|
المربد الشعري في دورته السادسة .. لما يزل حنجرة الديك
صباح محسن جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2638 - 2009 / 5 / 6 - 05:29
المحور:
الادب والفن
كعادة المدن العراقية ، تستيقظ البصرة صباح يومها الضاج بالطيب على صياح ديكها الأول .. شاعرها الأول .. هذا الشاعر الديكي أو الديك الشاعر يغدو في مدن أخرى ليست ببعيدة ، حجلا أو ديك دراج .. أو حتى كركيا.. وفي أماكن قصية لا بأس أن يكون الكبير سعدي يوسف ، يحيى السماوي ، عبد الكريم كاصد ،أحمد مطر، منعم الفقير ، وفاء عبد الرزاق ، بلقيس حميد حسن ، فوزي كريم ، نبيل ياسين ، عدنان الصائغ أو كزار حنتوش... وآخرين. تتبعت وأنا اطل من أحد عيون شباك فندق – عيون – متفقدا مكانه .. لكني لم أحظ برؤيته فقد حنيت عليه كفشات من شجيرات لنبات استوائي شوكي أغدقت عليه من غطاء البردة. لكني تأكدت من وجوده هناك رغم المواراة. تململ دولفينا – المربد – و – عيون – بمائتين أو أكثر من شعراء وإعلاميين وأدباء توافدوا من داخل العراق وخارجه ليمضوا أيامهم المربدية للفترة من 26- 28 نيسان 2009 بين الخليل بن أحمد الفراهيدي والجاحظ ومهدي عيسى الصقر ومحمود عبد الوهاب ومحمد خضير وشباك وفيقة بدر شاكر السياب. صباح اليوم الأول توجهت سفن المربد باتجاه المركز الثقافي النفطي في البصرة حيث استقبلت الوفودَ باقةٌ من أطفال تحمل الزهور تنشد بروح عراقية مرحبة بالقادمين . "صباح المحبة ، صباح السلام .. أهلا وسهلا بكامل شياع في مربده في عراق خال من الفاشية والاستبداد " بهذه العبارات ابتدأ المهرجان بتقديم الشاعر عبد السادة البصري – عريفا للحفل. تلاوة آي من الذكر الحكيم ثم نشيد موطني. حضور متقدم لدورة شهيد الوطن والثقافة كامل شياع ، بارك له كل من الدكتور طاهر الموسوي والأستاذ فوزي الأتروشي وكيلا وزير الثقافة والأستاذ جبار أمين رئيس مجلس محافظة البصرة أما الأستاذ فاضل ثامر رئيس الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين فقد لمّح " ها نحن نلتقي للمرة السادسة على أديم البصرة الحبيبة عاصمة الثقافة العراقية لعام 2009 لنحتفي بالبصرة والإبداع وبالثقافة العراقية البديلة ثقافة ما بعد الدكتاتورية الفاشية الصدامية ، ثقافة الحرية والتسامح والاختلاف " مشددا كما في سابق المرابد على أهمية رعاية الثقافة والمثقف العراقي.
فيما رحب الشاعر – علي نوير – رئيس اتحاد أدباء البصرة : " أهلا بكم مرة أخرى في مربدكم وانتم تحطون رحالكم في مدينة الجاحظ والخليل والسياب والبريكان .. انه مكانكم الأرحب أيها الأخوة كما هو زمانكم الأكثر فيوضا ودلالات." . تلاه السيد علي شياع شقيق الراحل كامل شياع ، مقدما كلمة بأسم عائلة الشهيد . تبعها تقديم اوبريت غنائي بعنوان شناشيل مربدية تفاعل معه الحضور باهتمام. استهل الجلسة الشعرية الشاعر البصري كاظم الحجاج وقصيدته ( عجوز يحب مدينته ...) فكان همسه استذكاريا محفزا الذاكرة العراقية مستفزا إياها كي تنتبه لما آلت إليه بعد الغزو المنظم. وبرغم هدوء طابعها على أنها كانت تنبض بالتمرد. "أنا لا أرى مدينتي الآن ، أتذكرها فحسب ... أنا لا أعيش في مدينتي الآن ، اسكنها فحسب " ( خيمة المربد ) تألقت وتألق بها الشاعر محمد حسين آل ياسين " أرأيت الزمان قبلك دارا/ محرما حول نجمة وأستجارا/ أم عرفت الأرض