|
-عباريم- تَحُدُّه -الأوهام- غرباً و-الحقائق- شرقاً!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2643 - 2009 / 5 / 11 - 08:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وصَعَدَ البابا إلى جبل "عباريم"، لِيَنْظُر منه إلى الأرض التي أعطاها الرب لبني إسرائيل، والتي من عيدانها، ومن "شَعْب الكراهية للمحبَّة"، صُنِعَ لمسيحها الصليب، ليحمله على ظهره، قبل أن يُصْلَب عليه.
على قمة جبل نبو وقف البابا بندكتوس السادس عشر، ونَظَر غرباً، ليرى "أرض الميعاد"، وليرى، أيضاً، في سمائها حمامة "سلام"، من أجله جاء حاجَّاً؛ ولكن أيُّ سلام؟
إنَّه "السلام" بين الكنيسة الكاثوليكية و"الشعب اليهودي"، فثمَّة رابطة لا يمكن كسرها، على ما قال، بين أكثر من 1000 مليون مسيحي وبين كسرة من البشر، يسمُّون "الشعب اليهودي"؛ ويا ليت الناظِر غرباً نَظَر شرقاً، فعلى مقربة من ورائه احتشد الملايين من المسيح على صلبان التشريد والتهجير، وكأنَّهم يحاولون تذكيره بأنَّ الرب، الذي حرَّم على موسى وأخيه هارون دخول "أرض كنعان"؛ لأنَّهما لم يمجِّداه أمام جماعة بني إسرائيل في برية صين، عند ماء مريبة، لا يمكن أن يحلِّل للصهاينة ما حرَّمه على كليمه؛ فهل من تسييس للدين أسوأ من التسييس الصهيوني للوعد الربَّاني لإبرام العبراني "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصريم (النيل) إلى نهر فرات (الفرات)"؟!
جاء إلينا، ليُعِلن من عندنا أنَّ زيارته تعكِس عُمْق وقوَّة العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية و"الشعب اليهودي"، وكأنَّّه لم يصعد إلى جبل "عباريم" إلاَّ ليتَّخذه جسراً للمصالحة مع "دولة الشعب اليهودي"!
لقد فاضل بين تلك الكسرة من البشر وبين أكثر من 1000 مليون مسلم، ففضَّل أن "يعتذر" لـ "الشعب اليهودي" على "الجريمة" التي اقترفها المسيحيون في حقِّه إذ "اتَّهموه زوراً وبهتاناً" بارتكابه، أو بمشاركته في ارتكاب، "جريمة صلب المسيح"، وأن يبتني من هذا "الاعتذار" جسراً للمصالحة معهم. فضلَّ هذا على الاعتذار لأكثر من 1000 مليون إنسان، وكأنَّه لم يخطئ حتى يعتذر، فأين هو "الخطأ" الذي ارتكب إذ "اقتبس"، في محاضرته "الأكاديمية"، بعضاً من رأيٍ في الإسلام أدلى به الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني؟!
ليس بذي أهمية تُذْكَر أن "يعتذر"، أو أن يَشْعُر، على ما قيل، بـ "الندم"، فإنَّ من الأهمية بمكان أن نَنْظُر في "طريقة تفكير" البابا بندكتوس السادس عشر، والتي ستتمخَّض عن مزيدٍ من الأفكار والآراء والمواقف التي تُلْزِمه، إنْ ألزمته، أن يقضي بقية حياته مطالَباً بـ "الاعتذار".
لقد افتتح البابا الألفية الثالثة بما تيسَّر له من وَهْم "ثنائية الإيمان والعقل". إنَّه، وعلى ما حاول إظهاره وتأكيده لنا، يؤمِن بأن للبشر جميعا الحق في حرية التعبير عن آرائهم وأفكارهم ووجهات نظرهم ومعتقداتهم.. ومواقفهم، فـ "العقل" عنده يعلو ولا يُعْلى عليه. حتى "المشيئة الإلهية" يجب إخضاعها، بحسب إيمانه الإنجيلي، لـ "عقل الإنسان"، فلا إيمان لا يقره العقل. وهنا، بحسب رأيه، يكمن الفرق الجوهري بين المسيحية والإسلام، فالمسيحية "تقوم على المنطق والعقل" بينما الإسلام يقوم على أساس أنَّ إرادة الله لا تخضع لمحاكمة العقل والمنطق.
