|
قراءة مصرية في خطاب -أوباما- في جامعة الكاهرا
بيومي قنديل
الحوار المتمدن-العدد: 2685 - 2009 / 6 / 22 - 05:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في البدء أود أن أعيد إلى الأذهان بديهية. و دافعي هنا لا يخرج عن استشعاري أنها غدت منسية أو شبه منسية من جانب الثقافة السائدة التي ينطق بلسانها الأكاديميون و الأدباء و المُعلقون السياسيون و غير السياسيين الذين أفسحت لهم الجرائد السيارة صفحاتها و استضافتهم القنوات الفضائية التي أتاح لي وقتي متابعتها عقب الخطاب الذي قوبل بترحابٍ دافق.
و لقد وصفت ممثلة سابقة و داعية إسلامية حالية تدعى "س. البابلي" الرئيس الأمريكي الجديد عُقب إلقاء خطابه في جامعة الكاهرا بأنه "عبقري". و قد يستغرب هذا الشخص أو ذاك استشهادي بممثلة سابقة. و لكن ماذا يفعل المرء في مستوى تعليمي سائد لا يفرِّق بين ممثلة و أستاذ جامعي أو بين إسكافي و برلماني. ليس لارتفاع الأول عن الثاني بل لهبوط مستوى الثاني إلى مستوى الأول. و لقد تصاعد الترحيب حتى كاد اجماع كافة "المتعلمين المصريين" ـ بتحفُّظي المعهود ـ من أدناهم إلى أعلاهم، ينعقد على هذا السؤال: متى يتحوَّل هذا الكلام المعسول إلى واقعٍ ملموس؟ و بطبيعة الحال يُمثِّل انعقاد الإجماع على هذا السؤال تصديقاً على صحة ما ورد من نظرات في الخطاب . و لكن سيادتهم كانوا قد أجمعوا قبل ذلك على أن الخطاب يُعد بمثابة "بداية جديدة" في علاقة الغرب بالإسلام، على نحو ما ذكر السيد "أوباما". و بلغ الأمر بمعلِّق مصري في واحدة من القنوات الفضائية الخاصة بتشبيه الخطاب بمبادئ الرئيس الأمريكي "وودرو ويلسون" (1856-1924)الأربعة عشر المشهورة غداة الحرب العالمية الأولى . و قد وردت الاشارة إلى هذه المبادئ، كما هو واضح في معرض المدح الذي خلق توازياً بين مبادئ الرئيس الأمريكي الثامن و العشرين و خطاب الرئيس الأمريكي الرابع و الأربعين. و ليس القدح الذي تستحقه تلك المبادئ بعد رفض "مؤتمر فرساي" الذي ألقى "ويلسون" مبادئه تلك أمامه السماح لمندوبي الحركة القومية المصرية، التي لم تتجرَّأ في يوم من الأيام على وصف نفسها بهذا الوصف و اكتفت باسم الحركة الوطنية، و هو نفس الموقف الذي اتخذه المؤتمر من الحركة القومية الهندية و الصينية و بادئ ذي بدء يتعيَّن على المرء أن يُعيد في هذا الصدد ما سبق و فصَّله في كتاباته المنشورة العديدة: يُعد المُصطلحان "العالم العربي" و "العالم الإسلامي" كذبتين أنجلو-أمريكيتين، حيث أنهما تتناقضتان مع مجمل الحقائق الأنثروبولوجية و العرقية و الثقافية و اللغوية و الإقتصادية-الاجتماعية في المنطقة التي تقبل أي اسم و كل اسم يُطلقه عليها الخبراء الأنجلو-أمريكيون من الشرق الأدني إلى الشرق الأوسط مروراً بـ "العالم العربي" ثم "العالم الاسلامي ". فالمصريون ليسوا عرباً، لا أنثروبولوجياً و لا عرقياً و لا ثقافياً و لا لغوياً و على المستوى الاقتصادي-الاجتماعي هناك تفاوت ملحوظ في درجة التطور و بالإضافة إلى تناقضها ذاك فإنها تؤدي إلى تمزيق المنطقة أياً كان الاسم الذي يُطلق عليها و يقبله متعلموها بامتنان عميق. فكان بوسع العراق أن يشكِّل وحدة جيو-سياسية لو لم تبطش حكومة عسكرية فاشية تدين بالولاء للولايات المتحدة بالأكراد و التركمان بل و بالشيعة و غيرهم. و عندئذٍ كانت العراق ستتوازى مع سويسرا التي تتحدث ثلاث لغات هي: الفرنسية و الإيطالية و الألمانية، الأمر الذي يُشير إلى ثلاثة مصادر عرقية.
عن المعيار: و الآن ما هو المعيار الذي استندت إليه الإدارة الأمريكية في اختيارها مصر و الكاهرا بالذات كي يُخاطب منها الرئيس الأمريكي الجديد "العالم الإسلامي" و بالتحديد بعد 120 يوماً من أدائه اليمين {الدستوري} كرئيس للولايات المتحدة؟ إذا كان المعيار هو حجم البلاد فـ أندونيسيا أكبر من مصر. و إذا كان التقدم فـ تركيا أكثر تقدماً و يكفي أن نتذكر هنا أنها أول دولة بين الدول التي يُطلق عليها الخطاب الغربي اسم "الدول الإسلامية"، تقوم بإلغاء العمل بموجب عقوبة الإعدام.
