|
إجلاء الحقيقة في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 819 - 2004 / 4 / 29 - 08:11
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
مدخل أساسي لقيام دولة الحق و القانون أكاديــر 24 و 25 أبريل 2004 إحيــاء للذكــرى 25 لاستشهــاد المناضــل: محمد كرينــة نبــذة عن حيــاة الشهيــد محمــد كرينــة : ـ إزداد محمد كريبة عام 1959 باكادير . ـ تابع دراسته الابتدائية بمدرسة المختار السوسي بأنزل . ـ انتقل فيما بعد إلى ثانوية ولي العهد بآكادير ، حيث اشتهر بتفوقه و حسن سيرته . ـ عندما أنــهى الشهيد السلك الأول من الثانوي التحق بثانوية الخوارزمي بالبيضاء لدراسة الهندسة المدينة . ـ حظي الشهيد بثقة زملائه الداخليين في الثانوية فأصيح المتحدث باسمهم . ـ حصل في الدورة الأولى من السنة الدراسية 78ـ79 على تشجيعات مع تنويه خاص لنتائجه الدراسية و حسن سيرته وسلوكه . ـ عضو نشيط في الشبيبة الاتحادية ـ ساهم أثنــاء الحملة الانتخابية التشريعية في نشر مبــادئ و اختيارات الاتحاد الاشتراكــي و تعرض نتيجة ذلك لاعتداء إجرامي بتاريخ 29 ماي 1977 . ـ تناول الكلمة باسم الشبيبة الاتحادية في التجمع العام الذي انعقد بمقر الكتابة الإقليمية باكادير بمناسبة يوم الأرض 30 مالرس 1979 . ـ شارك في ذكرى إحياء يوم الأرض الذي دعت إليه المركزية النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل و الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تضامنا مع الشعب الفلسطيني . ـ تم اعتقال الشهيد بتاريخ 17 ابريل 1979 من داخل ثانوية الخوارزمي حيث دخلت قوات الأمن إلى داخلية الثانوية منتهكة بذلك حرمة المؤسسة . ـ بتاريخ 23 ابريل 1979 تم تقديمه للمحاكمة ، طالب الدفاع بعرض الشهيد على الطبيب إلا أن النيابة العامة واجهت الطلب بالرفض و ضمها لطلب الخبرة إلى حيث البث في جوهر القضية التي أجلتها المحكمة إلى غاية 30 ابريل 1979 . ـ بتاريخ 24 ابريل 1979 لفظ الشهيد أنفاسه الأخيرة من جراء التعذيب الوحشي الذي مورس عليه . قافلة الشهيد محمد كريبة اكادير 24 و 25 ابريل 2004 : نظم المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف يومي 24 و 25 ابريل 2004 قافلة الشهيد كريبة محمد ، و شاركت فيها مجموعة من المعتقليين السياسيين السابقين و عائلات المختطفين و المعتقلين و الشهداء ، و كان انطلاق القافلة ليلة يوم الجمعة 23 ابريل 2004 من الرياط شمال المغرب إلى اكادير بجنوبه ، و في ذلك دلالة على أن الوطن وحدة لا تقبل التجزيء كما يريد لها تحالف البورجوازية و الإقطاع ، و هي دلالة على أن دم الشهداء يسري في عروق هذا الوطن المعطاء رغم محاولة المتورطين و الجلادين لطمس الجرائم و إجلاء الحقيقة كل الحقيقة عن سنوات الرصاص ، و هي دلالة على أن أرواح الشهداء لا زالت معنا حية تطارد المسؤولين و المتورطين و الجلادين خلال سنوات الرصاص ، و هكذا يريد لها المختطفون و المعتقلون السياسيون و عائلاتهم و معه م المناضلين السياسيين و الحقوقيين ، لتذكيرالمتورطين في الانتهاكات الجسيمة بجرائمهم