|
الموضوع الفني ..... فخار سامراء .
محمد العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2661 - 2009 / 5 / 29 - 05:17
المحور:
الادب والفن
5000 سنة ق.م عادة العلاقة الجمالية والموضوع الفني تتغير ذاتياً تغيراً كبيراً، وخصوصاً عندما تقطع شوطاً طويلاً من مراحلها. فقد كانت المحاكاة هي الأساس في تلك العلاقة. فلم يعد الموضوع في نتاجات فخار سامراء، سوى محرض جمالي تنطلق منه الذات المبدعة بما يتلاءم وطبيعة التحريض، وبما يتلاءم وطبيعة الاهتمامات الذاتية، ومن هنا فأن الموضوع من حيث هو موضوع منجز، فهنا يحضر عنه عدد من الموضوعات المتشابكة والمتناغمة. والتي افترضت شعوراً محدداً مرتبطاً بموضوعات لها ارتباطات، بمشاعر وحالات متعددة ومتنوعة، وهذا ينسجم ومفهوم التجربة التي تداخلت ما بين الأدوار السابقة والموضوعات الحالية لفخار سامراء وتداخلت تدخلاً شديداً، بسبب طبيعة التجربة للفنان الفخار الرافديني والتي تنصهر فيه الموضوعات والمشاعر لتصبح ذات، مرافئ موحدة وكلية.((ولتغدو كلاً موحداً.))( ). ورغم دلالات المواضيع الفنية لفخار سامراء، هناك دلالات كبرى ذات اداءات طقسية ميزت العمل الفني عن باقي مواضيعه فكانت جملة إشارات، تحيل إلى ذاته، فعند الالتماس بتلك الدلالات المتساوية بينت عناصر الموضوع المتكاملة لتؤكد الاعتقاد الجمالي الراسخ لديه، وهنا ليس المقاربة مع ادوار الفخار وإنما هو الوصول إلى مستوى وصيفه تتمثل في مناخات العمل كوحدة قائمة بذاتها، حيث أن النتاج الفخاري في سامراء، والمتمثل بالرسم أو المنحوتات المضافة على السطح قد وظف مواضيعه في مهاد نفسي وبصري. وبهذا يستجد مناخه بالأثر الجمالي من سطوة الرسوم أو المنحوتات لتخضع إلى الشكل كوحدة موضوعية، ذات أدائية عالية للعمل الفني نفسه ومن ثم هناك طاقة لونية ظهرت في فخار سامراء وصلت إلى أقصى حمولتها، ليخضع الشكل هو الآخر كوحدة موضوعية متكاملة للعمل الفني، هذا النوع من الأدائية التقنية والذي شكل قوامه البناء كانت هناك نتاجات كثيرة ومتنوعة من فخار سامراء، مثل بها موضوع البناء كوحدة موضوعية فلم تكن على مسطحاتها أي رسوم أو أي نحت مضاف ولكن الطاقة اللونية هي التي أكملت الموضوع الفني. ويرى الباحث أن هذا لا يعني فخار سامراء بصورته الجزئية، بعيد عن تجسيد (الدلالة الشكلية) بل بالعكس، فالعمل الفخاري كان تنويعي ينهض على تجريب بصري مفتوح والتداعيات المختلفة كانت موضوع مراهنة، على الإدراك العقلي واختبار الوعي الجمالي بإحالة تلك المرئيات الموجودة على السطح إلى موضوعات. وهذا بالتأكيد ينتج عنه تمثلات بصرية, وهذا هو التكامل للمواضيع الفنية التي يمكننا ((أن نشير إلى المزاوجة المتوازنة بين خطوط الرسوم وألوانها بحيث يجب إلا تطفي الأفضلية لإحداهما على الأخرى.))( ). وهنا نلاحظ أن المواضيع الفنية للفخار لا تعالج عادة موضوعاً محدداً، وإنما يعالج تجربة روحية أو نفسية أو اجتماعية أو كلها معاً. والميل إلى الكلية قد دفع فخار سامراء إلى أن يكون في بداياته تجربة، لا موضوع مما أدى به إلى أن يتجاوز ثنائية الذات والموضوع ويتجاوز الشعور وبعدها يلغي الأغراض الاستخدامية المعهودة لينتج من جراء هذا التحول، معرفة جمالية بالموضوع لأنه اكتفى بالوعي الجمالي. وربما نرى من خلال البحث والتقصي قد نجد عكس ذلك، فالميل إلى التعبير عن التجربة، قد جعل من المعرفة الجمالية في فخار سامراء، متسعات تشمل عدة موضوعات ناهيك عن التقنية المؤداة ، وبهذا فأن المعرفة الجمالية ناتجة من معرفة كلية، أحداث البيئة والطبيعة كانت هي الكل المتناغم المتكامل الذي لا يمكن تجزيئه إلى وحدات مستقلة ((فالواقع انه مهما تكن هذه الملاحظة هي ظاهر عادية تافهة، فالفنانون ليسوا قبل كل شيء عقولاً كبيرة أو قلوباً ضخمة تفرق في أفكارها وتهزها عواطفها.))