و إذا كانت مصر و الكاهرا بالذات بلد الأزهر الذي يتكفل بنشر و ترويج و تسييد الثقافة السامية في شكلها العصو-وسيطي أي العربي سواء في مصر أو أربعة أركان المعمورة فـ "مكة" كانت مكاناً أجدر في هذا الصدد باتخاذ الرئيس الأمريكي الجديد لها منبراً لمخاطبة كلٍ من العالم العربي الذي هندست بريطانيا زعيمة الاستعمار القديم تشكيله. و يكفي في هذا المجال أن نتذكر قول المؤرخ المصري المعروف "عبد الرحمان الرافعي: {و كان إنشاء هذه الجامعة/العربية/ بإيعازٍ من بريطانيا.راجع "حاضر الثقافة في مصر" للحر الفقير } و كذلك بمخاطبة ما يُسمى بالعالم الإسلامي الذي وضعت لحنه الأساسي، الولايات المتحدة. نعود إلى نفس السؤال: ما هو معيار الإدارة الأمريكية في هذا الشأن؟سوف نرجئ الجواب إلى وقتٍ لاحق. فالجواب، و إن كان قريب المنال إلاَّ أن قبوله يحتاج إلى بعض التمهيد نتيجة لعمليات غسيل المخ التي يتعرَّض لها "المتعلمون المصريون" الذين نجح الخبراء الأنجلو-أمريكيون في إنزالهم إلى مرتبة ما دون-البشر sub-humans، و بتحديد أكثر إلى مرتبة القطعان. تصل بهم غباوتهم معها إلى درجة السعادة التي كانت في مرحلة انقضت الآن، ملازمة لليمنيين في التعبير المشهور: "اليمن السعيد". فكان يكفي السيد "أوباما" أن يحيي بـ "السلام عليكم" حتى تتفجر قاعة جامعة الكاهرا بالهتاف و التصفيق و التنطيط. و الآن هل ينتمي المصريون أنثروبولوجياً لـ "العرب"؟ و هل ينتمون عرقياً لـ "قبيلة أو لأخرى من شبه جزيرة العرب"؟ أم هل بات المصريون و أصبحوا عرباً نتيجة للهجرات التي دفعها القحط و الجدب إلى وادي النيل؟ و كيف نفسر وجود ظواهر لغوية عديدة في "اللغة المصري الحديثة" أو "العامية" حسب توصيف الخبراء الأمريكيين. مثل هذه الظواهر لا يستطيع اللغويون لها تفسيراً بالعودة إلى أي قبيلة عربية قديمة أو أي لهجة عربية حديثة كالعراقية أو الشامية أو حتى العبرية التي يُعدها لغويون إحدى لهجات اللغة العربية. و ليس هناك من تفسير لهذه الظواهر اللغوية إلاَّ بالعودة إلى مرحلة أو أخرى من مراحل تطور لسان المصريين. حقيقة الأمر ليس هناك أي معيار علمي مقبول لاختيار الإدارة الأمريكية لمصر و لا الكاهرا لمخاطبة ما يُسمى في الخطاب الأمريكي بخاصة و الغربي بعامة منها بـ "العالم الاسلامي ". و لكن هناك هدفاً منشوداً أو غرضاً مرصوداً هو في ظني: تأبيد دس أنف الدولة العظمى التي كانتها مصر طوال العصور القديمة و الوسيطة و الحديثة حتى "انقلاب يوليو الأمريكي" و بتعبير "جلال كشك" {ثورة يوليو الأمريكية} في كتاب له يحمل نفس الاسم، في وحل العصور الوسيطة، الأمر الذي يواصل حرمان مصر من استئنافها للكينونة التي كانتها و لم تتردد اسرائيل في وراثتها. و لكن هل هناك صلة بين حرص الاستراتيجية الأنجلو-أمريكية على أسلمة مصر بمعنى تحويل هويتها و ثقافتها و قوميتها، و كما سبق القول إلى أن تكون دينية، دون سائر البلدان في الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب؟ و يأتي ذلك بعد نجاحها الساحق في تعريبها، حتى غدا اسمها "مصر العربية" و بين الارتداد الذي طال كافة مناحي الحياة في مصر؟ و يكفي أن نتطلَّع إلى صور الرجال و النساء الذين كانوا يحضرون حفلات المطربين و المطربات في الكاهرا. و قل لي بربك هل كانت "الكاهرا" تقل حتى ذلك الوقت عن "أتينا" أو "فيينا" أو "زيورخ"؟ ترى من الذي انتزع مصر من قلب أوروبا، كما أرادها أبناء الأسرة العلوية المجيدة، الذين أستطيع باطمئنان أن أصفهم بآخر الفراعنة العظام و قذف بها في صحراوات شبه جزيرة العرب؟ أليس التعريب أم أن هناك عاملاً آخر؟ و في ذلك الوقت الذي ولى لم يجرؤ أيُ من كان على إدراج مصر في الدول التي قبلت اسم "دول العالم الثالث" و في وقتِ لاحق "الدول المتخلفة" ثم "الدول النامية". و من أين تأتي الجرأة لأحد على ذلك و بريطانيا العظمى {مديونة} لمصر بمبلغ خمسمائة مليون جنيه استرليني. و قيمة صرف الجنيه المصري أعلى من الجنيه الاسترليني و بالتحديد سبعة و تسعون قرشاً و نصف= جنيهاً استرلينياً...