|
البعث القومي العربي والبعث الديني الإسلامي يلتقيان ..!
هرمز كوهاري
الحوار المتمدن-العدد: 2647 - 2009 / 5 / 15 - 02:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
البعث بمعناه اللغوي والفظي ، كما يعرف القراء ،هو إحياء الماضي اي العودة الى الماضي وليس السير قدما نحن المستقبل ، ولكن هم يفسرون أنهم يسيرون الى المستقبل بالفكر القديم ، اي كمن يريد أن يحفر نفقا في الجبل للقطارات بالمعاول اليدوية أو يطير في الجو على طريقة عباس بن فرناس !!! !ويبررون هذا أنهم كانوا أنذاك سادة العالم ،ولكن متى كانوا كذلك ؟ طبعا عندما كان المقاتلون يمتلكون سلاحا واحدا متشابها . وكانوا هم مهاجمون بدافع المغانم والغنائم من المال والحال والنساء وكانت حروبهم كالسطو على شعوب آمنة غير مهيئة للحروب ، وكانت الشعوب الإسلامية آنذاك كل شغلها الشاغل الغزوات والحصول على ثروات أكثر و حوريات أجمل وأكثر ملاحة بإستباحة المدن والقرى من قبل الجنود مدة ثلاثة ايام بموجب فرمان أو فتوى يصدرها الخليفة تشجيعا للقتال وتقول المصادر الإسلامية (د.فرج فودا ) ، أن موسى بن نصير عندما غزا إسبانيا جلب معه ثلاثين ألف عذراء أسيرة وزعهن على الخليفة والقواد والمقاتلين حسب الجمال والعدد !!
وكانت حياتهم كلها حروب ، تارة غزوات وأخرى رد الغزوات ، بدءا من حروب الردة في الجزيرة العربية عندما لم يقتنع أكثرية المسلمين بالرسالة المحمدية فإرتدوا عن الإسلام وشن الإسلام حربا قاسية وأعادوهم الى الإسلام حبا بمستقبلهم في الآخرة !! وتطبيقا لمبدأ : [ لا إكراه في الدين ] !!! ولكن الإسلاميون لايطلقون على نواياهم بالعودة الى الماضي بعبارة (البعث الديني الإسلامي ) بل يرفعون شعارا ب- إقامة دولة إسلامية ، ويبررون ذلك بأنهم مكلفون من الله بجعل كل شعوب العالم يدينون بدين الله الحق ولكن هم أنفسهم يكذّبون هذا بدلالة أن أكثر حروبهم كانت بين الطوائف الإسلامية بين الشيعة والسنة منذ أربعة عشرة قرنا ولا زالت كذلك ، كالحروب بين العثمانيين السنة والفرس الشيعة أو فيما بينهم طمعا بالسلطة والمال والجاه وقبل عقود راينا المجازر بين المسلمين في الجزائر وفي مناطق متعددة ، ومع هذا نجد كثيرا منهم ، ينهزمون من البلدان الإسلامية ، بلاد دين الحق الى بلدان " الكفار " أو " الدين الباطل "!! ليجدوا هناك أكثر راحة وأمان !! يهربون الى تلك البلدان بكل الوسائل الممكنة حتى بالطرق الخطرة التي قد تؤدي على فقدان حياتهم في الطريق في سبيل الوصول اليها ، وبهذا يسقط إدعائهم بتأسيس دولة دينية إسلامية بل يهدفون بتأسيس سلطة دنيوية دكتاتورية تسلطية تحت شعار ديني كاذب .
وما يهمنا من كل نظام هو حالة الشعوب أي الأفراد في تلك المجتمعات التي يدعون أنهم كانوا سادة العالم ، فماذا كان حال الرجال آنذاك ، طبعا كانوا حطبا لتأجيج وإستمرارية نار الحروب والغزوات فكان المقاتل إما قاتلا أو مقتولا ، فالقاتل المنتصر تصيبه الغنائم بما فيها النساء كزوجات أو جواري ، أما القتيل فتصيبة الجنة المليئة بالحور والغلمان وأنهارا من الخمر وأشهى الفواكه في أجمل بستان !! أما المرأة المسكينة ، فإذا إنتصر زوجها يضم اليها زوجات عديدات اوجواري وتصبح الزوجة العتيقة الرابعة أو العاشرة ، أما إذا قتل زوجها فتصبح أرملة يضمها أحد الرجال الى حضيرته مع عدد من الزوجات الأخريات !!
