أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فريد زهران - مقدمة تقرير العنف ضد المرأة















المزيد.....

مقدمة تقرير العنف ضد المرأة


فريد زهران

الحوار المتمدن-العدد: 2671 - 2009 / 6 / 8 - 08:42
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تشى صفحات هذا التقرير بأن العنف ضد المرأة فى السنوات الأخيرة – وربما فى الثلاث عقود الأخيرة على وجه الخصوص – قد تزايد على نحو ملحوظ، ولعلنا لن نكون مبالغين إذا ذهبنا إلى أن هذا التزايد للعنف ضد المرأة لم يكن منبت الصلة طوال ذلك الوقت بتردى أوضاع المرأة وتردى نظرة المجتمع إليها بصفة عامة.
اللافت للنظر أن هذا التردى الملحوظ يسير ويتطور بخطى حثيثة جنباً إلى جنب مع تزايد مشاركة المرأة فى المجتمع فى كافة مجالات العمل، وكذا أيضاً جنباً إلى جنب مع اتساع نسبة المتعلمات، وهو الأمر الذى يثير حيرة الكثير من المراقبين والمحللين لأننا إذا نظرنا إلى معايير مشاركة المرأة فى العمل أو المجال العام أو التعليم لوصلنا إلى أن أوضاع المرأة بصفة عامة تتحسن فى العقود الثلاث الأخيرة بالمقارنة مثلاً بالعقود الثلاث التى سبقتها، ولكن فى المقابل لو نظرنا بدقة إلى نظرة المجتمع إلى المراة وإلى الخطاب السياسى وكذا الدينى السائد لوجدنا أن هناك بصفة عامة نظرة تقلل من مكانة المرأة، بل وتنادى بمكانة أقل للمرأة تنسجم مع ما يعتبرونه "طبيعتها" المختلفة عن الرجل !!، وتقلل هذه النظرة أيضاً من دور المرأة، بل وتدعو أيضاً إلى دور أقل ينسجم مع ما يعتبرونه "الدور الذى رسمه لها الله سبحانه وتعالى" !!، وتكاد هذه النظرة ترى أن مشاركة المرأة سواء فى العمل أو المجال العام هو أمر محرم أو غير مرغوب أو فى أحسن الأحوال مكروه، ولا ينبغى القيام به إلا عند الضرورة القصوى وبشروط تكاد تكون مستحيلة.
وهذه النظرة التى تكاد تحتقر المرأة وتنتقص من قدراتها ومن ثم مكانتها ودورها لا تواجه حتى بمقاومة واسعة من حركة نسائية نشطة ينخرط فيها مئات الألوف أو حتى الألوف من هؤلاء النساء المقهورات، على العكس سنجد أن النساء فى مجملهن يتبنين نفس النظرة الدونية لأنفسهن، وهو الأمر الذى يثير تساؤلات كبيرة حول الأسباب التى دفعت إلى هذا الانحطاط العام.
قبل بضعة عقود – وكما أشرنا من قبل - كانت أعداد المشاركات فى المجال العام أقل، وكان عدد العاملات سواء فى الحكومة أو القطاع الخاص أقل، وكان عدد المتعلمات أقل، لكن النخب النسائية – على قلة عددها - التى كانت تنتقل – عبر التعليم والعمل - "إلى العصرنة" من الأسر الريفية المتوسطة والميسورة، ومن الطبقات الوسطى فى الأحياء الشعبية، كانت نخب تتبنى رؤية واضحة إلى حد كبير لما ينبغى أن تكون عليه المرأة المتقدمة فى مجتمع عصرى حديث، وكانت هذه النخب النسائية التى انخرط بعضها فى حركات نسائية جزءً لا يتجزأ من نخب مصرية يمكننا أن نصفها بأنها متعلمة ومثقفة تتبنى بصفة عامة رؤى عصرية ومنحازة للتقدم كإطار أوسع لانحيازها لتقدم المرأة وتحررها.
