|
متهمة السعودية والكويت بعدم التعاون ، الحكومة العراقية تكشر عن انيابها وتلوح بالقوة
حيدر سهر
الحوار المتمدن-العدد: 2674 - 2009 / 6 / 11 - 09:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ أنهيار النظام السابق وليومنا هذا ما زال الموقف العربي سلبيا تجاه العراق ، لا بل ان الانظمة السياسية العربية لم تقف يوما مع الشعب العراقي طيلة العقدين الماضيين، وجميع الاحداث المؤلمة التي وقعت في العراق تجد اليد العربية حاضرة فيها بقوة ، من زجه في حرب ضروس مع الجارة ايران وبتحريك وتمويل من هذه الدول والتي راح ضحيتها مئات الالاف من العراقيين حطب لهذه الحرب ، وصولا الى اجتياح الكويت على يد النظام السياسي السابق والخروج العراقي المذل منها على يد القوات الامريكية ، الى قمع الانتفاضة الشعبانية التي قام بها العراقيون في الجنوب ، فكل هذه الاحداث المأساوية كان للحكومات العربية دور فيها ، بل ان هذه الدول اصرت على ايقاف تقدم العراق وتجويع شعبه بالموافقة على فرض حصار ظالم استمر سنيين عجاف، ومن القرارات الظالمة التي كان ( للاخوة العرب) يد فيها هو وضع العراق تحت البند السابع والذي اصبح بموجبه تحت الوصاية الامريكية بأعتباره بلدا يهدد السلم والامن العالمي بعد احتلال النظام السياسي السابق للكويت وبموجب هذا القرار اصبحت قرارات هيئة الامم المتحدة ملزمة له فخسر العراق سيادته بسبب هذا القرار واصبح تحت الوصاية الامريكية. ومما لاشك فيه ان بعض الدول العربية المجاورة للعراق كالكويت والسعودية اعطت الضوء الاخضر للحكومة الامريكية لاجتياح العراق واسقاط النظام الحاكم ، الا انها صدمت بالتغيرات الكبيرة التي حدثت فيه ، ولم تفق للان منها بسبب نظريتها الضيقة ، فالكويت لم تخرج من عقدة الخوف من عراق قوي موحد بسبب اجتياح النظام السابق لها، اما السعودية فالعقدة الطائفية ملازمة لحكامها ومواقفهم المعلنة بعدم القبول او الاعتراف بشرعية الحكومة العراقية الجديدة ، ورغم محاولات الحكومة العراقية لمد يد الصداقة لهذه الدول وطمئنتها بان يكون العراق موحدا عربيا يحترم سيادة جيرانه ، الا انها لم تكترث لذلك ، بل انها حاولت جاهدة وبكافة الطرق لجعل الوضع السياسي والامني هشا في العراق. فقامت هذه الدول بتمويل الجماعات الارهابية المسلحة واصدار فتاوى من شيوخ السلطان بتكفير الحكومة ومن يعمل معها مستفيدة من بعض مراهقي السياسة العراقية لتنفيذ هذه العمليات لجعل العراق مضطربا غير مستقر. ان من تركات احتلال الكويت من قبل النظام السابق هو وضع العراق تحت البند السابع ، فأستفاد الكويت من هذا القرار بأخذ التعويضات عن الاضرار التي لحقت به جراء الاحتلال، وأخذت تعويضات كبيرة تصل الى 33 مليار دولار وما تقبى من ديون على العراق 22 مليار دولار ، ورغم المطالبات العراقية بأيقاف دفع هذه التعويضات الا ان الحكومة الكويتية رفضت ذلك ، فقبل العراق بالامر الواقع . وبعد فترة طالب العراق من جديد مساعدة الكويت وهذه المرة لاخراجه من البند السابع وبالمقابل طمأنت السلطات العراقية للكويت بأيفاء كل الالتزامات المالية وبحل المشاكل العالقة بين البلدين بمشاورات ثنائية بعيدا عن القرارات الدولية الا انها رفضت ذلك ايضا!؟. لقد وقع العراق ضحية للصراعات الاقليمية والدولية ، فأحتلاله من قبل امريكا الطامعة في توسيع