أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرّحيم عبد الله الشافعي - القبليّون والتيّار الجهادي والفوضي الخلاّقة في الصّومال















المزيد.....

القبليّون والتيّار الجهادي والفوضي الخلاّقة في الصّومال


عبد الرّحيم عبد الله الشافعي

الحوار المتمدن-العدد: 2693 - 2009 / 6 / 30 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن لكلّ مأساة لها أسبابها أوالقوي التي ساهمت في تأجيجها، وفي المشهد الصومالي هناك معسكران ساهما بشكلٍ متوزاي في إيجاد الفوضي الخلّاقة وإستمراريتها في ربوع الصومال، وهما الوحيدان اللّذان أوصلا البلاد إلي معاناة لاتنتهي الآ وهما المعسكر القبلي والجهادي. مرّة تكاتفا بإنهيار الحلم الصومالي حول بناء دولة مدنيّة عصريّة وحضاريّة ، ومرّةً أخري أدخلوا البلد الي صراعات عالميّة مما أدي عودة الإستعمار الي الوطن من جديد. ربما لم يخطر في أذهاننا - قبل اليوم - أنّ هناك نقاط إلتقاء محورية بين المشرعين القبلي والجهادي، مع أن الأول يدعوا إلي العصبيّة البغيضة والثاني إلي تبني الشريعة، بيد أنه من يـتمعّن النظر في سلوكيّات وتصرّفات كلٌ منهما يكتشف أن ما يتفقون أكثر مما يختلفون، بمعني آخر، أنهم متفقون في الغايات والأهداف ومختلفون في وسائل بلوغ هذه الغايات التي هي دائماً محلّ خلاف حتي في داخل الحزب الواحد.
إذا ألقينا نظرةٌ سريعة إلي تاريخ نشوء كلا المعسكرين في أواخر الثمانينات لهدم الدولة الصّوماليّة، وإستغلال التيّار الإسلاموي الجهادي الدّينَ لتكفير الحكومة ومؤسساتها، مستدلين بفكر الحاكميّة، ممازاد من فرص القبليّين لتجنيد شباب القبائل لغرض الإطاحة بالدّولة المركزيّة، منذ ذلك اليوم ، تأسست علاقة متينه بين هذين المعسكرين القبلي والإسلاموي الجهادي علي الرّغم أن هناك حالات تنافر وتشكيك كلُّ معسكر من نوايا المعسكر الآخر، علاوة علي ذلك، إن التمرّد الإسلاموي الجهادي كان قبل القبلي بسنوات ولكنّه كان يتستّر بعباءة التّقية والخوف من أجهزة الدولة. لذا من الأهمية بمكان فهم أنهم لم يكونو وليد إستفزازت أمراء الحرب في مقديشوا كمايتصوّره البعض، بل كانوا قوّةً لا يستهان بها منذ الإطاحة بالحكومة المركزية، ومساوٍ للقبليّة في خلق الفوضي وسدّ جميع سبل الحلّ للأزمة الصّوماليّة المستعصية. القبليُّ لن يرضي أقل من أن يُنصب قبيلته أمراء في أرض الصّومال ، والإسلاموي الجهادي يعتعد أن كلّ مقوّمات الدّولة الحديثة بدعة ضالّة يجب محاربتها.
لم يكن بمقدور الشعب الصومالي، الحديث العهد بالمدينة بفهم مصطلحات الحداثة، الدّولة، الوطن، الوطنيّة، المدنيّة، الديمقراطيّة، مما أدي عدم إستيعابه مخاطر هاتين المشروعين اللذين يناصبان العداء للنظام ويناديان إلي فوضي خلّاقة، وأخيراً أفلحا بالإطاحة بالنظام وقام علي أنقاضه توطيد دعائم القبليّة ورسوخ الحركات الإسلاموية الجهادية، بدلاً من الإسلام الحضاري الذي تبنّته الحركات الإسلاميّة في تركيا وماليزيا.
نقاط الإلتقاء المحوريّة لدي كل من القبلي والإسلاموي الجهادي:
إ – عداؤهما للدّولة وكل ما له صلة بالنظام والمحاسبة والحداثة. يري القبلي أن الحكومة لاتتماشي مع مفهومه البدوي للحياة وأن عالمه القبلي هو النموذج الأسمي للعيش في هذه المعمورة، أما الإسلامويّ الجهادي فإنه يري أنه الوحيد المناسب لحكم الوطن، ليصلح – كما يدّعي – العلاقة بين الإنسان وربّه، مع أنه ليس لديه أبسط مقومات إدارة الدولة المدنيّة الحضاريّة الحديثة، ولايعترف الحدود الدوليّة والأسرة الدّوليّة والقانون العالمي وكأنّه يعيش في كوكب آخر.
ب – إعتقادهما أن الحلّ يكمن بالرجوع إلي الوراء وليس إلي تحليل الظروف الإجتماعيّة والسياسيّة والتربوية والمعطيات الرّاهنة لبناء الحلول وفقاً عليها. وقد بشّرنا القبليّ بأنه سيعيدنا إلي تقاليد الأجداد من الإحتكام تحت الشجرة والقانون التقليدي (حير) بدلاً من المحكمة المدنيّة كما يعمل جاهداً إلي تبني نمط حياة البدو في المدن ويقوم بحملات قبليّة منها، أن يجمع بني قبيلته كلهم في حيٍّ من أحياء المدينة للذود عنهم، وقد شاهدت بعد الإطاحة بالنظام في الصّومال تغيّر ملامح مقديشو وأصبحت محافظاتها أحياء سكنيّة قبليّة، هذا الحيّ لبني فلان وهذه لبني علان. وإذا نادي المأذن للصّلاة في مسجد بني فلان ،ورفع صوته بحيّ علي الفلاح، فإنّ النداء مقصود ضمنيّاً لبني فلان القاطنين في الحيّ وليس لبني علان المغضوب عليهم..
أمّا الجهادي فإنه يبذل جهوداً مضنيةً ليذيق الشعب كأس الذلّ والمهانة في جميع تصرّفاته، ويتشدّق بشعارات لايعرف مقاصدها، وبنظرته المقتضبه للإسلام، فإن الإسلام لديه عبارة عن حروب وزهق أرواح وقطع أيدي وأرجل من خلاف ولبس القميص القصير والنقاب واللَّحي والخفّ والأزياء العربيّة القديمة والتسوُّك في الأماكن العامّة. أما شعار برنامجه السِّياسي الدّاخليّ فهو من خالفني في الرأي فهو كافر يجب قتله وإن كان الشعب بأكمله، لأنهم يرون أنّ ترجمتهم الجديدة للإسلام هي الوحيدة الصّحيحة من عند اللّه، أما السّياسة الخارجيّة فهي عدم إعتراف الآخر-العالم – وكلّ ماله صلة بالعالم.
ج – تأثر كلّ واحد منهما بالآخر من حيث الشّعارات والأدبيات والتكتيكات: فالقبلي إستعار من الإسلاموي كلمة الجهاد والمجاهدين والشهداء وقد رأينا والحروب الأهلية في أوجها وابلا من مصطلحات الجهاديين يستخدم من قبل أمراء الحرب القليّين، أما الإسلامي فإنه إستعار نظريّة دعوة ياقوم من القبليِّ، لتجنيد قبيلته في صفوف جماعته ليجد منهم العون حينما دعت الضرورة، ويدّعي أن الحبيب محمد (ص) قام بدعوة ياقوم لإستقطاب قبيلته إلي الأسلام، ولا غرو في فهمه القبلي للإسلام، لأنهّ ترعرع في بيئة قبليّة وينظر الإسلام بعيونه المريضة. يستدل الإسلامويّ لتبرير دعوته القبليّة آية من الذكر الحكيم ( وَانذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)، ولايدري أن هناك فرق بين العشيرة والقبيلة في القاموس العربي الإسلامي، والأحاديث في الموضوع تؤيّد ذلك. ومن المعلوم أنّ كلّ نبيٍّ كان يرسل إلي قومه الا الحبيب محمّد، فإنه أرسل رحمةً للعالمين. وحتي هذا اليوم والحرب بين الجهاديين والدّولة الصوماليّة في أوجه، فإن القبيلة مازالت يعتبر مصدر إلهام وقوّةٍ من قبل التيار الجهادي المناوئ لقيام حكومة مركزيّة علي ربوع الصّومال، لأنهما – القبلي والجهادي – في نهاية المطاف - يكرهون الدولة والنظام. وإلّآ هل تساءلنا أنفسنا، لماذا يتبلور فكر هذه الجماعات الإسلامويّة في مناطق القبائل في أفغانستان وباكستان والصومال واليمن ولم يجدوا أرضيّة في ماليزيا ومصر وإستنبول آخر عاصمة للإمبراطوريّة الإسلاميّة؟
