أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله تركماني - جدل العلاقة بين التنمية والديمقراطية














المزيد.....


جدل العلاقة بين التنمية والديمقراطية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2659 - 2009 / 5 / 27 - 10:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تؤكد التجارب الناجحة المعاصرة أنّ العلاقة بين التنمية والديموقراطية تمثل مسارا ذا اتجاهين: الديموقراطية توفر آليات ومؤسسات من شأنها أن تمكّن من تحقيق تنمية حقيقية وذات وجه إنساني، وتقدم المسيرة التنموية من شأنه أن يخلق الظروف الموضوعية والمناخ الملائم لترسيخ الممارسات الديموقراطية في المجتمع.
إنّ القضية المركزية في التنمية هي المشاركة الشعبية، وغني عن القول إنّ توسيع هذه المشاركة في عملية صنع القرارات يتطلب تشجيع منابر الحوار وتبادل الأفكار والتعبير عنها بحرية، وإقامة قنوات مفتوحة بين المواطنين والدولة، وإفساح المجال أمام المواطنين لتشكيل منظمات المجتمع المدني التطوعية لتأتي تعبيرا عن خيارات المجتمع. كما يقتضي تفعيل المشاركة الشعبية تكريس سيادة القانون، وتوفير الآليات الفعالة التي يمكن للمواطنين من خلالها ممارسة حقوقهم التي ينص عليها دستور دولة الحق والقانون، وتمكين المواطنين من الحصول على المعلومات والبيانات الضرورية لفهم الواقع والتأثير فيه، وبذلك يمكن القول إنّ الديموقراطية تمثل الإطار الذي يوفر أفضل الشروط للتنمية المستدامة.
وكما لا يخفى عنّا فإنّ الاستقرار السياسي والاجتماعي هو أمر لا غنى عنه للتنمية، إذ بدونه يتعذر تحقيق تنمية حقيقية ومستدامة، وليس كالديموقراطية نظام يستطيع أن يوفرالآليات السلمية للتعامل مع تناقض المصالح الاقتصادية والاجتماعية والنزاعات السياسية، في حين أنّ غياب الديموقراطية من شأنه أن يحول دون تسوية الاختلافات عن طريق الحوار البنّاء، وأن يكبت التوترات الاجتماعية، وأن ينقل الصراعات من الإطار العلني إلى العمل السري الذي ينطوي على احتمالات العنف والتطرف، ويعطل دور القوى المحركة في عملية التنمية. وكما أنّ الاستقرار السياسي والاجتماعي يساعد على تسريع عملية التنمية ودفعها في المسار الصحيح، كذلك فإنّ تقدم مسيرة التنمية من شأنه أن يؤدي إلى توطيد الاستقرار السياسي والاجتماعي وترسيخ التجربة الديموقراطية.
ولكي ندرك عمق العلاقة بين التنمية والديموقراطية فإنه لابد أن نعي أهمية العنصر البشري في عملية التنمية من ناحية، وإلى التأثير البالغ الذي تحدثه الديموقراطية لتطوير قدرات هذا العنصر وتفعيل دوره في عملية التنمية. فبقدر ما تتاح له الفرص لتطوير القدرات الكامنة فيه، وبقدر ما تتوفر له الحوافز لتوظيف هذه الطاقات في الأوجه الصحيحة المنتجة بقدر ما يتمكن من استخدام الموارد المتاحة لتحقيق تنمية حقيقية وذات أبعاد إنسانية. من هنا تأتي أهمية الديموقراطية، فهي بإفساحها المجال أمام المواطنين للمشاركة في صنع القرار تمكّن من وضع الحاجات الإنسانية في مقدمة أولويات عملية التنمية، ولا حاجة إلى القول بأنّ تلبية هذه الحاجات من شأنها أن تعمل على تطوير قدرات المواطن وتوسيع الخيارات أمامه على نحو يساعده على تحقيق ذاته، وإطلاق طاقات الخلق والإبداع الكامنة فيه.
إنّ إدراك المواطن بأنّ فرص التقدم مفتوحة أمامه، وأنّ تقدمه مرهون بعمله وكفاءته دون أي اعتبار آخر، وثقته بأنّ ثمار عمله ستعود عليه، سوف يدفعه إلى السعي الجدي لاكتساب المزيد من المعارف والمهارات وبذل المزيد من الجهد في العمل.
إنّ وضع حاجات المواطنين الأساسية في مقدمة أولويات التنمية وتوسيع المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، وإخضاع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمزيد من الدرس والتمحيص من خلال الحوار العام المفتوح، من شأنه أن يؤدي إلى إدارة عقلانية للموارد الاقتصادية والبشرية. ومن ناحية أخرى، فإنّ ضمان سهولة الحصول على المعلومات، وتوفر الشفافية في الصفقات الاقتصادية، وإفساح المجال لتسليط الضوء على جوانب القصور وعدم الكفاءة في الأجهزة الحكومية والمؤسسات ذات الطابع الاقتصادي، والكشف عن التجاوزات والممارسات المنحرفة، تساعد على تحسين أداء الأجهزة والمؤسسات الحكومية وتمكّن من محاربة الفساد.
