|
الاطفال المهمشون- الجزء الثاني
سحر مهدي الياسري
الحوار المتمدن-العدد: 2663 - 2009 / 5 / 31 - 09:55
المحور:
ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟
الاطفال المهمشون الجزء الثاني
3-اطفال الشوارع. ان مظاهر الحرمان التي تعاني منه العديد من المناطق الحضرية يؤدي الى زيادة نسب الاطفال المتواجدين في الشوارع. ان العديد من هولاء الاطفال ينحدرون من اسر فقيرة، البعض منها ترأسها ام تعمل خارج المنزل لساعات طويلة بأجور زهيدة كالخدمات المنزلية او بائعات المتجولات وغيرهم. ولعل الاستقراء الاولي لخلفيات هذه الاسر يظهر انهم من المهاجرين الذين يقطنون المناطق الحضرية(احزمة الفقر او جيوب الفقر ) والذي يشكل احد اهم التحديات للسياسات التنموية.فالمشكلة اليوم ليست البيئة الريفية بل قاع المدينة الذي يكتظ بافواج بشرية مثقلة بتحديات مصيرية قذفت بالعديد من اطفالها الى الشارع ليقظوا اغلب وقتهم في الشوارع والاماكن العامة حول اكواخهم او اماكن عمل امهاتهم،والذين يتعرضون لمخاطر الاستغلال المستمرة فضلاً عن مخاطر الامراض.
4-الاطفال المعوقون. تظهر المعطيات الميدانية للعديد من الدراسات ان الاطفال من ذوي الاعاقة هم مهمشون وموصومون ومبعدون عن مجرى الحياة الاجتماعية وتفاعلاتها عموماً وعن التيار الرئيسي للتعليم وخصوصاً. وقد تفاقمت المشكلة في العراق في العقدين الاخيرين مع نقص كبير في المعلومات المتوفرة للاسر والمجتمعات المحلية فغالباً لا تعرف الاسر ما الذي يشكو منه الطفل من مرض وكيف يتسنى له رعايته.كما تعاني نسبة كبيرة من الاسر نقصا في المساعدات والدعم الذين يمكن ان يتوافر لها من خلال نظام الرعاية الصحية الاولية،وتلجا الى ابقاء الاطفال في المنزل،لان المدارس عادة لاتقبل الاطفال من ذوي الاعاقة. في اطار هذا المسار نجد ان اثار اليورانيوم المنضب والاشعاعات والحروب قد أسهمت في زيادة معدلات الولادات المشوهة(التشوهات الخلقية )وباتت حضيرة المجتمع مهددة بافواج من المعوقين مما يستلزم رفع واثارة وعي المجتمع المحلي وتفهمه بالمخاطر الناجمة عن زيادة الاعاقات.