الشنيعة و حفظ الذاكرة و المطالبة بعدم الإفلات من العقاب عن الجرائم السياسية و الاقتصادية التي اقترفوها في حق هذا الوطن . قي الساعة الرابعة من يوم 24 ابريل 2004 الذي يصادف الذكرى الخامسة و العشرين لاغتيال الشهيد تم افتتاح الحفل بقاعة البلدية باكادير من طرف رئيـس المنتدى المغربي من أجــل الحقيقة و الإنصاف الذي ذكر بأهداف المنتدى و مغزى إحياء ذكريات الشهداء , و في جو من التضامن و الرفض لأوضـاع حقـوق الإنســان التي يتــم انتهاكــها من طــرف الإمبرياليــة و الصهيونية و وكلائها تــم ترديد شعارات التنديد بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في فلسطين و العراق و في حق الشعوب العربية و كل الشعوب المقهورة ، و تم الاستماع إلى مجموعة من الكلمات أبرزها : كلمة أم الشهيــــد : قالت زهرة لخضــر أم الشهيد : حسب تصريحات السلطة تم اعتقال ابني بتاريخ 17 ابريل 1979 من حرم ثانوية الخوارزمي بالدار البيضاء حيث كان يتابع دراسته بشعبة الهندسة المدنية ـ السنة السادسة ـ تم اقتياده إلى اكادير مرورا بإحدى مقرات مخافر الشرطة بالدار البيضاء . و بمخفر الشرطة باكادير تمت ممارسة شتى أنواع صنوف التعذيب الوحشي والهمجي على ابني حيث كانت الفترة الممتدة من تاريخ اعتقاله إلى غاية 23 ابريل 1979 ، تاريخ تقديمه إلى المحاكمة ، كافية لجعله غير قادر على الحراك ، ابني الذي كان شعلة وصحة و عافية ، ابني الذي كان محرزا على الحزام الأسود في رياضة الكاراطي ،عاينته أنا والدته ، مهدودا ، ضعيفا ، غير قادر على المشي في قاعة المحكمة . ذهب ابني إلى الدار البيضاء قويا معافى ، و عاينته غير قادر على الإستجابة للمناداة المتكررة لهيئة المحكمة ، فحمله اثنين من رفاقه و وضعوه مسجيا على كرسي قبالة الهيئة . الكل عاين ذلك، لكن رئيس المحكمة المسمى : عمــر أيت القاضــي و هو الآن عضو بهيئة المحامين رفض طلب الدفاع بعرض ولدي على الطبيب ، و قرر تأجيل البث في طلب إجراء الخبرة الطبية إلى حين البث في الجوهر ، أي إلى ما بعد وفاة ابني ـ ماذا يقول لزبنائه الآن بشان القانون و الحقوق ؟ و أجلت القضية إلى يوم 30 ابريل 1979 ، و كان ابني قد قدم نفس الطلب لوكيل الملك أثناء عرضه عليه يوم 21 ابريل 1979 دون جدوى . لقد كان قرار المحكمة بمثابة الحكم بالإعدام ... فثرت على قرارها و وجدتني أصرخ بأعلى صوتي في وجه القاضي و في وجه ممثل النيابة العامة المسمى : بن اسماعيل ، فهاجمتني عناصر السيمي و البوليس و طرحت بي أرضا ، و أشبعتني ركلا و ضربا ... و لم استفق إلا و أنا في المستشفى ... و علمت فيما بعد أنه تقرر تحويل جلسة المحكمة إلى جلسة سرية ... و لم يحل ابني على المستشفى إلا صبيحة يوم 24 ابريل 1979 بعد أن قضى يوم 23 ابريل 1979 منبطحا على الأرض في غرفة الإعتقال بالمحكمة ... و بعد أن تأكد مدير السجن مـن خطورة حالته الصحية ... بعد أن علمت أنه بالمستشفى ذهبت لزيارته ، فوجدته أشبه بالجثة الهامدة . أين ابني ، أين العشرين ربيعا ؟ الوسيم ، المفعم بالحياة . رغم ذلك كان شامخا . و رغم أن قواه الجسدية كانت ق د خارت إلا أنه كان لا يزال في كامل قواه العقلية ، مرتفع المعنويات ، أخبرني عن ظروف التعذيب التي مر به ا و التي لا تخفى عليكم : الشيفون ، الكريزين ، الكهرباء ، الطيارة ... كان في حراسته شرطيين أمام الباب زودني الشهيد بأسماء بعض الجلادين حيث ذكر منهم : الحسين رحال ، مصطفى الجديدي ، محمد بنونة ، البحباح ، و كلهم عناصر من الشرطة كانت تبحث بشكل عدواني ، و قد أدركت من طريقة بحثهم أنهم يستهدفونه بشكل يدعو للتساؤل : من أين لهؤلاء الموظفين بكــل هذا الحقد ؟ ضربات أحديتــهم على الباب صباح مساء ، تعليقاتهم المستفزة : " أش كيسحاب رسو بغا يدير فيها المهدي بنبركة " " كيقرا مزيان ، خايفة عليه بزاف و الله لا عمرك شفتيه " " ما بغيتيش تعطينا العنوان كلام بديء غادي نجيبوه " . و للإشارة فقد تم اعتقال : ابنتي فاطمة و هي ما زالت بعد تلمـيذة في الإعــدادي ، و مورست عليها شتى أصناف التعذيب لكي تزودهم بعنوان أخيها ـ كما يزعمون ـ و تم الزج بي غير ما مرة في مخفر الشرطة بمفردي و مرات بصحبة زوجي بدعوى يحثهم عن العنوان ، و لم يسلم من ذلك حتى ابني الرضيع المزداد بتاريخ 24 ابريل 1978 . و ليلية 24 ابريل 1979 لفظ ابني أنفاسه الأخيرة على الساعة 9 و 5 دقائق مساء . كان محمــد قد أوصاـني بان أحضر له مشروبا غازيا " اورونجينا " و كنت قد وعدته أن أحضره له و لو ضد رغبة الطبيب ، لأنني أحسست أنها ربة محتضر ، و في صبيحة يوم : 25 ابريل 1979 على الساعة السادسة صباحا حضرت إلى المستشفى و معي قنينة الآورنجينا ضمن الحاجيات التي تحمل للمرضى ... فوجدت السرير خاليا ، ابيضا . بحثت عن ابني ، عن الطبيب ، عن الممرضين ، لم أجد أحدا . كدت أجن . فإذا بشرطي يلحق بي و يخبرني بأن ابني قد التحق بقافلة الشهداء على الساعة 21:05 و أنهم يعتزمون دفنه على وجه السرعة على الساعة السابعة صباحا في مكان مجهول ، و حثني على التحرك ، و أوصاني بالكتمان و قال إنه فعل ما فعل لما علم أن ابني من أصول صحراوية مثله ، سأحفظ له هذا الجميل ما حييت . توجهت رأسا إلى مقر الإتحاد الإشتراكي ، موجة القمع كانت مسلطة على جميع المناضلين ... تمكنت من إخبار المكتب السياسي ، و تم نشر الخبر في الصحافة . تم استرداد الجثة ، و أقيمت جنازة تاريخية تليق بمقام وسام الشهادة الذي تقلده ابني ، و حين احتضان الأرض لجثمان ولدي أطلقت ثلاث زغرودات خرجت من فمي ... إذ منذ ذلك التاريخ و حتى حين زفت بناتي إلى أزواجهن لم أتمكن من إطلاق أي زغرودة كما تفعل كل الأمهات . و مباشرة بعد الدفن ، انهار كل الجهد الذي كان بحوزتي .. فقدت القدرة على الحركة والكلام . و بدأت رحلــة التنقل بين المستشفيــات . و على إثـر إحدى نوباتي العصبية ، تفتق ذهـن المسؤولين على ضرورة نقلي إلى مستشفى للأمراض العقليــة ، حيث كــاد برنامجـــهم " العلاجي" أن يذهب بعقلي ، لولا العناية الإلهية و تدخل عائلتي في الوقت المناسب . تشرد أطفالي مدة سنة كاملة بين والدتي و أختي . و توقف أكبر أبنائي عن الدراسة من هول الصدمة عند مستوى الخامسة ابتدائي . حياتي اليومية بينت على