إلخ و معروف أن اسم "مصر العربية" جاء تصحيحاً، و إن كان أعرج، لإسم أشد طمساً لانتماء مصر لتاريخها في أرضها و هو الاقليم الجنوبي من "جمهورية مصر العربية". و هو الاسم الذي أسقطه السوريون ـ كتَّر خيرهم ـ بانفصالهم الذي قادوه في سنة 1962، أي بعد أربع سنوات و حسب من الوحدة التي هندسها البكباشي "جمال عبد الناصر" أعظم "حليف" أمريكي ظهر خلال النصف الثاني من القرن العشرين و الرئيس السوري "شكري القوتلي" بين مصر و سوريا."أوبامــا" ينسى مصـر: لاحظ المراقب {الأروب}، دون شك، أن اسم "مصر" Egypt لم يرد و لا مرة واحدة على لسان السيد "أوباما" طوال خطابه بجامعة الكاهرا، و بطبيعة الحال و لا أي مشتق للمُصطلح مثل "المصري"، المصريين ". في حين حظيت بلدانُ أخري من البلدان المُصنَّفة هي الأخرى في الخطاب الغربي بصفة عامة و الأمريكي بصفة خاصة بأنها إسلامية. نذكر منها "تركيا" إيران، "إندونيسيا" على سبيل المثال لا الحصر. و عوضاً عن ذلك استمر السيد "أوباما" يشير إلى مصر بصفتها جزءاً من العالمين العربي و الاسلامي اللذين اخترعهما الاستعماران البريطاني و الأمريكي على التوالي. كما يُشير إلى المصريين بصفتهم عرباً مرة و باعتبارهم مُسلمين مرات.أبناء "إبراهيم" عليه السلام": ذكر السيد "أوباما" أن "أورشليم" ينبغي أن تكون مكاناً آمناً يتعايش فيه أبناء إبراهيم عليه السـلام Children of Abraham و أن يختلطوا فيه مع بعضهم البعض. و لم يكن السيد "أوباما" مبتكراً و لا مبتدعاً في هذا الشأن. فذلك هو تعبير الخطاب الأمريكي عند الإشارة إلى الموسويين و المسيحيين و المحمديين أو أتباع محمد عليه الصلاة و السلام . و هذا تعبير ركيك و مُغرض. و لكن ركاكته و إغراضه بمعنى تحيُّزه لا يهمان لا كثيراً و لا قليلاً من وجهة النظر الأمريكية، طالما خدم كلاهما الاستراتيجية الأنجلو-أمريكية في المنطقة التي استقرت الوكالات الأمريكية المتخصصة على تسميتها "العالم الإسلامي". فنحن المصريين أبناء و أحفاد المصريين القدماء و قل الفراعنة، لسوء حظنا أو لحسنه. و ليس في وسعنا أو في وُسع أحد حتى لو كان رئيساً أمريكياً جديداً /لنج/ يُبشر بالتغيير أن يبدِّل منه فتيلاً . و معنى القول أننا لسنا أبناء إبراهيم عليه السلام بل أتباعه. أي أن "الإسلام"، كما يلذ للخبراء الأمريكيين أن يُطلقوا على الديانة المحمدية، ديانة و ليست عرقاً حتى يُدرجنا الأمريكيون تحت ظل نصائح وكالاتهم المتخصصة ضمن أبناء إبراهيم عليه السلام، أما أبناؤه الحقيقيون فهم العرب و العبرانيون ضمن أقوام آخرين اعتمدوا الرعي مهنة و التجارة مصدر رزق و الغزو ملاذاً أخيراً يردون عبره غائلة الموت جوعاً. و معنى القول أن الخط الفاصل ينبغي إذا شاء راسموه أن يتفق مع الحقائق الأساسية في المنطقة أن يمر بين الحاميين و بين الساميين و الأدق بين الأسيويين و الأفارقة أي بيننا كمصريين و معنا السودانيون و الأمازيغ و الطوارق ...إلخ و بين العرب و العبرانيين و البابليين و الأشوريين و الأراميين...إلخ و إلاَّ لجاز أن يصير أتباع "كارل ماركس" أبناء له و كذلك أتباع "هيدجر" و "سارتر" و "بوذا" و "كونفوشيوس". مع نفي أي تخليق لأي توازٍ من جانبي لنبي مثل ابراهيم عليه السلام مع فلاسفة كالسابق ذكرهم.و لسوف أعود بمزيد من التفصيل إلى هذه النقطة في وقتٍ لاحق.عن حقوق المرأة: ذكر السيد "أوباما"، في معرض حديثه عن حقوق المرأة، أن سيادته "يحترم المرأة التي تختار أن تعيش وفق القوانين التقليدية" و اشترط سيادته لذلك "أن يكون ذلك من اختيارها