المحبة ألقت/ بنفسها تحت جامح مضمارا". ( أنا خطأ العالم ) قصيدة الشاعر المغترب منعم الفقير : " هذا ليس عالما/ إنما شلة بلدان/ هذه ليست بشرية إنما حفنة مجتمعات/ هذا ليس وطنا إنما ذرات تراب/ هذا ليس إنسانا/ إنما قطرات دماء ". (كربلاء) الشاعر الأوكري محمد على الخفاجي تطل بجبروته الشعري : " انا من سلالة أنهارها أو قناطرها الحادبة/ الفرات أبي/ والبساتين أمي / وأنا نهرها العلقمي الصغير". وكعادته الهب الشاعر موفق محمد حماس الحضور بـ ( الشهداء يفركون راحاتهم) استهلها : " لا تحفظ من درس التاريخ هنا شيئا/ فبالصدفة أنت تموت/ وبالصدفة تموت حيا ". بلقيس حميد حسن شاعرة المنافي وبلاد الصقيع البنفسجة الفواحة عطرا ومحبة تؤوب من هولندا بقصيدتها (عادت النورس أمّا ). " إنها الثلاثون ثلج ومنفى والعراق الحبيب عني بعيد/ ها أنا اليوم كل حضني شموس وفرات ودجلة وقصيد."
وتتأسف الشاعرة فليحة حسن بقصيدتها " أسفي على تاريخنا المائي / يأخذ شكل رؤوس ملوكنا/ فيصير مقصلة / وشتلات خراب ما صار يوما شاطيء/ أو ظل وردة/ لا بل نراهم يفرشون ملاءة/ وصراخنا يغدو وسادة ". قصيدة الشاعر علي الشلاه " الطاغية" جاءت لترد على دعوة التخوين : " لقد هجموا بعد فصل الختام/ونامت غرائزهم في البراري/ وأنت وحيدا/ على وهمك المرمي استويت". الشاعر فريدون بنجويني من كردستان ينشد " عازف الأحجار" : الحياة تلتمع خضراء على جناحي فراشة/ وأنا اتكأت على مرفقي/ داخل مقطوعة موسيقية ملغومة/ وهي بسعة مزرعة/ امام قرية الشقائق ". الشاعر نوفل أبو رغيف وقصيدة " عند ضريح الجواهري " : مر الغمام وفي أحداقه مطرٌ / قالوا سيبكي وقلنا سوف ينتظرُ وما سألناه أن يبقى سنتركه / فمثله لحظة لو ظلّ ينكسرُ فيما مسك الختام الشاعر عريان السيد خلف بقصيدة من قصائده الجميلة. افتتح بعدها معرض جمعية الفنانين التشكيليين فرع البصرة ضاما أعمال التشكيل والسيراميك والخزف والنحت واللوحات الزيتية تزامن في ذات السياق افتتاح معرض الفوتوغراف للمصور الفنان عماد التميمي ومعرض الكتاب. كما قرئت برقيتان لكل من الشاعرين الأمريكيين جاك هيرشمان – شاعر مدينة سان فرانسيسكو والشاعر الشهير لورنس فرلنغيتي. الشاعران أرفقا برقيتيهما بنصوص شعرية بالمناسبة.
برقية تهنئة إلى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين بمناسبة انعقاد مهرجان المربد الشعري في دورته السادسة
إن احتفالية بقراءة للشعر في العراق اليوم ، في الواقع سلسلة من قراءات تركّز على السنوات الست الماضية ، إن هي الآ أشجع فعل ثقافي في كل أرجاء العالم ، وكشاعر بلاط مدينة سان فرانسيسكو ، ونيابة عن شعراء كاليفورنيا بل واقعا , كافة أرجاء العالم ، انضم إلى كل الناس المحبة للسلام مصفقا بتحية لشجاعتكم ومجابهاتكم الكلامية تجاه الوحشية المتواصلة باستمرار والتي تسببت في الكثير من معاناة لا مسوغ لها في بلادكم الجميلة. يعيش شعراء العراق.
جاك هيرشمان شاعر بلاط مدينة سان فرانسيسكو 28- 3 – 2009 الكلمتان ترجمة/ صباح محسن جاسم على رأس لسان الروح بحلول أزمة تلو أزمة ، وصرخات أثر صرخات وعند موات السنة العجوز وتغيّر جديد نمني النفس أن لا يكون ذاته القديم
كلمتان على رأس لسان القلب على إن المرء اكتشف إن لا يمكنه الإفصاح عنهما، ولا الإعلان عنهما باعتداد بتصميم وبشجاعة وافتخار.