( ). وعندما تعدد الموضوعات بذلك مستوى المحاكاة التماثلية في الأداء سواء كانت، فعاليات اجتماعية أو طقوسية لم تكن معاني تقليدية قائمة على المشاكلة واقصد بها، هي حدود التناظر أو التطابق ما بين الأدوار الفخارية وتتم هذه بمعيارية فنية، ربما تكون مربكة للناظر البصري، ولكن الكثافة تتم في فخار سامراء بحيث تختصر كل مواضيع أدوارها حيث تمتزج، الصورة بمرجعيتها حتى وان كانت طقوسية لان الخيال في بعض الأحيان، يتغلب على حقيقة المرئي. بحيث لم يكن هناك أي تعطيل حتى للمفردات الهندسية، وكذلك رمزية المفردات التي شكلت خطوط وألوان مثيرة، وهنا أيضاً المواضيع المرسومة على الفخار كانت وحدة فارطة في أشكالها الهندسية فقط، لدرجة تصل إلى مناخات تدخل في حيز الانفعالية. ويرى الكاتب أن وجود مثل هكذا أمر، هو مظهر العمل الفني الذي يمزج طاقة الإنسان الأول الفردية، لكي يؤكد مظهر الأفكار ويمحو كل ما هو طارئ أو زائد في الفخار، هذه الأدائية ليست تقليدية لإعماله الفنية سواء في سامراء أو في الأدوار الأخرى، وإنما نتعاطى مع التأثيرات البيئية المثقلة بالفعاليات الاجتماعية والأدائية الطقسية، والتي كانت صورة متخفية مترسبة أظهرها الفنان الرافديني وجعلها من آثار ميتة، إلى عوامل من التداول البصري والذي كسب أدائية فنية أضاف إليها حتى الإيحاء الفلسفي، فالمفردة كانت تنساب من أتباع مظهرها الأدائي وصولاً إلى العمل التقني واللوني، والمؤشر حتى وكأنه قصة درامية توحي بروحية الأداء العالية، هذه العوامل أعطت لفخار سامراء وميزته عن باقي الأدوار، لأنها حافظت على استخدام مصطلح الموضوع، فانه لا مناص من أن نفهم رسومات ومنحوتات فخار سامراء منهما مختلفاً، ونصل إلى إحالة هذه المواضيع إلى الواقع الموضوعي وكذلك الإحالة إلى التجربة التي أصبحت هي الأخرى أحد هذه المواضيع في هذا الدور. ومن هنا نرى أن هذا التحول لا ينسجم وسمة الكلية فحسب وسمة التجادلية بما تعنيه وإنما هناك تبادل التأثير، وانتقاء الاستقلالية في هذه المواضيع عن كل العناصر وبجوانبها المختلفة. وينبغي أن نشير إلى أن فخار سامراء في بدايته، أعطي خطوة أولى في تجاوز الموضوع الواقعي، من حيث كونه قابلاً للمحاكاة، لتكن حركة الحيوانات وتدرجها من أصولها الواقعية ووصولها إلى ترميزات تميل باتجاه الموضوع الذي يقترب من التجربة، والفرق بين التجربة والموضوع الفني هو التداول البصري للموضوعات التي جعلته، على محك من الأدائية الفنية التي لا تخلو من وحدة الموضوع الفني وهذه ((تجربة عدم الكيان التشكيلي، وهي تجربة لا تعويض فيها.))( ). وبقدر ما تكون مواضيع فخار سامراء ذات أشكال تبدو غير منتهية وخصوصاً التي وجدت ضمن الاستكشافات الأثرية، في المعابد وكأنها تتشكل في حراك لوني، لأنها مثلت انحناءات شكلية، في انساق هندسية أعطت ضرورات الانتظام للمفردة المرسومة أو المضافة على سطوح فخار سامراء. ويبدو أن سكونية الأشكال ضمنت وجودها في تلك الأماكن، لأنها كانت اعتيادية المنظور، وتركزت في تحويل أشكالها إلى ضرورات تأخذ المكان العاطفي والوجداني والذي يجسد الطاقة الدلالية لقدسية الأحداث.
محمد العبيدي
#محمد_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شرحبيل ، رائد ، يا سين .... نوافذ للنزهة
-
زمري لم ..... ومدينة ماري.
-
عبد الرحمن سليمان...وظائف الخطاب في اللوحة...
-
احمد البار ..... حدود الرسم .
-
ليلى جوهر ..... لوحات مرسومة ... واختزالات مرئية.
-
أكرم شكري ...... طريقة التنقيطيين الجدد، في الرسم.
-
عاصم عبد الأمير...لوحات تشكيلية والنسق الدلالي الشامل
-
وليد شيت..... استعارات الجذور في اللوحة التشكيلية.
-
الترباس .... وبيت الترباس.. ومحمود أبو العباس..
-
نجوى عبد الله ياسين.. الشعر والمضمون الجمالي
-
الأزياء السومرية ...... خلود الأثر الفني.
-
إخلاص الطيار ..... والعشاء الأخير
-
الإناء النذري (( الوركاء))
-
الثور المجنح .... وخصوصية النحت المجسم
-
دلالة التكوين الفني في العربة الآشورية..
-
قاسم حمزة : فن الخزف والخطاب البصري
-
الالهه عشتار....تبارك التنصيب الملكي.
-
أهوار العراق.....والهجرة إلى الشمال.
-
زينب حفني ... افروديته....
-
سعد جاسم..... يقدم الكلمات قرابين للشعر
المزيد.....
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
-
عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
-
موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن
...
-
زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
-
أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي
...
-
الكشف عن علاقة أسطورة ريال مدريد بممثلة أفلام إباحية
-
عرض جواز سفر أم كلثوم لأول مرة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|