أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل المسعد - اللغة العربية و المعاني الالهية















المزيد.....

اللغة العربية و المعاني الالهية


نبيل المسعد

الحوار المتمدن-العدد: 2648 - 2009 / 5 / 16 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القرآن ظاهرة تاريخية ، لها إطارها الزماني و المكاني ، تأثرت بالثقافة السائدة في عصر النزول . بمعنى أنها " مُنتَج ثقافي " بفتح التاء ، هذا ما يكرره الدكتور نصر حامد أبو زيد في كتابه " النص ،السلطة ، الحقيقة . النص الديني بين إرادة المعرفة و إرادة الهيمنة " فالنصوص عنده " مهما تعددت أنماطها و تنوعت ـ تستمد مرجعيتها من " اللغة " و من قوانينها ، وبما أن اللغة تمثل " الدال " في النظام الثقافي فكل النصوص تستمد مرجعيتها من " الثقافة " التي تنتمي إليها " و هذا لا يقدح في مصدر القرآن لان القرآن و إن كان منتج ثقافي فانه بدوره أصبح ينتج الثقافة .
لقد تناول في دراسته تلك موضوع شديد الخصوصية يمثل خط احمر و طابو في الوعي الإسلامي القديم منه و المعاصر ، اعني الدراسية النقدية للقرآن . و قد أدرك عاقبة ما أقدم عليه ، لذلك نجده لا يحكم حكما إلا و يطنب في شرحه دفعا لكل لبس . فعندما فصل بين اللغة و الكلام متأثرا في ذلك باللغوي فريديناند دي سوسير ، و نظر إلى القرآن بوصفه " كلاما " قال: " و إذا كان الحديث عن النص القرآني كلام الله ، فهو بامتياز نص يمتلك " كلاما " و ليس نصا تنطقه اللغة ، وان كان يستمد مقدرته القولية أساسا من اللغة ، و مرة أخرى المقصود بالمقدرة " القولية " مقدرته من حيث هو نص موجه للناس في سياق ثقافة بعينها ، وليس المقصود مقدرته من حيث طبيعة المتكلم به ، الله عز وجل . وهذا شرح لازم حتى لا يزايد علينا المزايدون الذين تنطق اللغة من خلالهم و لا يمتلكون " كلاما " يقولونه من خلال اللغة . " ليخلص إلى هذه النتيجة " النص القرآني يستمد مرجعيته من اللغة لكنه كلام في اللغة قادر على تغييرها " إلا انه لم يسْلم ليس الانتقادات و المضايقات .
و كان عليه أن يذهب بعيدا ، و يفصل في مسألة تحول الإلهي إلى البشري و انتقال المعاني الإلهية إلى واقع الإنسان ، مرتدية لباس اللغة العربية لتشكل في الأخير النص القرآني .
إن الاعتناء بالقرآن و تلميعه ، و صل إلى درجة أن حجب حقيقته عنا ، ذلك لان القرآن يمتلك جهاز مناعي يتألف من ترسانة من الآيات و ضعت خصيصا لتقف أمام كل محاولة لنقده ، إنها تمثل نظام حماية . و ابرز هذه الآيات ،نجدها تحتل الصدارة على الغلاف الخارجي للقرآن أحيانا ، وهي " لا يمسه إلا المطهرون " و التي أخذها البعض بمعنى أن تمارس طقوس شعائرية قبل تصفح القرآن ، و ما يصاحب ذلك من تهيؤ على مستوى الدماغ لتقبل كل ما يصدر عنه . إنها آية أشبه ما تكون بالحقنة التي تسبق العملية الجراحية . فتشل العقل عن التفكير .
و إن كنتَ من الذين لم يحقنوا بها من قبل ، و أقبلت على القرآن تدرسه كنص سقطت عنه قدسيته بعد أن اخترقت جداره الدفاعي الذي احكم غلقه الفقهاء ، ستنكشف لك حقائق قد تصدمك ، كما حدث لمؤلف كتاب " محنتي مع القرآن و مع الله في القرآن " ذلك الأزهري الذي خرج من تجربته الدينية التي تجاوزت 70 سنة بأثر أسود على جبينه لا يخطئه النظر كما يقول، من اثر السجود ، وقد احتار في كيفية التخلص منه .
فما أن يزول الأثر التخديري للقرآن إلا و تتساءل عن حقيقته ، وهل النسخة المتداولة بين أيدينا الآن تشتمل على كل ما نقله الرسول عن ربه .ان " الجمهور " يعتقد ذلك وانه جُمع في زمن الخليفة الثالث عثمان بن عفان ـ ولا ادري إن كان قد خضع لعملية تنقيح ـ جمعه في مصحف موحد و تخلص من النسخ الأخرى وفق منهج معين . و " الجمهور " متأكد من عدم تحريف القرآن و دليلهم " انا نزلنا الذكر و انا له لحافظون " ومن الواضح ان هذا الدليل في حاجة إلى دليل . و مع ذلك نفترض ان هذا القرآن، هو الأصل و قد وصلنا كاملا غير منقوص بالتواتر .