كانت هذه النخب منحازة بشكل عام إلى ضرورة مشاركة المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل وفى كافة المجالات السياسية والمهنية والإدارية ... الخ، وكانت هذه النخب منحازة بشكل عام إلى مبدأ المساواة الكاملة مع الرجل فى الحقوق والواجبات، وكانت هذه النخب منحازة بشكل عام إلى أن المرأة إنسان وليست مجرد عورة، إنسان وليست مجرد جسد، وكانت هذه النخب منحازة بشكل عام إلى أن عمل المرأة ليس ضرورة تحتمها ضرورة مشاركتها للرجل فى أعباء المعيشة فحسب، بل هو ضرورة أيضاً لتحققها الإنسانى، وكانت رؤية هذه النخب وانحيازاتها - رغم قلة عددها - موضع تقدير واحترام من بقية أبناء المجتمع اللذين كانوا يشكلون أغلبية السكان فى ذلك الوقت ومن بينهم النساء اللائى كان يشكلن أيضاً أغلبية النساء فى ذلك الوقت، لكنها كانت أغلبية لا ترى فى أوضاعها المتخلفة قدوة أو نموذج، بل على العكس كانت النساء المقهورات سواء فى الريف أو فى الأحياء الشعبية التقليدية يتمنيين لبناتهن، مستقبل مختلف من خلال دفعهن إلى التعليم والعمل والمشاركة، وكانت المرأة التى لا تشارك هى امرأة لا تستطيع المشاركة وليست امرأة لا ترغب فى المشاركة، وحتى استنكاف بعض النساء عن المشاركة رغم قدرتهمن على ذلك لم يكن يستند على أن المشاركة أمر محرم فى حد ذاته أو معيب فى حد ذاته، وإنما كان يستند فحسب وببساطة على أن الخجل يحول دون مشاركتهن لأنهن لم يعتدن الانخراط فى المجتمع وقد يعرضهن ذلك للنقد هن غير قادرات على مواجهته، ومن ثم فقد كانت مثل هؤلاء النساء حريصات كل الحرص على دفع بناتهن للتعليم والانخراط فى الأنشطة المدرسية والرياضية تعويضاً لما عانين هن منه من حرمان وتقوقع طوال حياتهن.
فى العقود الأخيرة انقلبت الأية تماماً وأصبحت مشاركة المرأة على كافة الأصعدة – كما أشرنا من قبل – أمر محرم أو غيرشرعى أو غير صحيح على الأقل، وأصبحت المرأة النموذجية هى المرأة الأسيرة لبيت أبيها أو زوجها طوال حياتها. لماذا حدث هذا التحول ؟
كانت بدايات هذا التحول مع بدايات الموجة النفطية وارتفاع الرأيات الدينية من ناحية، وانحسار – أو بالأحرى هزيمة – المشروع القومى مع هزيمة 1967 من ناحية أخرى، ويبدو للمحلل بعد مرور كل هذه السنوات أن الأمرين كانا وجهين لنفس العملة.
أدت هزيمة 1967 – أو بالأحرى هزيمة المشروع الناصرى – إلى نوعان من النقد :
الأول نقد اعتبر أن المسئول الأول والأخير عن الهزيمة هو افتقار المشروع الناصرى للديمقراطية فى ظل قمع القوى اليسارية والليبرالية، واعتماده فى محاولته لمناهضة الاستعمار وبناء مشروع وطنى على أساليب يمكن وصفها بالاستبداد، وقد توسع هذا النقد حتى وصل إلى أن مشكلة هذا المشروع الناصرى لم تكن مجرد تجاهل الديمقراطية ولكنها كانت مشكلة كون هذا المشروع يعتمد منهج نخبوى استبدادى يرى فى نفسه بديل للناس ويرى فى الناس مجرد قطيع عليه أن ينفذ ما تراه القيادة صحيحاً على اعتبار أن القيادة تعرف مصلحة الناس أفضل منهم. باختصار : اعتبر هذا النقد أن المشروع الناصرى مشروع أبوى تسلطى على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولم يكن تجاهله للديمقراطية صدفة أو سهواً أو خطاً كان – أو لا يزال – يمكن تداركه.
النقد الثانى الذى تعرض له المشروع الناصرى جاء من قبل التيار الإسلامى الصاعد الذى اعتبر أن هزيمة 1967 كان نتيجة الابتعاد عن الدين، ومن ثم فقد طور هذا النقد أطروحات انتهى منها إلى ضرورة بناء دولة إسلامية تم تقديمها فى صورة غامضة، ومن خلال شعارات عامة جعلتها أقرب ما تكون إلى "يوتوبيا".
