جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2718 - 2009 / 7 / 25 - 08:32
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
وفي الجاهلية قبل الإسلام كانت هنالك طرق للزواج بأن تزوج المرأة نفسها بنفسها , أو أن تخلع زوجها بمجرد تغيير باب الخيمة , فيعرف الزوج بأن زوجته إستبدلته ,والشرقيون المتدينون هم أول من سن نظام النكاح بعقد شرعي مدفوع الأجر , وهم أول من إستعمل الذهب والفضة لتغطية باقي السلع التي لا يمكن تغطيتها بالمقايضة , وكان رجال الدين في الهياكل الدينية البابلية , يقرضون الناس في الفائض وحين يعجز المدين عن الإيفاء بديونه كان يؤخذ إلى الهيكل الديني من أجل تشغيله في الأراضي الزراعية التابعة لهيكل الديني المُقرض , وكان المدين في حالة عجزه عن العمل يقدم إحدى بناته أو أولاده للعمل , من هنا ومن هذا المنطلق نشأ نظام الإقطاع الديني البدائي .
ومن هنا أيضا ًنشأ نظام تزويج البنات بمهر معجل ومقدم وموأخر , يعني الجنس مقال مبلغ مالي , وهذا هو الدعارة بعينها , فالمرأة التي تتزوج بمهر هو بيع للحم رخيص , بل يجب أن يكون الزواج بالحب والوئام وليس بالمال , فما الفارق بين المرأة التي تبيع الحب والقبلات في الشوارع للمارة ؟ فما الفارق هنا بينها وبين التي تتزوج بمهر مدفوع الثمن , كله مدفوع الأجر وقابض الثمن.
روت لي مرة صديقةعربية تعيش في أمريكيا , من باب التندر والضحك من أن سيدة في أمريكيا(أمريكا) وكّلت أحد المحامين في قضية تخصها, وحين نجح في القضية وكسبها قالت له بدهشة :
-قل لي كيف أشكرك؟
فقال لها :
يا سيدتي : منذ أن إخترع البابليون النقود ومنذ أن إستعمل الفراعنة الذهب ومنذ أن إستعمل الصينيون العملة النقديةالورقية لم يعد لسوآلك قيمة تذكر .
ويقول أحمد شوقي :
المالُ حلل كل غير محللِ
حتى زواج الشيب بالإبكار.
وقال آخر :
رأيتُ الناس َ قد مالوا
إلى من عنده مالُ
وقال آخر :
رأيتُ الناس َ قد ذهبوا
إلى من عنده ذهبُ.
إن العملة النقدية هي إعتراف ضمني من المنتج لها أنه مدين للذي يتادولها , ولكن العملة النقدية لم تكن شائعة كل هذا الشيوع الذي نتخيله , الناس تقريبا تداولوا العملة النقدية بشكل ملحوظ من جديد , ولو كانت العملة متوفرة بشكل كبير والإنتاج وخطوطه في أعلى معدلاته , لما باع الإنسان لحمه ودمه , عدم القدرة على تحصيل الذهب هو الذي أدى بالإنسان لتسديد ديونه من خلال بيع ما يملك من لحم من أولاد وبالذات من البنات ,وكذلك قبض المرأة مهرها هو نوع من الإعتراف الضمني أنها باعت جسدها للذي يشتهيه .
في المجتمعات المتقدمة تتزوج البنت من الذي تحبه ويحبها ويشكلون عائلة نووية دون الذهاب حتى إلى شسخ يقطع لهم رخصة الزواج كما يقطع لهم رخصة قيادة سيارة , الحب إذا وجد بَطُلَ التَكلُف(إذا وقع الحب بطل التكلف).
كانت العملة الورقية في البداية عبارة عن صكوك من الديون. فالذي يعترف للآخر أنه مدين له كان يكتب له صكاً بالدين , والصينيون هم أول من إعترف بالصك واستعملوه بشكل ملحوظ حتى أصبح عملة ورقية , وإصدار الدولة للعملة الورقية النقدية هو إعتراف ضمني من أنها مدينة للذي يحمله.