المأساة . و كبر أطفالي يرون في كل رجل سلطة مجرما ، أيديه ملطخة بدم أخيهم . لقد اغتصبوا فلذة كبدي في الحياة ، اغتالوه ، و اغتصبوا حقي في أن أتمتع ناظري بشباب ابني ، حقي في أن أزفه يوما إلى عروسه / كما تفعل كل أمهات الدنيا . كان متفوقا في دراسته ، منذ سنه الحادي عشر كان يعمل خلال العطلة الدراسية في معامل تصبير السمك ، و في الميناء لتوفير مصاريف الدراسة .. و فوق هذا كان يحس بهموم الناس، لن أنسى أبدا عندما عبرت له عن خوفي مما يعبر عنه من أفكار و حاولت ثنيه عن متابعة مساره في انتمائه السياسي قال لي بالحرف : إنه يمكن أن يطاوعني في كل شيء إلا في قناعاته . لن أنسى أنني ودعت ابني معافى و هو متجه إلى الدار البيضاء، و قابلته في قاعة المحكمة في أرثــى ما يكو ن عليه الحال ، ثم في المستشفــى و هـو يبثني وصايــا المناضل المحتضر ، و في المقبرة و أنا أودعه بزغاريدي الثلاث . لم أنسى وجوه جلاديه و قد كنت أراهم يصولون و يجولون أمام عيني صباح مساء . لا أريد لمعاناتي أن تتكرر مع أفراد آخرين من مجتمعي ، و أعتبر نضالي و نضال عائلتي من أجل الحقيقة و من أجل ألا يتكرر هذا ، جزء من الالتزام الأخلاقي الذي التزمته تجاه ابني . كلمة فرع المنتدى باكادير : حضراة السيدات و السادة ضيوفنا الكرام ، نيابة عن ضحايا الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و الحريات الأساسية بجهة ســوس ماسة ، يسعدنا أن نرحب بقافلة الحقيقــة و بالمناضلين الحقوقيين و السياسيين الذين أبوا اليوم إلا أن يشاركوننــا هذه الذكــرى و أن يتواجدوا معنا في هذه المحطة النضالية الرائعة التي يخلدها المنتدى بتنسيق مع عائلة الشهيد كرينة ، احتفاء بالذكرى ال 25 لاستشها د هذا المناضل الفذ محمد كرينــة الذي لفظ أنفاسه الزكية من جراء التعذيب المفضي إلى الموت يوم 24 ابريل 1979 . أيها الحضور الكريــم ، أيها الضيوف الأعــزاء ، لقد أكدنــا في مؤتمرنا الوطني الأول أن حق إجلاء الحقيقة كاملة هو حق فردي و جماعي فهو يهم كل الضحايا و ذويهم كما هو مطروح على المجتمع و قواه الحية . لقد أكدنا منذ تأسيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة و الإنصاف ، أن حق إجـلاء الحقيقة كاملة مرتبط في الحق في الإستدراك و جبر الضرر يعد المساءلة و وضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب ، و كان واضحا لدينا أن مهامنا الأساسية و المركزية تكمن في المساهمة و البحث عن إجلاء الحقيقة و العمل على أن تتوفر الضمانات حتى لا تتكرر المآسي الأليمة لسنــوات الرصاص، و في مسيرتنا هذه ، نحن واعون كل الوعي ، و مقدرون لما علينا من مسؤوليات اتجاه الضحايا خاصة المعنيين منهم من مختطفين و شهداء أبرار . إن الديمقراطية و سيادة الحق و القانون هو مطلب ملح تقتضيه مصلحة البلاد التي لا تسمح بتاتا بالتغاضي عن جرائم الماضي و غض الطرف عن مرتكبيها . إن المحاسبة والمساءلة تفرضها الحقيقة و الإنصاف للضحايا و لذويهم و للجميع . إن النضال ضد الإفلات من العقاب يجب أن يظل جزءا من استراتيجية شاملة لحقوق الإنسان ، و أن