"I respect those women who choose to live their lives in traditional laws,but it should be their choice. و ندد بالذين يفرضون على المرأة المُسلمة زياً مُعيناً، و ذلك في إشارة واضحة إلى بعض الدول الأوروبية مثل تركيا و فرنسا. و هذه صورة بالمرآة أي معكوسة. فهذه الدول التي تتمسَّك بمبادئ العلمانية لا تفرض على المرأة المُسلمة زياً مُعيناً بل تمنعها من أن تفرض هي على الذوق العام زياً دينياً مُعيناً هو الحجاب(و سائر مُشتقاته) مثلما تفعل مع "الياموكة" الموسوية التي يستمتع المتدينون الموسويون بتثبيتها في قلة دماغهم و الصليب المسيحي التي تعتز المرأة التي تتبع السيد المسيح عليه السلام كل الاعتزاز بوضعه على صدرها . و معنى القول أن الأمر ليس فرض زيٍ مُعين كما ورد في خطاب السيد "أوباما" فكافة الأزياء القومية ممكنة، إلاَّ الزي الديني أي الطائفي الذي يعتدي على حرية الفرد و يمزِّق وحدة المجتمع سواء أكان التركي أو الفرنسي أو غيرهما. و لعلني أشك كثيراً في أن يكون السيد "أوباما" أو من صاغ له خطابه قد قرأ الجواب الذي طرحه "جان جاك روسو" (1712-1778) على هذا السؤال: هل ينبغي علينا أن نجبر العبد، في بعض الأحيان على الحرية؟ لكنني واثق من أنهم لو قرأوا جوابه لتجاهلوه عند حديثهم معنا.الموارنة و القبط: أشار السيد "أوباما" إلى مُشكلتين في قلب ما يرى فيه سيادته "العالم الاسلامي"، و هما مُشكلة الموارنة في لبنان و مشكلة القبط في مصر. و جاءت إشارته في معرض الاشادة بالتاريخ الطويل للتسامح المعهود للإسلام . و بذلك يكون سيادته قد نسي أن يُطلعنا على الأسباب التي جعلت نفس الديانة المحمدية تعْدل على حين غرة عن تسامحها، في وقت كنا بحاجة أمس إليه. و لكنه يكون بذلك قد نسي في هذا الصدد ما هو أهم من ذلك و هو: لم يحدث في التاريخ البشري أن مجَّدنا نسقاً لاهوتياً مُطلقاً إلاَّ و حططنا في نفس الوقت و بنفس الدرجة من كافة الأنساق اللاهوتية الأخرى. و معنى القول أن الغرب بتنظيره لـ و بتبشيره بـ و ترويجه و رعايته لما أسماه بـ "الصحوة الدينية" المحمدية أو الاسلامية كما يلذ للبحاث و الأكاديميين الغربيين(مركز دراسات الاسلام و الديموقراطية نموذجاً) أن يُطلقوا على الديانة المحمدية لما هبت كافة الديانات و المذاهب و الملل و النحلل في المنطقة للدفاع عن نفسها . و لم يكن لهذا الدفاع أن ينشأ و لا أن يتبلور و لا أن يشتد لولا التهديد الذي بات يواجهها نتيجة لما يُسميه المخططون الغربيون بصحوة نسق لاهوتي آخر، و ما يتصل به على أنحاء متعددة. و غني عن الذكر أن السماء لا تُمطر صحواتٍ دينية سواء من هذا النوع أو أي نوعٍ مماثل.بين التطوُّر و التقاليد: أشار السيد "أوباما" إلى عدم وجود ما يدعو إلى قيام تناقض بين التطور و التقاليد . و السيد "أوباما" أو من وضع له خطابه ينسى أو على الأقل يريدنا أن ننسى أن هذين البلدين تمسكا بـ "ثقافتهما" و ليس بديانتهما: البوذية أو الشنتوية، إلاَّ في إطار ثقافتهما أي على اعتبار الديانتين جزءاً من ثقافتهما لا العكس. أما معنا فالسيد "أوباما" يريد منا أن نتمسَّك(و انس نستمسك) ليس بثقافتنا بل بديانتنا و الأدق بالشكل الذي تريده لنا الولايات المتحدة أي الشكل الأصولي لهذه الديانة و سواء أكانت الشعبة المسيحية أو المُحمدية للديانة الابراهيمية. و معنى القول أن الإدارة الأمريكية ترى ـ و لا محيد عن رؤيتها تلك ـ أن الديانة هي هويتنا و هي ثقافتنا و هي قوميتنا! و هنا يطرأ سؤال على ذهن الحر الفقير . و هو سؤال لم يطرأ، في رأيي، على ذهن أحد سواء في مصر أو "العالم العربي" ـ ينبغي ألاَّ ننسى أن نذكر بريطانيا هنا ـ و سواء أكان يعيش بيننا أو في بلاد الغرب: لماذا تكشف البلدان/القومية في "العالم الإسلامي" ـ و هنا يتعيَّن علينا شكر الولايات المتحدة ـ عن واقع reality و إمكانية potentiality