وهذا الفرق يراه البابا جزءا من كل، فالعقيدتان تختلفان، بحسب رأيه، في "صورة الذات الإلهية"، فالله ـ يقول البابا ـ في العقيدة الإسلامية "مطلق السمو، ومشيئته تعلو على عقل الإنسان، ولا تخضع له". عند البابا، ليس من إيمان ديني لا يقره العقل، أو يكون منافيا له، فالمنافي للعقل لا يمكنه إلا أن يكون منافيا لطبيعة الله. ويفهم البابا "نشر الدين بالعنف" على أنه منافٍ للعقل، ومنافٍ، بالتالي، لطبيعة الله، مع أن الإنجيل في أصحاح متى نسب إلى المسيح القول الآتي: "لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض بل سيفا". هذا هو الأساس الفلسفي "الصلب" للتفكير المسيحي لدى البابا.
"الإيمان الديني" أعرفه؛ أما "العقل" الذي يقدِّسه البابا، ويريد له أن يحكم العالم، فهو الأحجية بعينها. إنه يحدِّثنا عن كائن خرافي، لم يوجد قط، ولن يوجد أبدا، هو العقل الإنساني "العام"، الذي هو ذاته مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة، ومهما اختلفت مصالح البشر وحاجاتهم، ومهما اختلف البشر أنفسهم في الخواص التاريخية والاجتماعية. هل كان البابا يظن أن أسلافه من المؤمنين بأن الأرض مسطحة وليست كروية، وبأنها لا تدور حول نفسها، وبأن الشمس هي التي تدور حولها، كانوا قوما يؤمنون بما هو منافٍ للعقل في زمانهم؟!
المعرفة، في أي زمان ومكان، ليست كلها "حقائق"، فبعضها، الذي تتسع نسبته أو تتقلص، كان "أوهاما"؛ والعصور لا تختلف بحقائقها فحسب، وإنما بأوهامها، فلكل عصر حقائقه وأوهامه. والعقل، في كل عصر، ينظر إلى أوهامه على أنَّها حقائق. والأوهام التي ينظر إليها البابا بندكتوس السادس عشر، اليوم، على أنها حقائق، وحقائق مطلقة، يقرها العقل، ستَظْهَر، غدا، ولبشر الغد، على أنها أفكار ومعتقدات منافية للعقل، ومنافية، بالتالي، لطبيعة الله.
لقد ألَّه البابا العقل الإنساني "العام"، ضاربا صفحا عن حقيقة أن التاريخ لا معنى له، ولا معنى لحركته، إذا لم يتحوَّل "الموافِق للعقل"، فيه، وبه، إلى "منافٍ للعقل".
البابا يستطيع اليوم أن يأتينا بمئات الأفكار والمعتقدات التي قال بها أسلافه في القرون الوسطى والتي هي الآن، في رأيه، وفي رأي كثيرين من المؤمنين وغير المؤمنين، منافية تماما للعقل. ولكن هل كان أسلافه أولئك، وبما يملكون من موازين العقل والمنطق والصواب والخطأ، يرونها منافية للعقل؟!
الملحد،مثلا، لا يرى في إلحاده ما ينافي العقل، أي عقله، فهل نستنتج من ذلك أن إلحاده لا يخالف طبيعة الله؟!
لو كان البابا يفهم "عقلانية" العقل الإنساني فهما نسبيا وتاريخيا لتوصَّل إلى أنَّ ميزان المصالح الواقعية للبشر، وليس ميزان الصواب والخطأ، هو الميزان الأهم في التاريخ، فالبشر لا يتورعون عن إلغاء كل بديهية هندسية إذا ما وجدوها منافية لمصالحهم.