نفوذها في الشرق الاوسط من خلال عقد الاتفاقيات مع العراق وبالمقابل اصبح ضمن الدول التابعة لمحور الولايات المتحدة الامريكية والتي تعهدت وبموجب الاتفاقية الامنية الموقعة بين البلدين بالسعي لاخراجه من البند السابع ، يقابل هذا المحور محور ثاني تقوده روسيا التي عارضت احتلال العراق بسبب علاقتها المتينة مع النظام السابق فاحتلاله من قبل امريكا اضعف نفوذها في العراق ، لذا تحركت ببطء شديد نحو الاعتراف بالعملية السياسية الجديدة ، وبما ان الكويت خسرت حليفتها امريكا بسبب قوة العلاقة بينها وبين العراق اخذت بالبحث عن البدائل لمواجهة تحركات الحكومة العراقية للخروج من البند السابع ، وبما ان روسيا عضو دائم في هيئة الامم المتحدة والتي تملك حق النقض (الفيتو) لمنع خروج العراق من هذا البند فسارعت لفتح قنوات دبلوماسية مع روسيا لاجل هذا الامر ، ان سعي الحكومة الكويتية بعدم اخراج العراق من البند السابع لجعله اضعف وناقص للسيادة لتحقيق مأربها بتفتيت العراق وخلق الصراعات حتى يتسنى لها تحقيق اهدافها ولكي تتخلص من عقد العراق الدائمة. اما من جهة الصراعات الدولية وخاصة الدول العربية فقد عانى العراق الكثير بسبب انقسام العرب الى محورين الاول تقوده السعودية ومصر والثاني محور جديد متمثل بدولة قطر ، وهذا عزز في الصراع على جذب العراق الى احد المحورين بين هذه الدول ، فالسعودية ترفض ان يكون العراق تحت قيادة شيعية وحاولت بكل السبل لتغيير هذه الحقيقة مستعينة بنفوذها الكبير في جامعة الدول العربية وتحريك دمية امينها العام عمرو موسى من خلال عزفه على الوتر الطائفي واتهام الحكومة العراقية بالعمالة لايران ووضع جميع مشاكل العراق الداخلية والخارجية على شماعة التدخل الايراني ، ومطالبة الجامعة العربية بالتسريع في المصالحة الوطنية اي اعادة البعثيين للسلطة لحل مشاكل العراق العالقة ، وبهذا ستجذبه نحو محور السعودية. اما قطر فهي تحاول بين فينة واخرى جذب العراق نحوها من خلال الغاء ديونه وامورا اخرى . ولا شك ان وقوع العراق بين هذه الصراعات الاقليمية والدولية نتيجة لمصالح تلك الدول التي تريد تحقيق اكبر فائدة من العراق مستغلة وضعه السياسي الهش والتجربة الديمقراطية الجديدة من اجل تحقيق اهدافها، ومن هنا على الحكومة العراقية ان تميز جيدا بين الصالح والطالح من هذه الدول والاتجاه بخطى واثقة وسريعة نحو الدول التي تخدم المصالح الوطنية للشعب العراقي وعلى الحكومة ان لا تستسلم للضغوطات السياسية من اي جهة كانت وان لا ترفع راية الاستسلام حتى تحقق الاهداف التي تخدم الشعب العراقي. ان المواقف الاخيرة من قبل السلطات التشريعية والتنفيذية متمثلة بالحكومة ومجلس النواب مواقف تنم عن القوة والتفاؤل ،فجميع تصريحات المسؤولين بخصوص البند السابع الذي تحاول الكويت جاهدة لعدم اخراج العراق منه جاءت بردود فعل قوية ومن جميع الكتل السياسية ، متناسية المشاكل الداخلية الكثيرة وكل هذا من اجل اكمال سيادة العراق الناقصة وانتشاله من الوصاية الامريكية ، فالحكومة العراقية بهذا الموقف قد كشرت عن انيابها باتجاه الخارج بعدما حققت الكثير في الداخل من خلال مطالبة العديد من المسؤولين في الدولة برفع قضايا ضد الحكومة الكويتية لتعويض العراق عما لحقه بسبب سياساتها تجاه العراق والتي كانت سبب رئيسي في معاناة شعبه ، وما