حسام مطلق
الحوار المتمدن-العدد: 2662 - 2009 / 5 / 30 - 05:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكلاب تنتقي ذكورها والإناث بعضها بعضا في الشوراع بإرادة حرة, ولكن في سوريا لابد من موافقة الأمن السياسي كي يمكن للمواطن أن يحب. فإما أن الإنسان السوري في نظر الأمن السياسي أقل من كلب, أو أن الكلب في بقاع أخرى أكثر من الإنسان في سوريا.
من يعتقد ان في هذه المقدمة شيء من القسوة اعيده الى نتيجة البحث الذي اجرته مدرسة الزراعة الجامعية وقسم الاغذية والتنمية الريفي في بريطانيا وشارك فيها 516 مزارعاً، وتفاصيل الخبر في نهاية المقال.
النظرية الامنية في سوريا تقوم على تفكيك المجتمع, نعم وعلى عكس كل اجهزة المخابرات في العالم حيث دورها تقوية الجبهة الداخلية, المخابرات السورية لها دور واحد هو تفكيك المجتمع. العمل بهذه النظرية يتم من خلال تجنيد من يعتقد ضابط الامن السياسي انه ذو مردود ما, ايا يكن, والطريقة ان يرسل له, او لها, من ينتقيه ضابط الامن السياسي بما له من دراية ومن خبرة واسعة, كما يروجون عن انفسهم.
الهدف قد يكون ذا نباهة, وقد يكون ذا جمال خارجي, وقد يكون ذا تحصيل علمي, والأغرب انه قد يكون مجرد فرد من عائلة لم يتسنى للامن السياسي زرع عملاء داخلها. نعم ايها السادة, تخيلوا ان يصرف جهاز مخابرات وقته لتفكيك الاسر واختراقها, فيما شبكات التجسس الاسرائيلية تعيث في البلاد فسادا, فكل شبكة يتم توقيفها في لبنان لها, وبحكم العلاقة العضوية, امتداد داخل سوريا, وبعضها, اثبتت التحريات اللبنانية وباعتراف سوري, أن نشاطه داخل سوريا يعود الى ستة عشر عاما.
نعم ايها السادة, ستة عشر عاما من نشاط الشبكات التابعة للاستخبارات الاسرائيلية داخل سوريا والامن السياسي, كما يقول الاخوة في مصر, نايم على ودانوا, والجهد, كامل الجهد, منصرف الى كيف يزوجون هذا الشاب من تلك الفتاة, وكيف يوقعون بتلك الفتاة ويعرصون بها ثم يخدعون مواطنا بتقديمها له. ترى هل دور اجهزة المخابرات صيانة الوطن, الذي هو المواطن؟. ام ان الامور انقلبت حتى بات دور الدولة خداع المواطن والتذاكي عليه وهتك شرفه.