حصلت على هاتف خلوي لكنهم لم يتلفنوا ؟ حصلت على بلاك بيري٭ لكنهم ليسوا على قائمة الهاتف حصلت على أرقام لكل أنواع الخدمة لكن الجواب ظل نفس الجواب
كارثة كانهيار للسوق أو احتلال أو قصف للطهارة فإذا بالجواب يفوتنا لدينا رئيس جديد مثلما صناعة تاريخية وما انتصاره سوى تغيير للصورة ، بابتهاج
لقوم كان أسلافهم عبيدا ولذا فالبهجة أيضا للناس مَن أسلافهم كانوا أسيادا. واليوم يمكننا جميعا أن نتحرر. لكن لمَ لم نتحرر لغاية الآن ؟
لأننا ما قلناها ، ما نطقناها تلك الاشتراكية الأممية حيث نلقي بـ طاقاتنا لابتكارها، لصناعتها بتلك القوة التي لا تقاوم والتي ستنهي الأحزان
وعويل لمزق الحرب ونواح لنساء وأطفال هذا العالم . لذا ما أتمناه لإتحاد الأدباء العراقيين هو هاتان الكلمتان أول ما يُهمس بهما على الشفاه
من ثم ينساب نهر القصائد في أغان تعانقكم جميعا بمعاني المستقبل للسلام مع أشقائكم وشقيقاتكم في كل الأرجاء ، والكلمتان هي انتم ونحن ، وهي أطفال كل منا**
جاك هيرشمان شاعر بلاط مدينة سان فرانسيسكو ٭ نوع متطور جدا من أجهزة الهاتف الخلوي متعدد الخدمات ( المترجم) ** نحت الشاعر من كلمة الاشتراكية الأممية مختصر الكلمتين بحرفيهما الأولين IS) International Socialism) 28-3-2009
الإتحاد العام للكتاب والأدباء العراقيين – بغداد العراق مهرجان المربد الشعري السادس – البصرة – عراق
" مرحى لإتحاد الأدباء العراقيين والشعراء بخاصة ! في النهاية كلنا نبحر في ذات المركب المعطوب سواء على الفرات أو الهيلوبونت أو الكنج أو المسيسيبي. سوية نبحر صوب المجهول الشعري العظيم . الجزيرة التي ليست على أية خارطة.
لورنس فرلنغتي سان فرانسيسكو الثامن والعشرون من آذار 2009 " كما أهدي اتحاد الأدباء هذه القصيدة:
أسفي على أمّة ٍ
(على غرار جبران خليل جبران)
أسفي على أمة ناسها خراف يضللهم الرعاة أسفي على أمة زعماؤها كذابون وحكماؤها صامتون حيث يطارد متعصبوها طواحين الهواء أسفي على أمة لا ترفع من صوتها فتنساق لمدح غزاتها وتتخذ من البلطجي بطلا وتأمل حكم العالم بالعنف والتنكيل أسفي على أمة لا تعرف لغة أخرى عدا لغتها ولا ثقافة أخرى عدا ثقافتها أسفي على أمة تنفسها المال وتنام نوم المتخم الشبعان أسفي على أمة ويا أسفي على الناس شعب الأرض لأية أمة – وبلادي ، دموع منك الأرض الحلوة للحرية!
لورنس فرلنغيتي - في الرابع والعشرين من آذار 2009 احتفل الشاعر فرلنغيتي بعيد ميلاده التسعين وقد بعث المربديون بجواب شكر من خلال جريدة المربد .
الناقد علي حسن الفواز ترأس الجلسة النقدية الأولى حول تجربة الشاعر عبد الوهاب البياتي. حملت الأوراق النقدية قراءات حول تقنية القناع في شعر البياتي وتوظيف الأسطورة والرمز الديني والسياسي والحكاية الشعبية. كما تم تناول تجربة الشاعر أحمد مطر الذي غيبته سلطة النظام السابق. بعدها ألقيت قصائد متنوعة في البنى والتجربة لثلاثة عشر شاعرا وشاعرة حيث كان للشاعرتين سمرقند وعلياء الناصري حضورهما المتميز سواء في القراءة الشعرية من على منصة قاعة المركز النفطي في البصرة أو الجلسات الشعرية المسائية.