يكون الغرض و الهدف من المكاشفة و البحث و التدقيق في ملفات الإنتهاكات الجسيمة و خرق الحريات الأساسية ، هم تحديد المسؤوليات الفردية و الجماعيــة ، و تقديم الحقيقــة كاملة للضحايا . لذا ، لابد أن تعطي هيئات التحقيق و البحث كل الصلاحيات و الوسائل اللازمة للقيام بمهامها و أن تنشر هذه الهيئة نتائج بحثنا حتى يطلع عليه المجتمع بأكمله . أما بخصوص التعويض و جبر الضـرر ، فعلنا أن ننظر إليهــما في السيــاق الشامل لتعزيــز و حماية حقوق الإنسان و الحيلولة دون تكرار ما جرى ، فالتعويض و الاستدراك هما وسيلتان لإصلاح ماضي الانتهاكات و وضع قواعد المستقبـل ، و قد يتوخى الاستـدراك في بعض من جوانبه الأخلاقية ما يلي : 1 ـ الكشف الكامل عن الحقيقة و تقديمها للمجتمع . 2 ـ الاعتراف علنا بالمسؤولية عن الانتهاكات المرتكبة . 3 ـ حماية الضحايا و ذويهم و أصدقائهم و كذلك الشهود . 4 ـ إحياء ذكرى الضحايا و تكريمهم . 5 ـ إنشاء و رعاية مؤسسات للعناية بالضحايا . 6 ـ تنفيذ القرارات المتعلقة باستدراك الأضرار اللاحقة بالضحايا تنفيذا مباشرا و سريعا . 7 ـ توفير الشروط و الضمانات لعدم تكرار ما جرى من الانتهاكات . أيها الحضـور الكريـم ، أيها المناضلـون الأوفيـاء الوافـدون على اكاديــر الصامدة ، التي قدمت نصيبها وافرا في ميدان النضـال و الشهـادة ، كما أدى المناضلــون فيها ضرائب الاعتقــال و التعذيب لبعضهم حتى الموت ... من أجلهم ، و من أجل مستقبل مشرق لهذا الوطن ، الذي نريده قويا مستقرا مزدهرا ، عندما تعم فيه الحريات ، و تنتفي فيه انتهاكات حقوق الإنسان ... إن ما سبق ذكره ، نعتبره من مستلزمات إجلاء الحقيقة و نؤكد على ضرورة إبلاغها للضحايا و المجتمع ، و لدينا كامل الثقة أن الهيئات السياسية و الحقوقية و النقابية و كـل المناضلين المخلصين ، يتقدموا بعزم لفرض الحلول الناجعة و بناء غدا أفضل ، مزيدا من النضال . المجد و الخلود للشهداء الأبرار كل الشهداء. كلمة لجنة التنسيق المحلية لاستقبال القافلة : يشرفنا في لجنة التنسيق المحلية لاستقبال قافلة الحقيقة باكادير المكونة من الهيئات السياسية و الحقوقية و النقابية الديمقراطية ، أن نرحب بممثلي الهيئات السياسية و الحقوقية و بكل المناضليين الوافدين على مدينة اكادير الصامدة ، بمناسبة إحيـاء ذكرى استشهــاد المناضــل الشاب محمد كرينة ، هذه الدكرى التي تحتفل بها عائلة الشهيد بتنسيق مع المنتدى المغربي من أجل الحقيقة و الانصاف . بهذه المناسبة العظيمة يسرنا نحن مكونات لجنة الاستقبال أن نؤكد أن عملنا هذا رغم بساطته نريده مساهمة رمزية تدخل في إطار نوحيد الجهود ، من أجل رد الاعتبار لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بالمغرب و لذويهم و للدفاع عن كرامتهم، و عن حق المجتمع ككل في معرفة حقيقة ما جرى من خرق و إهدار لحقوق الانسان و للحريات الإساسية ، و حمل الدولة على الإقرار بمسؤوليتها كاملة فييما جرى ، و تقديم الإعتذار للشعب المغربي و على رأسه ضحايا سنوات الرصاص و عائلاتهم . إننا نؤكد كذلك بتفس المناسبة أن طي صفحة و ملفات