|
الشيوعية هي الماضي وهي الحاضر والمستقبل
خالد عبد الحميد العاني
الحوار المتمدن-العدد: 2702 - 2009 / 7 / 9 - 10:29
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
في البداية أقدم شكري الجزيل للأستاذ الكاتب شامل عبد العزيز والذي كان رده على تعقيبي على الجزء الثاني من مقالته المنشورة على صحيفة الحوار المتمدن العدد 2699 بعنوان (كلاكيت عرب ويهود) قد أوحى لي بعنوان المقالة هذه. وحيث أن الأستاذ شامل قد أقحم إنتمائي الشيوعي في موضوع النقاش بدلا من الرد على تسآلاتي حول من ضرب المفاعل النووي العراقي ومن يهدد الأن بضرب المفاعل النووي الأيراني كما فاتني أن أذكر تدمير المفاعل النووي السوري أيضا ومن قتل علماءنا يحي المشد وسلمان العقيدي وعبد الرحمن المهندس الأنشائي لمباني الطاقة الذرية وسميرة عالمة الفيزياء الذرية والعشرات من العلماء العرب فقد إلتف شامل على الجواب وجاء رده بعيدا عن تسآلاتي وأقحم إنتمائي الشيوعي في الموضوع وربما أراد الأستاذ شامل أن يضفي شيئا من الدعابة على الحوار . أعود الى موضوع المقالة حول الشيوعية ولماذا إنتميت للحزب الشيوعي ومذا تعني لي الشيوعية حاضرا ومستقبلا. في البداية أحب تصحيح معلومة شامل أن إنتمائي للحزب الشيوعي لم يكن في عمر السابعة عشر بل كان بعد تخرجي من الجامعة وإنتهاء الخدمة العسكرية حيث كان عمري إثنان و عشرون عاما وبالذات كان أوائل عام 72 أي كان في سن يؤهلني للأختيار الصحيح. لم أنشأ في عائلة شيوعية لا من طرف الوالد ولا من طرف الوالدة كماأنني لا أنتمي الى الطبقة العاملة ولا إلى الطبقات الفقيرة فوالدي كان رجل قانون ووالدتي كانت مدرسة على الملاك الثانوي أي أن إنتمائي لم يكن تعاطفا مع أحد من أفراد العائلة. كيف إنتميت؟ لقد كانت الصدفة هي من جعلتني أتعرف على الفكر الماركسي بعد إستشهاد جيراننا والد صديقي سلوان ذللك العامل النقابي الذي أستشهد صبيحة الثامن من شباط عام 63 وهو يدافع عن ثورة تموز ضد قوات الأنقلابين الفاشست حيث أدى إستشهاده الىإحداث صدمة في أفكار صبي في الثالثة عشر من العمر تتفتح لتتسائل عن مغزى إستشهاد عامل نقابي دفاعا عن ثورة أعتقلته حكومتها ثلاثة مرات ما بين عامي 58 و63.نعم هذه التسآلات وإلحاحي على إيجاد الأجوبة لها هو ما قادني الى طريق الحزب الشيوعي العراقي بعد ما يقرب من تسعة سنوات على إستشهاد والد صديقي سلوان. لقد كان إنتمائي ناضجا حيث لم أتسرع الأنتماء فقد إنتظرت حتى نضوج الأفكار وتحيد موقعي على الخارطة السياسية بعد أن إنتميت الى صفوف إتحاد الطلبة أواخر عام 66 وعملت فيه حتى تخرجي من الجامعة عام 70. عملت لفترة قصيرة في صفوف الحزب الشيوعي في فترة السبعينات قبل أن أغادر العراق عام 77 الى بريطانيا ومنها الى كندا نهاية عام 78 وخلال الثلاثون عاما من الغربة فقد جرت متغيرات كثيرة في العالم وإختفت دول عظمى من الخارطة السياسية وجرت تحولات سياسية وايديولوجية وتقدمت العلوم والتكنولوجيا إلا أن شيئا واحدا لم يتغير بالنسبة لي وهي قناعتي بأن الشيوعية هي الحتمية التأريخية التي سوف يصل لها العالم ولو بعد ألف عام وإن الماركسية هي المرشد لحركة المجتمعات مهما إختلفت مستوياتها الفكرية والسياسية