارة.

وكان لوفاة اية الله الخميني نتيجة أخرى على المدى البعيد ما زالت أثارها ماثلة اليوم. فقد أتاحت لمجموعة إسلامية رجعية الانبعاث. هذه المجموعة ، المسماة جمعية حجتي، تأسست في سنوات 1950 وكانت معارضة بشراسة للديانة البهائية والإسلام السني. و اشتغلت حتى مع مصالح الاستخبارات الشاه لمحاربة انتشار الشيوعية في ايران. كما عارضت ثورة 1979 ومفهوم " ولاية الفقيه" (حكم فقهاء الإسلام) الذي طوره اية الله الخميني ويشكل أساسا لدستور إيران والنظام السياسي. منع اية الله الخميني مجموعة حجتي في 1983 وكان صرح بهذا الصدد " إنهم عاجزون عن تسيير مخبزة، ناهيك عن بلد".

وبعد عودة ظهورهم مطلع سنوات 1990، لم تستعمل أبدا تسمية حجتي. بدأ أعضاؤها يدعون إلى حكومة إسلامية برئيس غير منتخب، بدلا عن جمهورية إسلامية. زعيمهم الحالي هو آية الله محمد تاغي مصباح يازدي، رجل دين رجعي من أنصار الخط المتشدد، الذي عارض صراحة كل انتخاب وهو الأب الروحي لأحمدي نجاد. صرح اية الله مصباح " لا يهم ماذا يفكر الناس، إنهم أكباش جاهلة". يعتبر أن القائد الأعلى مختار من الله، وان مهمة آيات الله ، الأعضاء بمجلس الخبراء ( هيئة دستورية تختار القائد الأعلى) تتمثل في اكتشافه. اعتبر الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي أنصار اية الله مصباح " تقليديين ضيقي التفكير، ما زالوا بالعصر الحجري".

ومن أنصار آية الله مصباح ثمة وزير الاستخبارات غلام حسين محسني ومجتبى هاشمي ثمره ( مساعد لاحمدي نجاد) واحمدي نجاد ذاته. وفي الواقع كان كل وزراء الاستخبارات الإيرانية منذ الثورة تلاميذ لآية الله مصباح وتابعو دروسه في قم. والعديد من كبار قادة حرس الثورة هم من أنصاره. كما أن الباسيدجي، مجموعة شبه عسكرية، يتحكم بها حرس الثورة، مخترقة بقوة من طرف أنصاره، وكلك السلطة القضائية. ومنذ أن كان رئيسا في 2005، استعمل احمدي نجاد كلمات اية الله مصباح متحدثا عن " حكومة إيران الإسلامية" بدلا عن "جمهورية إيران الإسلامية".

الرجال المدبرون لهذا الانقلاب الانتخابي هم إذن الجيل الثاني من الثوريين، أبوهم الروحي هو اية الله مصباح. قبل أسبوعين من الانتخابات نشر مصباح فتوى سرية - كشف مضمونها بعض أعضاء وزارة الداخلية- تسمح باستعمال كل الوسائل لإعادة انتخاب احمدي نجاد ، مرخصا بذلك لتزوير الانتخابات. لكن ما هي أهداف هذا الانقلاب؟ يبدو أن له 3 أهداف. احدها تطهير الجيل الأول من القادة الثوريين، بما فيه أهمهم، الرئيس السابق رفسنجاني. منذ أن هزمه احمدي نجاد في انتخابات الرئاسة 2005 التي أثارت الكثير من السجال، أصبح ومناصروه أعداء الداء لرفسنجاني و أنصاره. أعلن رفسنجاني انه يعتبر احمدي نجاد مضرا بالمصالح القومية لإيران بسبب سياسته الخارجية، و لغته ضد إسرائيل وتصريحاته النارية حول محرقة اليهود.

لكن الخصومة ضد رفسنجاني لها أيضا بعد اقتصادي. فرفسنجاني وأسرته أغنياء على نحو فاحش ويؤيدون اقتصادا عصريا. ومثلما وطد احمدي نجاد سيطرة حرس الثورة على إيران بتعيين أعضاء مجلس الوزراء، وحكام الأقاليم، والجنرالات، وعمداء المدن من بين أعضاء حرس الثورة، يسعى كذلك إلى تعزيز سطوة حرس الثورة على الاقتصاد الإيراني. في ظل حكمه فاز حرس الثورة بأكثر من 10 مليار دولار من العقود في السنوات الأربع الأخيرة. يريد حرس الثورة إلغاء منافسة رفسنجاني وأنصاره. في خطاب " فوزه" يوم الأحد 14 يونيو لم يشر احمدي نجاد قط إلى آية الله خمنائي ولا إلى الجمهورية الاسلامية . هكذا مثلما حافظ دينع كسياوبينغ وخلفاءه على صور ماو تسي تونغ وحافظ ستالين على صور لينين، مع العمل ضد ما كان ماو ولينين يدعوان إليه، سيحافظ الجيل الثاني من الثوريين على صور اياة الله الخميني ( وكذا خامنئي) مع العمل ضد تعليماتهما ، حتى أشهرها : " مقياس (قبول رجل سياسة ) هو تصويت الشعب".

يتمثل الهدف الثاني للانقلاب في تقريب البلد من حكومة إسلامية يمكن بها تزوير انتخابات بلا دلالة ، ما سيدمر المظهر الجمهوري للنظام السياسي الإيراني. هذا ما أدركه الاصلاحيون وكذا غالبية الشعب الإيراني، وهذا ما جعلهم يقاومون تزوير الانتخابات. لكن قادة الانقلاب لم يكونوا يتوقعون هذه المقاومة. الهدف الثالث هو الشروع في الاستعدادات لاستبدال آية الله خمنائي المريض برجل يحظى بثقتهم. يرأس رفسنجاني مجلس الخبراء الذي يختار القائد الأعلى. وبالنظر إلى دوره الهام في الثورة ونفوذه، سيقوم رفسنجاني بدور حاسم في سيرورة الخلافة هذه. وهكذا إذا أمكن إزاحته سينفتح الطريق لأية الله مصباح يازدي أو احد تلاميذه ليصبح مرشدا أعلى .

انه انعطاف في تاريخ إيران المعاصر، وحتى الشرق الأوسط. اذا نجح جيل الثوريين الثاني ستدخل إيران مرحلة قمع سياسي قصوى، ستسهل أكثر على حزب الحرب واللوبي المؤيد لإسرائيل ممارسة الضغط لإقناع الرأي العام بوجوب حل مسألة برنامج إيران النووي إن بضربات عسكرية.

لكن إذا أفلحت الاحتجاجات في إلغاء الانتخابات المزورة، فستتاح فرصة ذهبية للإصلاحيين والمجموعات الديمقراطية لتقريب إيران بسرعة اكبر من نظام سياسي ديمقراطي، ما سيكون حاسما لاستقرار الشرق الأوسط.

* محمد ساهيمي أستاذ بجامعة كاليفورنيا. نشر مقالات عديدة حول البرنامج النووي الإيراني.

* Publication originale Antiwar.com, 24 juin 2009, traduction Contre Info : http://contreinfo.info/article.php3...

* تعريب جريدة المناضل-ة




#ساهيمي_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساهيمي محمد - أسس الصراعات على السلطة في إيران