|
التيارات المحافظة بين الفكر و الواقع
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2649 - 2009 / 5 / 17 - 08:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عندما نقيٍم وضع المجتمع و ظروفه من كافة النواحي ، نستذكر دائما بانه خليط من مجموعة من الطبقات و الشرائح ، و لكن في بعض المناطق نرى المزيج المختلط الذي لا يمكن الفصل الواضح و الدقيق و الصريح بينها و بالاخص ما يتميز به مجتمعاتنا الشرقية ، و نلمس العديد من العادات و التقاليد و الطقوس و التراث ما يفرض الالتصاق بالامر الواقع و مافيه ، و لم يفرز فيه ما يدعم الانتقال الى مرحلة اخرى من خلال الاصلاح و التغيير . الا ان هذا لا يعني بان المجتمع خامل و لم يتحمل التجديد ، لا بل و في بعض المراحل كان المجتمع بنفسه المحرك القوي في سلخ القشور العديدة التي لم تبق ملائما للعصر المتنقل و التي مر عليها الزمن ،العصروالواقع تجدد و البس ثيابا سياسيا و ثقافيا جديدا مما غير من وضعه الاجتماعي و مستواه المعيشي . و اليوم ، ما نشاهد من الاحزاب و التيارات التي تمثل طبقة او شريحة معينة و هي تدافع عن مصالحها و لها مناهج و انظمة داخلية متوافقة مع افكارها و اعتقاداتها و هي تعتمد على استراتيجيات خاصة و معينة و لها اهدافها العامة و تقرا الواقع و الزمن لتقرر التكتيكات الانية في سبيل تحقيق الشعارات باساليب و اليات متعددة . و لكننا نرى العديد من التركيبات السياسية التي تعتبر نفسها احزابا او تكتلات او تيارات و هي تدعي انها تمثل شرائح و طبقات المجتمع قاطية، و هي محافظة تستند على الخيال و الروحانيات لاقناع مريديها ، و هي في اكثر الاحيان تصطدم مع الواقع و ما فيه و تتناقض مع ما يتطلبه الواقع و المرحلة .و ان تطلب الامر فهي تتبع تكتيكات تخالف اهدافها و عقائدها و نهجها و فكرها ، و في سبيل مصالح خاصة يفرضها العمل السياسي و الواقع المعاصر و تلقى المجتمع و تطرح تاويلات و تنطق بما يضلل و تفسر ما هي تستند عليه بشكل يتناقض مع نواياها و تنتهز ابسط الفرص من اجل الوصول الى المبتغاة .و بصريح العبارة ، نحن نلتقي بمن يحملون الافكار المحافظة و منها الاصولية نظريا اما الواقع فهويفرض عليهم ما لايؤمنون و بشكل عملي، و اما كل ما يعلنون غير ما يفعلون و من اجل تضليل الشعب و البسطاء منهم . فمن لا يؤمن بالتقدم العلمي و ما جلبه لنا التكنولوجيا المعاصرة و هو يستغل هذه الاليات لافكاره و معتقداته غير الواقعية و المعيقة لما يمكن ان يطور ما يستخدمه هو بنفسه في حياته الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و السياسية، فكيف يمكن وصفه .و هو ينطق و يعلٍم من تحت امرته بالالتزام و الايمان بالافكار و المعتقدات التي صيغت في زمن لم يكن فيه التقدم و ما كانت فيه من المنتوجات كما هو عليه اليوم،و الفكر بذاته منبثق و من ولادة ظروف و واقع ذلك العصر و هذا هو جوهر التناقض و الخلل بين الادعاء و الفكر النظري و مايعتمدون هم بانفسهم مما افرزه و صنعه عصر التقدم العلمي و الواقع و المجتمع الحديث ومن نتاج من لا يؤمنون بافكاره و معتقداته. ان اكثر المجتمعات و الشعوب التي يمكن ان تمرر فيها الافكار و الاعتقادات المحافظة هم من يلتصقون بالمثاليات و الخيال و الروحانيات و الاساطير و الخرافات ، و التجدد صعب فيهم و في كياناتهم ، و اما واقعهم فيه من المتناقضات تحتاج لعصور لتلافيها ، و على تلك المعطيات تتبنى التيارات المحافظة افكارها و تلتصق بما كان هو مولود في عهد و زمان لا يمت بصلة و لو بقليل بما نحن فيه من كافة النواحي نتيجة الاصلاح و التغيير الذي فرضها الواقع الجديد بمرور الزمن و من خلال عصور متلاحقة . و هنا يمكن ان نقول بان الواجب و العمل الضروري يقع على عاتق المنورين و النخبة المثقفة و الاحزاب و التيارات التقدمية و الافكار و المعتقدات العصرية و الايديولوجيات المستندة على العلمانية و المفاهيم العصرية التقدمية ان توضح ماهو الاصح و بقوة الدلائل و المنطق للجميع و من اجل رفع الاغطية عن المضللات و ما يعيق حركة التجديد و الحداثة و التغيير و الاصلاح و فضح المعتقدات المضللة و الزائفة المبنية على مصالح فئة او شريحة معينة من الشعب ، و بيان التناقضات الواضحة بين فكر المحافظين الاصوليين و الرجعيين و ما يلاقون على ارض الواقع و ما فرضه عصرنا التقدمي ، و كيف السبيل لازالة تلك المعوقات . و يتم ذلك بالعمل الدؤوب و في اتجاهات عدة و اهمها توضيح ماهو الواقع و مافيه من الافكار و المعتقدات العلمية العصرية الصحيحة.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المواطن و المشاركة في القرارات السياسية
-
من يُجري التغيير و الاصلاح في اية سلطة سياسية
-
هل توجد صحافة مستقلة في الشرق الاوسط
-
ما بين الانتقاد و العمل على ارض الواقع
-
دور المراة الهام في ترسيخ الديموقراطية
-
الاصلاح بحاجة الى الوعي و العقلانية في العمل
-
هل اصبح التغيير شعار العصر في العالم
-
بقاء مقولة المؤامرة كحجة حاضرة دوما لمنع الاصلاح المطلوب
-
المعارضة بين الهدم و البناء
-
العمال و الكادحون اكبر المتضررين منذ تاسيس دولة العراق
-
هل تنسحب امريكا من العراق كما وعدت ؟
-
كيف يحل الاحترام محل الخوف من السلطة في العراق ؟
-
هل ترسخت الديموقراطية كمبدا اساسي للعملية السياسية في العراق
...
-
االاصلاح ضرورة موضوعية يتطلبها الواقع الراهن في العراق
-
الازمة المالية العالمية صعقت الراسمالية و اوقعتها عن برج غرو
...
-
من له المصلحة في اعادة نظام قمعي اخر الى العراق
-
الارادة و العقلانية في العمل ستنتج ما يهم مستقبل الشعوب
-
كيف تتجسد الفلسفة التي تنظف المجتمع من العادات و التقاليد ال
...
-
من اهم واجبات المجتمع التقدمي بناء الانسان الصحي
-
لماذا المتاجرة بالسياسة من اجل المصالح الشخصية في العراق ؟
المزيد.....
-
بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من
...
-
-روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي
...
-
منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا
...
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
-
هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
-
منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد
...
-
وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن
...
-
أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
-
سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك
...
-
حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر
...
المزيد.....
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|