في عام (3300 ق.م ) إلى بداية العهد الملكي منذ بداية استخدام الذهب بد ء تحديد سعر صرف الأوقية الواحدة من الذهب بتسع أوقيات فضه، وبالتالي فان الشرقيين أول من فتح المصارف ونظام القروض الربوية ،والعلمانيون والطبيعيون لم يخترعوا هذه الأنظمة , إن النظام الديني هو الذي إخترعها وهو الذي حدد سعر الصرف وأسعار الفائدة المأوية , وبدأ الإنسان منذ ذلك العصر في الشرق الأدنى يبيع (قوة عمله) العضلية للحصول على قوت يومه , وكانت الأراضي الزراعية شاقة وصعبة التدجين, وما زالت الزراعة إلى اليوم لا تغني المزارع ولا تحقق له المكاسب المطلوبة , حتى مع وجود أعتى الأدوات الزراعية , لذلك كان يستدين الفلاح من الهياكل الدينية من أجل أن يأكل ويشرب ويكفي نفسه وعياله,, وحين كان يعجز عن التسديد كان يقدم أولاده وبناته خدمة علم إلى رجال الهيكل .
من هنا بدأ الإنسان عهدا جديدا من حياته قائما "على الكسب المشروع وكان رجال (الهيكل) هم المشرفون على نظام القروض بالفائض حيث انهم حددوا سعر الفائدة بـ(33% سنويا) وهي فائدة كبيرة إذا ما قيست بسعر الفائدة في العصر الحديث، وهذا السعر للفائدة إذا كانت القروض غلات زراعية مثل (القمح، الشعير) وهذا يفسر لنا سر استعمال (المكيال بمكيالين) الذي ما زال مثلا " يضرب به في حالة عدم وجود عدالة منصفه، حيث أن الأمر راجع في الاصل إلى نظام قروض الغلات الزراعية، و كان الدائن يكيل بمكيال وفي حالة سداد الدين يكيل بمكيال أوسع وأكبر.
وأما إذا كانت القروض (مالا-ذهبا) فأن الفائدة محددةبـ 2%, وهذا دليل أن هنالك عدم إقبال على العملة النفدية , وما سعر الفائدة القليل إلا من أجل إغراء الفلاح بالإستدانة ذهبا , وكان سعر الفائدة يهبط وينزل حسب سعر الذهب حيث بلغ سعر الاوقية الواحدة من الذهب ، تسع اوقيات من (الفضة) وكان الهيكل هو (المصرف) ورجل الدين في الهيكل هو (الصيرفي العصري) وأن سيد الهيكل هو صاحب المصرف، وكان في بعض الاحيان يشرف صيرفي على سعر الفائدة ، وذلك بهدف حماية (المدين) من قسوة المرابيحين ينتشر الفساد والكساد, ومن اللافت للنظر أن هذه التقسيمات في الهيكل والقروض الربوية تفسر لنا سبب اهتمام اليهود بالذهب والصيرفه وسعر الفائدة في الهياكل الدينية أيام المسيح ، وكونهم شرقيين قدموا من بلاد الرافدين عبر هجرات متتالية من أرض (أور) فانهم نقلوا هذه المبادلات التجارية ،وازداد نشاطهم بها أيام استعمار (الهكسوس) لأرض النيل المصرية ، ومن ثم نقلوا هذه العلوم إلى كافة أصقاع الأرض ، وهذا يفسر لنا أيضا سبب تعامل اليهود مع الربا والمصارف الربوية ، حتى أن اليهود هم أول من اخترع نظام (تحرير راس المال من عبء القيود الداخلية) وذلك أنهم في كل سبع سنوات كان اليهود يسامح بعضهم بعضا من سعر الفائدة ويحررون (عبيدهم) إذا كانوا من اليهود ،وذلك بهدف إطلاق الحرية من جديد للحركة