يمكننا القول أن الظروف لم تساعد على انتعاش وازدهار النقد الأول، الليبرالى – اليسارى، حيث لم يتبنى هذا النقد سوى مجموعات جد قليلة من النخب اليسارية والديمقراطية، ورغم ذلك فقد دافعت هذه النخب ببسالة عن نقدها الذى تطور وتبلور إلى أكثر من مشروع تحت مظلة التصورات والرؤى الديمقراطية واليسارية، وانطلق هذا النقد وعبر عن نفسه من خلال حركات جماهيرية وشعبية شهدت بعض الذرى مثل حركة الطلبة والعمال 68، والحركة الطلابية فى 72و 73، وانتفاضة 18 و19يناير 1977، وأخيراً وليس أخراً الجهود الشعبية الرامية إلى دعم الانتفاضة الفلسطينية فى السنوات الأخيرة، وكذا النضالات المتنوعة من خلال حركات التغيير والحركات الاجتماعية الجديدة التى استهدفت الإصلاح السياسى الديمقراطى ورفع المستوى المعيشى للفقراء.
فى المقابل ساعدت الظروف والمتغيرات التى عرفتها مصر والمنطقة منذ 1967 النقد الدينى للمشروع الناصرى فى الازدهار حتى أن التيار الإسلامى لم يصبح التيار السائد فى المجال السياسى فحسب بل أصبح التيار السائد فى المجال العام، وربما فى الثقافة السائدة أيضاً. لماذا ؟ لأن هزيمة المشروع الناصرى ترافق معها صعود نجم بلدان النفط الخليجية التى كان أبرزها يناصب العداء للتجربة الناصرية أصلاً بسبب الصدام بين عبد الناصر والدوائر الاستعمكارية التى كانت وثيقة الصلة بهذه البلدان، وقد صعد نجم بلدان النفط على وجه التحديد بعد ازدياد أسعار النفط على نحو ملحوظ فى أوائل السبعينيات، وهذا الانتعاش الاقتصادى للبلدان النفطية سحب إلى أسواقها مئات الألوف وربما الملايين من العاملين المصريين على مدى أكثر من عقود ثلاث، وقد ذهبوا إلى هناك فى ظل شروط عمل تجعل منهم مواطنين درجة ثانية وأقرب إلى أقنان العصور الوسطى من خلال نظام الكفيل، وهذا الوضع المهين كان يدفع العامل المصرى هناك إما إلى العودة ناقماً وكارهاً، وهو أمر لم يكن يستطيع أن يفعله فى ظل حاجته الماسة للعمل والمال، أو كان عليه أن يقبل بهذا الوضع متلمساًَ لقاهره الأعذار بل ومقتفياً أثر قاهره وكأنه النموذج الذى عليه أن يحتذى به، وهكذا راح هؤلاء المصريون يدافعون عن النموذج الحضارى النفطى الخليجى وكأنه الأمل والقدوة، وبدلاً من أن تكون مصر بثقافتها وعادتها وتقاليدها الأكثر تحضراً وعصرنة النموذج الذى ينبغى على دول الخليج أن تحتذيه فى رحلتها نحو التقدم أصبح المصريون فجأة مدفوعين دفاعاً تحت وطأة الحاجة إلى الاحتذاء بالنموذج النفطى.
فى إطار هذه الحقبة النفطية بالتحديد بدأ المصريون العاملون فى بلدان النفط ينظرون إلى المرأة نظرة خليجية جديدة كانت أكثر تخلفاً من النظرة للمرأة فى مصر بحوالى سبعة عقود.
الأمر الذى ثبت أركان هذه النظرة المتخلفة للمرأة وساعد على شيوعها وانتشارها ومن ثم سيادتها، كان "أدلجة" هذه النظرة دينياً حيث تم اعتبارها ليست مجرد نظرة متخلفة، عليها أن تتغير وتتطور جنباً إلى جنب مع تحديث البنى الثقافية كلها، وبنفس القدر – وبصورة متوازية مع تغير وتطور البنى الاقتصادية والخدمية، وإنما تم اعتبارها النظرة الإسلامية للمرأة، وهى نظرة يصبح معارضها كافر ومنكر للدين بالضرورة. وبمقتضى هذه النظرة أصبح مكان المرأة الطبيعى هو البيت وانتقلنا – عبر انتشار هذه النظرة – من الحجاب إلى النقاب مروراً بالخمار، وعشنا حتى رأينا بأنفسنا وفى "حياة عينا" كما يقولون رجل مثل كمال الشاذلى أحد رموز الدولة والمرحلة يفخر بأن ابنته وزوجته محجبتان، وذلك فى إطار دفاعه عن "الحجاب الإسلامى" باعتباره جزءً لا يتجزأ من الإيمان الإسلامى الصحيح وجاء هذا الدفاع الهجومى ليس فى مواجهة أحد أقطاب المستنيرين المعارضين أو دعاة العلمانية الغلاة وإنما فى مواجهة وزير الثقافة الذى وجه بعض الانتقادات لهذا الزى الذى لم تعرفه مصر قبل السبعينيات واتهم بذلك كمال الشاذلى – الذى وقف فى خندق واحد مع الإخوان المسلمين داخل البرلمان – كل نساء مصر من طبيبات ومعلمات وعالمات ابتداء من أوائل القرن العشرين وحتى سبعينيات نفس القرن – وهن جميعاً وبدون استثناء لم يكن محجبات – بأنهن كافرات هن وأزاوجهن وأبائهن !! وكان ذلك وبكل تبجح يتهم النخب التى بنت مصر وأسست أجمل ما فيها !!