فالأمة الصّوماليّة بسبب هذين المشروعين المتكاملتين، تعيش مع مشاكل العصور الوسطي وليس مع مشاكلها الرّاهنة، كما أنّ لبّ نقاشاتهم يدور بحلقات مفرغة من صراعات قبليّة وهميّة أوعقليّة جهاديّة عالميّة لاتمت لروح الإسلام السّمحة بصلةٍ. فالإسلاموي الجهادي يذبح الإنسان المسلم الصومالي ترهيباً ووحشيّة، بيد انّه كمايقول، سيعيد راية الخلافة الإسلاميّة خفّاقةً من رأس كامبوني إلي أرض الجليد سيبيريا.
وبعد ما شاهدنا طوال العقدين الماضيين ما جرَّ هذين المعسكرين في الوطن من ويلات، الم يحن الوقت للتّغيير ومراجعة النفس؟ ومسآءلة ما ذا سيكون المشروع البديل لهما؟
في رأيي، إن الحل الأمثل للأمّة الصوماليّة هو تضافر الجهود حيال إعادة الدولة المدنيّة، وإلقاء الضوء أو إعاذة النظر مرّة أخري لجميع مصطلحات الدولة الحديثة ألتي أسيئ فهمها من قبل البدوي القبليّ والإسلاموي الجهاديّ، معتمدين القاموس الغربي وليس العربي الذي هو دوما يعرض ترجمة ناقصة بل ومضلّلة في كثيرٍ من الأحيان، لأن هذه المصطلحات نشأت في ظروف وبيئة غير عربيّة، وبشكل أخص: مصطلحات الوطن، المواطنة، الحزب، الدّستور، الدّيمقراطيّة، العَلم، الدّولة، الرّئيس، وحتي مصطلح العِلمانيّة الذي هو الكفر البواح لدي التكفيريين، كماأناشد الإخوة جميعاّ فتح نقاشات هادفة حول الإشكاليّة، ما ذا تعني هذه المفردات للصَّوماليّ ؟ هل هو يفهم كما يفهمه العالم وفي ضمنهم المسلمون، أم أنّ لديه ما تُوحي إليه ثقافته الخاصة؟. أما إذا تمادينا في مسيرتنا هذه من الإنعزال الثقافي والسّياسي عن العالم، الآ تزيد هذه مزيداً تعقيدات للشأن الصومالي المتأزم، مما سيورّثنا أخيراً اًن نكون منبوذين من سائر الأمم بمن فيهم المسلمون، وتفاهم مصر والسعوديّة مع الأثيوبيين في دحر الإسلاميين وإحتلال الصومال قبل سنتين ماهي إلّا دلالة و إشارة واضحة لأصحاب العقول في الصّومال، بأن الصّومال ربّما تُشطب من الخارطة بسبب قصورنا المعرفي والثقافي كأمّة و تطاول هذا التيّار الإسلاموي الجهادي علي العالم بأكمله.

* كاتب ومفكّر صومالي وعضو منتدي هِرَال الفكري بلندن



#عبد_الرّحيم_عبد_الله_الشافعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
- لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
- -بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- - ...
- قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة ...
- هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
- مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور + ...
- -حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
- مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف ...
- مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول ...
- لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرّحيم عبد الله الشافعي - القبليّون والتيّار الجهادي والفوضي الخلاّقة في الصّومال