|
قصص قصيرة جداً
حيدر الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 2636 - 2009 / 5 / 4 - 04:24
المحور:
الادب والفن
.................... * حكاية جدتي : المقعد الامامي للحافلة الصغيرة لم يكن يسع لاثنين ... لكنني حشرت نفسي حشراً فوق اضلاعه الى جنب من سبقني لذلك المقعد المتهرئ ، لتنطلق الحافلة بسرعةٍ جنونية دون ان تمنحني فرصة ً لأتنفس الصعداء وأُرتب جلستي . في حين إنتشرت شحنة ضوضاء مكبوتة من المقاعد الخلفية . ما كان باستطاعتي الإلتفات الى الخلف لكنَ المرآة الداخلية التي أمامي إزدحمت بحشدٍ خليطٍ من الناس . أدرت نظري يساراً .. فدهشت لما أبصرت ... ! كانت تقود الحافلة جدتي التي ماتت قبل أربعين من السنوات التي مضت وإنقضت . وأكثر ما في هذه المفاجئة من إثارة ٍ . أن جدتي كانت فاقدة لبصرها قبل موتها بعشرين سنة . ـــــــــــــــــــــــــــ 30 / 6 / 2005
* مملكة النحل : كانت خلايا مملكة النحل تعمل بنظام ونشاط دؤوب . ولكن حين إمتدت مخالب الدب اليها وتلطخت اصابعه بعسلها اللذيذ . لإضطربت المملكة وبات الرعب يقود نشاطها . ـــــــــــــــــــــــــــ * ضحك كالبكاء : بعد دورة كاملة حول الكرة الارضية . عاد رائد الفضاء( يوري غاغارين )الى الأرض ونظر الى عقارب ساعته ... فوجد ان رحلته تلك استغرقت عشرين دقيقة ، فإبتسم متفائلاً بالمستقبل . حدث ذلك في عام ستين من القرن الماضي . يومها كان ( عبدالعباس ) طفلاً صغيرأً يتهئ للإنتقال مع أفراد اسرته من صرائف الشاكرية الى بيت ( جديد) في مدينة الثورة . وكان في غمرة ٍ من الفرح متفائلاً بالمستقبل أيضاً . سنوات بعد انتهاء الالفية الثانية .نزل ( عبد العباس ) من باص ٍ للاجرة بالقرب من محل عمله في الشورجة ، قادماً من بيته ( القديم ) نظر(عبد العباس) الى عقارب ساعته فوجد ان رحلته قد استغرقت ثلاث ساعات او اكثر بقليل . لمْ يبتسم ( عبد العباس ) كما فعل (غاغارين )... لكنه ضحك طويلاً .... ومازال عبد العباس يضحك ... ! ــــــــــــــــــــــــ 1 / 4 / 2006 * نظرت اليه فأبتسم : كاد الظلام يطبق على المكان لولا بصيص الشعاع الذي كان يتسرب من القمر المتسلل من خلال الغيوم بين الفينة والاخرى ، مطلاً بكآبةٍ على مقبرةٍ تبدو عليها علامات الغموض . * * * حُفرٌ متبعثرة على مسافاتٍ غير متباعدةٍ هنا وهناك ، وهي اشبه بفوهات براكين او ما يخلفه القصف الثقيل من تقعرات في الارض ، حواليها توابيت مصنوعة من خشبٍ بالٍ ........ كانت هناك ثمة كثبان واراضٍ متلونة في تموجاتها الهجينة بين انخفاض وارتفاع وانبساط ، اما التوابيت فقد القت بجثامينها الى جوانب تلك الحفر المظلمة ، وقد احاط بها نفر من رجالٍ ملثمين بيشاميغ مرقطةٍ بلونٍ اسود ، وقد جلسوا القرفصاء حواليها وبالقرب منها . كان الليل يمتد في سكون تخدشه بعض الفمغمات التي تصدر من بواطن الحفر وافواه الملثمين ...... ! وجدت نفسي اعبر ذلك المكان دون ان اعلم ما الذي جاء بي الى هنا ، سرت بين تلك الحفر واولئك الرجال بصمت وخوف وترقب ، وزاد ضوء القمر المنكسر من زرع الشكوك في نفسي بموعد حلول الفجر ومعرفة الامر. اختلست النظر في وجوه الرجال ، فلمحت بينهم صديقي القديم ( صبيح بطاي ) الذي كان دائم التجهم ، ولا يبتسم الا في صبيحة العيد وبصعوبة بالغة . رفع صديقي اللثام عن وجهه قليلاً .... نظرت اليه فأبتسم ، قلت : لعل الصباح لن يبطئ ــــــــــــــــــــــــــــ شباط / 2003 * أنا والبغلة الشقراء : في جو ٍ مغبرٍ يمتزج فيه الاحمر بالاصفر يُنذر بعاصفةٍ ترابيةٍ قادمةٍ من طرفٍ مجهول لا ينتمي الى الجهات الاربع او الخمس او الست من الكون . كنتُ أسحب جرير بغلةٍ شقراء تحمل فوق ظهرها تابوتاً مثبتاً بحبالٍ متينة . تطاوعني الدابة وانا أدبُ معها من واد ٍ لهضبةٍ لتلٍ لسفحٍ منبسط من جبل متوسط العلو . عند القمة رميتُ بجريرها وأخذتُ معولاً ومجرفةً كانا مشدودين على جانبي ذلك التابوت . باشرتُ بنحت الصخور وهممتُ أحفر وأحفر . لا أعلم كم عمق الحفرة التي بذلت في توسيعها ، إلا إنني أدركت بحاسةٍ غير طبيعية بأني انهيت شغلي . فأنزلت التابوت من على ظهر البغلة ، وفتحت غطاءه لأعثر على لا شئ . حينها رفعت ُ قدميَّ توالياً وغطستُ بجسدي مستلقباً داخله ، حيث إرتفع التابوت رويداً رويداً يتمايل وغنج ٍ كبساطٍ سحري حتى إرتقيتُ الغيوم وتبلّت شفتايّ بقطرات ندىً باردة ، ولمْ ادر ِ ما حدث او سيحدث بعد ذلك . كل ما أعلمه ان هذا المشهد يتكرر في عالم منامي ويحلق عالياً في فضاءات احلامي مذ كنت طفلاً صغيراً .. ترى بمَ يريد ان ينبئني هذا المشهد العنيد ؟ ـــــــــــــــــــــــــ 7 / 3 / 2004 حيدر الحيدر
#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البحث عن الحقيبة الضائعة
-
اسم الوليد القادم ابوذر
-
الغراب وبيض العصافير
-
رحلة الصعود / قصة قصيرة
-
نابو / مسرحية
-
الوردة البيضاء تغني / قصة قصيرة
-
ماء يتدفق من بئر بترول
-
النبع العظيم في الارض الطيبة / مسرحية للأطفال
-
هذيان عند أطراف السماء
-
الضباب في امريكا / مسرحية
-
العجوز الشمطاءعند خط الشروع / قصة قصيرة
-
نهاية الثعلب الماكر / مسرحية للاطفال
-
أنا.. وأنا
-
الصنم الذي هوى وتهشم / قصة قصيرة
-
ذلك الرجل كان اسمه صخي / قصة قصيرة
-
الانتظار /قصة قصيرة
-
رسالة متأخرة الى صديقي كامل شياع
-
س..ايها الرجل المسكين/قصة قصيرة
-
المسرح الاليزابيثي وتطور الدراما في انكلترا 1576 1603
-
وأنا احلمُ .....
المزيد.....
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
-
أحلام سورية على أجنحة الفن والكلمة
-
-أنا مش عايز عزاء-.. فنان مصري يفاجئ متابعيه بإعلان وصيته
-
ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ-بنت الأجيال-؟
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|