أكثر تقدماً من بلدان/قوميات "العالم العربي"؟ و يكفي دليلاً على ما نذهب إليه أن ننظر إلى عدد البلدان الإسلامية التي ترأست حكوماتها سيدات(تركيا/باكستان/ بنجلاديش) نظير الدول العربية التي ترأست حكوماتها سيدات، تلك التي لا يزيد عددها عن صفر. و بطبيعة الحال تتربَّع هذه البلدان العربية خلال نفس الخطاب داخل حظيرة الدول الاسلامية كذلك. ترى ما السبب في هذه الظاهرة؟ هل نستطيع الفرار هنا من حقيقة نراها واضحة وضوح البلور و قادرة إلى حدٍ كبير عل تفسير ذلك: تملك البلدان/القوميات مرجعيات أخرى خلاف المرجعية العربية. تلك المرجعيات التي تُعد جوهر الثقافات القومية التي يتنفسها الإيرانيون و الأتراك و البنغال و كذلك الأكراد و الأمازيغ و النوبيون...إلخ و ينقلونها من جيل لآخر. بل و هي التي تفسِّر إلى حدٍ ملحوظ التدهور المتسارع التي تواجهه مصر منذ الانقلاب الأمريكي في مصر، فنتيجة للتعريب الذي نشط فيه ذلك الانقلاب على كافة المستويات . و بتعبير أوضح نجم عن رحيل الثقافة المصرية و حلول الثقافة السامية في شكلها الأشد تخلُّفاً أي العربي محلَّها، تحت ظل نفوذ ساحق للتعليم و الإعلام، و هو ظل يضع أسسه و فروعه، معاً الخبراء الأنجلوـ أمريكيون، ما نشهده تحت أنوفنا و إن تفاوتت قدرتنا على رؤيته. و لما كانت اللغة هي أبرز مظاهر الثقافة، فلقد أخذ التدهور شكل فرض لغة أجنبية عاجزة و متخلفة أسبغ عليها الخبراء الأنجلو-أمريكيون لقب "الفصحى" محل لغة قومية قادرة و متقدمة رماها نفس الخبراء بصفة "العامية ". و سار "المتعلمون المصريون" ـ و القوسان هنا مرة أخرى بهدف التحفُّظ فهم ناقصو التعليم مهزوزو الانتماء ـ في أعقاب أولئك الخبراء دون بصرٍ أو بصيرة. و بالتالي لم يتوقف منهم أحد أمام المغزي الكامن في ضم مدرِّس اللغة العربية "الفُصحى" ضمن الفئات الأربعة التي قضت قواعد الرقابة العسكرية خلال العهد الناصري ألاَّ تظهر بصورة سلبية في الأعمال الإذاعية و التلفزيونية المُسماة فنية. و في هذه الأعمال ارتفعت هامة ذلك المدرس الذي كان الفن المصري-المصري قد أشبعه قبل-يوليو سخرية، رأساً برأس مع الضابط و القاضي و رجل الدين(الشيخ).اللغة لا العقيدة هي تابو العرب : و إذا كان للتاريخ العربي أو "التاريخ الإسلامي" كما يحلو وصفه للمؤرخين الغربيين و وراءهم يسير مؤرخونا، يكشف لنا، بوضوح البلور أن الـ "تابو" لم يكن العقيدة المُحمدية بل اللغة العربية، فبينما خضع الفقهاء للسلطة الزمنية في نهاية المطاف و صار لزاماً عليهم أن يُؤولوا و أن يُحوِّروا و أن يلحسوا ما أكدوه أمس لصالح ما يطلب منهم أسيادهم أي أولياء نعمهم اليوم، و تفرَّفوا في ذلك مذاهب و شيعاً تستعصي على الحصر، و بلغت الجرأة بهم أن يحذفوا و أن يُضيفوا، حسب أهوائهم و مصالحهم، إلى النصوص المقدسة ذاتها ، و هو ما لم يستطع أن يفعله اللغويون مع أبواب النحو أو الصرف أو النطق أو حتى الإملاء، و عندما تفرَّقت الآراء إزاء قواعد الإملاء بين البصريين و الكوفيين لم يُكفر فريق منهم الفريق الآخر. و بذلك يكون اللغويون قد واصلوا نهجهم في الحفاظ على "قداسة" اللغة و توسَّعوا في بسط أصقاع ممالكهم. و معنى القول أن "اللغة العربية"(الفُصحى) تفرض ثباتاً على العالم المُتغير بطبعه أكثر مما فعلت أو تفعل العقيدة المُحمدية، و هو الأمر الذي دار على عقبيه كي يُعمِّق العقيدة مرة أخرى . و جاء تعميق اللغة للعقيدة تحت ظل واحدة من الخرافات التي ترصف عقول "المتعلمين المصريين" و تجري على ألسنتهم جري البديهيات حول "قداسة" ما يُسمونه "اللغة العربية الفُصحى" بصفتها لغة القرءان. و بذلك يهملون الحقيقة التي تذهب إلى أن قداسة أي نص في أي لغة بشرية لا تستطيع مد قداستها بحيث تشمل اللغة التي كُتب بها بأسرها(لتفصيل ذلك راجع "الترجمة فن" للحر الفقير). أمريكا و الإسلام: ساق السيد "أوباما ما أسماه ببداية جديدة في مطلع الخطاب. لكن هذه البداية الجديدة لم تنطوِ إلاَّ على نصف حقيقة: أمريكا و الإسلام لا يستبعد الواحد منهما الآخر، و لا حاجة هناك في أن تقوم العلاقة بينهما على التنافس، و بعبارته الخاصة: America and Islam are not exclusive and need not be in competition. فالأدق أن الولايات المتحدة بخاصة و الغرب بعامة إنما تستخدم شكلاً من أشكال الديانة المُحمدية و بالتحديد الشكل الأصولي في فرض التخلف على من يطلقون عليها ـ زوراً ـ البلدان الإسلامية. و إلاً فأين هو "العالم المسيحي" بل و أين هو "العالم البوذي"...