|
هكذا يحتفل حزب البعث بمناسباته
عادل حبه
الحوار المتمدن-العدد: 2643 - 2009 / 5 / 11 - 08:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بقدر ما تثير التفجيرات الأخيرة القلق لدى العراقيين من احتمال عودة مسلسل الدماء والتدمير من جديد خاصة في العاصمة بغداد، فإنها في الوقت نفسه تزيد من يقين العراقيين حول الجهة التي تقف وراء هذه التفجيرات. فلقد دشن القائمون على هذه التفجيرات أول جرائمهم الأخيرة بتفجير سبع سيارات مفخخة في يوم السابع من نيسان الماضي، وهو كما يعرف الجميع يوم تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي. واستمرت “احتفالات” هذه الزمر العابثة "بكرنفالاتهم الدموية" لتمتد إلى يوم ميلاد الطاغية البعثي، حيث تفنن القائمون بالاحتفال بهذه المناسبة كي تحصد أكبر عدد من النفوس العراقية البريئة. وهكذا إذن لا تدعو هذه التفجيرات إلى أي مجال للشك في أن من يقف وراء هذا العبث الدموي هم بالدرجة الرئيسية عصابات حزب البعث وأجهزتة الأمنية للحكم السابق، وبدعم من فلول القاعدة وربما من قبل أجهزة أمنية من دول الجوار أيضاً. فهذا الأسلوب في التعامل مع العراقيين هو ليس بالجديد على حزب قاد العراق إلى حافة الهاوية، فقد تفنن في البطش بالمواطن العراقي خلال أربعة عقود منذ تسلطه على رقاب هذا الشعب العريق في 8 شباط 1963 وحتى سقوطه في 9 نيسان عام 2003. وتأتي هذه التفجيرات لتنفذ الوعود التي كان يلوح بها أقطاب النظام قبل سقوطهم بإحراق بغداد وما سوف يتجرعه العراقيون في حالة سقوط طغيان البعث في العراق. وتؤكد التفجيرات الأخيرة وبشكل واضح على أن منفذيها يهدفون من جديد إلى إعادة موجة التناحر الطائفي كذريعة يتعكزون عليها لفرض سطوتهم من جديد على المناطق التي فقدوها بعد تنفيذ خطة فرض القانون. كما يسعى من يقف وراء التفجيرات إلى إعادة جو الرعب والخوف التي عمّت البلاد في السنوات الماضية في مسعى لشل الحياة من جديد في العراق. ولا يمكن فصل هذه الجرائم عن الخشية والرعب الذين ينتابان منفذيها إزاء أية خطوة على طريق توطّد العملية السياسية والديمقراطية، وآخرها انتخابات مجالس المحافظات. ولا يغيب عن ذهن المخططين في تنفيذهم لهذه الأفعال الإجرامية هدف عرقلة خروج القوات الأجنبية، هذا الوجود الذي تعكزت عليه هذه الزمر وحوّلته إلى "خيال المآته" لتبرير كل أفعال القتل والتخريب في العراق خلال السنوات الماضية. ولكن هذه السلسلة من التفجيرات تمثل تحذيرات ومؤشرات خطيرة في الوضع الأمني، رغم أنها قد لا تمثل عودة إلى المناطق المقفلة التي خطط لها البعثيون وأمراء الإرهاب والجريمة المنظمة في السنوات السابقة. فالعراقيون يواجهون جولة جديدة من الصراع ضد البعث واجهزته القمعية والمنظمات الإرهابية التي تلقت ضربات جدية على يد القوات العراقية والأجهزة الأمنية، إلاّ أنه لم يجر القضاء عليها، وها هي تعاود لملمة صفوفها أمنياً وسياسياً لتخريب العملية السياسية وإغراق العراقيين بحمامات الدم والخراب والدمار، بهدف فرض الطغيان من جديد على العراق. كما يواجه العراقيون مخططات جديدة لأجهزة المخابرات في