أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الناصر - محنة المثقف المعترب














المزيد.....

محنة المثقف المعترب


حسن الناصر

الحوار المتمدن-العدد: 2699 - 2009 / 7 / 6 - 05:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتنازع في وجدان المثقف المغترب , أحاسيس الغربة , مع تذوق الحضارة في بلدان المهجر وخاصة للمثقف القادم من دول المشرق , تلك المنطقة الزاخرة بالروحانيات , والتي كانت مهداً لجميع الديانات الابراهيمية , التي يعتنقها اغلب سكان الارض . ويتجسد هذا النزاع احياناً بمعاناة وآلام , تنطق بها الاوراق المنحور على أسطرها أفكار و آراء هذا المثقف المغترب, الذي اجبرته ظروف بلاده على النزوح الى المهجر .
وقد نلاحظ أحياناً تغافل واستهانة مصطنعة , من قبل المثقف المغترب , تجاه كل مايحيط ببلاده الاصلية , ويحاول جاهداً تقمص ثقافات موطنه الجديد , الا انه يتيه ويكابر, حتى يصل الى نقطة لا يتمكن فيها من العودة , ولا الاستمرار في الانصهار في بودقة الثقافة الجديدة . وهذه حقيقة مرة ومؤلمة لاتغيب كثًيراً عن منظومة الخطط المستقبلية لصناع القرار السياسي في الغرب الذي يهاجر اليه ابناء المشرق المنكوب . حيث لايعول كثيراً على صهر الجاليات الغريبة المستوطنة لهذه البلدان , لكنهم يدركون بأن عامل الزمن كفيل بأنتاج جيل من هذه الجاليات , يتوائم تماماً مع الثقافة الجديدة , ويتخلى عن جذوره الاصلية .
من الحقائق المروعة لبلاد الرافدين , ان خيرة ابناء البلد قد غادروا على شكل موجات متعاقبة , والجل الاكبر منهم لا يفكر بالعودة , حتى ولو تغير الوضع العراقي الى افضل صورة , فقد تشابكت ظروفهم المعيشية والاجتماعية بآواصر وثيقة في البلدان التي استوطنوها .
وغالبية المهاجرين هم من أبناء الطوائف الدينية والعرقية , التي استوطنت العراق منذ آلاف السنين وشكلت طيفاً جميلاً من اطياف المجتمع العراقي , الا ان الظروف السيئة في البلد أجبرتهم على النزوح منه , مثل اليهود والمسيحيين والصابئة المندائيين وغيرهم . وقد تنذر بوادر المستقبل عن خلو العراق من الطائفة المسيحية والصابئة مثلما خلا من ابناءه اليهود سابقا.ً
ان صدى الغربة يتمخض بكتابات رائعة , تتحدث عن واقع الجالية العراقية خاصة والشرق اوسطية بشكل عام في بلدان المهجر , وقد تصدر على شكل روايات او قصص قصيرة او مقالات تنشر في الصحف او على مواقع الانترنيت , ومثال على ذلك رواية اقمار عراقية سوداء في السويد للكاتب العراقي المبدع علي عبد العال والتي تصب في هذا المعنى , وكذلك قصصه الثلاث التي بعنوان ازمان للمنافي , ورواية التوأم المفقود لسليم مطر , وشوفوني شوفوني لسميرة المانع , وعراقي في باريس لصموئيل شمعون , وسيرة بن سباهي لعبد الرزاق حرج , وغيرها الكثير .
ان صدى هذه الكتابات , قد تجده محدود في العراق قياساً له في اوربا , بسبب ضعف الوعي الثقافي للقارئ , نتيجة ضغط الحياة اليومية , ومتطلباتها المنهكة , التي تجعل من موضوع القراءة ترف لايتوفر للكثيرين من ابناء البلد , اضافة الى تغير الذائقة للكثير من القراء , بأتجاه الاطروحات الدينية التي سطحت الاذهان , واصابت الفكر بعقم ليس من السهولة الشفاء منه على المدى القريب اذا بالغنا في التفاؤل , خاصة اذا كانت الاطروحات الدينية جدلية , وتحاول تمديد الدين لابتلاع الحضارة بطرح متهرئ , لكن هذا لايعني بالضرورة بان جميع الكتابات ذات الصبغة الدينية سيئة , بل بالعكس هناك اصدارات رائعة تنهل من الاديان منهلاً صحياً لتغذي به روح القارئ الجائعة لقيم السماء , وفق منهج فكري متحرر ومتجدد مع ضرورات الحياة العصرية , ومتوافقاً مع النتائج العلمية التي توصلت اليها الحضارة الانسانية الراهنة , دون انغلاق او تحجر يدور في افق النصوص المنقولة , والآراء الكسيحة لبعض رجال الدين الجهلة .
ان الضرورة الملحة على الحكومة العراقية , التي اقفلت جميع الابواب الا على مريديها , ان تؤسس هيئات ترتبط بوزارة الخارجية , او بوزارة الثقافة , لأحتضان المثقف العراقي المغترب , وفتح قنوات وأواصر لأيصال ونشر الانتاج الثقافي لهذه الشريحة المهملة في داخل وخارج العراق , والتي يولي امثالها الغرب اهتمام استثنائي , كون ابنائها صنّاع الحضارة , وقادة المجتمعات الى الرقي والتحضر على مر القرون .
وكم يصيبنا الاسى حينما تتوارد اخبار وفيات كبار المثقفين المغتربين , وجلهم تفتك به الفاقة والعوز , والأدهى والأمرّ ان شرائح واسعة من ابناء المجتمع في داخل العراق يجهلون هذا المثقف نتيجة التعتيم المتعمد من قبل نظام الفاشيست البعثي سابقاً وحكومة الطوائف الحالية .
انني اطرح هذا الرأي الذي سبقتني اليه عشرات الاقلام دون ناصر او مجيب , لكن عسى ولعل ان تلتفت هذه الحكومة البائسة الى هذا الموضوع , وتنهض بمسؤوليتها في مراعاة ماتبقى من مثقفي العراق , وفنانيه , ورموزه الرياضية , الذين بدأوا يتساقطون كأوراق الشجر واحداً تلو الآخر.