ان يكون الشاب الهدف مرتبط عاطفيا فهذا غير مهم, ان تكون الفتاة الهدف ميالة لشخص ما فهذا ايضا غير مهم, فصاحب العصمة ضابط الامن السياسي لا راد لقراره. تكفي لعبة صغيرة, كذبة صغيرة تمس شرف الفتاة, او عائلة الشاب, يكفي تهديد صغير من اي نوع كي ينأى الناس بأنفسهم عن الطريق طلبا للسلامة . هذه الممارسة ليس مهما شيوع الأسرة المتفككة كنتيجة لها, كون الاسرة المتشكلة قامت اساسا على كذبة. فهم يزينون للفتاة المرسلة للايقاع بالشاب المستقبل الزاهر معه, ويعتقدون انهم اذكياء, حين يديرون ظهرورهم بعد ان تتورط في تلك العلاقة. ان وقع الشاب في هوى الفتاة التي سبق للامن السياسي ان مارس المراوغة معها, او وفقا لمصطلحاتهم " اصطادها " وهو مصطلح يعبر بقوة عن مدى احترامهم للمرأة التي تعمل معهم, ان وقع الشاب في حبها وانتهت الامور الى مضاجعته لها ثم تركها فرحوا بذلك ايما فرح فقد اصبحت لديهم فتاة مكسورة الجناح تحتاج الى اي طريقة للخلاص بنفسها, فيبيعون ويشترون بعرضها ما شاءوا فيما بينهم وهم يعللون لها ذلك بأنهم في اخرى المطاف سيجدون لها زوجا مكسورا في مكان ما. طبعا هذا ما لم تكن اساسا فريسة لنذالتهم استغلوا طموحا ما لديها او ارسلوا لها شابا مميزا بطلعته وقد زودوه بسيارة فاخرة كي يسقطوها في شباكهم, فكما قلت, دور المخابرات السورية, وعل عكس كل اجهزة المخابرات في العالم, هو هتك المجتمع لا الدفاع عنه. و أما إن احبها الشاب ولم يخطر بباله ان وظيفة الدولة هتك شرفه بدلا من حمايته, ولانهم من اهل الخسة, فغالبا ما يديرون ظهرورهم لكل الوعود التي قطعوها للشاب او الفتاة او لكليهما معا, كي تقوم الاسرة على الخداع وتنتهي الامور الى اطفال يواجهون الخلافات الزوجية وما ترسخه في نفوسهم من توترات ومشاكل نفسية, فهو مصير المنتظر من هكذا حالة. ولكن هل يعني هذا التفسخ شيء لعباقرة الامن السياسي؟. طبعا لا, فهم يكتبون في تقاريرهم للقيادة انهم ينجحون بما لايقبل الشك في تفتيت المجتمع وفي اختراقه.
عقدة السبعينات ماتزال معشعشة في عقول القائمين على الامن في النظام السوري, يوم نجح الاخوان المسلمون في تقوية تنظيمهم عبر الاسرة والعشيرة وامتد حتى صار يمكنه مواجهة النظام. عباقرة الامن السياسي لم يقولوا للقائمين على الأمن في النظام أنهم كانوا منشغلين بالتعريص والفساد والانتهازية حتى نجح الاخوان المسلمون في مسعاهم, هم ببساطة اندفعوا في خطأهم, وخوفا من تكرار المفاجأة اتخذوا قرارهم بتدمر المجتمع بدلا من تطوير مهارات عناصر المخابرات, اذا يبدو ان تدمير المجتمع اقل تكلفة واكثر امانا, ولن ننسى انه يوافق ميلوهم النفسية المريضة وطباعهم الكسولة, خصوصا في القراءة.
ضابط الأمن السياسي غير معني بالمعرفة, بالقراءة, بالعلم, التعلم يكون بالتجريب, هكذا قالوا له. ما عليك سوى ان تراكم التجارب كي تتعلم. تعلم بحياة المواطن, بمشاعره, بمصالحه, في النهاية سوف تتعلم. المعرفة ليست في الكتب, لا تصرف وقتك في القراءة, اصرفه في مطاردة النساء, أمن الوطن يتحصن بفروجهن. لا تكترث لكل ما يقال لك عن جهلك, عن قلة معرفتك, الكل, المجتمع, بكل من فيه, اساتذة جامعات, فلاسفة, مفكرين, كلهم ادواتك في مراكمة المعرفة. جرب, المعرفة تقع بالتجريب, ليس المهم ما يضيع على الطريق, في النهاية سوف تتعلم, هكذا يكررون على مسامع ضابط الامن السياسي من اللحظات الاولى التي يتم نقله فيها من قسم شرطة الآداب لما عرف عنه من ميول نفسية سايكوباتية ممتزجة بالسادية تخدم غرضهم في تخثير المجتمع .