الدول المجاورة التي فشلت في السابق في تركيع العراقيين وثنيهم عن خيارهم الديمقراطي ،ويعاودون الآن الكرة عبر مد جسور "التعاون" مع العراق من ناحية، ومن ناحية أخرى الاستمرار بنهج تشجيع واحتضان أقطاب التدمير والقتل. وتأتي هذه التفجيرات ضمن نسق مخابراتي منظم واضح سواء على نطاق التنفيذ أو على نطاق ما يرفقها من المضاربات السياسية والتخريب والتهريج الإعلامي الذي تشارك فيه أطراف عديدة استفادت من وجودها داخل أجهزة الدولة أو اخترقت أجهزتها الأمنية والصحوات والأجهزة التنفيذية والتشريعية وبضمنها مجلس النواب، ولعل محمد الدايني خير مثال على ذلك. فلقد تابع العراقيون تصريحات متكررة للنائب صالح المطلك الذي لا يفوّت الفرصة في كل مقابلاته التلفزيونية إلاّ ويتحدث ويدافع عن البعث ومساعيه في لملمة صفوفه، ولا يتحدث عن ما يرتكبه هؤلاء من قتل وتدمير بحق البلاد. ولا تخرج عن هذا الإطار التصريحات المتكررة المثيرة للتساؤل للنائب أياد علاوي حول ضرورة اللقاء مع قادة البعث وعزة الدوري بما في ذلك من مصلحة للوطن!!!، وكأنه لم يبق من مصلحة للوطن سوى اللقاء بهذا المجرم المطلوب للعدالة العراقية. كما عُقدت الندوات وكتبت المقالات من قبل "الإستراتيجيين" والمدافعين عن البعث وضرورة المصالحة معهم وإعادة النظر بالدستور العراقي بما يتيح لحزب البعث النشاط السياسي من جديد وعودة طغيانه. وعادت النغمة المريبة حول "عفا الله عما سلف" من جديد، هذه النغمة التي جلبت الخراب للعراق. وأصبح كل ذلك النسق المخابراتي الشغل الشاغل للأجهزة الإعلامية في الداخل والخارج. وأضحت مهمة العديد من أمثال هؤلاء هو إثارة الضجيج والتشويش عند القبض على أي شخص متهم سواء في الأجهزة الأمنية والجيش أو في الصحوات كما حصل عند إلقاء القبض على مسؤول الصحوات البعثي الإرهابي عادل المشهداني في محلة الفضل في بغداد. ووقع حتى من ذوي النية الحسنة في هذا المطب بفعل الضغوطات الداخلية والخارجية، وراحوا يرددون الحديث عن العفو و"إنصاف" أزلام العهد المباد، باعتبارها إحدى "شيم" العراقيين، أو من كتب حول ضرورة "الإجماع الوطني" في الموقف تجاه البعث؟ وأي إجماع هذا الذي لا يمكن التوصل إليه، في الوقت الذي يوجد نص دستوري يحرم نشاط حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق جراء ما فعله بالعراق والعراقيين من قتل ودمار. كل هذه المظاهر تشكل رسالة تشجيع وتشد أزر كل من يسعى إلى إغراق العراقيين بالدماء والخراب من فلول البعث وأجهزته المخابراتية وحلفائهم من فلول الأرهاب وعصابات الجريمة المنظمة والفاسدين في الأجهزة الحكومية، كي يشمروا عن سواعدهم للأجهاز على العملية السياسية. ينبغي على الجميع النظر إلى حزب البعث ليس كحزب سياسي له نزعات عقائدية غير ممكنة التحقيق وقد يخطأ ويجلب الكوارث لشعبه جراء هذا الأخطاء. فهذا الذي يسمى بحزب البعث العربي الاشتراكي بسلوكية أفراده وممارساته الشنيعة ما هو إلاّ عصابة دموية لم تجلب الموت والعوز لكل بيت عراقي فحسب، بل وزهقت أرواح حتى مؤسس البعث المغدور فؤاد الركابي وسفكت دماء ربما الآلاف من البعثيين، مدنيين