|
مريض مطيع يتسلى ب ( الكيتش )
ممدوح رزق
الحوار المتمدن-العدد: 2637 - 2009 / 5 / 5 - 02:04
المحور:
الادب والفن
أنا لست شريرا يا صديقتي .. بصراحة أكثر وبشكل واضح ومحدد أنا بلا ذنوب أساسا .. سأكون صادقا معك للغاية وأخبرك أن حصيلة المعطيات التي توفرت لدي عنك حفزّت تلقائيا أمنياتي وأحلامي بحكايات جميلة محتملة تجمعنا .. لا تقولي أنك لا تعرفين أن المطلّقة تجنب بديهيا قضيب الرجل مشكلة العذرية ـ لأنها كانت زوجة ـ وفي نفس الوقت تهدي قضيب نفس الرجل المأساة التي يحتاج وجودها في هذه المرأة ـ لأنها أصبحت مطلّقة ـ كي يعبر منها للداخل .. خذي عندك بقية المميزات : نسكن في مدينة واحدة ولدينا هامش مشترك من الاهتمامات وكلا منا يمتلك إيميل على نفس الماسنجر .. لكن من زاوية أخرى كانت هناك أيضا مشكلات تواجهني وكان عليّ أن أحاول حلها : هدم أسوار ـ أو على الأقل تسلقها وتخطيها ـ عالم التدين والتصوف والروحانيات الذي تختبئين بداخله .. عدم وسامتي أو فلنقل دمامتي وكذلك خجلي وارتباكي إذا ما تقابلنا وجها لوجه وفشلي الوارد جدا في أن أعطيك انطباعا عني بأنني خفيف الدم ومثير ومتزن ورقيق وخبيث وغامض وحزين ومجرّب وحاد وطفولي كل هذا في نفس الوقت الأمر الذي ربما يجعلك تتركينني ولديك انطباع واحد بأنني أبله .
لم يكن مهما بالنسبة لي أن زوجك طلّقك بسبب عدم قدرتك على الإنجاب أو لأي سبب آخر .. ما كان يهمني أن روحك كانت حزينة وجسدك ربما كان يحتاج لرجل .. كنت أريد أن أنام معكِ أو على الأقل نمارس الجنس عبر ( الكام ) أما المواساة والتعاطف الإنساني والمشاركة الوجدانية في الهموم الناجمة عن ظلم الحياة فكلها موضوعات وأدوار متاحة للجميع وفي أي وقت ويمكن أن يؤديها ويتحدث فيها أي أحد كما يريد ويكون بطلها بالطريقة التي تناسبه .. لو كان هذا فقط هو كل ما بيننا : تفحص كلا منا لتعاسته الشخصية ولتعاسة الآخر .. تكوين تاريخ مشترك من العلاقات الحميمة التي تربط بين تفاصيل معينة في ذاكرتي وذاكرتك .. ترك أنفسنا لما سيقرره القدر نتيجة وجودنا معا بهذا الشكل واقترابنا من بعضنا هكذا .. لو اقتصر الأمر على هذا فحسب كان سيكون رائعا حقا بكافة أفكاره ومشاعره الجميلة والسيئة التي سنتورط فيها معا .. لكن ماذا لو أضيف الجنس أيضا يا صديقتي ؟ .. ألن يكون الأمر أكثر روعة وبهاء وتوهجا ؟ .. ألا تمنح الحسية الجسدية الدماء النشطة داخل العقل والقلب خلودها ونبلها وثمالتها ؟ .. ألا تعطي الروح البصيرة الشرسة والبريئة القادرة على التوحد بنشوة مع الألم والاستسلام بدهاء للأسرار العميقة للوجود والموت ؟ .. تخيلي معي ـ وحاولي على قدر ما تستطيعين التغلب على أي عوائق تريد منعك من الاستسلام لهذا التخيل ـ تخيلي لو أنك أردت أن تحكي لي مثلا عن زملاءك الحمقى داخل المستشفى القذر وعن المرضى النفسيين الذين تحاولين علاجهم وعن الله الذي لا تعرفين لماذا اختارك لهذه المهنة البائسة وعن روشتات أطباء النساء والتوليد في حقيبتك وعن رغبتك في الأمومة التي تشهرينها في وجه الصيدلي وعن سخطك المكتوم وأنت تتحدثين عن كتابك في برنامج ( صباحك سكر زيادة ) على otv .. تخيلي لو أنني أردت أن أحكي لك عن نومي المضطرب وعن الحجر الثقيل الضخم ذو الحواف الحادة جدا المغروس في رأسي وعن اليد القوية الهائلة التي أشعر بها تقبض