الماضي الأليم و ملفات سنوات الجمر و التي لا زال الضحايا و ذويهم يجترونها كما يجترها المجتمع برمته ، لن يتأتى إلا بكشف الحقيقة كل الحقيقة و حماية البلاد و تحصينها من تكرار و استمرار حالات التعذيب و سوء المعاملة في الحاضر خصوصا ، مع المقتضيات القانونية الجديدة التي تضمن تضييق هامش الحريات العامة ، و تحديد مدة الحراسة النظرية التي يكون خلالها المعتقلون أكثــر عرضـة للتعذيب ، و انتزاع الاعتراف تحت الضغط و الإكراه ، فمن أجل صون مجتمعنا و تفادي تكرار ما جـرى و استمــرار آثاره لا بد من وضع حد للإفلات من العقاب و لكـل أشكـال تحصين المسؤولين عن الجرائم الجسيمة لحقوق الإنسان ، و العمل على سيادة القانون و صون كرامة الضحايا بما يضمن إعادة الاعتبــار لهم و إعادة تأهيلهم صحيا و اجتماعيا و ضمان حقهم في جبر الضرر و التعويض المعنوي و المادي و كل تماد في عدم تمكين الضحايا و ذويهم من هذه الحقوق يعد ضربا لما تنص عليه المواثيق الدولية . و غير خاف عليكم و كما توضح ذلك العديد من التجارب الرائدة في تأسيس معايير و أليات إحترام وتعزيز حقوق الإنسان عبر العالم في نطاق تجارب الإنتقال إلى نظم الديمقراطية و حكم الحق و القانون في العقدين الماضيين /أنه لا يمكن لأية سياسة للإصلاح و جبر الضرر الملحق بالضحايا و المجتمع جراء الانتهاكات الجسيمة لحقــوق الإنسان ، أن تحتفـظ على معانيها الإنسانية السامية عندما تفرض فرضا و بمعزل عن فك عناصر إشكالية الإفلات من العقاب و اختزال جبر الضرر في التعويض المادي و جعله شبيها بشراء الذمم و كم الافواه . إن الضحايا في العالم بأسره يودون معرفة و لقاء جلاديهم لمساءلتهم ، فالحقيقة لا تستقيم إلا إذا أعلن هؤلاء الجلادون عن أسياب و تفاصيل الإختطافات و التعذيب ، و العفو كما الصفح يظل بيد الضحايا و لا يمكن لأية هيئة أن تقف مكانهم ، و في حالة تنافي هذه الشروط و هي معايير دولية تضيع المسؤوليات ، إن التعويض المادي وحده لا يرد الاعتبار و الكرامة كما أن الوعود لا تكفي لتجاوز الماضي الأليم و إرساء قواعد الحق و القانون ، إن الانخراط المسؤول في عملية المكاشفة و معالجة مخلفات سنوات الرصاص يقتضي : 1 ـ إعادة الاعتبار للشعب المغربي من خلال الكشف عن الانتهاكات الجسيمة و إعادة النظر في الامتيازات التي يحظى بها كبار المسؤولين لتسهيل عمليات الحقيقة و مساءلة المتورطين عن التعذيب و المعاملات القاسية و نهب المال العام و ثروات البلاد . 2 ـ الإعتذار الرسمي و العلني للضحايا و للشعب المغربي على ما وقع من مس خطير بالحريات و الحقوق الأساسية . 3 ـ إجلاء الحقيقة كل الحقيقة عن ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان . 4 ـ الكشف عن مصير كافة المختطفين ضحايــا الاختفاء القسري و إطلاق سراح من لا يزال منهم على قيد الحياة . 5 ـ تسليم رفاة المتوفين لذويهم و تمكينهم من شواهد الوفاة . 6 ـ إطلاق سراح من تبقى من المعتقلين السياسيين . 7 ـ جبر الضرر بما في ذلك تمكين الضحايا و ذويهم من خدمات العلاج و التأهيل و الاذماج و التعويض المعنوي و المادي . 