وعسكريين، من أمثال عبدالخالق السامرائي وعدنان الحمداني وآخرين. ويتحالف هذا الحزب الآن مع أقطاب الجريمة والإرهاب الدولي ومع عصابات الجريمة التي أطلق أفرادها قبيل سقوط النظام لتلقي الدعم منهم، والذين يرتكبون أفعال شنيعة لم يعهدها العالم بما فيه عالم الجريمة المنفلت. إن ما يوفر الفرصة لهذه الزمر للإمعان في عبثها هو أن الطرف المقابل المفترض به الحرص على العملية السياسية وتطويرها غير موّحد بل ويدب الصراع العبثي بين أطرافه مما يؤدي إلى شل أي مسعى مشترك لمواجهة هذا العدو المشترك. وإذا ما استطاعت الزمر المعادية للشعب الآن أن تنجح في مسعاها في الوقوف بوجه الإرادة الشعبية، كما حصل في عام 1963، فإن أي من أنصار أطراف الائتلاف أو القائمة الكردستانية وحتى جبهة التوافق التي تضع أطراف منها رجل هنا ورجل هناك ولا القائمة العراقية التي يسعى بعض أقطابها إلى الغزل ومد الجسور مع البعث ولا حتى التيار الصدري الغارق في المشاكسة أن يسلم على رقابهم من ساطور الردة الدموية التي يسعى إليها تحالف البعث والإرهاب الدولي وعصابات الجريمة المنظمة، هذا الساطور الذي سيحز رقاب الجميع بدون رحمة ولا استثناء، ولسان حالنا في تحذير الجواهري لعبد الكريم قاسم وهو يقول: تالله لاقتيد زيد باسم زائدة ولاصطلى عامر والمبتغى عمر ولهذا يجب على الأطراف المشاركة في العملية السياسية أن تدرك حساسية الوضع الذي يمر به العراق حيث تكالب قوى الشر عليه، وإبداء المرونة والتراجعات الممكنة واللجوء إلى لغة الحوار ثم الحوار، أو تأجيل العديد من المشاكل المختلف عليها وحل مشكلة "المناطق المتنازع عليها" من خلال التمسك بكون العراق دولة ديمقراطية واحدة بإمكانها أن تصفي التراث البالي السابق القائم على التمييز. فعلى هذه القوى أن تركز على تطوير العملية الديمقراطية الذي من شأنه فتح الطريق أمام الحل المقبول لهذا المشاكل وإزالة أي غبن يلحق بأي عراقي. فقضية كركوك والقضايا المختلف عليها في النواحي قابلة للتأجيل بشكل عام، ويجب أن يستمر الحوار حولها والسعي للحل التدريجي بعيداً عن تغذية مشاعر التناحر القومي الشوفيني أو الانعزالي والتهديد الممل بالسلاح والسعي لإضعاف الحكومة الاتحادية التي إذا ما ضعفت فستقع الكوارث ونتائجها أول ما تقع على الأقليم والمحافظات قبل المركز، وسيخسر الجميع "المناطق المتنازع عليها". ولذا من الواجب أن يتمتع جميع المشاركين في العملية السياسة بأعلى آيات الحرص والمسؤولية على مستقبل العملية السياسية، درءاً لمخاطر الإجهاز على النظام الجديد كما حصل عندما تم الإجهاز على ثورة تموز، حيث خسر بعدها حميع الحريصين على مستقبل البلاد واحترقت بيوت كل العراقيين عرباً وكرداً وكل المكونات العرقية والدينية، بما فيها تلك القوى التي وقفت في البداية إلى جانب الانقلابيين. إن الحكومة العراقية رغم ما أنجزته من خطوات على طريق إرساء قواعد الأمن في العراق، إلاّ أنها لا تعمل بشكل منسق. فكل طرف فيها يعزف على هواه. فلو أخذنا الأجهزة الأمنية على سبيل المثال، لوجدنا أن هناك أكثر من مرفق أمني ينشط ويصرّح ناطقوه بحل من الأجهزة الأمنية الأخرى، وهذا يتعارض مع أية سياسة أمنية فاعلة تتصدى لعابثين بأمن البلاد، علاوة على أن هذا التعدد يتعارض مع قواعد الديمقراطية التي تفترض وجود مركز أمني واحد يقوم بوظيفة الحفاظ على الأمن. فلدينا الآن جهاز للمخابرات ومستشارية للأمن الوطني ووزارة للأمن الوطني ووزارة للدفاع والداخلية مع كل ملحقاتها الأمنية، علاوة على القوات المتعددة الجنسيات، وكلها تعمل بدون التنسيق المطلوب، بل إن بعض هذه المؤسسات ليس لها أي ضرورة ودور يذكر سوى تحميل الدولة أعباء مالية إضافية. إن هذه الحالة تفقد أو تضعف عنصراً هاماً في العامل الأمني وهو الثقة والدعم الشعبي واليقظة الشعبية وهيبة الأجهزة الأمنية اللازمة والضرورية في كل خطة أمنية مثمرة للتصدي لأعداء العملية السياسية. ومن الثغرات الجدية سواء بالنسبة للأجهزة الأمنية أو في الحكومة والحركات السياسية هي أن المواطن العراقي يسمع أخباراً متضاربة حول المعتقلين وأحكام تصل إلى حد الإعدام ضدهم ومنهم من جنسيات غير عراقية، دون الكشف عن تفاصيل أفعالهم سواء عن طريق عرضهم على شاشات التلفزة أو أجهزة الإعلام الأخرى بما يعني تبصير المواطن ورفع وعيه بأساليب هذه الأطراف. كما تتسرب تصريحات متضاربة حول دور دول الجوار وأجهزتها الأمنية في إلحاق الأذى بالعراقيين دون أن يبدر أي احتجاج أو فضح لدور هذه الدول وتخريبها ومسؤولياتها في أعمال القتل التي تطال الشعب العراق. فممثلو الحكومة يقومون باستقبال مبعوثي هذ الدول بالقبلات والود والتوقيع على اتفاقيات اقتصادية وغير اقتصادية دون إلزام هذه الدول باحترام حقوق الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق، والذي بلغ حد تمويل أطراف سياسية عراقية وتزويدها بالسلاح والعتاد لتنفيذ مآرب بالضد مع الدعوات التي يطلقها ممثلو هذه الدول حول سعيهم لعلاقات ودية مع العراق . ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يشمل حتى الحركات السياسية التي تلتزم الصمت أو توجه الاتهام لطرف من دول الجوار دون الآخر مما يُربك الرأي العام العراقي حول حقيقة ما تقوم به هذه الدول ضد مصالح العراقيين. إن مثل هذا السكوت لا يصب إلاّ في صالح الزمر الإرهابية والخارجة على القانون ويشجعها على المزيد والمزيد من العبث. ولا تطالب السلطة القضائية عندنا من دول الجوار بتسليم المطلوبين للقضاء العراقي من الذين لجأوا إليها ويتمتعون بالحماية فيها ومنهم وزراء سابقين وأعضاء سابقين في مجلس النواب متهمين بالقتل الجماعي أو الفساد الإداري ونهب المال العام، ولا نحتاج هنا ذكر الأسماء على كثرتها. وتتردد الأجهزة القضائية في متابعة المتهمين، بل يتم التغاضي عنهم بحجج قانونية غير رصينة مما يتيح لهم الهرب من وجه العدالة، كما حصل بالنسبة لوزير الثقافة السابق أسعد الهاشمي والنائب محمد الدايني المتهمان بالقتل والنائب السابق مشعان الجبوري المتهم بالنهب والفساد. فمن واجب السلطة القضائية أن تدرك أن العراق في حالة حرب ضروس ضد اعداء متمرسين بالقتل والتخريب مما يستدعي التوسل بإجراءات استثنائية مع التقيد بمعايير حقوق الإنسان الذي يجب أن نلتزم بها كدولة ديمقراطية. كما ينبغي أن تتجنب الأجهزة التنفيذية وخاصة الأجهزة العسكرية والأمنية الخضوع للابتزاز وتفتح الطريق لتسرب عناصر معادية أو غير مناسبة إلى صفوفها. فالانتساب أو عودة العسكريين إلى القوات المسلحة أو إلى الأجهزة الأمنية أو القبول في صفوف الصحوات يجب أن يخضع لمعايير سليمة ولضوابط مهنية صارمة ودون الخضوع لضغوطات سواء من قبل القوات المتعددة الجنسيات أو من الحركات السياسية أو من دول الجوار، وذلك لكي تستعد القوات المسلحة والأمنية لتسلم مهامها في حالة الخروج الكامل للقوات المتعددة الجنسيات في موعدها المحدد. إن قيام وزارة الداخلية، على سبيل المثال، بتسريح عشرات الآلاف من منتسبيها يدل على وجود خلل جدي في معايير الانتساب مما يسمح لتسرب العناصر المعادية إلى صفوفها. كما أن استقبال هذا العدد الكبير من المنتسبين إلى "الصحوات"، قرابة 100 ألف مقاتل، يشكل خللاً يسمح بتسلل العديد من العناصر البعثية والإرهابية إلى صفوفها ثم تحويلها إلى كيانات مستقلة خارج إدارة الدولة وغطاءً للتستر على القائمين بأعمال القتل والتخريب كما شهدته الأيام الأخيرة، دون أن يعني ذلك تجاهل الدور الإيجابي لهؤلاء المواطنين في التصدي للمنظمات الإرهابية. ومن أجل تطويق النزعات الطائفية التي يتاجر بها أعداء العملية السياسية، ينبغي على الحكومة والأحزاب الدينية السياسية أن تقف وقفة جدية لنزع فتيل هذه الورقة. فعلى الرغم من الوعي الشعبي الإيجابي المناهض للطائفية وآثارها المدمرة خاصة في السنوات الأخيرة، وتصاعد الخطاب الوطني خاصة ولا سيما من قبل السيد رئيس الوزراء كامل المالكي، إلاّ أنه ما زالت هناك نعرة كامنة وممارسات طائفية وخاصة في خطاب وسلوك بعض رجال الدين وحتى بعض الأجهزة الرسمية وبما فيها القنوات الأعلامية التابعة للدولة. إن هذه النعرة الطائفية قد نشهدها، على سبيل الحصر، من خلال ما يبث أحيناً في القناة العراقية الرسمية، التي يفترض أنها تنطق باسم كل العراقيين، من فقرات تعزف وبإصرار على النغمة الطائفية. فعلى الرغم من أن بلال الحبشي أول مؤذن في الإسلام لم يضيف فقرات تمجد الأمام علي أو إضافة فقرات أخرى على أذان المسلمين، هذه الإضافات التي لم يعيشها أو يصلي عليها الإمام علي ولا أولاده وأحفاده، بل جاءت في العصور المتأخرة التي شهدت المضاربات المذهبية المدمرة بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية، إلاّ أن المشرفون على القناة العراقية يواظبون على ترديد أذان خاص بطائفة مما يثير الحساسية والفرقة لدى طوائف أخرى، ويفرق بين المذاهب ولا يساعد على اندماج أتباعها في العملية السلمية السياسية الجارية في البلاد. ولا يساعد ذلك على تسهيل عملية المصالحة التي تؤكد عليها الحكومة باستمرار. ويطال هذا العزف على النغمة الطائفية حتى في برامج أخرى في القناة العراقية أيضاً. وهذا يشكل غذاء مفضل لقوى الإرهاب كي يمعنوا بتجبرهم وطيشهم وإصرارهم على القتل والتدمير. ينبغي أن تقف الأحزاب الدينية ورجال الدين وقفة جدية لنزع فتيل وتجنب تحويل الخلافات المذهبية إلى خلافات سياسية تشظي