أكثر من النساء, تحايل, ابتز, قم بكل فعل رذيل, في النهاية المفتاح في عمل المخابرات النساء. بامتياز صح أن يسمى جهاز الامن السياسي في سوريا : فيرجاينا انتليجنز, فالجنس احد وسائل المخابرات في الحصول على المعلومات, والحصول على المعلومات احدى مهام المخابرات, ولكن في الامن السياسي في سوريا الجنس هو الوسيلة الوحيدة للحصول على المعلومة, والحصول على المعلومة هو نهاية المهمة, لانهم بعد ذلك يفشلون في توظيف المعلومة ليس فقط على سبيل منع شبكات التجسس, كما سبقت الاشارة, بل حتى في ادارة المجتمع.
اذ يكفي ان نعرف ان عدد حملة شهادات الماجستير والدكتوراه الفارين من سوريا الى الاتحاد الاوربي 22107 وفقا لتقرير الهجرة المتوسطية ( CARIM) للعام 2006-2007 وان عدد الفارين إلى الولايات المتحدة 19300 وفقا للاحصاء السكاني للعام 2000 وهم لاشك قد زادوا بضعة الاف خلال السنوات التسع الماضية. والتقريران لم يشملا من لم يحصلوا بعد على اقامة نظامية, كما اننا لم نحصي من هم من حملة الشهادات العليا في كندا واستراليا, ولم نعرج بعد على البرازيل والارجنتين وفنزويلا, حيث الجاليات السورية الكبرى, أوباقي دول اميركا اللاتينية ولم نتوقف عند السوريين في دول الخليج العربية, العدد لاشك سوف يصبح مخيفا, مخيفا جدا, يكفي لتصوره ان يعلم القارىء ان عدد المهاجرين السوريين في اوربا واستراليا والاميركتيين يقترب من اربعة ملايين, اي ربع السكان المقييمن في سوريا حاليا .
الحال هذه ممن يحملون مؤهلات عالية من السوريين وحين رغبت النظام في اعادة احياء القطاع المصرفي بعد ان حطمته الاجراءات البعثية اعتمد على خبرات من البحرين, تلك الجزيرة الصغيرة التي لا تعادل بسكانها ومساحتها خمس مساحة محافظة الحسكة النائية والمنسية. وليس غريبا ان نعرف ان ما سجل لاسرائيل, بعد الاخذ بعين الاعتبار نسبة وتناسب السكان, هو ستون ضعف ما سجل لسوريا من براءات اختراع فكرية لدى الجمعية العالمية للملكيات الفكرية للعام المنصرم, وفقا للتقرير الذي اصدرته قبل شهرين تقريبا.
كيف يمكن لضباط الامن السياسي ان يحسنوا توجيه المجتمع المدني في سوريا اذ يناط بهم امر كل من هو غير عسكري من اصحاب الملكات الخاصة كي يثروا بهم الوطن وهم القادمون مسلكيا من مخافر شرطة الاخلاقية جل ما يحسنون هو الردح للعاهرات وملاسنة القوادين, وهي صنعة لن ننكر عليهم اتقانها, ولكن السؤال : هل بالردح للمومسات يبنى الوطن؟. ام هل ان اصحاب القرار في سوريا ينظرون الى الشعب السوري على انه مجموعة من القوادين والعاهرات كي يوكلوا امره لمثل هؤلاء؟. ام لعل مشروع الحفاظ على الكرسي يتطلب ان يدفعوا شعبا عظيما كالشعب السوري الى هذا الحضيض؟. هذا ليس بعثا للامة, هذا بعص لها.
