|
جذور الإلحاد (1)حجج وحجج مضادة
سامح سلامة
الحوار المتمدن-العدد: 2652 - 2009 / 5 / 20 - 08:38
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
*** لأن ما ليس موجودا لا يمكن أن يكون كاملا، و لأن اللة لا بد و أن يكون كاملا، فإنهم يفترضون بناء على ذلك وجوده، عندما يفترضون اتصافه بكمال ينفرد به وحده عن كل مخلوقاته، مستندين على أن الكمال صفة ضرورية للوجود، و الحقيقة أن الوجود ليس صفة بعكس اللون والحجم والشكل التى تلتصق بالموجود بمجرد وجوده، فاللون لا يمكن أن يوجد منفصلا عن الموجود الملون، حيث أنه مجرد صفه له، بصرف النظر عن إدراكنا لتلك الصفة أو معرفتنا بها، أما غير الموجود إلا فى خيالنا فليس له من صفات إلا ما نفترضها نحن فيه ، فنتخيل الغول أو أى كائن غيبى آخر، ونفترض وجوده خارج عقلنا ككيان مستقل عن هذا العقل، ونعطيه صفات من خيالنا، إلا أن هذا لا يكفى لمنحه الوجود الحقيقى، و لا يعنى أن هذه الصفات التى افترضناها فيه حقيقية، وهذا لا يجعلها موجودة خارج عقولنا، بعكس صفات الموجودات الحقيقية، التى تؤثر فى حواسنا وعقولنا، فنصفها بتلك الصفات التى ندركها فيها.أما الكمال كفكرة فهو مجرد افتراض فى عقولنا أن هناك أشياء كاملة أو مطلقة لا أساس له من الواقع الملموس الذى نعيشه، فلا معنى لكمال الصفات الحسية من حجم و شكل ولون وقوة أو غير الحسية من خير وشر ومعرفة التى نفترض أن الله يتصف بها ، و الذى يجب أن يوجد أولا حتى يكتسبها. مع الأخذ فى الاعتبار أن الصفات الحسية وعير الحسية هى صفات للموجودات المادية من طاقات وكتل وجوامد وأحياء فقط، أما اللة مثل غيره من الكائنات الغيبية فهو كائن منزه عن المادية مما يعنى أنه منزه بالضرورة عن الصفات الحسية وغير الحسية، وإلا كان يمكنا إدراكه بحواسنا أو إدراك تأثيره علينا لو كانت لديه تلك الصفات. *** لأن كل شىء يبدأ بالوجود له مسبب، ومع افتراضهم الذى لا دليل عليه أن الكون كله بدأ بالوجود، حيث يفترضون بلا دليل أنه لم يكن موجودا دوما ، وافتراضهم أيضا الذى لا دليل عليه أنه لا يمكن للكون أن يكون مسبب نفسه ، فإنهم بفترضون أيضا و بلا دليل أن للكون مسبب مختلف عن الكون نفسه، وخارج عنه، وسابق عليه فى الوجود، فضلا عن أزليته وأبديته، وطبيعته غير المادية، المطلقة القدرة والمعرفة، بعكس طبيعة الكون الذى خلقه ماديا قابلا للخلق والفناء، ويطلقون على هذا المسبب الله أو أى اسم آخر دون دليل منهم على أنه هو نفسه السبب لا غيره من المسببات الأخرى، والذى يفترضون فيه و بلا دليل أيضا أنه مسبب نفسه بنفسه على عكس الكون الذى تسبب فى وجوده، و الذى يحرمونه بلا دليل من القدرة على أن يوجد نفسه، فى حين يمنحون تلك القدرة لهذا الكائن الغيبى المتعالى الذى صنعه خيالهم، والذى لا يمكن لنا أن ندركه، وهكذا نرى أن الله وأى كائنات غيبية من شاكلته هو نتاج سلسلة من الافتراضات العقلية التعسفية التى لا دليل عليها والتى يطالبونا بالتسليم بها، كما يسلمون هم بها، وكأنها بداهة لا تحتاج إلى أن نثبتها لكل ذى عقل. ولكن حتى مع التسليم بضرورة السبب الأول فنحن لا يمكن أن نحدد ما هو هذا السبب و مواصفاته، و لايمكن أن نثبت أن هذا السبب كائن غير مادى عاقل ذكى