وكان الخليفة أو السلطان أو الملك ، الآمر الناهي بإعتباره أميرا للمؤمنين ، أمره مطاع ، فكان يسلب ويغتصب ما يشاء ويقتني ما يمكنه من المال وما يشتهي من النساء والجواري ، وكان هو الحاكم والقاضي والآمر والناهي ، وبإشارة منه يضرب عنق هذا الرجل ويمنح ذاك الرجل ألف درهم لنكتة تضحكه أو بيت شعر يمدحه!!
هذا ما أشار ويشير إليه التاريخ الإسلامي الذي كتبه المسلمون أنفسهم وليس المسيحيون أو اليهود أو الهندوس ، ومن يشك بهذا ليرجع الى تلك الكتب والمصادر ،. وخير دليل على ذلك ، المذابح التي قام بها الجزائريون ضد المسلمين الآمنين ، وعصابات القاعدة في أفغانستان وفي الصومال والسودان والعراق وكلها تحت مسميات دينية قومية بإقامة دولة إسلامية ، يقتلون المسلمين لإقامة دولة إسلامية !!!
وهنا نرجع ونقول ، هل يشرّف هذا التاريخ المليئ بالحروب والكوارث المسلم أو العربي الحالي عندما يطالب ببعث الماضي اي بالعودة الى ذلك الماضي ، ويسميه بالعصر الذهبي !! أليس هو جنون بكل ما تعني كلمة الجنون من معنى ، وهل يصل بهم الغباء الى هذا الحد ؟ طبعا لا بل هدفهم هو : لتخدير السذج والمغفلين من الناس ، ورأ ى العراقيون ماذا يعني شعار ( حرية وحدة إشتراكية ) عند البعث القومي العربي أثناء حكم صدام ،وماذا يعني عند دولة البعث الثانية قلعة العروبة الصامدة ! غير أن تكون جسرا ومعبرا للإرهابيين الى العراق . كما عرف الشعب العراقي ماذا يعنون ( الثوابت الإسلامية )عند الراغبين بطيبيق الشريعة الإسلامية أي إقامة دولة إسلامية أو بالبعث الديني الإسلامي ، أنها تعني المليشيات الإسلامية المختلفة والمنفلتة للإغتصاب والإغتيالات تحت مسميات مختلفة مثل المجهولين ، وبخاصة مليشيا ت السيد وحفيد السادة المعصومين ! مقتدى الصدر وماذا تعني الدولة الإسلامية عند الجارة الجارتين الشرقية والجنوبية غير تصدير فرق الموت والإنتخاريين والسجون السرية التي فتحوها بعد سقوط البعث القومي ليحل محله البعث الديني الإسلامي ، وقصف المناطق الآمنة وإهداء القنابل والمتفجرات لقتل مزيدا من الأبرياء وتمويل أعوانهم من المليشيات وتزويدها بالأسلحة الفتاكة ومنها تكتشف نطمورة تحت الرمال و .في مناطق كثيرة من العراق بالإضافة الى تهريب المشتقات النفطية .
هل تلك الحياة تدعوا الى الفخر والإعتزاز يا سادة يا كرام ياسادة العربان ويا ملالي الإسلام ! !م لتخدعوا الناس وتقولون لهم : ما أحلى الرجوع اليها !! وبالمقابل، فاليوم لا أعتقد يوجد شخص مسيحي يطالب بالعودة الى أيام تحّكم الفاتيكان ومحاكم التفتيش وحرق العلماء و قتل الفلاسفة والأحرار بتهمة الهرطقة ، بل من يطالب بذلك ، كما يفعل الإسلاميون والعربان ، يكون مصيره مستشفى الأمراض العقلية !!
اليس البعثيين ، القومي العربي والديني الإسلامي بعثا واحد ! لا يختلفان بالسلوك والأخلاق والقتل والسلب والنهب والإغتصاب إلا بالتسمية ، فالبعثي جلاد الأمس صدام حسين عند الجاجة أصبح عبدالله المؤمن وتوّابة الأمس أصبحوا ديمقراطيون اليوم !! إنهم يتقلبون كالحرباء لتحقيق نواياهم وأغراضهم الواضحة البينة من سلوكهم وهـــي :السلطة والمال والحلال والحرام اي يحللون لأنفسهم ويحرمون على غيرهم .