إلخ و لماذا تريد الولايات المتحدة لنا وحدنا أن ننتمي للديانة دون الأرض التاريخية مثلما تفعل دول العالم الأخرى، فالأمريكيون ينتمون إلى أرضهم "أمريكا" و الفرنسيون إلى أرضهم فرنسا و كذلك الروس و الترك و الهنود و الأفغان...إلخ و لا ينتمي أي منهم إلى دياناتهم التي يتعبدون خلالها للخالق سبحانه. فليس هناك من يجرؤ أن يسمي الأمريكيين مسيحيين أو حتى بروتستانت. و أضاف السيد "أوباما" أن الإسلام جزء من الولايات المتحدة، و أن عدد المُسلمين الأمريكيين يصل إلى سبعة ملايين نسمة . و أشار إلى أن الولايات المتحدة تُعد أكبر دولة إسلامية. و لست أفهم ما يقصده السيد "أوباما" بذلك، اللهم إلاَّ أن يكون متفقاً مع العالم الأمريكي العظيم، أكبر دماغ لغوي ظهر في النصف الثاني من القرن العشرين "نعوم تشومسكي": تُعد الولايات المتحدة واحدة من أكثر المجتمعات الدينية الأصولية المتطرفة في العالم" و بعبارته هو : The US is one of the most extreme religious fundamentalist societies in the the world. Left Hook,Feb,4,2004 . و هو الأمر الذي يستبعده الحر الفقير بطبيعة الحال و بصرف النظر عن المعيار الذي استخدمه سيادته كي يصوغ نتيجته تلك، إذا كان عنده معيارٌ أصلاً في هذا المجال ، فالسؤال الذي يشرئب برأسه في هذا الصدد هو: هل سيخجل "متعلمونا" و على رأسهم أكاديميونا و يكفون مرة و إلى الأبد عن إرسال غباءاتهم بسعادة و انشكاح حول عداء الغرب للإسلام و الإسلام للغرب؟ أم أن جبلِّتهم ستحول بينهم و بين التقاط المعنى الواضح في عبارة السيد "أوباما"، مثلما حالت دونهم و فهم عشرات و ربما مئات الإشارات الضمنية و الصريحة الأخرى إلى احتضان الغرب للإسلام لاستخدامه ضد المُسلمين منذ الغزو الفرنسي {الميمون} للشرق بدءاً بمصر مروراً بالحاج "محمد هتلر"؟ و ليس بخافٍ على أحد أن كافة الفضائيات التي تملكها الشريحة التي ترتبط عضوياً بالولايات المتحدة، تلك التي استقرت على تسمية نفسها بنفسها: رجال الأعمالBusinessmen، إنما تروِّج بصفة منهجية خلال برامجها للجهالات و الخزعبلات و الخرافات و الفتاوي التي تشكل عدواناً فاجراً على العقول و الأفئدة معاً في مصر و المنطقة بأسرها، و بعبارة أخرى على كافة عقول و أفئدة الناطقين أو الذين يحاولون النطق باللغة العربية {الفصحى}. عند سفح الأهرامات : و في نهاية الزيارة الخاطفة وقف السيد "أوباما" موقف الزهول عند أقدام تمثال "أبوالهول" و سفوح الأهرامات. و يبدو أن كاتب الخطاب إما أنه لم يضع في حسابه جولة الرئيس الأمريكي الجديد في هضبة الأهرامات التي ضمت الأعجوبة الخالدة التي لا تزال صامدة في وجه الدهر من الأعاجيب السبعة التي عرفها العالم القديم. و إلاَّ لكان سيادته قد سهَّانا و نسبها للشيخ "صايم الدهر" و كرر الكذبة التي يلقنها الأمريكيون لتلامذتهم في مدراسهم على أنها واقعة تاريخية: مدفعية "نابليون بونابرت" هي التي قصفت أنف "أبوالهول "! و إما أن سيادته قدَّر أن احتشاد السيد "أوباما" بالمقولات الأمريكية عن العالم الاسلامي سوف تصرف شاباً أمريكياً مثله عن عظمة الفراعنة الأمجاد بعد أن نجحت في صرف أبناء هذه الحضارة التي تُعد أعظم حضارة عرفها بنو الانسان في العصرين الحجري الحديث و البرونزي، عن حضارة جدودهم ، بل و زادت تلك المقولات الأمريكية فحوَّلت ما يعرفه العالم من هوس مصري Egyptomania إلى كراهية لذات نفس الحضارة المجيدة:. Egyptophobia الأمريكيون و التهديد الإسلامي: خصصت مجلة "التايم" الأمريكية عددها الصادر في 30 سبتمبر/توت 2002عشر صفحات كاملة لكتاب باسم "أبراهام: رحلة إلى قلب ثلاث عقائد" Abraham: a journey to the heart of three faiths لمؤلفه المدعو: "بروس فيلر": Bruce Feiler. و في هذا الكتاب الذي حظي بحفاوة كبيرة من جانب مجلة أمريكية بانتشار "التايم" رأى كاتبه أن "أبراهام" هو والد كلٍ أتباع الديانات الثلاثة، و الأدق الديانة الابراهيمية السماوية . و السؤال: هل يُساهم طمس انتمائنا سُلالياً للمصريين القدماء، و بينهم الفراعنة العظام، في قبولنا للعهد الذي قطعه "يهوه" مع "أبراهام" عليه السلام "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير الفرات" التوراة. سفر التكوين الاصحاح 15 الآية رقم 19. و هو العهد المُقدس الذي يستند إليه الاسرائيليون المتدينون في رفعهم لشعار "إسرائيل الكبرى ". و الأمر ليس مقصوراً على عدة صفحات في مجلة "التايم"، فمجمل الخطاب الأمريكي يردد هذا القرار باستمرار، مما لا يتحمَّل الوقت التوقف أمامه. و لكن يكفي أن نُعيد إلى الأذهان كتاب "جون ل. إسبوزيتو" المعنون "التهديد الإسلامي: خرافة أم حقيقة؟ ترجمة د.قاسم عبده قاسم. دار الشروق 1998. و هو الكتاب الذي انتهي فيه صاحبه إلى أن ذلك التهديد خرافة . و قد يكون من المفيد للقارئ أن نتأمل فقرة واحدة من هذا الكتاب: {و قد اتهمت المنظمة المصرية لحقوق الانسان، متعامية عن استخدام الحكومة العشوائي للنيران و القتل و الاعتقال التعسفي، أعضاء الجماعات الإسلامية بأنهم في الحقيقة مسؤولون عن مجمل انتهاك حقوق الانسان(بما في ذلك موت المسيحيين و الشرطة و السياح الأجانب) في مصر العُليا .} و أخطر مافي هذه الفقرة و في الكتاب بأسره يتلخَّص في أن صاحبه يريد من قارئه أن ينظر إلى الكهنوت و العسكروت في مصر على أنهما جهتين متصارعتين و ليس جهة واحدة يعقد تحالفها منذ فجر يوم الأربعاء المشؤوم 23 يوليو/أبيب 1952 العداء الذي لا يعرف هوادة للأمة المصرية في حاضرها و مستقبلها و ماضيها من جانب و الولاء الذي يجهل كل سقف للولايات المتحدة بصفة خاصة و الغرب بصفة عامة من جانب آخر.مركز إسبوزيتو: و لسوف أرجئ الحديث لضيق الوقت عن "مركز دراسات الاســـــــــلام و الديمقراطية " Center for the study of Islam and Democracy إلى وقت أرحب و مساحة أوفر، مع أن أنشطة المركز تتصل بموضوعنا اتصالاً وثيقاً بل و تصب في نفس الهدف الأنجلو-أمريكي: استغلال قراءة مُعيَّنة للديانة المحمدية في قمع أتباعها و إذلالهم و تدمير مواردهم لمصلحة الولايات المتحدة بخاصة و الغرب بعامة . و لست أكشف سراً هنا بأن هذا السيد قرر قبل عدة سنوات أن يعقد مؤتمراً في "الكاهرا" حول الاسلام المعتدل و الديمقراطية على أن يدعو إليه ممثلين من الدول الاسلامية. و دعا إليه عدداً من المفكرين الاسلاميين من المصريين، بينهم الحر الفقير. و لكنني اعتذرت عن تلبية الدعوة كمشارك بورقة عمل. و عندما عدَّل المنظمون دعوتي إلى مُستمع كررت اعتذاري. و كنت أملك أسباباً لا أزال أراها وجيهة حتى الآن، على رأسها ارتباطه بأجهزة الأمن في بلاده . تمثالا بوذا: في خضم موجة الاستياء التي عمت العالم في أعقاب التدمير الذي طال تمثاليْ "بوذا" العملاقين في مقاطعة "بانيان" بأفغانستان يوم 1مارس/برمهات 2001 في إطار تدميرها لكافة التماثيل في البلاد، نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية يوم 19 مارس/برمهات 2001 تحقيقاً صحفياً بعنوان {الوجه الحقيقي للإسلام} و هو التحقيق الذي بارك فيه كاتبه: "زخاري كارابيل" الإسلام في مصر . و تصاعدت بركاته حتى وصف غابة الميكرفونات التي تتفجر بالآذان على هذا النحو: {لا تطرق آذانك أصوات السيارات أو ضجيج المصانع بل الدعوة إلى الصلاة و هي تتردد في أنحاء المدينة، فتذكر كل من يسمع برحمة الخالق. فيغدو الأمر أشبه بسمفونية آسرة! ص 25} و قد تصادف تواجد صديقي المستشرق السويدي "إنجفار ريدبيرج" في الكاهرا خلال نفس الأسبوع الذي نشرت فيه نيوزويك" تحقيقها.