على أمعائي وتعتصرها طوال الوقت وعن زوجتي التي أخاف أن تموت قبل أن أعتذر لها بالطريقة التي ترضيها عن مساهمتي القيمة رغما عني في خيانة الدنيا لروحها الضعيفة والطيبة وعن الهواجس المفزعة المصاحبة لضيق التنفس ودقات القلب الزائدة وعن الأيام الرتيبة المتشابهة المجبرة على التعاقب والانتظار وعن روايتي الجديدة التي أحاول فيها كالعادة إضاءة مناطق مظلمة في طفولتي وتثبيت المناطق المضاءة بالفعل أملا في حدوث معجزة ـ ويأسا من حدوثها في نفس الوقت ـ تعيدني فعليا إلي السنوات العشر الأولى من حياتي وتضع نهاية لاسترجاعي المحموم للماضي الذي يقتلني ببطء .. تخيلي معي لو أننا أردنا أن نتبادل هذه الحكايات .. أخبريني بصدق أي الحالتين أجمل : أن نحكيها من خلال ( الشات ) أو التليفون أو في مكان عام مثلا ؟ .. أم نحكيها ونحن عاريان في السرير بينما تكونين نائمة في حضني ورأسك على صدري وأنفاسي في شعرك ويدي تتحسس ثديك مع إضاءة خافتة وموسيقى ناعمة لو أردتِ ؟
هل ستعتبرين ما أكتبه الآن نوع من الانتقام الرخيص نتيجة فشلي في الحصول على ما أردته منك ؟ .. هل ستعتبرينه إثباتا لصحة إحساسك الروحي الذي قلتِ لي في آخر حوار بيننا على ( الماسنجر ) أنه يخبرك بأن تبتعدي عني ؟ .. هل صدق الآن شعورك تجاهي بالارتياب والقلق والتوتر خاصة وأنني ربما تعمدت هنا أن أترك إشارات يمكن لكلاب الإنترنت البوليسية على المدونات والفيس بوك تتبعها للوصول إليك ؟ .. صدقيني أنا لا أنتقم منك يا صديقتي ـ خصيتي لا تتحمل استخدام عزيزتي أو حبيبتي ولو حتى على سبيل الدعابة ـ فأنا لم أصل لما أريده مع أي امرأة أخرى وهذا ما يجعلك عادية ولا تستحقين مني ضغينة خاصة كما أن ما كتبته الآن هو عن نفسي فقط ولا يورطك في أي اتهام بل بالعكس يثبت عدم علاقتك بالموضوع من الأساس .. أما عن كلاب الإنترنت البوليسية فلا توجد مشكلة بسببهم ويكفي أن أخبرهم الآن أنني أردت أن أضحك عليهم وأنهم سيضيعون وقتهم لو سعوا لاقتفاء أثرك لأنني ببساطة كنت طوال الوقت أتحدث عن صديقة متخيلة لا وجود لها إلا بداخلي فقط .. أنا لست شريرا يا صديقتي المتخيلة لكوني أفكر وأكتب هكذا .. أنا فقط أفعل ما تفعله عادة كل القطط المختبئة تحت السيارات بينما تنتظر فرصة آمنة للأكل من القمامة .
#ممدوح_رزق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأضرار الجانبية للحظة التنوير
-
التجنيد الوهابي للبشر بين الاستغلال والقتل
-
فخ الأمنيات في رواية ( الصيف قبل الظلام ) ل دوريس ليسنج
-
غرائب وطرائف الحرب بين الإسلاميين والعلمانيين على الإنترنت
-
جزيرة الورد قبل القيامة بقليل
-
لوحة سرطان الخصية
-
حوار معي في صحيفة الوسط اليوم
-
قراءة في ( قصائد امرأة سوداء بدينة ) ل ( جريس نيكولز )
-
جزء من رواية ( سوبر ماريو ) / تحت الطبع
-
مراعاة النائم في قاعة العرض
-
بعد صراع طويل مع المرض
-
جحيم عابر لا يتدخل فيما لا يخصه
-
الشعر / العدالة الكونية الوحيدة
-
التدوين .. الأدب .. الكتابة
-
جامع الطلقات الفارغة
-
بأمل أن تغفر لنا الرمال المتحركة هذه الضوضاء الخفيفة
-
أصلح الأماكن لإخفاء الكاميرا
-
رحم واسع يسمح بهزة رأس صغيرة
-
براحة ضمير كاملة
-
الخيارات المتاحة في حركة الرأس باتجاه الحائط
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|