8 ـ عزل الجلادين و المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة من مراكز المسؤولية التي ما زالوا يمارسونها و محاكمتهم . 9 ـ حل كل الأجهزة القمعية السرية منها و العلنية المتورطة في الجرائم . 10 ـ تغيير الدستور الحالي بدستور ديمقراطي ينص على فصل حقيقي للسلط و يمنح السيادة للشعب و للتنصيص على سمو المواثيق الدولية التي تجرم التعذيب و تقدس الحق في الحياة . إن إحقاق هذه الحقوق و توفير الشروط السياسية هي الكفيلة بالقضاء الكلي على المسببات التي أنتجت تلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على امتــداد المرحلة السابقة و ستمنــح الثقة و الأمل لأجيال المستقبل في وطننا . في الختام نود الترحيب مجددا بضيوفنا و نتمنى لقافلة الحقيقة مقاما سعيدا بيننا في اكادير الصامدة كما نتمنى صادقين لكل المناضلين من أجــل إجلاء الحقيقة كاملة مزيدا من الصبر و النضال . و لا يسعدنا إلا أن نكرر مع كل المناضلين الحقوقيين و السياسيين أن إقامة نظام ديمقراطي و حكم الحق و القانون سيبقى المدخل الأساسي و الضمانة الوحيدة لعدم تكرار ما جرى و ما هو مستمر من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ، لتحقيق ذلك لا بد أن تتحمــل التنظيمــات السياسية و الحقوقية و النقابية الديمقراطية التقدمية مسؤولياتها . تحية إجلال و تقدير لشهداء الشعبين الفلسطيني و العراقي تحية العهد و الوفاء لكل شهداء الحرية و الكرامة شهداء الشعب المغربي ، كل الشهداء و دمتم للحقيقة أوفياء .
و انتهى اليوم الأول بأمسية غنائية شعرية ملتزمة . و في اليوم الثاني كان لنا لقاء مع الهيئات السياسية التقدمية و الديمقراطية التي أبرزت مواقفها حول ملف الانتهاكات . و سنوافيكم بتقرير لاحقا.
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروع ورقة حول الامازيغية و الصراع الطبقي
-
مكافحة الإرهاب وآثاره السلبية على حقوق الإنسان
-
واقـع المتضرريـن من سـد أولـوز و حماية الحق في التنمية
-
العمل التنموي بالبوادي والأحياء الشعبية وحماية الحق في التنم
...
-
آفاق الحماية والنهوض في المرحلة الراهنة
-
القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج في التكوينات الاجتماعية التناح
...
-
الأمازيغية و النضال الديمقراطي الجذري
المزيد.....
-
روسيا وقطر.. تعاون بقضايا استراتيجية
-
في قطر... أول لقاء بين الشرع والسوداني بعد أشهر من الحذر
-
علماء: رصد أقوى -مؤشرات- للحياة في كوكب خارج النظام الشمسي
-
أهالي حمص السورية يستقبلون الحجاج الإسبان بأهازيج الترحيب (ص
...
-
السلطات البولندية تخفي معلومات عن الانفجار في مطار شوبان منذ
...
-
سيناتور روسي: ماكرون يحاول استدراج ترامب لمعسكر الراغبين باس
...
-
القوات الأمريكية تعلن تدمير منصة وقود في ميناء رأس عيسى اليم
...
-
ما الذي جرى خلال لقاء السوداني والشرع في قطر؟
-
فجوة بين نتنياهو وترامب مع تصاعد الخلاف بشأن إيران
-
قيادي في “حماس” يكشف لـCNN موقف الحركة من المقترح الإسرائيلي
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|