تأبين الخالد الذكر هرمز ابونا

ياقو بلو

الحوار المتمدن-العدد: 2671 - 2009 / 6 / 8 - 05:02
المحور: الادب والفن
    

لهرمز أبونا* وللوطن الحلم
تحية حب
ياقـو بلو
-1-
تَمهلْ،وتعالَ نسقيها
ثمالةُُ كأسِِ دمِ بينِ ايدينا.
نومةُ المأفون بالغربة
ظلُ ريح مسافرة،
طويلةًُ مثلُ حكايةِ ليلِ عاشقِ غريب.
دعني اشم ما بين جوانحك
رائحةَ رغيفِ رحلتِكَ البعيدة
وامسحُ غبارَ الوَداع عن جبينك.
ايها الالقوشي1 المرتحلُ كل ساعة:
تمهل، النهار ينتظر...
عند سفحِ تلةِ في باطنايا2
القومُ يسجدونَ...
القومُ يستصرخونَ ان يمر طلُُّ السحر
القومُ ينطرونَ ذكرى فارسِ
قبل اوانِ الغَسَقِ
مر من هناك ركبُه وعبر
يرفعون اكفا ضارعةً،
تفترشُ الى السماء ربما طريق.
فأحذر وطأةَ قدمِك المحناةِ بالغربة،
عند صدى صريرِ ركيزةِ باب عتيق
رسمَ جدي الموبوءِ بخشيةِ الله...
شكلِ مسيحِ مجللِ بالسواد،
وكتب ابي تاريخَ اغتصابِ جدتي.
تمهل...
اتضرع اليك ان تتمهل
اخشى ان يصيرَ يومُ وداعِنا...
تذكارُ لحدِ وطنِ وامةِ خلت.
انت ساهم الى حيث لا تدري
انا ساهم الى حيث لا ادري
كلانا معلقُ حلمَه على صليب.
-2-
حط البحرُ بيننا رايةَ قرصانِ اعور
وسفنا حبلى بتنهدات اهلك واهلي.
عند كل ميناء غريب،
ربانُ سمينُ يذرِفُ دمعة
ويقول:نحن في فرنسا،
هنا قضى الاشوري "اغا بطرس" نَحبَهُ3.
وانت هناك بوصلةُُ تدور
تتمنى لو تحترقُ السفنُ
وتمحو عن خاطرك المتعب بالوطن
خرائطَ الغربة وشوارعِها
فدعني اختبأ بين صفوف شواخصك
وابللُ بقطري شواهِدك
خضراءَ مُسودةُ
بلون ربيع العشقِ في "شنعار"4
وترانيم خصب "شرقي آشور"5
تعال ايها الراحل الى بعيد:
افرش حناياك لأوجاعي مخدعا.
-3-
بيننا ذكرى وطن بلا سماء.
وارض وزمان بلا حدود.
بيننا بحر كوني لجوج...
دموعُ امهاتِنا...
ودمُ بكارةِ بناتِنا المغتصبات
تزرعُ عند شواطئه البعيدة:
شكلَ حُلمِ خارطةِ وطن
تحرسُ اربعَ بواباتِه المشرعة:
كركراتُ الصبية
وترانيمُ عشقِ الصبايا الاشوريات
وتحتضنُ ساريتَه عند حدب السماء...
ذؤآباتُ اميرة بابلية.
-4-
بيننا ذكرى كفنُ جدتي
وازارُ عرسِ امي الاشوري
و"حيداقل"6 تغتسلُ اصوابَه،
برضابِ النونِ الازرق او الابيض.
اما قلتَ ذاتُ مساء مطير:
انه قبل ساعةِ فجر الرحيل،
يصدحُ صوتُ الله اكبر
تقرعُ اجراسُ المشارقِ والمغارب،
وكل المدنِ تسجد عند اسوار نينوى؟
لنتعانق للوَداع ونتبادل نَخبَ الاحزان
الليلةُ،تهجرُ العصافيرُ ابراجَ النواقيس
الليلةُ تُحرقُ الكرمةُ الملعونةُ اغصانَها
الليلة حقَ ان تلد الاشورياتُ بنين
الليلة نتسامرُ للمرة ما قبلَ الآلاف
امضِ يا صديقي
اّزِف اوانُ الرحيل
الليلة عرسُ الاشوري ما قبل الاخير
إذن، لنقسم "بأنجيل"7 منفانا،
وبمهابة "آشور" جَدِنا
" اما ان نكونَ او لا نكون".8

ياقو بلو
[email protected]

*الدكتورهرمز ابونا هو المؤرخ الاشوري الكبير الذي وافته المنية في غربته في كندا يوم 27-4-2009،لقد تناول الخالد الذكر تاريخ الشعب الاشوري منذ سقوط نينوى حتى يومنا هذا بدقة متناهية وحيادية مفرطة استحق عليها تقدير واحترام المحافل العلمية في جميع انحاء العالم،وكان لصاحب هذه السطور الشرف الكبير ان يقول عنه هرمز ابونا يوما:ارى فيك صورتي.
1- القوش مسقط رأس الفقيد،وهي مدينة آشورية يمتد عمقها في التاريخ الى الاف السنين،تبعد عن مركز مدينة الموصل قرابة الاربعين كيلو مترا بأتجاه الشمال.
2- باطنايا مسقط رأس كاتب السطور،وهي بلدة اشورية تمتد جذورها في التاريخ الى عدة الاف من السنين كما يستدل على ذلك من تاريخها المدون،تبعد عن مركز مدينة الموصل قرابة العشرين كيلو مترا بأتجاه الشمال.
3- اغا بطرس احد كبار رجالات الامة الاشورية في القرن العشرين،كان قد نفي الى فرنسا ومات غريبا هناك في العام 1932،واثبتت الفحوصات الطبية انه مات مسموما، وقد اشارت كل الوقائع الى ان الانكليز كانوا هم من سموه للتخلص من صوته المدوي مطالبا بحقوق الشعب الاشوري وهو في منفاه.
4- الاشارة الى سهل شنعار الذي كان يعد اخصب سهول الارض،وكانت حقول القمح في الربيع تتراءى للناظر كأنها ذات لون اسود لشدة خضرتها.
5- يرد تعبير"شرقي اشور"في التوراة في سفر التكوين14:2،اي قبل ان يكون هناك آدم.
6- حيداقل هو نهر دجلة الذي كان قد خلقه الله ليسقي شرقي اشور كما ورد في نفس النص اعلاه.
7- الانجيل كلمة يونانية تعني:البشارة السارة.
8- عبارة مستعارة من الشاعر الانكليزي الاكبر وليم شكسبير،وقد وردت العبارة في مسرحيته الخالدة:هاملت.

#ياقو_بلو (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات