|
زمن حقيقة العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية
عبدالله تركماني
الحوار المتمدن-العدد: 2654 - 2009 / 5 / 22 - 10:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أنّ إدارة الرئيس باراك أوباما تعتمد مفردات توحي بمغادرة سياسة التماهي الأمريكي الكامل مع السياسة الإسرائيلية إزاء القضية الفلسطينية، ويبدو أنّ الحراك السياسي النشط الذي تشهده المنطقة ينبئ بمرحلة جديدة، قد يكون عنوانها إعادة صياغة عملية السلام، والعلاقات الإقليمية والدولية. وإزاء هذه المقاربة فإنّ الأسئلة التي تطرح نفسها هي: ماذا عن أفق الشراكة الأمريكية - الإسرائيلية، لاسيما لجهة السقف المسموح به لحركة الطرف الإسرائيلي ؟ وهل الإدارة الأمريكية مهتمة بالاستقرار في الشرق الأوسط ؟ وهل تعتبر التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين مدخلا للاستقرار ؟ في الواقع، ثمة ما يشبه الإجماع على أنّ وصول أوباما إلى سدة الرئاسة جاء نتيجة رغبة أمريكية عارمة في التغيير، وتجنيب الولايات المتحدة الأمريكية تبعات السياسة المدمرة التي انتهجتها إدارة بوش، إلا أنّ ثمة ضبابية مقلقة في التوجهات المفترضة، ولا سيما حيال الملفات الخارجية الساخنة، وبشكل أكثر تحديدا حيال قضايا الصراع العربي - الإسرائيلي. لقد أُعدت مجموعة من الدراسات والمقترحات من شخصيات أمريكية بعضها مقرب من الرئيس أوباما، تركز على ضرورة تغيير السياسة الأمريكية، وأن يكون هناك تصرف عاجل من الرئيس للحل على أساس صيغة الدولتين. ولعل أهمها ذلك البيان الذي وقعه عشرة من المسؤولين الأمريكيين السابقين الذين شغلوا أعلى المناصب في الحكومات الأمريكية، الذي يحمل عنوان " الفرصة الأخيرة لاتفاق فلسطيني - إسرائيلي يقوم على الدولتين "، وتحته عنوان فرعي هو: بيان حول صنع السلام في الشرق الأوسط. والذي يبدأ بجملة تقول: نحن ندعو الحكومة الأمريكية لأن تشارك بجهود سريعة ومتصلة، وبتصميم على حل النزاع العربي - الإسرائيلي، وإنّ الوصول إلى هذا الحل بشكل عاجل يعتبر أمرا لا غنى عنه، وإنّ على الرئيس أن يضع خطوطا رئيسية لاتفاق عادل، ودائم، وقابل للبقاء، يستند إلى المبادئ التي سبق أن اتفق عليها الإسرائيليون والفلسطينيون، وهي قراري مجلس الأمن 242 و338 واتفاقات أوسلو، وخريطة الطريق وتفاهمات أنابولس. وإذا أخذ الرئيس الأمريكي بهذا التقدير، نكون أمام مفارقة صارخة فيما يخص مسار العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية، بحيث يوشك المشهد أن يؤشر إلى حدوث صدوع وتشققات في جدار العناق الحميم بين رؤى الشريكين وتصرفاتهما طوال 60 عاما بشأن الصراع العربي – الإسرائيلي. واليوم تكثر المؤشرات العلنية والضمنية إلى خلاف يدور بين إسرائيل وراعيتها الاستراتيجية على ترتيب الأولويات في كيفية التعاطي مع المشكلتين الرئيسيتين في المنطقة: الفلسطينيون وإيران. فعلى هامش المؤتمر السنوي للوبي الصهيوني " إيباك " في واشنطن بدا أنّ حكومة نتنياهو وإدارة الرئيس الأمريكي على مسار تصادمي، إذ أنّ رئيس طاقم البيت الأبيض رام عمانوئيل وجه رسالة واضحة للحكومة الإسرائيلية تبين إصرار إدارة أوباما على حل الصراع، إذ أشار إلى أنّ " لحظة الحقيقة " قد حانت في كل ما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين، وأوضح أنّ مخطط التسوية هو دولتان لشعبين، تضمنان الأمن لإسرائيل وتحقيق السيادة للفلسطينيين. ومن جهة أخرى، كانت روز غوتمولر مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية قالت، خلال اجتماع الدول الموقعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، إنه على إسرائيل وباكستان وكوريا الشمالية والهند الانضمام إلى هذه المعاهدة. ومن المتوقع أنّ الإدارة الأمريكية ستقوم بالضغط على إسرائيل للتوقيع على هذه المعاهدة، وأنها سوف تتعامل مع الموضوع بطريقة مختلفة عن السابق. ويبدو أنّ فرص نتنياهو في تجاوز الخلاف غير كبيرة، لأنّ " إيباك " تعلم إلى أين تهب الرياح، وقد وجهت رسالة لجميع أعضاء الكونغرس الأمريكي تدعوهم فيها للعمل من أجل إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وفهم الإسرائيليون من هذه الرسالة أنّ " إيباك " ترسل عمليا إشارة لنتنياهو بأنه من دون التوافق مع إدارة أوباما فإنّ قدرتها على التأثير في واشنطن عرضة للتراجع. وهكذا، تترقب إسرائيل باهتمام بالغ الاجتماع الأول بين رئيس حكومتها نتنياهو والرئيس الأمريكي في الثامن عشر من الشهر الجاري، وسط انشغال أوساطها السياسية في محاولات استشراف المواقف التي سيعلنها أوباما في مختلف القضايا التي تهم إسرائيل، في ظل حديث جدي عن انتهاء فترة " شهر العسل " بين البلدين. وقد تحدثت تقارير صحافية عن " قلق " إسرائيلي من " تراجع التنسيق الأمني " بين الطرفين منذ دخول الإدارة الأمريكية الجديدة البيت الأبيض، وتحديدا منذ تسلم حكومة نتنياهو السلطة في إسرائيل. وبحسب هذه التقارير فإنّ " المشكلة الأخطر " تتمثل في أنّ الإدارة الأمريكية لم تعد ترى في إسرائيل دولة " خاصة " أو " استثنائية " في الشرق الأوسط يجب التحاور معها بشكل مختلف عن سائر دول المنطقة. وتكاد الصحف الإسرائيلية أن تجمع - رغم اختلاف توجهاتها ومرجعياتها - على أنّ زيارة نتنياهو إلى واشنطن ستكون " مفصلية "، بل أنّ أسرة تحرير صحيفة " هآرتس " الإسرائيلية كتبت افتتاحية تحت عنوان " يا نتنياهو أنصت لأوباما "، وكتب الصحافي يوئيل ماركوس " العهد الذي كان بوسعنا فيه أن نشد الحبل وأن نسوّف الوقت بلغ منتهاه ". وهكذا، على العرب أن يعيدوا النظر في حساباتهم من جديد وأن يحددوا خياراتهم، آخذين بعين الاعتبار أنه رغم التناقض بين المقاربتين الأمريكية والإسرائيلية فإنّ الصدام ليس محتوما. بل أنّ هذا التمايز، وفق المعطيات المختلفة، لن يصل إلى حدود ممارسة ضغوط أمريكية فعلية ذات جدوى على إسرائيل. ولكنّ المعنى الذي يمكن البناء عليه، أنه إذا ما تعارضت الرؤى والمصالح بين السياستين، فإنّ الغلبة تكون دائما لأمريكا. وفي الواقع، لا يملك أكثر المحللين تفاؤلا التقاط إشارات واضحة لصالح العرب في مجمل تصريحات الإدارة الأمريكية أكثر من تلك الإشارات التي يمكن التقاطها لصالح الإسرائيليين، وهذا يعني أنّ إدارة الرئيس أوباما عليها أن تحسم موقفها بالوضوح والصراحة المطلوبين اللذين يعقبهما الفعل المباشر والجريء لترجمة المواقف المعلنة عمليا.
#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العرب والحاجة إلى التنمية الشاملة
-
الصحراء الغربية على طريق إجراءات الثقة
-
إنجازات رجل مثابر
-
الديمقراطية والمسألة الاجتماعية في سورية
-
المجتمع المدني في العالم العربي - الواقع والمعوّقات والآفاق
-
سؤال الهوية في دول الخليج العربي ؟
-
معوّقات الحداثة في العالم العربي
-
الإطار الاستراتيجي للعلاقات الأمريكية - الروسية
-
مؤشرات الانتخابات البلدية في تركيا
-
تساؤلات بشأن التحول الديمقراطي في العالم العربي ؟
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (6)
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (5)
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (4)
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (3)
-
أسئلة ما بعد - انتصار - حماس
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (2)
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (1)
-
أي سلام مع حكومة نتنياهو ؟
-
موسم المصالحات العربية
-
المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (6)
المزيد.....
-
لا تقللوا من شأنهم أبدا.. ماذا نعلم عن جنود كوريا الشمالية ف
...
-
أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك مجددًا.. ما القصة؟
-
روسيا تعتقل شخصا بقضية اغتيال جنرالها المسؤول عن الحماية الإ
...
-
تحديد مواقعها وعدد الضحايا.. مدير المنظمة السورية للطوارئ يك
...
-
-العقيد- و100 يوم من الإبادة الجماعية!
-
محامي بدرية طلبة يعلق على مزاعم تورطها في قتل زوجها
-
زيلينسكي: ليس لدينا لا القوة ولا القدرة على استرجاع دونباس و
...
-
في اليوم العالمي للغة العربية.. ما علاقة لغة الضاد بالذكاء ا
...
-
النرويجي غير بيدرسون.. المبعوث الأممي إلى سوريا
-
الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يتخلف عن المثول أمام القضاء
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|