بالطبع لم تكن الهجرة إلى بلاد النفط والتى عبر من خلالها الفكر السلفى الوهابى إلى بلادنا هى السبب الوحيد لانتشار هذا الفكر وتغلغله، فالثابت تاريخياً أنه لولا تشجيع الدولة ومساندتها للتيار الإسلامى ثقافياً وسياسياً فى بعض الفترات وتواطؤها على – أو تنافسها مع – التيار الإسلامى فى فترات أخرى لما كان لهذا الفكر السلفى المحافظ والرجعى أن يحقق ما حققه من نجاح وانتشار.
جرت وقائع التحالف بين الدولة والتيار الإسلامى على خلفية العداء والحرب ضد القوى اليسارية والقومية على الصعيد الداخلى، والتحالف مع الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفيتى والشيوعية على الصعيدين الإقليمى والدولى.
من ناحية أخرى سرعت الحقبة النفطية نفسها، وكذا الانفتاح الاقتصادى فى بداياته من وتيرة الحراك الاجتماعى، الأمر الذى أدى إلى صعود وانضمام الملايين من أبناء الفلاحين الفقراء والطبقات الشعبية إلى صفوف الطبقات الغنية أو الطبقات الوسطى فى مصر، وقد أدى ذلك إلى ما يشبه إغراق ثقافى شعبوى للطبقات الوسطى المدينية عصرية الملامح والسمات. بصياغة أخرى فإن الأحوال العادية للحراك الاجتماعى الصاعد كانت تؤدى إلى صعود وانضمام أعداد قليلة من أبناء الفلاحين الفقراء والطبقات الشعبية إلى صفوف الفئات الغنية والطبقات الوسطى المدينتين، وهو أمر كان يؤدى ببساطة إلى هضم هذه الأعداد واندماجها داخل البنى والتقاليد الثقافية العصرية للطبقات الوسطى والعليا المدينية، أما فى الحقبة النفطية – الانفتاحية فقد أدى صعود وانضمام أعداد هائلة من فقراء الفلاحين والطبقات الشعبية إلى الفئات الغنية والطبقات الوسطى إلى عجز الطبقة الوسطى المدينية عن هضمهم واستيعابهم ضمن ثقافتها العصرية، بل وانتهى الأمر إلى أن الثقافة الشعبوية المحافظة - والسلفية أيضاً لأن الآلاف من الصنايعية اللذين هاجروا إلى بلاد النفط قد تأثروا بالثقافة النفطية السلفية - هى الثقافة التى انتشرت وتغلغلت داخل الطبقة الوسطى المدينية، بالذات وقد كانت هذه الطبقة جد ضعيفة ومرتبكة ومفتته بسبب نفس التغيرات الاجتماعية التى حدثت نتيجة الانفتاح وهى التغيرات التى أفقرت – وهددت بالإفقار – أعداد كبيرة من أبناء الطبقة الوسطى المدينية، مما جعلهم أكثر استجابة للتأثر بالثقافة الشعبوية المحافظة المدجنة سلفياً، ومما زاد من أثر ذلك على نحو ملحوظ أن الطبقة الوسطى المدينية نفسها هاجر منها أعداد كبيرة لبلاد النفط وتأثروا على نحو مباشر بالثقافة النفطية السلفية.