الامن السياسي يكرر, وبوقاحة, أنه يخطأ مرة ولكنه ينجح الف مرة, الارقام السابقة تبين كذبهم, هم يفشلون الف مرة, وينجحون مرة, ففي كل مرة يقتل فيها السوري, كما قال لهم انطوان مقدسي, إن بدفعه الى الهجرة أو بتحطيمه داخل وطنه انما هم يفشلون. لقد تركوا الوطن خرابا, فصارت سوريا في الرقم 147 في تصنيف الفساد الدولي وفقا لمنظمة الشفافية الدولية (www.transparency.org ) لم تترك خلفها سوى الدول التي تشغلها حرب اهلية, كالصومال والسودان والعراق وأفغانستان, او بضعة دول استقلت من الاتحاد السوفيتي السابق مؤخرا كطاجيكستان, او أخرى يطحنها الفقر والجهل في صحراء افريقيا او غابات اميركا اللاتينية. الا يكفي الامن السياسي عارا اننا البلد الوحيد في العالم الذي استكمل استقلاله عن الاستعمار الأوربي وعادت اراضيه لتحتل من جديد! ها قد مرت اربعون عاما ويزيد على الجولان وهو محتل فبأي أداة سوف تحررونه وانتم, كما قال المقدسي, تقتلون الانسان؟. وانطوان مقدسي لمن لايعرفه بعثي قبل كل بعثي هذا الزمان ولكنه امتلك اصالة الحق حين رفع صوته في وجه النظام عبر سلسلة من المقالات اوردتها جريدة الحياة خلال العام 2000 سطر لهم حقيقة الكذبة التي يروجونها عن الممارسة " الثورية " و " التقدمية " وعن " الاستقرار" الذي يحققه النظام, ما نلمسه من سلوك الامن السياسي تجاه المواطن هو أخلاق القواديين لا اخلاق الثوريين وادعاء القيادة السياسية في سوريا انها ليست على علم بكل تلك التجاوزات مدعاة للتساؤل عن كفائتها, ان صحت, او تواطئها إن هي وافقت.
اترككم ايها السادة مع نص الخبر الذي اوردته جريدة القدس العربي نقلا عن وكالة انباء (يو بي آي ) في تاريخ : 29-1-2009 دون تدخل واكتفي بالقول : ليتهم في سوريا يعاملون الناس كما تعامل الابقار في اصقاع اخرى.
الخبر كما ورد في المصدر ونقلته القدس العربي.
لندن ـ يو بي آي: وجدت دراسة حديثة أن الابقار السعيدة التي تعامل بشكل جيد ويطلق على كل واحدة منها إسماً خاصاً بها تدرّ حليباً أكثر في بريطانيا.
وبحسب الدراسة، التي أعدتها مدرسة الزراعة الجامعية وقسم الاغذية والتنمية الريفي في بريطانيا وشارك فيها 516 مزارعاً، فإن قطيع البقر الذي يخصص لكل بقرة فيه اسم خاص بها، وتضاف عند التعامل معها لمسة شخصية تدرّ كمية أكبر من الحليب مقارنة بالابقار التي لا يلتفت إليها وتعامل كحيوانات عادية.
كما بينت الدراسة، الـــتي نشـــرت في مجـــلة أنثروزوز ، ان البقرة التي تعامل بشكل جيد تزداد كمية الحليب التي تنتجها مقارنة بالابقار التي تتلقى المعاملة الطبية ذاتها.
في هذا السياق، قال المزارع دنيس غيب، الذي يمتلك مزرعة للابقار مع شقيقه ريتشارد في منطقة إيتشويك خارج نيوكاسيل لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) امس الاربعاء إنه من المهم جداً معاملة كل بقرة على أساس شخصيتها الخاصة بها.
أضاف إنها (الابقار) لسن مصدر رزقنا فقط بل جزء من عائلاتنا ، مضيفاً إننا نحب أبقارنا هنا في إيتشويك ولكل واحدة منهن اسم خاص بها .
تابع انه عند الاشارة إليها يتم استخدام عبارة سيداتنا ، لأن لكل واحدة فيهن شخصيتها المستقلة .
وقالت كاترين دوغلاس التي أعدت البحث أظهرت دراستنا أن أصحاب مزارع انتاج الالبان والاجبان في بريطانيا يعتبرون أبقارهم مخلوقات ذكية قادرة على التعبير عن الكثير من عواطفها ، مشيرة إلى أن معاملتها برفق لا يكلف شيئاً ويزيد انتاجها من الحليب
#حسام_مطلق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