|
قراءة ليست نقدية في قصيدة للشاعر (يحيى السماوي)
حليم كريم السماوي
الحوار المتمدن-العدد: 2636 - 2009 / 5 / 4 - 04:24
المحور:
الادب والفن
من المعتاد ان يخوض النقاد في تحليل قصائد كبار الشعراء
اما انا هنا اريد ان اغامر واتجرأ في ان اضع نفسي موضع الحب للشعر وليس لنقده باي مدرسة من مدارس النقد
اريد ان اعبر عن امكانية القارئ العادي للوقوف امام قصائد الشعراء الذي يحبهم او يحب قصائدهم وماهي الافكار الذي ترتسم له حين يقرأ
في ديوان اهدانيه الشاعر الكبير الاخ يحيى السماوي
الموسوم بعنوان( شاهدة ُ قبر ٍمن رخام ِ الكلمات ِ)
في اهدائه كتب الشاعر ((هوليس أفضل كتبي لكنها اقسى لحظات الكتابة)) وفي الاهداء للديوان كتب الى روح الطيبة امي وقد غفت اغفاءتها الاخيرة قبل ان اقول لها تصبحين على جنة...
استفزني الاهداء لانه قبل ان يصلني الديوان كنت قد نشرت قصيدة لي بعنوان(( اوعديني ))مهداة الى روح امي
وكان الاخ يحيى لم يعلم بعد امي قد رحلت
احسست لا اعرف لماذا انه اراد ان يعزيني
وحين قرات اول القصيدة يقول الشاعر
لي َالان سببٌ آخر
يمنعني من خيانة ِوطني :
لحاف ٌسميك ٌمن ترابه
تدثــَّرتْ به ِأمي..
ووسادة ُمن حجارته
في سرير قبرها !
اراد الشاعر ان يدخل مدخل غير عادي في الرثاء
قديما كان الشعراء يبدئون قصائدهم بالغزل ثم يسترسلوا في غاية القصيدة
ولكن في هذه المرة الشاعر دخل مدخل جميل لايريد فية سوى ان يوثق لشئ آمن به
هو الرباط الوثيق بين المواطن والوطن الذي جعله يرتبط بامه كمتلازمة لايوجد بينهما تقاطع ....
كثير ماعانى الشاعر من الالم لانه كان يحب وطنه وكان يحب الناس في ذلك الوطن . حيث مرت على الشاعر ايام صعبة جعلته يكفر بالوطن احيانا كونه سُرقَ من حفنةٍ من عتاة الناس عصابة قذرة تحكمت بمصير الناس حتى جعلوا من وطنيته سبة وبالتالي فان الوطن حين ذاك اصبح قبر للاحياء
وحده ُ فاس ُ الموت
يقتلع ُالاشجارَمن جذورها
بضربة ٍ واحدة ..
لكن الشاعر قد اقتلع من جذوره (وطنه ) دون ان ينال منه فاس الموت
لذلك قلتُ انه كان يعيش الموت في وطن ٍ هو حي فيه
لا اعرف ان كان الشاعر الكبير قد مر على واحد ٍمن الامثال العالمية المعروف الذي يقول
يظل الرجل طفلاً حتى تموت أمه، فإذا ماتت شاخ فجأة: A man will continue acting like a child until his mother s death, then he will age in a sudden
ولا اشك في ذلك لان الشاعر يملك موسوعة معرفية كبيره من الادب العربي والعالمي بحكم دراسته
هذا المثل الذي تجسد في حياة الشاعر فيما
كان يعاني منه بعد ان فقد امه
قبل فراقها كنت ُحياً
محكوما ً بالموت ِ
بعد فراقها :
صرت ميتا ً
محكوما ً بالحياة ِ
وفي المقاطع الاخرى تشعر ان هذا الشاعر بدأ بمراجعته الى كل ما مر من حياته ويحاكمها تارة ويحكم عليها تارة اخرى
وبين حين واخر يرجع يتذكر ان سر ارتباطه بالوطن هو ما تعلمه من امه
وهكذا الكثير من ابناء العراق رضعوا حب الوطن من حليب الامهات
في غربته واثناء اقامة مراسيم العزاء يريد ان يثبت هذا الشاعر ارتباطه الوثيق بالوطن مرة اخرى
ويصف مجلس العزاء الذي اقامه في ‘‘أديليد ‘‘المدينة التي يسكنها في استراليا
قماش اسود
آيات قرآنية ٌللجدران
قهوةٌ عربية ..