لنعود إلى البداية إلى المرحلة الإلهية للقرآن قبل نزوله ، عندما كان مجرد معاني عند الله . و تلك المعاني في حاجة إلى ألفاظ ، لإن الألفاظ حصون لها . ثم دونه في اللوح المحفوظ . و هنا نتساءل عن اللغة التي استقبلت هذه المعاني في مستوى اللوح المحفوظ ؟
ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال لأنه يخص القرآن وهو في مراحله المتقدمة .لينتقل بعد ذلك إلى البشر في مرحلة لاحقة عبر آلية الوحي . وهنا تكمن المشكلة ، عندما يتحول الإلهي إلى البشري .
إذا انطلقنا من المسلمة التي تقول إن الله وظف اللغة العربية كقوالب لمعانيه الإلهية ، هذا يعني أن معانيه لا تختلف عن نظيرتها عند البشر مادامت العربية تستطيع أن تخرجهما إلى الواقع ، و هنا نقع في التشبيه ، عندما تصبح المعاني البشرية تضاهي المعاني الإلهية . و لتنزيه الله عن ذلك و نبقي على انفراده بمعاني تليق بمقامه كاله . يمكن القول ان الله كان بمقدوره أن يوظف لغة متطورة تستطيع أن تعبر عن معانيه كما يجب دون تشويه ، ولكن في هذه الحالة لا يتحقق الغرض ولن يفهم الناس الرسالة ، لهذا استخدم الله لغة بشرية ، حتى يتم التواصل . فإذا اقتضى الأمر مثلا أن يتصل احد العلماء المتخصصين في العلوم الدقيقة بشخص أصم ، فعليه أن يتنازل إلى مستوى هذا الشخص و يوظف لغة الإشارات ، فيحدث التفاهم ولكن على حساب المعنى ، لان لغة الإشارات لا تعبر بالشكل المطلوب . ونفس الشيء مع الله عز وجل ، انه تنازل و استعمل لغة البشر، التي قد تشوه المعنى الإلهي .
إذن لو وظف الله لغة متطورة تليق بسمو و تعالى معانيه ، فان الرسالة لن تصل إلى البشر بسبب جهل تلك اللغة ، وان استخدم لغة البشر فإنها حتما لا تعبر عن المعنى كما يجب ، إنها أحيانا لا تعبر عن المعاني البشرية فما بالك بالمعاني الإلهية .
ولهذا يكون الأقرب إلى الصواب أن الله انزل القرآن ، كمعاني فقط على قلب النبي أو بواسطة احد الملائكة ، ليتولى النبي ترجمتها إلى لغته الأم ، اللغة التي يتقنها ، و هناا يمكن فهم مقولة " القرآن منتَج ثقافي " حيث ساهمت ثقافة النبي في بناء النص ، وهذا التصور ليس غريب انه اقرب ما يكون لطبيعة الحديث القدسي ، و المعروف عنه انه وحي من الله ، لكن ألفاظه ترجع إلى النبي .
لنخلص في النهاية و حسب هذه البحث إلى القول أن معاني القرآن إلهية مترجمة إلى اللغة العربية عن طريق الرسول (ص ) شأنه شأن الحديث القدسي .و إن كانت هذه هي حقيقة القرآن فاعتقد أننا سنجد حلول لما يثيره البعض من انتقادات حول النص القرآني ، و انه يحتوي على أخطاء معرفية و نحوية حسبهم . و ربما أدركت هذا من قبل أم المؤمنين عائشة التي أرجعت أخطاء القرآن إلى الكتبة و المدونين .ثم إن هذا الفهم ينزه الله عن الخطأ و يفتح المجال لدراسة القرآن دراسة معاصرة ، تتجاوز حدود التلميع و الزخرفة إلى دراسة موضوعية ، لنص التقت فيه المعاني الإلهية بلغة إنسانية في الجزيرة العربية في القرن 6 بعد الميلاد .





#نبيل_المسعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقطع طولي في الحوار المتمدن
- الفتوحات السلطانية


المزيد.....




- انقطاع تام للكهرباء في الجزيرة بأكملها.. شاهد أزمة الطاقة ال ...
- حماس تقول إن إسرائيل تستخدم -التجويع كسلاح- بمنعها دخول المس ...
- هواتف محمولة موقتة وقفص فاراداي: الموظفون الأوروبيون مُلزمون ...
- ميلوني في واشنطن لمناقشة الرسوم الجمركية مع ترامب
- بحضور ممثل عن الحركة.. المحكمة الروسية العليا تعلق حظر أنشطة ...
- منظومة -أوراغان- الروسي تستهدف تجمعا للقوات الأوكرانية
- فستان متحدثة ترامب -صيني-
- الجيش الإسرائيلي يقول إنه قصف بنية تحتية لحزب الله جنوبي لبن ...
- -لعنة- هاري كين؟.. صحف أوروبية تعلق على إقصاء بايرن ميونيخ
- الطاقة وفلسطين وسوريا على طاولة بوتين وتميم في الكرملين.. أب ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل المسعد - اللغة العربية و المعاني الالهية