5-الاطفال المشمولين بأشكال وضيعة من عمل الاطفال. ابتداءً تجدر الاشارة ان ظاهرة عمل الاطفال ليس جديدة ففي كل البيئات الريفية وحتى الحضرية المتريفة او ذات الثقافات التقليدية والعلاقات القرابية الوثيقة نجد انتشار هذه الظاهرة دون ان تثير ردود فعل قوية،لعل ذلك يكمن في ان عمل الاطفال في تلك البيئات يجري في اطار شروط وظروف امنة،وفي ظل رقابة اجتماعية اسرية،او مجتمعية محلية . مكمن الخطورة في هذه الظاهرة وخصوصا في المناطق الحضرية وقوعها خارج قوانين العمل وشروطه الاجتماعية من جهة فضلا عن انها تتقاطع مع ملزمات وشروط مهمة،تعليمية وصحية ونفسية وتقع غالباً خارج الضوابط الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية،أي ان هذه الظاهرة تحدث خارج اطار الاعتراف الاجتماعي وشروط العمل الوطنية والدولية بل انها تتعارض مع المضمون الانساني لعملية التنمية الاجتماعية والبشرية،لذلك فان الكثير من المؤشرات الاحصائية التي توردها الدول ربما لاتكون دقيقة لقد تركت الهموم الاقتصادية للاسرة العراقية بصماتها على اعضائها وخصوصا الاطفال،حيث يزداد سوءاً تفاقم التضخم والبطالة والحرمان مما اضطر العديد من الاسر للاعتماد على الاسهام المادي لافرادها الاصغر سناً والاقتصاد في الانفاق حتى لاتتجاوز حدود الدخل .وفي الوقت الذي يتميز فيه العراقيون بشكل عام بان لديهم التزاماً قوياً بصورة ملحوظة لتعليم ابنائهم،فان الاسر ذات الامكانات المتواضعة اعتبرت الذكور من الاطفال قادرين على الاسهام مادياً في مصروف الاسرة في الاوقات التي تكون فيها الاحوال الاقتصادية صعبة. ان استمرار الازمات وتعمق حالة الفقر وتزايد البطالة بين الراشدين من كاسبي الارزاق،جعل هناك عددا متنامياً من الشباب اخذ على عاتقه حمل المسؤولية المادية لاسرته واليوم نجد الكثير من الشباب يعانون من قلق مستمر حول مستقبلهم بعد ان باتت اسرهم تواجه مشاكل جدية غير قادرة من خلالها تأمين استمرارية الحياة فاضطربت الهرمية الاسرية ولم يعد الابناء يكنون الاحترام للاباء، وفي بعض الاحيان تدفع الحياة الحضرية في المدن الابناء الى الشوارع وهم في مرحلة من العمر تكون فيها هوية الشباب وقيمة في مرحلة حرجة من طور التكوين،وبذلك تورث المخاطر التي يواجهونها في الشوارع القلق والهم وتهبط الهمة.وقد اظهر ظروف صحية سيئة،فضلاً عن تعرضهم لكافة اشكال الاساءة والاستغلال الجنسي والعنف، بعض التقارير والدراسات تتحدث عن مايقارب مليون طفل من اعمار مبكرة يعملون في ظروف صحية سيئة،فضلاً عن تعرضهم لكافة اشكال الاساءة والاستغلال الجنسي والعنف، لعل السبب الرئيسي لعمل الاطفال في العراق هوالفقر.تقريباً(25%) من سكان العراق يعيشون دون خط الفقر،تبعا لاحصاءات الحكومة العراقية ولكن خبراء عراقيون يشيرون الى أن نسبة الفقر تجاوزت 50%. هناك ايضاً ثقافة قوية تشجع عمل الاطفال في العراق،حتى مع وجود مدارس وجامعات مجانية فان الكثير من العوائل لاترغب ببقاء اطفالها في المدارس او ترى بضرورة التحاقهم في العمل خارج المنزل باسرع مايمكن تبعاً لخبراتهم.لذا فان هناك ارتباط للعمل بثقافة المجتمع. فالكثير من الاوساط الشعبية والريفية في العراق تنمي لدى اطفالها حب العمل وضرورة الاعتماد على الذات مبكرا بل ودعم الاسرة وتشجيع الادخار في عمر مبكر يبدا غالبا عند سن 7 سنوات. الاان ما يتحقق من عوائد وكسب ينمي دخل الاسرة قد لايكافئه مايترتب من كلف نفسية واجتماعية وربما سياسية من وجهه نظر المجتمع . فعمل الاطفال ظاهرة تؤشر ضعف مؤسسات التعليم المستوعبة للاطفال وضعف المؤسسات الاقتصادية المنتجة لفرص العمل والمدرة للدخل. فلاباس من عمل الاطفال اذا كان يقي من فاقة ويحمي تماسك الاسرة ويجنبها الوقوع