|
شكراً لمحكمة الحريري؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2659 - 2009 / 5 / 27 - 09:58
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
هل يحق لنا أن نسأل ما الذي تبقى من محكمة الحريري؟ بل ماذا تبقى من آمال عـُقدت عليها، بعد أن تلاشت وتبخـّرت في الهواء كل تلك الأحلام التي بناها البعض على ذراع دولية قانونية، علـّها تحق حقيقة "ضبابية" وغائمة غير مدركة ولا يعرف أحد كنهها وما ترمي إليه، باستثناء توظيفها سياسياً في أكثر من مكان؟ وماذا تبقى لدى أولئك الذين تسارعوا، وتراكضوا، وهرعوا، لإنشاء المحكمة، ودفعوا عشرات ملايين الدولارت لتمويل وإنشاء المحكمة والتي أصبحت برأينا، عبئاً وكابوساً مؤرقاً، أكثر من كونها عامل اطمئنان، لا يعرف أصحاب المحكمة كيف سيتنصلون منه، والاستحقاقات الانتخابية، تدق الأبواب اللبنانية، ولسان حال البعض يقول حبذا لو توقف مسلسل الانكشافات عند هذا الحد، وألا يتجاوزه، فما خفي قد يكون أعظم، وأشد وطأة وبلاء؟
بل ماذا بقي ليقوله البعض بعد سلسلة الإنكشافات الصاعقة التي رافقت عملية إطلاق الضباط الأربعة من معتقلهم، وذلك بعد أربع سنوات من الاعتقال الجائر والتعسفي، الذي ينعي أول ما ينعي ليس الفريق الحاكم، كلا وحاشى لله، بل العدالة اللبنانية نفسها، التي لم يعد أحد يصدق ما يمكن أن تجلبه من عدالة، لا دولية ولا محلية، وأصبحت هي نفسها، بحاجة إلى قضاء مستقل للاقتصاص منها جراء فعلتها بأربعة من خيرة ضباطها وأبناء لبنان؟ ولم يبق لها من مهمة، الآن، سوى الاعتذار للكثير من "الضحايا" الذين قضوا على هامش التلويح بها والتعويل عليها في توظيفات سياسية محلية أو إقليمية.
وللتدليل على انعدام القول فيما يتعلق بالمحكمة، هو ما جاء على لسان الصديق الدكتور الإعلامي فيصل القاسم، في حلقة الاتجاه المعاكس قبل نحو ثلاثة أسابيع والتي جمعت فيما بين الوزير السابق وئام وهاب، والكاتب عقاب صقر، حين قال مقدم الحلقة وبالحرف، لقد أجرينا اتصالات عديدة مع أكثر من عشرين شخصية بارزة من "فريق الموالاة"، بغية دعوتهم للمشاركة في هذه الحلقة، ولكن كان جواب الجميع هو الرفض والاعتذار، وفي الحقيقة، فإن البعض معذور، تماماً، في عدم المشاركة، حيث لم يبق هناك أي شيء يمكن أن يقال.
وعلى هامش إطلاق سراح الضباط الأربعة، يمكن القول، ولكل من استمع للمقابلات التلفزيونية التي أجريت مع الضباط المحرّرين، وبخاصة تلك الحلقة، القوية، والمدوية مع اللواء جميل السيد، المدير العام للأمن العام السابق، والتي قدمها، الإعلامي غسان بن جدو، في برنامج حوار مفتوح السبت قبل الماضي من قناة الجزيرة، نكرر يمكن القول، إن هذا الضابط ليس بريئاً وحسب، بل أفصح عن درجة عالية من النبل والشهامة والاستقامة والتفاني، منعته من الاستسلام لإغراءات ميليس، ومعاونيه، ووعودهم ومساوماته له، بتحريره من الاعتقال الشخصي، شريطة الإيقاع بأفراد آخرين، أو تقديم "أكباش فداء"، وأسماء لإنقاذ ماء وجه لجنة التحقيق، ومن وراءها. لا بل تؤكد تلك المقابلة، وبما لا يدع مجالاً للشك، بأن هذا الإنسان، وأمثاله، لا يمكن أن يؤذي أي شخص آخر، ولا يمكن أن يكون قاتلاً أو شريراً في أية مرحلة، وأن هؤلاء الضباط الأربعة أصبحوا هم القضاة وأصدروا حكماً قاسياً جداً، بحق سجانيهم، ناهيك عن آخرين، يقبعون في غير مكان.