حتى "العنف"، أو "السيف"، لا يُفْهَم كما فهمه البابا، وكما أراد لنا فهمه، فما هو موقف البابا من العنف "المنافي لطبيعة الله" إذا ما استخدمه أناس في مواجهة من يحاول فرض معتقده عليهم بالعنف، أو السيف؟!
هل، عندئذٍ، يصبح العنف الآخر، أو المضاد، موافقا لطبيعة الذات الإلهية؟!
والمسيح ذاته، لا أحسب أنه يقف ضد السلام، إذا ما قال "لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض بل سيفا"، فالسيف في يد الفلسطيني الذي يقاتل إسرائيل محمود؛ ولكنه مذموم في يد "المارينز" في العراق.
البابا حرٌّ في قوله بأن الإيمان الديني يقوم على إخضاع المشيئة الإلهية لمحاكمة العقل والمنطق؛ ولكنه ليس حرا في أن يدعونا إلى وهم "العقل الإنساني المطلق الذي لا يخضع بأحكامه وعقلانيته ومفاهيمه لمحاكمة التاريخ"، الذي يفهمه البابا على أنه شيء بينه وبين الإنسان وعقله برزخ، فلا يبغيان!
وغني عن البيان أن استئناف حكم الأموات للأحياء في الغرب يحتاج إلى إحياء الرعية ذاتها التي كان يحكمها الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني. وغني عن البيان، أيضا، أنَّ البابا بندكتوس السادس عشر، في محاضرته "الأكاديمية"، لم يستحضر موقف ذاك الإمبراطور من الإسلام إلا من أجل استحضار الروح الأوروبية في العصر الوسيط، وإدخالها في جسدي الحاكم والمحكوم في الغرب في القرن الحادي والعشرين.
ما أشبه "روما الجديدة" بـ "روما القديمة".. في "القديمة" ما كان للمسيحية أن تنتشر وتسود وتغدو ديانة عالمية لو لم يعتنقها "الإمبراطور الروماني"، الذي بفضل عصاه الغليظة جعلها ديانة رعايا إمبراطوريته العالمية. على يديِّ ذاك الإمبراطور فحسب تمكَّنت فكرة "تهويد الرب" من أن تغزو عقول وقلوب رعايا إمبراطوريته.
وإنَّ أحدا من المؤرخين لا يستطيع أن يأتي ولو بدليل واحد على أنَّ ذاك الإمبراطور، الذي شحن سلطته السياسية الزمنية بسلطة روحية إنجيلية، قد نشر عقيدته الجديدة بين رعاياه بـ "الحوار العقلاني"، فـ "الإيمان عبر العقل" ما كان هو الأسلوب الذي اتُّبِع في نشر العقيدة الجديدة. لقد آمن الإمبراطور فآمنت الرعية بما آمن. ومذ آمن الإمبراطور بدأ استخدام الدين الجديد في الحروب، وزُجَّ بالسماء في حروب الأرض.
وفي "روما الجديدة"، اشتد الميل الإيديولوجي إلى الإمعان في تهويد المسيحية التي يريدها المحافظون الجدد مسيحية متصالحة في الجوهر مع أوهام العهد القديم. وقد اقتُرِفت الجريمة الأولى والكبرى سنة 1965 حيث برأ المجمع المسكوني الثاني اليهود من جريمة صلب المسيح، فبيع مرتين بثلاثين من الفضة.
إنَّ أسوأ تفسير لتاريخ الأديان والعقائد هو هذا الذي جاء به، أو تبناه، البابا الألماني إذ صوَّر انتشار الإسلام على أنه ثمرة العنف وحدِّ السيف، وكأن العقائد، في انتشارها، تشذ عن القوانين الموضوعية للتاريخ التي بحسبها يستحيل أن ينتشر فكر ويستمر إذا لم يلقَ سندا قويا له في حاجات ومصالح البشر.
إننا لا ننكر الأهمية التاريخية للسيف في نشر الإسلام؛ ولكن من الحماقة بمكان إنكار الأهم من السيف وهو أن الإسلام كان كامنا في حاجات إنسانية أساسية قبل أن يصبح حقيقة تاريخية واقعة.
إمبراطور روما القديمة لم يحتج إلى إرسال الجيوش لنشر المسيحية التي اعتنقها، فإمبراطوريته كانت عالمية، وكان يكفي أن يدين بالديانة الجديدة حتى تدين بها رعيته من شتى المنابت والأصول. أمَّا الرعيل الأول من المسلمين فما كان في مقدورهم نشر الإسلام عالميا بغير "الفتوحات"، التي لم تُتَّخذ وسيلة لإكراه غير المسلم على اعتناق الإسلام، فـ "الجزية" فحسب هي الثمن الذي كان يدفعه كل من لم يقتنع بالإسلام.
الآن، يملك البشر من الوسائل ما يسمح لهم بنشر معتقداتهم عالميا من غير حروب. أما عند ظهور الإسلام فلم يملك الرعيل الأول من المسلمين من وسيلة للوصول إلى عقول وقلوب سائر البشر غير "الفتوحات"، التي لم يتخذها المنتصر المسلم وسيلة لإكراه غير المسلم على اعتناق الإسلام.
وفي المقارنة الموضوعية بين اليهودية والإسلام، نرى في العقيدة الأولى عنصرية نبذتها العقيدة الثانية، فاليهودية قامت على تفضيل اليهود على العالمين، ورفضت دخول غير اليهود فيها. أمَّا الإسلام فلم يُقِم وزنا للاختلاف في اللون والعرق والجنس، مُظْهِرا الانتماء إليه على أنه حق لأي إنسان.
كان على "الحبر الأعظم" أن يشرح لنا أوجه العلاقة بين الاستعمار الأوروبي القديم ونشر المسيحية بين الشعوب والأمم غير الأوروبية. لقد جاءوا بجيوشهم أولا؛ ثم جاء "المبشِّرون"، لينشروا المسيحية، بوسائل عديدة منها "الحوار العقلاني"، حيث سيطرت جيوشهم. ويا ليتهم اكتفوا بما يشبه "الجزية".. لقد مارسوا من النهب والسرقة ما لم يعرفه التاريخ من قبل.
البابا يرفض كل قتال أو حرب باسم الدين، فَلِمَ لم يعتذر إلى البشرية جمعاء عن كل الحروب الداخلية والخارجية التي خاضها الأوروبيون باسم الدين؟!
ولِمَ لم يستنكر كل الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة باسم "ديانتها الرابعة"، أي باسم الديمقراطية والحرية؟!
لِمَ لم يوبِّخ بوش لزعمه غير مرة أن الرب هو الذي ألهمه قرارات الحرب، ولزعمه أنه والرب يناقشان في استمرار كل أمر سياسي يعتزمه الرئيس المؤمن؟!
دعانا البابا الألماني إلى استخدام عقولنا في مناقشة المشيئة الإلهية، فهل استخدم عقله في مناقشة "الوعد الرباني" لإبرام العبراني؟!
ليشرح لنا الحكمة في موقف الرب من بني إسرائيل.. في جعلهم شعبا له من غير سائر البشر، وفي تفضيلهم على سائر البشر، حتى على بندكتوس السادس عشر نفسه، وفي تمليكهم أرضا يملكها غيرهم!
حتى سنة 1965، كانت الكنيسة الكاثوليكية تتهم اليهود بارتكاب جريمة صلب المسيح، فهل أوضح لنا الفاتيكان الأسباب التي حملت المجمع المسكوني الثاني على تبرئة ساحة اليهود؟!
هل ألَّفوا "لجنة تحقيق تاريخية" انتهت إلى جمع أدلة على أن اليهود أبرياء؟!
"الإيمان" و"العقل" متى اجتمعا وتصالحا في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية التي في ربع الساعة الأخير من القرن العشرين فحسب اعترفت بأن غاليلو كان على حق إذ قال بدوران الأرض؟!
ومع ذلك، لن يرضى عنه "شعب الله المختار"، فها هي إسرائيل التلمودية، والتي اتخذت من الكوميدي ليؤور شلاين لسانا لها لترد الصاع صاعين لمنكري الهولوكوست من مسيحيي العالم، لم يتناهَ إلى أسماعها "الخبر"، الذي بثته وكالة "آكي" الإيطالية، والذي جاء فيه أن الفاتيكان قرر، أخيرا، أن "من ينكر محرقة اليهود (الهولوكوست) ينكر الله".
حتى زيارة البابا بندكتوس السادس عشر لمعسكر "آوشفيتز" النازي، والتي أنكر في خلالها كل إنكار لما أسماه "حقيقة مأساة ملايين اليهود".. وحتى قرار المجمع الفاتيكاني الثاني تبرئة اليهود من تهمة قتل المسيح، لم تشفع له، ولا للفاتيكان، ولا لمئات الملايين من المؤمنين المسيحيين في كل أنحاء العالم، فجوهر الإيمان الديني المسيحي مسخته دولة التلمود، بعنصريه "الميشناه" و"الجمارا"، عبر البرنامج الهزلي، الذي بثته القناة العاشرة، والذي قال فيه معد البرنامج ليؤور شلاين: "المسيحية تنكر الهولوكوست؛ ولقد قررتُ أن أرد لها الصاع صاعين.. مريم العذراء لم تكن عذراء، والمسيح لم يمشِ على مياه بحيرة طبرية، فهو كان بديناً، يخجل من بدانته، التي تسببت بموته وهو صغير السن..".
تجرؤ البابا على مساواة إنكار الهولوكوست بإنكار الله، وقرار المجمع الفاتيكاني الثاني، من قبل، تبرئة اليهود من تهمة قتل المسيح، وغير هذا وذاك مما قاله وفعله الفاتيكان توصلاً إلى مصالحة تاريخية بين المسيحية واليهودية، لم يغفر له، ولا للفاتيكان، "الإثم الأعظم"، بحسب وجهة نظر ممثلي "دولة العهد القديم"، وهو قرار الكنيسة الكاثوليكية رفع عقوبة الحرمان الكنسي عن الأسقف الجريء ريتشارد ويليامسون الذب أنكر الهولوكوست إذ قال للتلفزيون السويدي: "غرف الغاز لم يكن لها من وجود؛ واليهود الذين هلكوا في معسكرات الاعتقال النازية لم يزد عددهم عن 300 ألف شخص".
أمَّا إذا أردتم دليلا على أن شلاين لم يكن يهزل في قوله فإن خير دليل هو قول مستشار الحاخامية الكبرى في إسرائيل الحاخام دفيد روزن، بعد عفو الفاتيكان عن ويليامسون، إن الأزمة في العلاقة مع الفاتيكان قد بدأت، ولم تنتهِ بعد.
الهولوكوست الحقيقي إنما هو ما تعرَّض له الفلسطينيون على أيدي النازييين التلموديين وحلفائهم في الغرب، وفي مقدمهم تلك الإمبراطورية التي ما كانت تغيب عنها الشمس، والتي بفضل وزير خارجيتها بلفور اتحدت خرافة الوعد الرباني لإبرام العبراني بالمصالح الإمبريالية والاستعمارية لبريطانيا، فكانت العاقبة هي تلك الجريمة البشعة التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني.
ولولا ذلك الوعد البريطاني البلفوري لظل الوعد الرباني لإبرام العبراني مقيما إلى الأبد في مملكة الأوهام التلمودية، ويدرَّّس للتلاميذ الأطفال بصفة كونه أسطورة من أساطير الأولين.
ولو كان ممكنا أن تُشتق السياسة في الغرب من كل ما هو منزه عن المصالح والأهداف الإمبريالية لنطق الساسة هناك بالحقيقة التي لا تشوبها خرافة وهي أن معسكر الاعتقال النازي الشهير "آوشفيتز" لا يقع في جنوب بولندا وإنما في جنوب إسرائيل، أي في قطاع غزة، حيث تأكد بفضل العولمة الإعلامية أن من يستسهل إنكار الهولوكوست هنا لن يستصعب إنكار الله.
