خالد درويش
الحوار المتمدن-العدد: 2701 - 2009 / 7 / 8 - 10:22
المحور:
الادب والفن
في هذا العالم
تحدث أحيانا أشياء بسيطة؛
كأن تقول لك مؤنسة التركية،
وأنت تتأمل القوارب الملوّنة في الميناء الصغير
على ضفاف البوسفور:
جدّي من اذربيجان وامي شيشانية
جدّتي من سالونيك
وابي ولد في اللاذقية.
في هذا العالم
تحدث أحيانا أشياء بسيطة؛
كأن يذهب ابني سامي في الصباح الباكر
الى عمله الجديد في مطار شيكاغو
بمزاج طيب
ورغبة غامضة
في خوض مغامرة عاطفية جديدة.
في هذا العالم
تحدث أحيانا أشياء بسيطة؛
كأن تكتب امرأة كردية في دفترها العزيز:
"رجل في القلب
رجل في المنزل
رجل في الحلم
إن علم أحدهم بالآخر
سيُقضى عليّ!".
في هذا العالم
تحدث أحيانا أشياء بسيطة؛
كأن تلتقي فتاة من كيبوتس داغانيا
القريب من شواطئ طبرية
شابا يعيش في بغداد
مع والديه المهاجرين من الجليل
يتحدثان عن القمر وبيكاسو وانتحار كليوباترا،
يتفرّسان قدريهما في خطوط أكفهما المرتاحة على الطاولة
بين فناجين القهوة وكؤوس الماء البارد،
يضحكان كثيرا
ثم ينثران الحبوب لليمام المطمئن بين اقدامهما
في ساحة البرلمان في اثينا.
في هذا العالم
تحدث أحيانا أشياء بسيطة؛
كأن يتحلى صديقي بالشجاعة والحكمة الكافيتين
لأن يقول لزوجته: أحبك
بعد ليلة مفعمة بالمرارة والبكاء والجنون
امضاها مستغرقا في رسائلها الحارة الى رجل آخر.
في هذا العالم
تحدث أحيانا أشياء بمنتهى البساطة؛
كأن يحلم مطارد من كتائب شهداء الاقصى
بتناول الشاي والبطيخ في ساعات المساء
مع امه وشقيقاته الثلاث على سطح بيتهم في نابلس
أو أن يتوقف صبيّ في غزة عن النحيب
لمجرد العثور على ابيه حياً بين الانقاض
بعد الانفجار الكبير..
أو أن استغرق في قراءة "الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع"
في انتظار السماح لي بالمرور على حاجز للجيش الاسرائيلي
بين رام الله وبيت لحم.
#خالد_درويش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