|
عدم إرتقاء العقل العراقي الى التمثل الابستمولوجي لصناعة الحاضر
كامل الدلفي
الحوار المتمدن-العدد: 2692 - 2009 / 6 / 29 - 10:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كثرالحديث عن الانتقالية في غضون السنوات الثلاث الاولى التي اعقبت التغييرفي العام 2003 ،وخلص الشعور في العراق وقتذاك الى ان تمفصلا لازبا قد طبع المراحل السياسية العراقية مؤداه الى خير، وبات اي احد يعذرغيره عن ملامح القصورالسياسي والاداري والتطبيقي معللا بان الانتقالية في اي زمان ومكان تحتمل التجريب ، وان اخطاء الممارسة تحدث بحسن النية. ومضت الايام والمراقب يلحظ بعين الريبة خفوت صوت الدمقرطة تدريجيا وارتفاع ضجيج مقابل. وباتت الانتقالية لا تذكر الا لماما، ولاذ مصنفوها الى الصمت والتحق روادها الى فضاءات بديلة وجفت مداداتهم عن ذكرها بشيء ولا حتى في الذكريات السنوية. ولما كان من امر الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان ماهو معلوم بيننا وان اختلفنا في تقديره ، وصار ماصار في شأن الاختلاف تحت راية المواطنة ، وفيمن هو الأحق والأقدس والأنقى، ووزعت الحقائب وتصدعت سدود الممانعة امام سيل اللذة العرم، وصرنا طرائدا قددا . رأيت الدخول الى المشهد ووقائعه من باب مناقشة إخفاق العقل العراقي وعدم إرتقاءه الى قابلية التمثل الابستمولوجي اللائق في انتاج لحظة الدخول الى الامكان الزمني الحالي، ومغادرة عربة الماضي .إذ ان محصلة الاخفاقات السوسيوبولوتيكية في تقديرنا تمثل انعكاسا صادقا لانكفاء العقل العراقي وعطله عن المبادرة للتواجد الميداني ساعة العمل، اي في اوان التغيير .العقل العراقي ساعتذاك لم يصنع قطيعته الابستمولوجية الصادقة، بل ترك محطات الالتقاء مع الماضي المثقل بالتشمع الفكري مأهولة بالعربات ، ولم يقطع خط سيرها الى الحاضر. وترك المكان لغيره من الانداد، لاسيما الاحادية الصرفة العقيمة التي تمثل الميزة الاقوى للسلوك الذهني الماقبل حداثي، فهي لم تكف عن عمليات اعادة التمفصل والاصطفاف في مسرحيات تمثيلية تستعرض سرديات الطوائف والاعراق والجماعات. نادرا ان يفوّت شعب ما فرصة تأريخية ثمينة على نفسه ، كالتي مرت بالشعب العراقي ، فقد عزف عن التجريب الحي في اعادة انتاج وطن ديمقراطي موحد، كانت فرصة عالية التحقق لولا الحضور المركز لملوك الاثنيات حاملي رايات التفرد والمغايرة ممن بسطوا ثقلهم على مصدر القرار، وثووا في المداخل والمخارج من الفعالية السياسية ، فاكسبوا المشهد مسوحا ماضوية صرفة،فرضت على العقل العراقي الانسحاب في أوان ذلك من خط المواجهة والمبادرة الى موقع الترقب والانتظار، واكتسب طابع اللاأبالية ازاء صعود وسيطرة الانساق الماقبل وطنية، اذ غابت قدرة التحفيز الذاتي لديه في دخول مضمار المنافسة والتجريب. ظل قابعا في ذات الاحداثيات التاريخية في خريطة المراقبة التي رسمتها القوى المناوئة الكابحة التي استبدلت كادرها بفريق عمل آخرلايقل نزوعا عن سابقه في فرض المعرقلات امام طريق العقل، وان فاعلية الاستبدال التي انطوت على كمية هائلة من الدهاء، اولدت صدمتها المباشرة للعقل وجعلته غير متحمس للصعود في الميدان ، فالالتباس المعقد وقتها لم يترك له مجالا للظن بقرب فرصة الحرية، وقد حدس العقل ان الحركة النوعية تمثل مجازفة لا يحمد عقباها "وذلك نتيجة الاستبداد التاريخي المركز" وبذلك ضاعت فرصة الانتقال نحو خطوة نوعية باتجاه التنويروالزمنية المعاصرة. لقد غيب العقل العراقي عند لحظة توهمه او" خوفه على الاصح" فرصة الارتباط بالحاضرواخفى قوته واليات انتاج ذلك، فادوات العقل التنويري تبنى على قابلية الشك والقطيعة الابستمولوجية ،فمن خلالهما ينتظر اي احد منتوجات المغايرة والتبدل، فالديمقراطية تكف عن كون الحاكمية استبدادا، بالضبط كما يكف العلم عن كونه خرافة ، بينما الانصياع للنسخ والمحاكاة ساهم في ضياع فرصة فريدة الطراز من بين ايد صنعت تغييرها التدريجي واضاعت قطافه. العلوم الطبيعية في اوربا على سبيل المثال