التجارية والمالية ، إذ أن اليهود تنبهوا إلى عواقب وخطورة إغراق كافة فئات المجتمع من الطبقات العاملة بالمشاريع الربوية إذا استمرت هذه المشاريع وأدت إلى (شل) (حركة الإنتاج) وقبل أن ننتقل إلى نقطة أخرى نود أن نقول أن الذهب والفضة لم يكونا السلعة الوسيطة فحين بدأ الإنسان ينتج السلعة كان يستبدل الفائض عن حاجته بسلعة أخرى من هنا نشأ نظام المقايضة سلعة بسلعة فمثلاً كان الشخص يذهب إلى السوق ليبدل سمناً بشعير ولكن صاحب الشعير إذا كان لا يريد سمناً في مثل هذه الحالة كان الاثنان يبحثان عن شخص ثالث، من هنا بدأ نظاماً جديداً هو اعتماد سلعة ثابتة لتقييم حجم التبادل وأخيراً اعتمد الشعير والفضة في العراق القديم لأن الحاجة إليه جعلت منه قوة شرائية وفي الهند استعملت الماشية أما في الصين فقد اعتمدت السكاكين كسلعة للتبادل.
ويقال أنهم اتخذوا المحار للتبادل أما في اليونان فقد استعمل الثور للتبادل وكان يقدر سعر المرأة بأربعة ثيران، وهذا يدل على أن فائض الإنتاج في كل منطقة هو الذي كان يتحكم بالسلعة الوسيطة إلى أن اعتمدت في النهاية على الذهب والفضة كقوة شرائية(2250 ق .م) في آشور إلى أن عرفت العملة النقدية في اليونان سنة(770) ق .م
بدأت حياة الذل والعبودية مع بداية العلم والمعرفة ومع بداية نشوء العائلة النووية التي يحكمها الأب بدل العائلة النووية التي تحكمها الأم , فقد وضعت القوانين لتتناسب مع قوة الرجل القوي , ولتتناسب مع مظاهر ضعف الآخرين , من هنا إنبثقت مفاهيم نشوء الدولة المركزية , ونشوء الرجل البطريرك الأبوي المتسلط, فقد بدأت الحاجة إلى المنضم في البداية للحياة وللتعاملات ومنها نشأة الدولة , وبدأت الحاجة إلى وجود منضم عائلي فظهر الأب ,واستطاع رجال الدين في الهياكل أن يسوقوا الناس إلى تطبيق مفهوم العدالة الإجتماعية والإلهية ,وبدأ كذلك الرجل بقيادة المرأة وأولادها للعمل في حقوله الزراعية , وأول ما بدء به رجال الدين أنهم ساقوا الرجال إلى العمل بالسخرة في الأراضي التابعة للهياكل ,وأول ما بدء به الرجل هو قيادة الزوجة , من هنا نشأ مفهوم الرجل القائد, وحين كان يعجز الرجل عن الإيفاء بإلتزاماته أمام رجال الدين , كان يقدم أبناءه وزوجاته كبش فداءٍِ كتعويض للدائن عن ديونه وذلك حين كان يعجز الفلاح عن تسديد الديون المترتبة عليه , لقد كانت الهياكل الدينية تقوم بإقراض الفلاح بالفائض الربوي , وحين كان يعجز الفلاح عن السداد كانوا يسوقونه هو وأفراد عائلته إلى العمل بالسخرة عند رجال الدين , من هنا ومن هذا المنطلق نشأ النظام الإقطاعي وتعزز هذا النظام مع إستمرار الفلاح في حرث الأرض وزراعته بالطرق التقليدية ,ولم يتفتت هذا النظام إلا في العصر الحديث مع شيوع إستخدام العملة النقدية بخلاف ما كانت مستعملة في البداية .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