إسرائيل التلمودية، وعبر لسانها الهزلي شلاين، رمت البيت المسيحي بحجارة من أوهامها التلمودية، ضاربة صفحا عن حقيقة أن بيتها الإيديولوجي من زجاج، ويمكن أن تكسِّره وتحطِّمه حصى من العقل والمنطق والعلم، فليس من خرافة تجعل القائل بها عرضة للضحك والسخرية كخرافة الوعد الرباني لإبرام العبراني.. "لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصريم (النيل) إلى نهر فرات (الفرات)"!
إنهم قاب قوسين أو أدنى من أن يكرهوا العالم على الإيمان بأن الإيمان بالهولوكوست إيمان بالله، ناسين، أو متناسين، أن "التناخ" و"الميشناه" و"الجمارا".. هي الهولوكوست الحقيقي الذي تعرَّض له عقل الإنسان؛ وهل ثمة من دليل على ذلك أقوى من الدليل الذي جاء به بيريز إذ خاطب أحفاد بناة هرم خوفو قائلا من غير أن يشعر بالحياء والخجل إن "التناخ"، أي سفر الأوهام، لمأثرة إسرائيلية تفوق أضعافا مضاعفة مأثرة بناء المصريين القدماء لأهرامات الجيزة!
لم يستطع هذا التلمودي أن يعثر على اثر للهيكل في فلسطين بطولها وعرضها فصب جام غضبه على أهرامات الجيزة، مقيما الدليل على أن أجداده وأسلافه قد عاشوا في بدواة أعجزتهم عن أن يحاكوا حضارة المصريين، فاضطرهم هذا العجز الحضاري إلى أن يأتوا بـ "فضيلتهم العظمى" المسماة "التناخ"!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ردٌّ من جواد البشيتي على ما نُشِر من تعليقات على مقالته -ويس
...
-
ويسألونكَ عن -الجاذبية-..!
-
أغْمَضوا أعينهم فرأوا -غموض- نتنياهو!
-
ثقافة -الانحطاط الثقافي-!
-
صحافتنا مصابة ب -أنفلونزا الرقابة الذاتية-!
-
-أنفلونزا الخنازير- أم -أنفلونزا الرأسمالية-؟!
-
-الشيزوفرينيا السياسية الفلسطينية-.. داء أم دواء؟!
-
قنبلة صوتية من نوع -سيداو-!
-
في فِقْه -السلام الاقتصادي-!
-
نتنياهو في منتصف الطريق بين -لا- و-نعم-!
-
حتى لا يتحوَّل العرب إلى -أقلية قومية-!
-
شرط نتنياهو لقبول -حل الدولتين-!
-
اكتشاف فلكي يُزَلْزِل -العقل السليم-!
-
هذا -الإفراط القانوني- في تنظيم -حرِّية الصحافة-!
-
عندما يختلف نتنياهو وأوباما -لغوياً-!
-
لا تجريم لإسرائيل حتى تعترف هي بجرائمها!
-
فتاوى تَعْظُم فيها الصغائر وتَصْغُر العظائم!
-
-أصل الأنواع- في الكتَّاب!
-
أوباما -يكتشف- تركيا!
-
العرب.. أُمَّة عاطلة عن العمل!
المزيد.....
-
لحظة قفز رجل من مقعده أثناء ركوبه لعبة -الأفعوانية-.. شاهد م
...
-
للحصول على السلام بالقوة.. ترامب يعين جنرالا سابقا موفدا إلى
...
-
فرنسا تحدد موقفها بشكل واضح بشأن مذكرة توقيف نتنياهو
-
الداخلية الكويتية توضح بعد فيديو كميات كبيرة من -الحطب- تحت
...
-
مقتل نحو 100 شخص في معارك عنيفة على مشارف حلب السورية بين قو
...
-
تحذير استخباراتي ألماني من تصعيد روسي محتمل ضد ألمانيا والنا
...
-
مشاركة عزاء للرفيق رائد حجاج بوفاة خالته
-
الجيش السوري يعلن عن -هجوم كبير- تشنه تنظيمات إرهابية على من
...
-
سيارة شرطة تصطدم بسيارة تقل رئيس وزراء نيوزيلندا
-
الصين تدعو إلى ضبط النفس بخصوص تسليم أسلحة نووية إلى أوكراني
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|