خلقت نقطة لارجوع مع محددات الفكر المهيمنة وقتذاك، فانتجت قطيعتها الابستمولوجية وبمساهمة اخاذة من موجات الشك الديكارتي والفعل الفلسفي المساند ، فتحت المصاريع امام افاق التنوير، فراهن العقل الاوربي على استحضار تفاصيل دقيقة للحاضر واشكالوياته، مجنبا نفسه بالتمام ضياع الجهد في مناقشة تفاصيل الراحلين والماضين ومشاكل الامس. وحقا انه لمن المؤسف ان نكون على اعتاب الدخول الى الحاضر ولم نحسن الطريق اليه، إذ لم نكن عقلاء في تجنب تلك الخطوات المقلوبة التي لم نجد احدا يشجع على السير فيها اكثر من الولايات المتحدة الاميركية كي تضمن تحقيق ثوابتها الاستراتيجية سياسيا واقتصاديا وايديولوجيا. الولايات المتحدة الاميركية شجعت وعلى غير المتوقع من قراءة الاحداث باتجاه اسطرة فريدة للماضي، وبتماه كثيف مع مفرداته ادى الى تجاوز اشكاليات الحاضر وتسفيهها والسخرية منها. فبدلا عن القطيعة الابستمولوجية المتوقعة انتجت الاحداث لحمة كثيفة مع الماضي، فتحت مصاريع الاشتراك المواطني العام ضمن مهرجانات التمثيل المسرحي لسرديات الطوائف، اذ لم يتوان الافراد في ممارسة ادوارهم بالحركة والصوت، في ادوار دون ادوار البطولة التي حصرت بأهل الدربة والخبرة والتخصص، بينما نال الاخرون اثمانا بائسة عن الاداء في الكومبارس. وفرغت القدرات بل وهنت وبدت اضعف من ان تمسك بتلابيب الحاضر والمرور الى فضاء المدنية والتغيير الفعلي ، تراجعت امام ضربات الاخر، وتحت معاوله، وبتأثير من صوتياته التي ملأت المكان بسوء قصديتها وعمائها المفرط. تلك الجهود المناوئة التي اختصرت الغد واليوم بالامس المقدس في بهلوانية المهرج الذي يعني" المهرجان محذوفا منه الالف والنون" لتبدومن خلاله ان السياسة مجرد لعبة والوطن مجرد سيرك !. وقتها حضرت الاصباغ والالوان والوجوه والاقنعة لتنتج كاريكتور الحرية والعدالة والمساواة، الماضي يوفر الامان والثقة بالمصطلحات ويوفر قداسة فائضة ينام في فيئها من يستظل تحت راية المواطنة ، يهدهده الماضي المحدودب الظهر على الاحياء المعاصرين من الابناء خوف ان يفلت احد من بين يديه الى حداثة آثمة، أوديمقراطية غير مأمونة على موروثاته التي تحجرت عند تكلساتها الحبيسة والتي تساوت عندها النقائض فجعلت من الاسود مساويا للابيض ومطابقا له . أ لم يكن عليا (ع) ومعاوية في صفحاتها صحابيين، وكذلك الحسين السبط (ع) ويزيد، والحلاج ومحرقوه ، وابن رشد وسجانوه؟. أ يمكن ان نلوذ بعقل لايوفر لنفسه فرصة ان يكون حرا في الحكم على مشكلات الامس وان بعدت؟ هل من ثقة بهذا العقل ان ينتج مساواة حقة للاحياء وان قربوا ؟ وهو خاضع لقوة الامس التي لم تزل سادرة تتذرع بالمتواتر و تستحضرمنه ما تشاء ......
#كامل_الدلفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعادة انتاج وحدة الوجود العراقي عبر الربط بين طرفي الزمن– ال
...
-
اعادة انتاج وحدة الوجود العراقي عبر الربط بين طرفي الزمن– ال
...
-
التاريخ لايجلس القرفصاء..إختصارات موجعة في الذكرى السادسة لإ
...
-
المتاهة المهذبة في الدوران حول النص المشرعن للسلطة الغائبة (
...
-
أوباما والحلم الامريكي المفقودهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟
-
قتلتنا الردة ،دلالات في سوء القصد
-
الهجنة المدينية في مثقف اليوم، السائد منه انموذجا!
-
تمائم الكاهن الاخير.....(2) قصص قصيرة جدا
-
تمائم الكاهن الاخير.....(1) قصص قصيرة جدا
-
حيادية عالية &الخصاء المؤبد
-
المفكر والناشط العراقي في حقوق الانسان الدكتور تيسير عبد الج
...
-
احلام في زقاق منسي
-
صناعة الاختلاف في غياب المنهج
-
فاضل المياحي.... تأسيسات متأنية في الاغنية السياسية
-
مقترحات للانتخابات القادمة
-
التاريخ كما يكتبه العامة
-
استلاب الذات عند منزلات الخوف في العاصمة
-
نقد المنهج السياسي والوسائل المحتملة في التجديد
-
تحديات الديمقراطية في العراق
-
قراءة في الازمة التركية العراقية
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|