فيما افتتحت الجلسة الصباحية لليوم الثاني من المهرجان بقصيدة للشاعر الصغير ضرغام عبد الجليل ، ليعلن بعدها بدء الحلقة الدراسية الثانية عن الشعر العراقي والتحديات الراهنة بمحاور ثلاثة : فن الشعر العراقي بعد سقوط الدكتاتورية ، منجز التجربة الشعرية منذ التسعينات وتجربة الشاعر احمد مطر الشعرية . ترأس الجلسة د. ماجد الكعبي وبإدارة د. ياسين عذاب وتقديم الشاعر الساعدي. وقد استعرضت الأوراق النقدية للسادة جاسم محمد جسام ، د. إيمان السلطاني ، د. عبد الهادي الفرطوسي ، بشير حاجم ، عبد العزيز إبراهيم ، حاكم حداد، كمال غنبار، زيد الشهيد ورشيد هارون. أعقبتها جلسة شعرية حيث قرأ الشاعر حميد حسن جعفر قصيدة إغتيال ثم لتقرأ الشاعرة إيمان الفحام قصيدتها بعنوان " الصلاحية منتهية" ثم قرأ الشاعر وليد حسن " يا ألف مئذنة ". بعدها قرأ الشاعر هاشم لعيبي " رسالة من العراق الى دول الجوار" جاء فيها : إلى جميع جيراننا الأشقاء والأعزاء / وأعني أشقاء الظلم وأصدقاء الضغينة/ آن لكم أن تعتذروا لقداسة الدم العراقي المسفوح على عتبات شهواتكم / رغم علمي إنكم لا تعتذرون الآ على طريقة لوكربي ! " ليلاي " قصيدة عهود عبد الواحد العكيلي : ليلاي هلآ تسمعين مقالتي/ فأنا أحس بهمسك المشتاق/ وأراك في كل الوجوه بهية/ بغداد هل لاقيت ما أنا لاق ؟/ . الشاعرة عايدة الربيعي تتغنى بقصيدتها " جنوبيون " : مصايفنا السجون/ متهمون/ دوما ناطقون تهمتنا واحدة وانتماؤنا معروف / سياسيون من حزب الدعوة/ أو شيوعيون/وغير ذلك لا نكون .. جنوبيون . أغنية الحلاج الأخيرة ، غنائية الشاعر أحمد عبد السادة حيث يدخل لغة القصيدة : أدخل في اللغة الأخيرة للمدينة / أي أدخل في نهار يقشر ضوءه للجفاف/ ويدخر هواءه لسواد طائش/ أدخل في اللغة الأخيرة للمدينة /أي أدخل في ليل ينفرط نبضه. الشاعر رسول خضر زبون يتواصل : لما يعود مزنرا بشاله / يستيقظ الورد الخجول ببابه / ويمر بالنهر العليل لترتمي / الأمواج فيه تبركن بثيابه. ثم تناجي الشاعرة منى الخرسان بقصيدها " مناجاة" : لنا ماذا لنا / الديك أذن يا بويب/ أنسيت صاحبك الأمين. تلا ذلك معزوفات موسيقية للفنان علي نجم مشاري وقراءات شعرية ربانها الشاعر مجاهد أبو الهيل حيث تواصلت القراءات الشعرية لكل من الشعراء مجيد الموسوي وسهيل نجم وخضر حسن خلف ورسمية محيبس زاير وعارف الساعدي وعمر السراي والشاعر علي الإسكندري . من ثم قرئت عدة برقيات للتهنئة بالمهرجان ، فاجأتنا من بينها برقية حنتوشية من الشاعر كزار حنتوش من ثم برقية ونص شعري من شاعر كوريا " كو أون " :
الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق المحترمون المشاركون في مهرجان المربد الشعري – الدورة السادسة
أخوتي الأعزاء