كلى المعرفة والقدرة. و لماذا ليس هناك إلا سبب أول وحيد, فمن الممكن أن تكون هناك مجموعة من الأسباب تسببت كل واحدة منها في خلق جزء مختلف من الكون، أو بالتفاعل فيما بينها فى خلق الكون كله. ولماذا لا تكون هذه الأسباب مادية ، على عكس ما يفترضون أنها أسباب غير مادية. *** لأنهم يفترضون دون دليل أن لهذا الكون هدفا وغاية بسبب وجود التعقيد والنظام فيه ضاربين الأمثال بالحياة والبشر على الأرض، فإنهم يستنتجون حتما وجود مصمم عاقل ذكى لهذا الكون، ويفترضون مرة أخرى بلا دليل أن اللة أو غيره من الكائنات الغيبية وغير المادية، هو هذا المصمم الذكى العاقل كلى القدرة والمعرفة الخالق لهذا الكون لهدف لا تدركه سوى حكمته، برغم أن وجود هذا المصمم الذكى لا يعنى أنه هو خالق الكون أو أن لديه القدرة على الخلق ، وأنه لا بد أن يكون بالضرورة أكثر تعقيدا مما صممه وخلقه أى الكون كله، حسب نفس دليل الهدف الذين يثبتون به وجوده، مما يعنى بالضرورة أن يكون لهذا المصمم الخالق هدف من الوجود، طالما كان على هذه الدرجة من التعقيد، و أنه وفق نفس الدليل قد تم تصميمه من قبل مصمم وخالق آخر أكثر تعقيدا منه بالضرورة، وهذا بدوره سوف ينطبق عليه نفس المنطق، وهكذا إلى ما لانهاية، فإذا افترضنا أن هذا المصمم الذكى لم يصممه ويخلقه أحد، وأنه صمم وخلق نفسه بنفسه،على هذا النحو ليخلق كونا بهذا التعقيد، فلماذا من بين الفوضى والبساطة اللتان تتصف بهما معظم مكونات الكون الهائلة فى الحقيقة، لا يمكن أن تنبثق موجودات متناهية الندرة بالقياس لحجم الكون اللامحدود، تكون أكثر تعقيدا وانتظاما، بتراكم الانتظام والتعقد، من أبسط الأشياء إلى أعقدها، و من أدنى الأشياء إلى أرقاها ، وبالتدريج و بالتكيف مع ظروف البيئة، وعبر بلايين السنين مثل الكائنات الحية على الأرض التى تتأقلم مع محيطها وليس العكس بأن ظروف محيطها قد صممت سلفا لتتناسب معها، تلك الكائنات الحية التى تمتلىء فى الحقيقة بالتصميمات السيئة مما يسبب إعاقتها وأمراضها وشيخوختها و موتها ، و التى يدرك سوءها ويعالجها الكائن البشرى أحيانا، وهو الأقل قدرة ومعرفة وذكاء مقارنة بالقدرة والمعرفة والذكاء التى نفترضها لدى المصمم الإلهى الذكى، الذى إذا كان فعلا كلى القدرة والمعرفة فعلى تصميماته أن تخلوا من العيوب والمكونات غير المفيدة و المعطوبة والمعطلة والضارة، وعليها أن تخلوا من عدم الانسجام فيما بينها. *** يستندون على نظرية الانفجار الكبير ليثبتوا خلق الكون من عدم ، إلا أن المادة قبل الانفجار الكبير الذى أدى لتكون الكون الحالى الذى نعرفه ، كانت موجودة منذ الأزل بكيفية لا نعرفها لأنها ببساطة لا تفنى و لا تستحدث و لا تخلق من عدم ، وإنما تتحول من شكل لآخر، وفق قوانين الحفظ والبقاء المثبتة علميا، بالتجربة والبرهان، وليس مجرد افتراض تعسفى من قبل العلماء، و ستظل المادة موجودة سواء استمر الكون فى تمدده أو توقف عن هذا التمدد، أو بدء فى التقلص ليرجع مرة أخرى لوضعه قبل الانفجار الكبير، فالمادة التى تشكل منها الكون تشمل أشكال من الطاقة أو القوى المادية التى تسبب وجود الأشكال المختلفة من الكتل وتحركها وتأثيراتها المتبادلة فيما بينها، كما تشمل الكتل المختلفة