والأقتصاديه والحضارية فاالماركسية ليست نصوصا ميتة ولكن الماركسية هي علم يتجدد في كل لحظة لأن العالم وكما قال ماركس يتغير في كل لحظة. فلا بد لنا من فهم العالم من خلال الأسترشاد بنظرية ديناميكية ألا وهي الماركسية. لا يكفي لنا أن نشخص المرض وأن نقول أن العرب متخلفون وإن اليهود متقدمون علينا كما وإن أمم مثل الصينيون والهنود قد سبقونا بسنوات طويلة في مجال التطور العلمي دون أن نحلل لماذا العرب متخلفون والأقوام الأخرى متقدمة ثم نضع الحلول لأنهاء التخلف واللحاق بركب الأمم المتطورة بدلا من الأستسلام لليأس وكأن العرب يكون التخلف في جيناتهم ولا فائدة ترجى منهم فكتابنا اللبراليون يدسون السم في العسل في نشر ثقافة اليأس والقدرية بين صفوف قراءهم وإلا لماذا إذا يكتب مثقفونا ولمن يكتبون فهذا براي ما يميز الماركسي عن اللبرالي. الماركسي يحلل الواقع في سياق تأريخي بشكل غير مجرد أي من خلال تحليل الظروف الذاتية والموضوعية لأية ظاهرة إجتماعية فمثلا ليس من العدل أن نقول إن العرب متخلفون واليهود متطورون دون أن نضع المقارنة ضمن سياقات ذاتية وموضوعيةلماذا اليهود متطورون والعرب متخلفون عند ذاك نستطيع أن نشخص العلل ونضع الحلول وهذا ما لا يفعله الكتاب اللبراليون فهم يصبون جام غضبهم على الشعوب والحكومات سواء بسواء دون أن تكون لهم القدرة على فهم الظواهر الأجتماعية وتشخيص الحلول. يتحدث اللبراليون عن قيم التقدم في الغرب ويقارنونها بقيم مجتمعاتنا المتخلفة ولا يقولون لنا هل نستطيع أن نشتري تلك قيم التقدم من الغرب ونطبقها في مجتمعاتنا المتخلفة ولا يكتفون بالمقارنة الساذجة بل يبالغون بمثالية قيم الغرب وكأننا لا نعيش في الغرب . لم أجد القيم كما يتحدثون عنها بل ان الكثير من أمراض مجتمعاتنا موجودة في الغرب فالناس عندنا تشتكي من تبول بعض الناس في الشوارع وهذه الظاهرة موجودة في أرقى دول الغرب و صحيح القانون يعاقب عليها ولكنها منتشرة. يقولون أنه لا توجد في الغرب أصحاب القامات الوسط كما سماها الدكتور طارق حجي وأنا الذي اعيش وأعمل في كندا أرى أن أصحاب القامات الوسط موجودن في كل المؤسسات. كتبة التقارير الكيدية لا تخلو منهم مؤسسة ,دكتاتورية الرؤساء لا حد لها بل أنها مقننة بقوانين وفي حالات كثيرة تجد نفسك خارج العمل بسبب تقرير كيدي أو أن رئيسك المباشر يختلف معك في الرأي فلا شيء يمنعه من فصلك والشللية والمحابات في أماكن العمل منتشرة .إن ما أذكره هنا لا يعني أن الغرب متخلف مثلنا لأن ذلك بعيد عن الحقيقة والواقع الغرب يسبقنا بعقود ولديهم من تراكم الخبرة والبحث وتطور تكنيك الأدارة العلمي مما يجعلهم قادرين علىسبقنا, كما وإن الغرب وبالخصوص شمال أمريكا قد دجن المواطن وبرمجه بما ويتناسب مع مصالح الطغم الرأسمالية وأصبح الأنسان عبارة عن ألة مبرمجة لا يفقه من أمور دنياه ولا تهمه منها سوى متعته بأكل الستيك ومشاهدة مباراة الهوكي ورياضة التزلج أما ما يدور حوله فهو لا يفقه منه شيئا وما أردت قوله هو أن هناك مبالغة شديدة في تصوير قيم التقدم عند الغرب. بالنسبة لي كماركسي إن قيم التقدم لا يمكن إكتسابها من خلال الدراسة والتدريب في الغرب بل هي منظومة فوقية لبناء إقتصادي