أبعث تحياتي الخالصة إلى كل أصدقاء الشعر في العراق. كما أود إبداء إعجابي لحيوية الشعر هنا . الروح الشعرية كما الإيقاع المولود من الطبيعة الإنسانية ؛ تزدهر بدرجة أكبر وبإبداع من خلال المعاناة الإنسانية . عام 2003 وقبل احتلال العراق كنت في الخط الأمامي لمظاهرة في الضد من الحرب توجهت إلى السفارة الأمريكية هنا في كوريا. وسرعان ما قمعت المظاهرة من قبل الشرطة. لم تمض أيام الآ قليلة حتى شاهدنا من على شاشة التلفزيون " العاب نارية ليلية " تطلق من داخل بغداد عاصمة العراق. ما يدعى بـالألعاب النارية ، كانت اهانة إلى بلاد بابل ، مهد لحضارة إنسانية قديمة . حيث ذبح الناس في العراق بوحشية من كل الأعمار لأناس كرسوا حياتهم اليومية مباشرة إلى الخالق ؛ إنها لهمجية أن يدمّر اكتفاءهم الذاتي . تواصلت الحرب حتى الوقت الحاضر خلافا لبيانات – بوش – حين أعلن نهاية الحرب مباشرة بعد الاحتلال. هذه جريمة لا يمكن أن تغتفر أبدا أمام عدالة التاريخ العالمي الحديث. لما تزل الأخبار القادمة من العراق توجع قلوبنا. وكشاعر لشمال شرق آسيا ، ليس بمقدوري سوى أن أجلّ حقيقة كون هناك نعمة مع أنها حزينة حيث تجتمع فيها قصائد الأحياء والموتى في هذا المكان الضاج بالموت والألم المروّع. منذ عصور سحيقة كان الشرق الأوسط البيت المشرّف للشعر.
ومنذ أن عاشت بعض من روح عظيمة تحت قمر جديد كما شاعر موحدا الكون والنفس ، فقد تحقق النجاح في إقامة مهرجان للشعر كهذا . تهانيّ القلبية.
كو أون
فراشة واحدة
كو أون
نشيج. هو ذا عصري متخذا سبيله إلى ذلك العصر البابلي القصي إلى عصر بغداد حيث لما يزل الموت والبكاء عصري في طريقه. أواه لذلك المكان الذي تزوره أحلام الليل الفسيحة مكان القمر الجديد المكان الذي لا بد له من ضياء مجرّدا من الافتراء هو ذا عصري يجري ، مرتعدا
نشيج ، آفاق صحراء. إلى ذلك العصر العظيم الناهض عند الفجر بعد صلوات تخر ساجدة طوال الليل عصري في طريقه يرقص ، فراشة.
تلي البيان الختامي الذي تضمن عددا من التوصيات ناصحا بتكريس قيم التسامح والحوار الثقافي وتشكيل ذاكرة حية للزمن العراقي تؤمن ( إن الزمن الجديد بكل أيامه هو زمن العراقيين وأحلامهم النبيلة). ومما جاء في البيان : " وإذ يحتفي مبدعو مربد هذا العام بالشاعر الرائد عبد الوهاب البياتي وبالشاعر المغترب أحمد مطر وبالمنجز الشعري العراقي منذ التسعينات وحتى راهن اللحظة الشعرية في دراساتهم ومقارباتهم النقدية والأكاديمية فأنهم يمثلون الجوهر المعرفي والإنساني الذي تثيره أسئلة الثقافة العراقية التي تقف على مفترق طرق دقيقة، فأنهم أكثر وعيا وإدراكا بأهمية دمج المشروع الثقافي العراقي بالمشروع الوطني العراقي لذا فأنهم يؤكدون أهمية إيلاء مؤسسات الدولة العراقية الجديدة كافة المزيد من الرعاية والدعم للثقافة العراقية الوجه الناصع والمشرق للعراق الجديد. كما إن المربديين ... يهيبون بالجهات الرسمية في وزارة الداخلية للإسراع بالكشف عن قتلة شهيد الوطن والثقافة وتقديمهم إلى القضاء لأن أي تأخير يشجع الزمر الإرهابية المعادية للعراق للتمادي في ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة ضد المثقفين والمفكرين والمبدعين والإعلاميين العراقيين. .... واختتم البيان بأمل المربديين في " أن تجرى استعدادات كافية ومبكرة لعقد دورات المربد القادمة وتوفير مصادر الدعم المادي والمعنوي لتحقيق ذلك وضمان دعوة عدد أكبر من المبدعين والشعراء الأجانب والعرب والعراقيين المقيمين في المهجر من أجل أن يكون مهرجان المربد منبرا مشعا ومؤثرا في الثقافات العراقية والعربية والإنسانية".
