محمد علي ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 2648 - 2009 / 5 / 16 - 04:23
المحور:
الادب والفن
استيقظَ ذات يوم وقد بات يظن نفسه سعيداً
لأنه أصبح كثير الكلام
ولأنه أتقن تمثيل الابتسام
ولأن لديه عديد المهام
ولأنه محور لبعض اهتمام
ولأنه بات أقدر على تناسي، لا تحمُّل، الآلام
ولأنه، أو كما كان يتصور وقتها، ما عاد وحيداً في المشوار
وطبعاً: لأنه لم يشهد منذ دهرٍ ميلاد نهار
..
يومها، شعر بحالة صفاء كبيرة
وبدأ يراهن الدنيا على آمال كثيرة
وشرع في تنفيذ بعض خططه المؤجلة
ففي ظنه أن أفضل الأوقات لتنفيذ الخطط
هي حين نكون راضين عن أنفسنا
وليس بالضرورة عن خططنا
..
وفي منتصف الطريق، دهمه السؤال: لماذا؟؟
لماذا تحمست فجأة كما فقدت حماسك من قبل فجأة؟
أو: لماذا اخترت تلك الأحلام بالذات من بين فيض أحلامك؟
لماذا راهنت عليها بالذات الآن وقد سبق لقريناتها خذلانك؟
لكنه تجاهل صوت السؤال الموسوس بداخله
وآثر إكمال المشوار
واتخذ القرار تلو القرار
بحمس وشجاعة وإصرر
لكن قرب نهاية الطريق، عاد الصوت الداخلي يسأله بإلحاح: لماذا؟
وكان يسمع صوتاً آخر في بعض اللحظات: هل؟؟
وشعر بأنه، إلى حد كبير، قد ملّ
..
ولمّا قطع شريط النهاية
وكسب بعض الرهانات في سباقه المفترض
انتابه فجأة شعور بأنه قد بات إنساناً هجيناً
أو بأنه بات من كل الأشياء خليطاً
بات يحسب نفسه سعيداً وهو لا يدرك للسعادة أي معايير
أو لا يثق كثيراً في تعريفاته لها التي بينها تباين كبير
وبات يحابي بعض أحلامه ويقمع بعضها الآخر
بات في داره يساوره طوال الوقت شعور المسافر
بات الشجاع الذي لا يستطيع أبداً أن يخاطر
بات يفرح بتحقق أي غاية
..
ولمّا سأل رجلاً حكيماً عن ذلك كله
جاءه الجواب: أنت حكيم نفسك
أنت أدرى بما يسعدها وما يشقيها
وأنت تملك أن تبث الروح فيها
أو أن تنزع منها حماساً زائفاً يفنيها
وجاءه أيضاً: أنت لست بسعيد حقاً
لكنك قد تصير سعيداً ذات يوم
فقط استمر في السعي
وحافظ على مخزونك من الوعي
واطلب استشارتي من جديد
متى شعرت بتغير يدب
أو بريح تهب
أو بهاتف يسب
أو متى حاصرك ذلك كله
..
وقد شعر لاحقاً بكل تلك الحالات، على دفعات
لكنه لم يزر الحكيم مجدداً أبداً
بات كافراً بتجار الكلام
وبالوهمي من حالات السلام
وبات يثق في شيء واحد فقط: حدسه الأول
وخصوصاً: حين يتجسد له قُبيل أو بُعيد الصحو
وخصوصاً: بعد ليالي الأحلام الطويلة
والاحتلامات المُسيلة
والسعي لاستلهام الوسيلة
والشعور بالاستقرار والثبات
..
ثم حدث أنه خاض بعد ذلك رهانات جديدة
#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