وغني عن القول إنّ الرقابة الشعبية هي وحدها التي تستطيع القيام بمهمة الكشف عن جوانب القصور ومواطن الفساد والممارسات المنحرفة بفعالية، فأجهزة الرقابة الحكومية في كثير من البلدان النامية تفتقر إلى الحيادية والنزاهة، وتخضع في كثير من الحالات لضغوط المسؤولين عن التقصير والمنتفعين من الفساد، مما يجعلها غير قادرة على إظهار الحقائق وإدانة المقصرين والمفسدين.
ولعلنا لا نغالي إذا قلنا أنّ تحقيق التنمية وضمان استدامتها هو أمر متعذر بمعزل عن الديموقراطية، على أنّ عملية التنمية لا تتأثر بالديموقراطية فحسب، بل تؤثر فيها أيضا. إذ أنّ العلاقة بين التنمية والديموقراطية ذات طبيعة جدلية، وتنطوي على تأثير متبادل بينهما: فكما أنّ الديموقراطية توفر الإطار المحفز للتنمية، كذلك فإنّ التنمية تخلق القاعدة المادية والمناخ الملائم لتطور الديموقراطية.
إنّ التنمية، باعتبارها توسيع للفرص، تتيح للمواطن الارتقار بمعارفه ومهاراته وتطوير قدراته، واختيار العمل الذي يجد فيه ذاته ويحقق له دخلا يكفل له حياة كريمة. وينمّي لديه الإحساس بالمسؤولية تجاهه، ويعزز اقتناعه بضرورة الاعتماد على الحوار والتواصل في التعامل مع القضايا العامة، الأمر الذي يخلق مناخا ملائما لمعالجة المشاكل الاجتماعية والسياسية بالطرق السلمية. وكلما خطت التنمية، ذات البعد الإنساني، شوطا في مسارها كلما توطد الاستقرار في المجتمع وترسخت بالتالي التجربة الديموقراطية.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتصار الأنموذج الديمقراطي الكويتي
- زمن حقيقة العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية
- العرب والحاجة إلى التنمية الشاملة
- الصحراء الغربية على طريق إجراءات الثقة
- إنجازات رجل مثابر
- الديمقراطية والمسألة الاجتماعية في سورية
- المجتمع المدني في العالم العربي - الواقع والمعوّقات والآفاق
- سؤال الهوية في دول الخليج العربي ؟
- معوّقات الحداثة في العالم العربي
- الإطار الاستراتيجي للعلاقات الأمريكية - الروسية
- مؤشرات الانتخابات البلدية في تركيا
- تساؤلات بشأن التحول الديمقراطي في العالم العربي ؟
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (6)
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (5)
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (4)
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (3)
- أسئلة ما بعد - انتصار - حماس
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (2)
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (1)
- أي سلام مع حكومة نتنياهو ؟


المزيد.....




- -أجمل كلمة في القاموس-.. ترامب يفرض رسومًا جمركية على المكسي ...
- وسائل إعلام: ترودو يعقد اجتماعا طارئا بشأن رسوم ترامب
- ترامب يوقع أمراً بفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من كند ...
- فنزويلا تفرج عن 6 مواطنين أمريكيين بعد لقاء مبعوث ترامب بالر ...
- نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماع هام مع ترامب ...
- مسؤول مصري: لا أحد يستطيع الاقتراب من الحدود.. حدودنا مؤمنة ...
- إيلون ماسك يحصل على الحق في الوصول إلى نظام الدفع الفيدرالي ...
- الحدث البركاني الأقوى في النظام الشمسي!
- محاذير تناول المكسرات
- أنباء عن تأجيل مفاوضات صفقة التبادل إلى ما بعد اجتماع نتنياه ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله تركماني - جدل العلاقة بين التنمية والديمقراطية