في يومه الثالث شهد المربد أفضل فعالياته الحرة خارج سياق فعاليات اليومين السابقين ، فقد شملت رحلة إلى قضاء أبي الخصيب وزيارة بيت الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب حيث أقيمت سرادق كبيرة في قرية الشاعر جيكور مسقط رأسه وقراءات شعرية وجولة ترفيهية مرورا بميناء – أبو فلوس -. وقد أتحفت الحضور الشاعرة البصرية المبدعة سمر الركابي بنص دال يحمل علم العراق طوقت به عنق الشاعرة المغتربة بلقيس حميد حسن تسابقها أبيات القصيد : قــــــولي ... للــــعرا ق... أنــي ... عاشقة... تـــوهج حبـُّـكَ .... الــــقاً... عــلى جــبيني قـــولي... لجيــكــور... مطر ... مطر ... مطر يا بصــــرة الخير... يا أم البســـاتين بـــل ... قــــــولي ... لجيــــكور... خطـــــر.. دم.. خطــــر طحنت رحـــى الطــــغاة.... ســــنابل ســــنيني عــــــراقية.... أنــــــا يئن مني .... أنــــيني..
كما ارتقى الشاعر والناقد جمال جاسم أمين بجماليات يقظته الجديدة لمدونة ( للريل وحمد). في حين ارتقى الشعر في الجلسة المسائية لتستأنف القراءات الشعرية من على العبارة النهرية الكبيرة حيث تألق الشعراء من على مسرحها الفسيح في فضاء سيّابي مفتوح ما بين شط العرب وأنجم سمائه المتلألئة. فتغنى كثر من الشعراء أحلى ما نظموه من قصائد فتهامس الليل بنأماته وهو يستمع إلى قصيد الشاعر إبراهيم الخياط والشاعر علي الدليمي والشاعر علي وجيه وسمير الجميلي وغيرهم كثير. واختتم الشاعر والناقد علي الفواز الحفل بكلمته القيمة منبها ما للثقافة من أهمية متقدمة وتبقى مسؤولية الجميع في دعم المشهد الثقافي وأدواته في العراق وفي مقدمة هذه المسؤولية واجب الدولة من خلال مجلس البرلمان. وكديدن الشعراء لم تنته فعالياتهم سواء في لقاءاتهم الليلية وجلساتهم الشعرية والنقدية ليلا أو حتى أثناء عودتهم بعد انتهاء المهرجان في طريق العودة إلى بغداد والمحافظات. لقد تلمس الجميع طعم الاستقرار الأمني سيما غياب المظاهر المسلحة داخل القاعة وفي الفنادق وحتى في شوارع المدن وأسواقها . الآ أن واقع الخدمات ما يزال دون المستوى فالنهر المسمى بـ ( الخائس) ما يزال يتحدى ويسخر. كذلك ماء البصرة المتميز بنسبة ملوحته كما لم تفارق أكوام الأزبال الطريق السياحي على طول الطريق المؤدية إلى أبي الخصيب مرورا بجيكور وامتدادا حتى الغرفة التي ولد فيها بدر شاكر السيّاب!