ففي كلا البعثيين ، القومي والديني ، رأ ت المجتمعات وجربت وخاصة المجتمع العراقي أن كليهما لا يؤمنون : لا بالديمقراطية الحقيقية ، لا بحقوق الإنسان ، لا بحقوق المراة ، ولا بحرية الرأئ والعقيدة ،و لا بقانون ولا نظام ، فرجال السلطة في البعث القومي العربي والسادة والملالي في البعث الديني الإسلامي هم فوق القانون والنظام ،والبعث القومي العربي يمسخ تاريخ و تهميش القوميات الصغيرة وتكون قومية السلطة هي المتحكمة والمتنفذة والبعث الديني الإسلامي يكفّر الديانات الأخرى و يحاول إلغاءها بالقتل أو التهجير ، البعث القومي العربي يضع الدساتير والقوانين ليست للتطبيق لأن الحاكم المطلق يسن القوانين ويلغيها حسب أهوائه كما كان يفعل صدام ومن يخوله والبعث الديني الإسلامي يضع الثوابت الإسلامية فوق الدساتير والقوانين ويضع المرجعيات مفسرة لتلك الثوابت بالفتاوى ، والدستور الذي سنوه وأقسموا عليه ، كأنه ليس لهم وغير مشمولين به ، فالتمييز الديني أساس الحقوق والحريات !!! ، وراينا الفساد المالي والإداري في البعثيين ، فالبعث القومي العربي رأينا تبذير الثروات ببناء القصور التماثيل والمجون والمكرمات وكوبونات النفط ورشاوى حتى الدول والمنظمات الإرهابية ، وراينا الإخلاص للعروبة كذبا ولقائدها نفاقا قبل الكفاءات فرأينا أشباه أميين مدراء عامين وفي مراكز عليا ومهمة في الدولة وعرفاء أصبحوا " فيلدمارشالية " في الجيش!! وكان ما كان في تلك الحروب المهزلة ، وتكرر هذا في البعث الديني الإسلامي و قيل هناك ما يزيد على مائة مدير عام لا يحملون شهادة المتوسطة !ورأينا مراهقين معممين بعمامات سوداء أصبحوا قادة مجتمع بقضل تلك العمامات السوداء ولأنهم سادة معصومين ويستقبلون الوزراء كما كان يفعل عدي صدام حسين يستدعي أي وزير للمناقشة !!! واليوم في البعث الديني الإسلامي الفساد المالي وصل القمة وأصبح العراق سباقا في هذا المضمار وضرب رقما قياسيا في الفساد المالي والإداري وقد تجاوز أخيه البعث القومي العربي ، وكأنه مصر الا يسمح لأي دولة أخرى أن تتقدم عليه في هذا السباق ! ما دام البعث الديني الإسلامي في الحكم !!
والبعث الجديد المتجدد أضاف الى إسمه عبارة الإسلامي ، ليصبح ( حزب البعث العربي الإسلامية )!!فكان قوميا عربيا علمانيا وللضرورة أصبح إسلاميا دينيا أيضا كالحزب الإسلامي وجبهة التوافق ليسوا إلا بعثيون مكحلة جبهتهم بالوطنية العراقية ، أما البعث الديني فأصبح البعث الشيعي ينادون بالعروبة و للضرورة أحكام ، فلم يبق فاصل بين البعثين ، البعث القومي العربي الإسلامي والبعث الديني العربي الإسلامي !! . فإلتقيا ضد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم ، وإلتقيا ضد الشيوعيين . واليوم يلتقيا ضد الشيوعيين وقد يلتقيا ضد الأكراد أبعدَ كل هذا هل نستغرب من إلتقاء البعث القومي والبعث الديني ! ولذا حقّ ّلنا أن نقول : لا تحسنوا الظن بالأحزاب القومية والإسلامية .
#هرمز_كوهاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصائب العراق عند الجيران فوائدُ..!
-
مصائب العراق عند الجيران فوائد !
-
9 / نيسان / يوم التحرر من الدكتاتورية
-
البعثيون الذين لم تلطخ أيديهم بدماء الشعب !! نص الرسالة التي
...
-
الحزب الشيوعي العراق ...يواجه إمتحانا عسيرا
-
التكتلات القومية والمذهبية..والديمقراطية ..!
-
الدولة ...والعشيرة
-
الديمقراطية...تلبي حقوق المرأة
-
كم من أمثال الدايني تحميهم المحاصصة الطائفية
-
العراقيون صوّتوا للشعارات ..لا المبادئ
-
الطائفيون يغيرون ثوبهم .. المالكي نموذجاً
-
المشهد العراقي ..وقصة البستوكة
-
لا تزعجوا المالكي والمسؤولين ، بذكر السلبيات
-
ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : ماذا تعني
-
الحوار المتمدن . معهد للديمقراطية
-
هل يتوقعون إنقلابا عسكريا في العراق
-
إضطهاد المسيحيين والأقليات ، سقوط في الأخلاق والسياسة
-
حكام العراق تذكروا ، إن الفساد مفجر الثورات ومهلك الفاسدين
-
بل إنتظروا المزيد - يا أحفاد كلدان وآشور والسريان
-
الآلوسي نجح في تعريتهم ، وفشلوا في إخفاء نفاقهم
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|