قاعدي فلا يمكن تطبيق قيم التقدم في الغرب الرأسمالي على مجتمعاتنا الشرقية المتخلفةفإكتساب قيم التقدم تتم من خلال عملية التنمية الأقتصادية التي تخلق شروطا موضوعية للتنمية البشرية. لقد خلف إنهيار الأتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الأشتراكية ردود أفعال وصدمات أدت الى حدوث إرتدادات ورجات شديدة وهذا ناتج عن التربية الشيوعية الخاطئة التي عودتنا على تقديس الأتحاد السوفياتي وبقية الدول الأشتراكية أما بالنسبة لي فلن يشكل إنهيار الأتحاد السوفياتي والدول الأشتراكية مفاجأة كبيرة لأنني ومنذ أوائل الثمانينات كنت أعتبر هذه الدول لا تمثل الحركة الشيوعية الحقيقية .في أوائل الثمانينات أضرب عمال المناجم في بريطانيا عن العمل فتبرعت بولندا بدعم حكومة تاتشر بتصدير الفحم الى الموانىء البريطانية فهل كانت حكومة بولندا شيوعية؟ لقد سقطت أنظمة متحجرة لا تمت للشيوعية بصلة . حكومة الأتحاد السوفياتي كانت تسلم المعارضين السياسين العراقين الى حكومة البعث في العراق فهل كانت تلك الحكومة شيوعية؟ خلاصة القول أن الحركة الشيوعية والفكر الماركسي يتجددان فلم يعد شعار دكتاتورية البروليتاريا مقبولا كما كان من قبل فالماركسية تتجدد وتنبذ كل ما صدأ من مفاهيم لم تزكيها الحياة كما لم تعد نظرية بناء الأشتراكية دون المرور بمرحلة الرأسمالية مقبولة فالرأسمالية هي من يخلق الشروط الموضوعية لبناء الأشتراكية شرط توفر القوى الديمقراطية التي تقود مرحلة البناء الرأسمالي وصولا الى مرحلة الأنتقال الى الأشتراكية. في العراق يخوض الشيوعيون العراقيون نضالا لا هوادة فيه من أجل دحر القوى الطائفية فالحزب الشيوعي العراقي وبالرغم من كل الأنتقادات الموجه لقيادة الحزب بسبب دخول العملية السياسية والكثير منها له ما يبرره إلا أنه يبقى الحزب الوحيد الذي يسعى الى هوية وطنية صادقة بعيدا عن الطائفية والمذهبية والقومية فالحزب يضم في صفوفه كل أطياف الشعب في حين تفتقد الكثير من أحزابنا هذه الصفة الوطنية الصادقة . الحزب الشيوعي بالنسبة لي ليس حميد موسى ومفيد الجزائري الحزب هو ذلك البنيان العظيم الذي شيده فهد وسلام عادل , الحزب هم أولئك الألاف من الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل العراق, الحزب هو ذلك الصرح الثقافي الذي شيده ألالاف من المثقفين العراقيين الذين مروا بمدرسة الشيوعية أما القيادات فقد تنحرف يمينا أو يسارا ولكن تبقى قاعدة الحزب هي الضمانة الأكيدة لأستمرار ينبوع الشيوعية فهي الماضي وهي الحاضر وهي المستقبل الواعد. ,
#خالد_عبد_الحميد_العاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا تدفنون رؤوسكم في الرمال
-
هل تقيد جريمة إغتيال الدكتور حارث العبيدي ضد مجهول؟
-
ألانشقاق في صفوف الحزب الشيوعي العراقي عام 1967 من وجهة نظر
...
-
ألانشقاق في صفوف الحزب الشيوعي العراقي عام 1967 من وجهة نظر
...
-
كيف غير إنقلاب شباط 63 مسيرة حياتي 2-2
-
كيف غير إنقلاب 8 شباط الأسود مسيرة حياتي ا-2
-
الأحزاب القومية خطرا- على الوطن والقومية
-
إفلاس الأحزاب الأسلامية الطائفية والأحزاب القومية العراقية
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|