في التشرد والانحراف والتسول. ان فقدان الامن واللايقين جعل من النشاطات الاقتصادية تتقزم، وشبكات الامان الاجتماعي تنهار،بينما تعمقت معدلات البطالة والفقر في المجتمع . تحت هذه الظروف،فان الكثير من الاطفال والشباب انخرطوا في ميدان العمل او يتسولون في الشوارع او ينخرطوا في مختلف الاعمال المتوفرة،وغالبا ماتكون تحت الظروف مضنية وقاسية من اجل تأمين لقمةالعيش لاسرهم. بعض هولاء الاطفال هم كاسبي الرزق الوحيدين لعوائلهم بسبب وفاة اوعوق او بطالة الوالدين. تظهر دراسة قامت بها وزارة الصحة في كانون الثاني 2007 ، ان 55% من الاطفال الذين يعملون في المناطق الريفية يعانون من الامراض الجلدية الى جانب هذا وذاك فان الكثير من الاطفال الذين يعملون في الورش والمصانع الكبيرة يتعرضون لاصابات او مشكلات التنفس تقود الى تعرضهم الى مواد كيمياوية او غازات مؤذية. ويعمل الاطفال ايضا لدى صانعي الطوب،والحدادين،وفني الكهرباء،وفي محطات البنزين،والكراجات والمصانع .كما يعمل البعض الاخر من الاطفال كحمالين او في جر العربات التي تجر عادة من قبل الحيوانات . وفي العيد من المشاهد،نجد ان الاطفال يشغلون الات ضخمة ويرفعون اثقالاً كبيرة لاتناسب نموهم،الجسدي،ويقضون ايامهم في ظل ظروف خطرة ولايولون سلامتهم الا القليل من الاهتمام. وبالرغم من ان هولاء الاطفال ينامون تحت حماية اسرهم ومع ان ارباب عملهم لايعتبرون من المسيئين بالضرورة، الا ان ظروف العمل غالباً ما تكون خطرة فالاطفال الذين يبحثون عن علب الببسي الفارغة لبيعها وسد بعض متطلبات العيش،يتعرضون للتعامل في مكبات النفايات الخام وحتى مع الاعتدة غير المنفجرة، وغالباً مايعانون من الامراض الجلدية والتهابات الاجهزة التنفسية والاسهالات،ومشكلات العيون وغيرها .
#سحر_مهدي_الياسري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاطفال المهمشون - الجزء الاخير
-
لماذا لم تنجح الطبقة العاملة العراقية بتشكيل نقاباتها القوية
...
-
واقع العمالة الشابة العراقية ودورها في العمل النقابي
-
الجندر والمرأة النقابية
-
أتفاقية السيداو بين القبول والتحفظات والرفض
-
حقوق المرأة العاملة في أتفاقية السيداو
-
الحوار المتمدن والاعوام المضيئة القادمة
-
كل حلم وأنت صامت
-
من يملك تفجير قدرة المرأة على التغيير والتأثير
-
المرأة العراقية العاملة ومستقبل مشاركتها في القوة العاملة
-
المرأة العاملة المعوقة آخر من يوظف وأول من يفصل
-
المرأة العربية المسلمة ودورها في إلغاء عقوبة الاعدام في مجتم
...
-
المرأة العراقية وتعبيد الطريق نحو عصر الحريم
-
أوقفوا وأد النساء -2 -
-
العمل في الاقتصاد غير المنظم ملاذ معظم الاطفال العاملين
-
النزاعات المسلحة وعمل الاطفال
-
عمل الاطفال قي ظل التغييرات في النظم السياسية والاقتصادية
-
آن الآوان لحركة قوية داعمة للإلغاء عقوبة الاعدام في منطقتنا
-
لماذا نطالب بإلغاء عقوبة الاعدام ؟؟
-
الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية للمرأة العاملة
المزيد.....
-
لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور
...
-
-لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا
...
-
-بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا
...
-
متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
-
العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
-
مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
-
وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما
...
-
لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
-
ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
المزيد.....
المزيد.....
|