التى تتحرك وتتفاعل فيما بينها بفضل تلك الطاقات والقوى، دون احتياج لطاقات وقوى غيبية من خارجها لتحركها أو لتخلقها، ولأن الأصل المادى واحد للطاقات والكتل، فإن الكتلة تتحول إلى طاقة كما يمكن للطاقة أن تتحول لكتلة، وأنه لا يمكن أن نفصل بين الطاقة والكتلة حيث أنهما وجهى عملة للمادة، مما يؤكد عدم احتياج المادة للمحرك الأول الذى يفترضون أنه كائن غيبى لا مادى كلى المعرفة والقدرة، والذى يفترضون أنه هو المحرك الأول على أساس أن كل متحرك يحتاج لمن يحركه ، وعلينا أن نتساءل فمن هو الذى حرك هذا المحرك،وفق نفس المنطق، أم أنه يحرك نفسه بنفسه فى حين ينكرون على المادة أن تحرك نفسها بنفسها. ولماذا يفترضون أن هذا المحرك الأول كائن غير مادى ، فما الذى يمنع من كونه طاقة مادية مادامت الطاقة هى التى تسبب حركة الكتل. *** لأنه توجد حقائق أخلاقية، فإنهم يفترضون أنه لا معنى لها من دون وجود مصدر مطلق للأخلاق. فإنهم يفترضون دون دليل أن اللة مصدرا مطلقا لتلك الأخلاق، وكأن البشر عاجزين عن أن يكونوا هم مصدرا لها، برغم تغير القيم الأخلاقية بحسب الزمان والمكان مما يؤكد نسبيتها وعدم إطلاقيتها، وعدم ثباتها عبر التاريخ البشرى، وبالتالى عدم صحة مصدرها الإلهى، فهناك أعمال كانت قديما لا أخلاقية أصبحت اليوم قيما أخلاقية، والعكس صحيح، وأن الأخلاق ليست محض قيود مثالية مفروضة على الجنس البشرى من قوى خارجهم، بل هى ضرورة مارسها البشر دائما حفاظا على وجودهم الاجتماعى نفسه، وبما يحقق مصالحهم ، سواء أرجعو مصدرها لكائنات غيبية أم لم يرجعوها لتلك الكائنات الغيبية... فإذا كان الخير هو ما يأمر الله به, فإذا الخير يتماهى مع قوة الله و قدرته على إصدار الأوامر و لا فرق بالنسبة لله بين الخير و الشر بل هو إختار الخير عشوائيا. و إذا كان الله يعلم الخير فيأمر به, فذلك يعني أن وجود الخير مستقل عن وجود الله, أي هناك شيء موجود و لم يخلقه الله. *** لأنه توجد حقائق أخلاقية، فإنهم يفترضون أنه لا معنى لها من دون وجود مصدر مطلق للأخلاق. ومن هنا فإنهم يفترضون دون دليل أن اللة مصدرا مطلقا لتلك الأخلاق، وكأن البشر عاجزين عن أن يكونوا هم مصدرا لها، برغم من تغير القيم الأخلاقية بحسب الزمان والمكان مما يؤكد نسبيتها وعدم إطلاقيتها، وبشرية مصدرها، وعدم ثباتها عبر التاريخ البشرى، وبالتالى عدم صحة مصدرها الإلهى، فهناك أعمال كانت قديما لا أخلاقية أصبحت اليوم قيما أخلاقية، والعكس صحيح، وأن الأخلاق ليست محض قيود مثالية مفروضة على الجنس البشرى من قوى خارجهم، وخارج ظروفهم المادية، بل هى ضرورة مارسها البشر دائما حفاظا على وجودهم الاجتماعى نفسه، وبما يحقق مصالحهم ، وتماشيا مع الظروف المحيطة بهم، سواء أرجعو مصدرها لكائنات غيبية أم لم يرجعوها لتلك الكائنات الغيبية. فإذا كان الخير هو ما يأمر الله به, فإذا الخير يتماهى مع قوة الله و قدرته على إصدار الأوامر و لا فرق بالنسبة لله بين الخير و الشر بل هو إختار الخير عشوائيا. و إذا كان الله يعلم الخير فيأمر به, فذلك يعني أن وجود الخير مستقل عن وجود الله, أي هناك شيء موجود و لم يخلقه الله.
#سامح_سلامة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|