مختارات من قصائد المهرجان :
نص سيرة : * جمال جاسم أمين يقظة جديدة لمدونّة ( للريل وحمد ) : سفر في عداء المحطات ( حمد ) ليس قصيدة .. ( حمد ) عنوان عريض للزمن الذي غاب ، ولكي لا نفسد الحكاية بالغثيان ينبغي الاعتذار أولا للشاعر ( مظفر النواب ) .. الاعتذار درجة من درجات الانتباه / نعتذر فقط دون أن نجرأ على السؤال : إلى أين وصل – الآن – ( حمد ) ؟ لا احد يسأل عن الغائبين .. الناس يستبدُّ بهم النسيان هذه الأيام ( حمد ) ... صعد إلى القطار وهو لا يعرف إن المحطات معادية .. ( حمد ) لم يصل ... هناك فقط شائعات : • ( حمد ) في أمريكا .. حصل على الجنسية بعد إن أنتظر بلوغه سن الضياع • ( حمد ) يرقد في مستشفى الناصرية • ( حمد ) يعمل في تهريب النفط من ميناء البصرة • ( حمد ) يفتح مقهىً صغيراً في معهد لتعليم الموسيقى ولكنه لا يعزف ! • ( حمد ) لم يتزوج أو ينجب ، ربما لأن الضياع عقيم / الضياع لا ينجب سوى أوراق ( بطاقات سفر / جوازات مزوّرة / جنسية بلد لا يعرف شيئا عن الليل والقطار ) • ( حمد ) ترك التدخين لفرط الحرص على الغياب فهو لا يضمن إذا دخّن خلسة إن هذا الدخان سوف لا يفضح مكانه • ( حمد ) الآن لا يستطيع الكلام لأنه وجد مريضا – ذات مرة – يحتاج إلى ( كلية ) فتبرع له بحنجرة ! • ( حمد ) مكَرود • ( حمد ) لا يعرف الراحة • (حمد ) يطوف على المقابر ليلا ، يتذكر انه إذا مات من أين يأتي بالكفن ؟ وإذا صادف إن صادق (بزازا ) وانتهى من معضلة القماش يبقى المشهد الأهم / مشهد النهاية : ميّت بكامل قيافته البيضاء ولكن بلا ناعيات ! • ( حمد ) لا يموت .. • (حمد ) يضيع فقط ! • ( حمد ) لا يكفيه انه في أمريكا .. ( حمد ) يريد بغداد ولأنه يعرف الصحراء جيدا عبر الحدود بلا مشقة .. كانت بغداد تصطلي بالحصار والناس يصلّون ( حمد ) لا يصلّي .. ولكنه عندما رأى المارة في (قطاع 42 ) يسيرون صفوفا ، سار على طريقته المعتادة وبعد وصول الجميع إلى المسجد صلّى معهم .. اعتقلوه قبل الشروع بالبسملة ! • ( حمد ) دخل السجن مرتين .. الثانية في ( سوق الغزل ) .. عندما انفجرت سيارة ، وجد نفسه في ( أبو غريب ) وهناك سألته المجندة الأمريكية عن سر هذه الفرشاة التي يحملها في جيبه : قال : إنها فرشاة أجابته على الفور : ـ نعم هي فرشاة ولكنك تستخدمها لتلميع أسنان ( العبوة ) ! سألته عن ( التفخيخ ) برطانة تمتد على طول مساحة الليل بينما ( حمد ) لا يعرف حتى كيف يفخخ السرير بأمرأة ! قال لها : انه يعرف ( مظفر النواب ) .. بصقت في وجهه .. لم يتأثر ، هذه ليست المرة الأولى .. كثيرات قبلها بصقن عليه . النساء يعشقن الحضور بينما ( حمد ) غائب ولأجل الحقيقة أقول : بصقن على غيابه • (حمد ) لا يعرف .. ( حمد ) لا يدري لماذا اختار ( قطار الليل ) القطار في الليل أعمى يفرشون له حصيرا من حديد إلى أين وصل الآن ( حمد ) ؟ ( المجندة ) التي استجوبته في السجن هي الوحيدة التي تعرف غير إن المحكمة التي مثلت أمامها هناك لم تسألها عن ( حمد ) .. الناس يستبد بهم النسيان هذه الأيام وحتى القضاة • ( حمد ) في المتاه ( حمد ) ليس قصيدة ( حمد ) سفر في عداء المحطات اللهم اشهد إني بلّغت .. بلّغت وسألت عن ( حمد ) بما يكفي .
#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرام المصري في كرزة حمراء على بلاطة بيضاء
-
كفاح الأمين يدعو لما بعد زمن الكتابة !
-
هل من تساؤل ٍ للبرق ؟
-
الصحافة العراقية .. إعادة اكتشاف أبي القاسم الطنبوري
-
لذاذة
-
يا ليَ من ’ توم ‘.. يا ’جيري‘ !
-
كثيرة هي التنهدات غير المجدية
-
غزل التراب
-
باول العرب .. قبل أن يغبطك الغرق
-
رصاصٌ راجع
-
خطابات في الضد من الحرب: خمس سنوات كثير جدا لحرب!
-
كو أن ، الأدب والانتصار على لعبة الألم
-
أحلى ما في ضحكتها
-
مالِكُ الحزين
-
هل ستشهد عملية الموصل القضاء على مهنية المقاومة بذريعة القضا
...
-
تميمة ٌبأمرالفقر
-
كزار حنتوش : دعهم يقولون الشعر.. ليتطهروا !
-
هلاّ تجالسني...
-
خمسة مليون شكرا
-
معلّقات في معلّقة
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|