وبالمقابل لا يمكن للمرء أن ينسى تلك التصريحات النارية، والعنتريات التي كان يطلقها بعض من رموز الفريق الحاكم، ويلوحون بها بمناسبة ومن غير مناسبة، و"عالطالعة والنازلة"، و"الرايحة والجاية"، وإطلاق التهديدات ضد الآخرين بسلاح المحكمة، وجعلها فزاعة يشهـْرونها في وجه أية خطوة يتخذها أي تيار أو حزب وفرد، قد يستشف منها أنها من الممكن أن تهدد كيانهم ومستقبلهم وخطواتهم السياسية التي دأبوا على السير بها. اليوم لا أحد يتكلم عن المحكمة، بنفس تلك النبرة والقوة والخطاب، ولم يعد أحد يهدد بها، ولا أحد يشير لشهود الزور الذين جملوهم وزينوهم وقدموهم للآخرين باعتبارهم الحلقة المفقودة في سلسلة أصل الأنواع القانونية التي كانت الشغل الشاغل للعدالة الدولية. لقد انهار، فجأة، هذا الخطاب، ومرة، واحدة، وإلى الأبد. وبنفس السياق، لم يكن يدر بخلد أذكى الأذكياء في يوم من الأيام أن تتحول محكمة الحريري إلى سلاح قوي وفعال بيد المعارضة قد تطيح بآمال فريق السلطة في البقاء في الحكم في فترة ثانية، لاسيما والاستحقاقات الانتخابية على الأبواب ولا تبشر الاستطلاعات بأي خير للفريق الحاكم، فلقد سلكت تلك المحكمة مسارات دراماتيكية وغير متوقعة لصالح فريق المعارضة، وأتت كهدية سياسية لهم في معركتهم الانتخابية في مطلع يونيو/ حزيران القادم ضد الفريق الحاكم.
كل ما يؤمل اليوم ألا يسعى أحد من "أصحاب" المحكمة للملمتها، وضبضتها، ودفنها، فيجب أن تبقى شاهداً على ممارسة أضرت بلبنان وبعدالته أيما إضرار، وشوّهت كل ما يمكن أن يقال عن رغبة في إحقاق أية حقيقة بشأن جريمة اغتيال الحريري النكراء. ولقد بلغ ضوضاء بعض من رموز الفريق الحاكم حداً كان يعتقد بأنه يخفي وراءه شيئاً ما فعلاً، وهذا ما ظهر وبان لاحقاً، فالحقيقة، عادة، ما تكون عارية ومجردة، وتطرق الأبواب من دون إذن من أحد، ولا تحتاج لصخب من أحد للتدليل عليها
وأنها من المفارقات الكبرى، أن لاشيء وضع حداً لذاك الشغب والضوضاء القضائي سوى فزاعة المحكمة، بالذات. ومن هذه الزاوية والمنظور يتحتم توجيه تحية ما، لهذه المحكمة، على هذا الإنجاز حتى الآن، رغم ما اعترى مؤيدوها، سابقاً، من ممارسات، لا تفرح، ولا تسر، على الإطلاق، وكل هذا لم يكن ليتم، في الحقيقة، لولا المحكمة التي بذل البعض الغالي والنفيس، ومنـّى النفس بها كثيراً، من أجل أن ترى النور والحياة؟
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طرائف من العالم: لغز السروال الزهري!!!
-
هل هناك أمل بإعادة تأهيل الأصولي؟
-
إيروتيك تشاينا
-
مذبحة التاميل: لا نفط عندك تهديها ولا مال
-
لماذا تشوش سوريا على فضائيات المعارضين؟
-
الصحوة الكويتية: لا للإسلاميين ونعم للمرأة
-
ثورة البراقع اللامرئية
-
-أماه: أني أرى الأنشوطة تقترب من عنقي-: القصة الكاملة لإعدام
...
-
إفلاس المعارضة السورية
-
الحرب على الفئران والخنازير
-
من قتل الحريري إذن؟
-
انهيار النظام القضائي العربي
-
الخنازير وأمراضها
-
العدالة المأجورة
-
العرب والتخلف الإليكتروني
-
تحوّلات إيران الكبرى: هل تعترف إيران بإسرائيل؟
-
استقبال الفاتحين الأبطال: عودة نجاد وأردوغان!!!
-
أيُ الوصفات تفيد؟
-
هل دماء ابن لادن شيعية؟
-
فقه الجنس: برامج إباحية، أم وعظية؟
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|