أخيراً يمكننا القول أيضاً أن الطبقة الوسطى قد عجزت عن الصمود فى مواجهة التيارات السلفية، كما عجزت عن هضم الصاعدين إليها من أبناء الثقافات الشعبوية لأسباب أخرى تتعلق بالفراغ المروع الثقافى الذى أصاب الحياة الثقافية فى مصر - ومن ثم الطبقة الوسطى المدينية بالذات باعتبارها حاضنة المثقفين والمتعلمين- جراء ضرب القوى اليسارية والليبرالية وبضراوة لثلاث عقود كاملة فى الفترة من ثورة يوليو وحتى بداية السبعينيات، ثم ضرب التيار القومى إلى جوار استمرار ضرب اليسارأيضاً فى السبعينيات، وكان من المنطقى أن يملأ التيار السلفى النفطى - الذى اقترن بالتيار الشعبوى المحافظ والمتخلف – الفراغ القائم، وبالذات وقد كان هذا التيار مدعوم من الدولة حتى أن الانضمام إليه كان جواز المرور للثروة والسلطة.
قبل أن نختتم هذه المقدمة التى حاولت أن تقدم ما تعتبره الإطار العام الذى تقوى وتتعزز فى ظله ممارسات وثقافة وإجراءات وقوانين العنف ضد المرأة ينبغى أن نشير هنا إلى أنه إذا كان تصاعد نفوذ وثقافة التيار الإسلامى – السلفى تعتبر العامل الرئيسى وراء الانحطاط العام لنظرة المجتمع للمرأة وما ترتب على ذلك من تزايد ملحوظ للعنف الموجه ضد النساء، إلا أن ذلك لا ينفى مسئولية التيارات الثلاث الأخرى : الليبرالية، والقومية، واليسارية.
التيار الليبرالى عبر عن مشروع نمو رأسمالى مشوه ومجهض فى ظل الهيمنة الاستعمارية ومن ثم فقد تجنبت الليبرالية المصرية خوض معارك التحديث والتنوير للنهاية، ورغم أن النساء مثلاً كشفت عن وجوههن فى مظاهرات ثورة 1919، إلا أن حكومات الوفد نفسها لم تمنحهم حق التصويت فى الانتخابات !!
التيار الناصرى كان حريصاً طوال الوقت على إبراز "إيمانه الدينى" تمييزاً لـ "اشتراكيته القومية" عن "الاشتراكية الماركسية"، ومن ثم فقد كان هذا التيار حريصاً على أن لا يمس ما يمكن أن يعتبر انتقاصاً من التزامه الدينى، وفى هذا الإطار مثلاً هاجمت مؤسسات الإعلام الناصرية تعدد الزوجات لكنها لم تجروء على سن تشريع يمنع ذلك – مثلما هو الحال فى تونس مثلاً وهى دولة مسلمة – أو حتى تعيق ذلك مثلما هو الحال فى مصر الآن عندما اعتبر تطور تشريعى لاحق أنه لابد من إعلام المرأة بزواج زوجها من أخرى، واعتبر أن زواجه بأخرى هو نوعاً من الضرر يعطيها الحق فى طلب الطلاق.
أخيراً وضع التيار اليسارى التقليدى قضايا المرأة فى أسفل سلم أولوياته معتبراً أنها ستحل بمجرد وصوله إلى السلطة أو ضمن عملية تغيير اجتماعى أشمل، ومن ثم لم يتحمس هذا التيار للنضال من أجل تحقيق مطالب جزئية للمرأة، بل واعتبر أن النضال فى هذا الاتجاه حرف لمسار النضال الصحيح عن مساره، ومن ثم ناصب العداء للحركات النسائية وباعد بينه وبينها.



#فريد_زهران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة تقرير مبادرات الإصلاح فى الشرق الأوسط
- الأخلاق بين الضرورة الاجتماعية والإيمان الدينى
- فى رثاء مصطفى وعزت وعبد الباسط جيل السبعينات يواصل العطاء
- رفع حالة الطوارئ أو معركة التحديث ومسؤولية القوى السياسية
- القمع الفكرى داخل الأحزاب السياسية فى مصر
- قراءة في نتائج انتخابات نقابة الصحفيين
- دعوة للحوار حول مبادرة تجديد المشروع الوطني - مصر
- لا للحرب . والاستبداد . والهيمنة . نعم للسلم . والديموقراطية ...
- مسيحى ما علاقتك بالانتفاضة


المزيد.....




- تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها ...
- الكويت.. مراسيم جديدة بسحب الجنسية من 1145 امرأة و13 رجلا
- نجل ولي عهد النرويج متهم بارتكاب اغتصاب ثان بعد أيام من اتها ...
- انحرفت واستقرت فوق منزل.. شاهد كيف أنقذت سيارة BMW امرأة من ...
- وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه ...
- الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن ...
- ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فريد زهران - مقدمة تقرير العنف ضد المرأة