#حسن_الناصر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مملكة الشر وجارة السوء 3
- مملكة الشر وجارة السوء 2
- مملكة الشر وجارة السوء1
- مملكة الشر وجارة السوء
- رسالة عزة الدوري
- وقفة مع وطبان ابراهيم الحسن
- التكريتي والموسوي
- خارطة الطريق للأمن في العراق
- الرق يعيش بين ظهرانينا
- من هو الافضل السيستاني والقرضاوي و بابا الفاتيكان ام بيل غيت ...
- اسلمة السرقة
- رد على مقالة الامن الوطني بين الوزارة والمستشارية
- يهود العراق والحقوق المهضومة


المزيد.....




- الرئيس السوري أحمد الشرع في قطر لأول مرة منذ وصوله للحكم
- من يتصدر عربيا؟.. أمريكا الأولى عالميا في عدد المليارديرات ل ...
- محمد رمضان يثير الجدل بلباس -فرعوني- في حفل في الولايات المت ...
- -هل لدينا ما يكفي من الإنسانية لمواجهة أزمة السودان؟- - فاين ...
- بيسكوف: أوروبا تعلن نيتها دعم كييف في رغبتها لمواصلة الحرب
- حمل حصانا وفارسها على كتفيه.. بطل روسي يسجل أرقاما قياسية في ...
- مليارديرة تطالب شركة بتعويض ضخم عن إلغاء مشاركتها في رحلة -ت ...
- خبير نووي مصري: طهران لا تعتمد على عقل واحد ولم تتبجح كصدام ...
- البحرية المصرية تتسلم زوارق أوروبية لمواجهة الهجرة
- هل خامنئي متفائل أم متشائم بشأن مفاوضات مسقط؟


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الناصر - محنة المثقف المعترب