دِلالٌ وفناجين..
بخورٌوماءُ الورد
هذا ما اراد ان يؤكده في غربتة ذلك الالتساق المتين لكل شئ يربطه بوطنه الذي تركه مجبرا
ويبقى يسترسل ذاك الاسترسال العذب ويرافقة الالم والعتب والتذمر
مرة يكتب عن مزايا امه واهله ومرة يكتب عن الوطن
من منكم لا ينزلق ُمتدحرجاً
حين تعثرُقدماه بورقة ٍ
او بقطرة ِماء
اذا كان
يحمل الوطنَ على ظهره..
على رأسه
تابوت ُامه ؟
لم يبارح هذا التلازم الموجع بين امه والوطن طوال مقاطع القصيدة
وفي المقاطع الاخرى ينعى نفسه احيانا كثيره
في المقطع 15 يطلب من اصدقاءه ان يبعثوا له عنواينهم كي يقدم لهم الاعتذار
ومقطع يصف فيه الاضطراب في وطنه من مفخخات السفلة واجسامهم العفنة الذي ذهبت الى الجحيم
حتى يصل فينا في استذكاره لحياته مع امه ومع طبيعة الحياة التي عاشها في كنف عائلته امه وابوه واخوته
وماتحفظ ذاكرته من جزئيات تحمل كل تفاصيل الوطن بكل تضاريسه
وبالتالي لا يشعر ان هناك شئ سيفقده بعد امه حتى نور الابصار
في المقطع 32يقول
ايها العمى
لن اخافَك بعد اليوم
عيناي اصبحتا
فائضتين عن الحاجة..
لا اعرف كيف استطاع ان يتخلى عن كل شئ وهل بمقدور الانسان التذوق بطعم الحياة بدون عيونه
واخيراً
لا اعرف لماذا اختار الشاعر لقصيدته 41مقطع
ختمها
مذ رحلت امي
وانا
جثة ٌ
تمشي على قدمين
في مقبرة ٍ
اسمها الحياة !
هل لان هذا الرقم يمثل للشاعر انه بعد الاربعين بلغ النضج كما يعتقد الكثيرون ام انه يريد بالرقم انه شاخ بعد الاربعين وبعد فقد الام في هذا العمر
شاخ ذاك الطفل العابث....وحينها عرفت لماذ قال لي في اهدائه هذه اقسى لحظات الكتابة
مررت على هذه القصيدة لا لكي اكتب تحليلا ولا نقدا ولكن لكي اسلط الضوء على متلازمة الوطن والام عند الشاعر
تسير بخط لا يتقاطع
وهوفي غربتة الان يكتب للوطن اكثر من أي شئ لانه فقد الام وماعادت تسمعه عسى ان يكون الوطن هو من يعيش لاجله الى لحظة اللقاء وبعدها لاشئ
ملاحظة / لم امر يوما على قصيدة واقول فيها رائ كل ما في الامر اني احيانا استمتع بنغم الايقاع واتذوق معاني التعابير والمشاعر الانسانية فيها
اما اليوم فليعذرني النقاد والشعراء اني تجرأت وتناولت قامة شعرية مثل الشاعر يحيى السماوي
اما الشاعر فهو قريب مني واستطيع ان اجد لنفسي عنده العذر حليم كريم السماوي
#حليم_كريم_السماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في حناياك الوذ
-
مفاهيم البعث التصالحية ومصداقيتها
-
سجن الرميثة
-
اقبليني
-
ناقوس الخطر
-
من وراء ازمات الائتلاف
-
ازمة الحكومة بين سياسة الاسلام واسلمة السياسة
-
عصابات الغدر
-
اسطورة العنقاء في سياسة الغوغاء
-
عاجل ..مهمة قضائيه
-
الارهاب هوية ام هوايه
-
ابحث عن نفسي
-
جاسم المطير وماء وجه المثقف العراقي
-
طاح لو بعده الصنم ؟؟
-
البعث .دعوه لها مايبررها
-
الديمقراطية بين العاب الطفولة وخباثة الكبار
-
دعوة مظلوم
-
ماذا تعرف عن المنطق
-
ميزان الديمقراطية
-
الليلة الجميله
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|