و عندما نظر إلى بجنب عينه ساخراً و سد أذنيه حتى انتهى جعير الميكروفات ثم تبسَّم و كأنه يهمس: ـ دا هو الشرق اللي بتطالب له بالحرية!و كان ان رددت على ما فهمته منه من فوري: ـ دا الشرق اللي الغرب صنعه!و كان أن نفى أي مسؤولية للغرب في صناعة هذا الشرق الذي لا يحترم حقوق الآخر!و لكنني عندما أريته تحقيق الـ "نيوزويك" هذا بلع لسانه.عبر الأطلنطي : و لعل الأدب الأمريكي بخاصة و الغربي بعامة الذي يتلوى كتابه تدلهاً في مدحهم و امتداحهم لحضارتنا "الإسلامية" أكبر من أن يُحيط به إحصاء أو يُلم به استقصاء. و يكفي هنا أن أعبر الأطلنطي إلى بريطانيا. و لن يزيد حديثي في هذا الخصوص عن التوقف أمام "المعرض" الذي طاف المدن الكبرى في المملكة المتحدة. و كان ذلك المعرض يحمل اسم "إكتشف التراث الإسلامي في عالمنا"Discover the Islamic Heritage in our World. و كنت موجوداً في "كارديف" عاصمة "ويلز"، في نفس الوقت الي استقر فيه المعرض في المتحف القومي بالمدينة لمدة تزيد على شهر. و كان واضحاً أن منظمي المعرض إنما يُخاطبون، مثلما فعل "أوباما" في خطابه بجامعة الكاهرا، بالدرجة الأولى، ما يسمونه "العالم الإسلامي". إذ أن المعرض ملئ بالمغالطات و الأكاذيب، مما لا يدْرسونه هم و لا يُدرِّسونه لأبنائهم في مدارسهم. فالمعرض يقول على سبيل المثال أن "الساعة المائية" من اختراع المُسلمين و ينسبها تحديداً إلى "الجزري". في حين يكتب "آر. هاميلتون" في كتابه "مصر القديمة": For even shorter periods of time the water clock or clepsydra was used. The earliest known example of this device dates from the 18th dynasty c.1500 BCR.Hamilton Ancient Egypt,Parragon Book 2005,p.231. و يضيف المعرض، الذي لا أزال أحتفظ بالـ "بروشير" الخاص به حتى الآن، ما يثير الغثيان. و أقصد نسبة اختراع الطيران للسيد "عباس بن فرناس" في القرن التاسع! و بطبيعة الحال يُعلمون تلاميذتهم الحقيقة التي يضنون بها علينا، و هي: الأخوان "ويلبور" و "أورفيل رايت" Wilbur and Orville Wright هما اللذان اخترعا أول وسيلة طار بها بشر في أجواز الفضاء. و في "المتحف القومي للطيران و الفضاء" في معهد سميثسن بواشنطون العاصمة لا يحتفظ الغربيون و أقصد الأمريكيين بطبيعة الحال بوسيلة "عباس" بل بطائرة الأخوين "رايت"!عن البداية الجديدة : لم يبق في ظني للمرء سوى أن يتساءل: ألم نشبع من البدايات الجديدة، التي لم يكف الرؤساء الأمريكيون عن إعلانها عُقب وصولهم إلى كرسي الحكم اعتباراً من الرئيس الأمريكي الثامن و العشرين "وودرو ويلسون" و مبادئه الأربعة عشر حول تقرير المصير وحتى الرئيس الأمريكي الأسود؟ حقيقة الأمر أن المصريين-المصريين بحاجة ماسة إلى بداية جديدة، و لكن حقيقية من الإدراة الأمريكية. هذه البداية الجديدة معنا تأخذ شقين: الأول أن تعتذر الولايات المتحدة عن تدبيرها و تنظيرها و تأييدها للجريمة التاريخية التي تتمثل في انقلاب يوليو/أبيب الأمريكي، مثلما اعتذرت عن تأييدها للإنقلاب العسكري الذي سيطر على الحكم في "أثينا" لسبع سنوات طويلة و مريرة في أوائل سبعينات القرن العشرين. الثاني أن تكف عن مواصلة تأييدها و تمويلها و تخطيطها لتحالف العسكروت و الكهنوت الذي وضعه الانقلاب الأمريكي المشهور في عرش مصر . و هو الإنقلاب الذي بدأ سلسلة جرائمه بقبوله لـ "النقطة الرابعة"، على عكس ما كانت الحركة الوطنية ترى من ضرورة رفضها. و لعل بعضنا، إن لم أقل مُعظمنا، يذكر الكتاب الذي أصدره الشاب "مُصطفى مُؤمن" بعنوان "النقطة الرابعة و الاستعمار الأمريكي الجديد" في مارس/ برمهات 1954 في ضوء الانقلاب الذي لا يزال مستمراً و لا يزال يواصل نجاحاته يوماً إثر يوم في إنهاء وجود أكبر واحة منقولة في العالم: مصر
#بيومي_قنديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|