تلويح الحكومة بفتح الملفات القديمة بين البلدين اذا لم تقوم الحكومة الكويتية بمساعدة العراق للخروج من البند السابع مستفيدة من قوة علاقتها بالولايات المتحدة الامريكية ما هو الا تصريح جريء وقوي. فلدى الحكومة العراقية عدة اوراق تستطيع ان تناور بها ، مثل العلاقة المشبوهة بين النظام السابق والنظام الكويتي اثناء الحرب مع ايران وتمويلها لهذه الحرب ، وحرق الكويتيون للمؤسسات الدولة العراقية اثناء اجتياح العراق بشهادة الحاكم المدني بريمر الذي هدد الكويت اثناء حكمه بتحريك دعوى قضائية ضد الحكومة الكويتية لتجنيدها عناصر قاموا بالتخريب داخل العراق ، وكذلك استخدام اراضي الكويت لغزو العراق. ان تصريحات الحكومة التي خرجت عن لسان رئيس الوزراء نوري المالكي بأتجاه المملكة العربية السعودية والتي مفادها بان الحكومة اخذ صبرها ينفذ من استمرارها مد يد الصداقة والتعاون مع المملكة وهي تتجاهل ذلك ولا تستجيب لتلك النداءات ما هو الا تصريح ينم عن قوة، فالمملكة العربية السعودية الجميع يعلم بأنها من اقوى دول الشرق الاوسط لما تملكه من قوة اقتصادية كبيرة ونفوذ في اوربا وقوة العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية ، فتصريحات الحكومة هذه لم تأت من فراغ بل جاءت نتيجة تراكامات عديدة استمرت طيلة السنوات الست الماضية، نتيجة ان حكام المملكة لا يؤيدون الحكومة العراقية وهم دائما ما يقومون بخلق الفتن عند شعورهم باستقرار الوضع في العراق ، واخر هذه الفتن تصريحات امام الحرم المكي (الكلاباني) المعين من قبل السلطة بتكفير علماء الشيعة ، وعدم تحرك السلطات في السعودية للمبادرة من التقليل من هذه التصريحات او تأنيب من اطلقها على الاقل ، بل بقت صامتة تغض النظر عمن اطلقها ، فهذا الامر وغيره الكثير جعل الحكومة العراقية تخرج عن صمتها وتعلن بجدية موقفها من المملكة العربية السعودية ، وبعد تصريحات المالكي ستعمل السعودية جاهدة لاسقاط حكومته او الحد من الاعتراف بشرعيتها او تحقيق العراق لسيادته الكاملة عن طريق خروجه من البند السابع، فرئيس الوزراء بتصريحاته الجريئة فتح ابوابا كثيرة ، وعليه ان يكون على قدر هذه المسؤولية الكبيرة ، وعليه ان يكون قريب من الشعب عن طريق الدفاع عنه وعدم السكوت او الصمت عن حق هذا الشعب في الحياة والتي تحاول عدة دول تمزيقه وايقاعه في فتن طائفية وجعل شعبه وقودا لحروب يحارب نيابة عن دول اخرى كما حدث مع الجارة ايران طيلة ثمانية اعوام والدماء الكثيرة التي سالت على ارض الرافدين بفعل دول الجوار وما قدمته هذه الدول هدية لهذا الشعب بالسماح لامريكا باجتياح العراق وسفك الدماء تحت مرأى منها والان هي التي تطالب بخروج القوات الامريكية وتطالب العراقيين بالمقاومة. واخيرا نرفع القبعة للحكومة العراقية ونطالبها بالمزيد من العمل الجدي من اجل ارجاع حقوق الشعب العراقي والدفاع عنه وعن حقوقه المسلوبة رغم انها حكومة لينة العود وقليلة الخبرة في العمل السياسي.
#حيدر_سهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رجال الدولة فوق القانون
-
هجمات إرهابية تكشف عن ضعف في تكتيك الأجهزة الأمنية
-
ولاء العشائر وتغير المواقف
-
علاء والمطر
-
فليحيا الرئيس
-
لو كان أصبعي بعثيا لقطعته
-
باي باي امين بغداد
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|