المجتمع، وأن تسعى هذه الأحزاب إلى تغيير خطابها من المذهبي إلى خطاب وطني وأن يجري التفكير الجاد بنزع اللافتة المذهبية والطائفية من على هذه الأحزاب الدينية، وإلاّ فإن كل حديث عن ذم الطائفية هو من باب الثرثرة والهراء وعدم المصداقية. إن جملة من المعضلات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية تنتظر الحل وبشكل ملح من قبل الحكومة والسلطة التشريعية والقضائية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وبضمنها رفع كل التضييقات عن نشاط المنظمات المهنية والاتحادات والجمعيات كي تماس دورها الفعال والمدني ودعمها ولا محاربتها كي يتم تشتيت "بيزنسس" الموت والدمار الذي يتغذى على الجهل والتخريف والفقر والفاقة والبطالة التي يعاني منها وسط غير قليل من العراقيين. كما يقع على عاتق الحكومة وكل المواطنين مهمة التصدي الجاد لهذا الفساد الخطير الذي تغلغل في كل شرايين الدولة العراقية، الذي يمثل أفضل حاضنة للإرهاب وفلول البعث والجريمة المنظمة. فلم يعد من المقبول أن يصرف المواطن العراقي نسبة كبيرة من مداخيله من أجل التوقيع على عريضة أو الحصول على جواز أو شهادة الجنسية أو الحصول على وظيفة بائسة في مرافق الدولة، تاهيك عن هذا النهم للسطو والاختلاس لدى بعض الرؤوس في الدولة. هذه الظاهرة الخطيرة لا توفر الاستقرار ولا سلطة للقانون ولا كل شىء، سوى أنها توفر البيئة المفضلة لأعداء الديمقراطية والعملية السياسية وأعداء القانون والإرهابيين وفلول البعث. وليس هناك من طريق لنزع فتيل الإرهاب والأفعال التخريبية لحزب البعث العربي الاشتراكي وحافائه من القاعدة وعصابات الجريمة المنظمة، سوى الشروع الجاد بحل المشاكل التي خلفها النظام المنهار وتفاقمت بعد سقوطه. وهو الطريق الذي سيؤدي إلى إرساء نظام ديمقراطي حقيقي ومجتمع مسالم في بلادنا على أنقاض الاستبداد المدمر. 9/أيار/2009 [email protected]
#عادل_حبه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منصير أوادم !! للكاتب التركي الساخر : عزيز نسين
-
الفتوى التي مهدت لكارثة 8 شباط عام 1963 وتسترت عليها
-
هل يتصالح الحكام العرب؟
-
تقرير سري من عزيز نسين
-
حول الموقف من البعثيين
-
التضييق والتجاوز على الحقوق النقابية هو خرق للدستور وتزييف ل
...
-
خطوة مهمة على طريق إرساء دعائم الديمقراطية الحقيقية في العرا
...
-
مجنون فوق السقف للكاتب التركي الساخر: عزيز نسين
-
قميص عثمان يفرخ قميص غزة
-
هيهات منا الذلة-
-
لنعمل على بناء الدولة العراقية الديمقراطية الحديثة المستقرة
-
رئيس بلدية نموذجي!!! للكاتب التركي الساخر عزيز نسين
-
هل أن السيد طارق الهاشمي جاد في دعوته لنبذ الطائفية ومحاصصته
...
-
القبلة لإنطون پاڤلوڤيچ چيخوف
-
حكاية وزير مزور
-
على هامش طرح مسودة الاتفاقية العراقية-الامريكية
-
كيف ستجرى الانتخابات في ظل عدم وجود قانون للأحزاب؟
-
تغييرات في القاعدة الاجتماعية للحكم في إيران
-
أية اتفاقية يريدها العراقيون مع الولايات المتحدة؟
-
الأزمة المالية العالمية وآفاقها
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|